الباحث القرآني

﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَسۡتَحۡیِۦۤ أَن یَضۡرِبَ مَثَلࣰا مَّا بَعُوضَةࣰ فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾ - نزول الآية

٩٩١- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (ز)

٩٩٢- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- قالوا: لَمّا ضرب الله هذين المثلين للمنافقين؛ قوله تعالى﴿مثلهم كمثل الذي استوقد نارا﴾، وقوله: ﴿أو كصيب من السماء﴾، قال المنافقون: الله أعلى وأَجَلُّ من أن يضرب هذه الأمثال. فأنزل الله: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا﴾ إلى قوله: ﴿أولئك هم الخاسرون﴾[[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٣، والواحدي في أسباب النزول ص٢٣ عن ابن عباس من رواية أبي صالح. قال ابن حجر في العُجاب في بيان الأسباب ١/٢٤٥-٢٤٦: «الروايتان عن ابن عباس واهيتان».]]. (١/٢٢٤)

٩٩٣- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-، مثله[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٦٨.]]. (ز)

٩٩٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج، عن عطاء- قال: إنّ الله ذكر آلهة المشركين، فقال: ﴿وإن يسلبهم الذباب شيئا﴾ [الحج:٧٣]. وذَكَر كيد الآلهة، فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: أرأيتم حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أُنزِل من القرآن على محمد، أيَّ شيء كان يصنع بهذا؟! فأنزل الله: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا﴾ الآية[[أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص٢٣-٢٤. فيه عبد الغني بن سعيد، قال ابن حجر في العُجاب في بيان الأسباب ١/٢٤٥-٢٤٦: «الروايتان عن ابن عباس واهيتان». وقال السيوطي في لباب النقول ص٨-٩: «عبد الغني واهٍ جدًّا».]]. (١/٢٢٤)

٩٩٥- قال الحسن، وقتادة، وعطاء، عن ابن عباس: لما ذكر الله ﷿ الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود، وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله. فأنزل الله هذه الآية[[علَّقه الواحدي في الوسيط ١/١٠٧.]]. (ز)

٩٩٦- عن الحسن البصري، قال: لَمّا نزلت: ﴿يا أيها الناس ضرب مثل﴾ [الحج:٧٣] قال المشركون: ما هذا من الأمثال فيُضْرَب -أو: ما يشبه هذا الأمثال-. فأنزل الله: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها﴾، لم يُرِد البعوضة، إنما أراد المَثَل[[علّق ابن أبي حاتم ١/٦٩ نحوه. وعزاه السيوطي إليه، ويبدو أن ابن أبي حاتم أسنده في تفسير سورة الحج (وهو في القطعة المفقودة من تفسيره). كذلك علّق نحوه الواحدي في أسباب النزول ص١٢٥، وفيه: ضحكت اليهود، وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله.]]. (١/٢٢٥)

٩٩٧- عن قتادة -من طريق سعيد- قوله: ﴿إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها﴾، أي: إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر منه شيئًا، قَلَّ منه أو كَثُر. إنّ الله -جَلَّ ذكرُه- حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة: ما أراد الله من ذِكْرِ هذا؟ فأنزل الله: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾[[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٤.]]. (ز)

٩٩٨- عن قتادة -من طريق مَعْمَر- قال: لَمّا ذَكَر الله العنكبوت والذباب قال المشركون -ولفظ ابن المنذر: قال أهل الكتاب-: ما بالُ العنكبوت والذباب يُذْكَران؟! فأنزل الله: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها﴾[[أخرجه عبد الرزاق ١/٤١، وابن جرير ١/٤٢٤، وابن أبي حاتم ١/٦٩ (٢٧٣). وعلّق نحوه الواحدي في أسباب النزول ص١٢٥ وفيه: ضحكت اليهود، وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]١١٠١١١. (١/٢٢٤)

١١٠ ذكر ابنُ كثير في تفسيره (١/٣٢٤) أنّ عبارة رواية سعيد أقرب؛ لأن عبارة رواية مَعْمَر فيها إشعار بأن الآية مكية، وليس كذلك.
١١١ رَجَّحَ ابن جرير (١/٤٢٤-٤٢٥ بتصرف) ما حكاه السدي في تفسيره عن ابن مسعود، وعن ابن عباس -من طريق أبي صالح-، وعن ناس من الصحابة مِن أنّ الآية نزلت جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِبَ لهم من الأمثال في سورة البقرة، وعَلَّل ابن جرير ذلك بدلالة السياق، وأن «الله -جَلَّ ذِكْرُه- أخبر عبادَه أنّه لا يستحيي أن يضرب مثلًا ما بعوضة فما فوقها، عقيب أمثالٍ قد تقدمت في هذه السورة ضربها للمنافقين، دون الأمثال التي ضربها في سائر السُّوَر غيرها. فلأن يكون هذا القول ... جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِب لهم من الأمثال في هذه السورة أحَقُّ وأولى من أن يكون ذلك جوابًا لنكيرهم ما ضُرِب لهم من الأمثال في غيرها من السور». وارتضى ترجيحَه ابنُ كثير (١/٣٢٥) بقوله: «وقد اختار ابن جرير ما حكاه السُّدي؛ لأنه أمَسُّ بالسورة، وهو مناسب». وانتقد ابنُ جرير (١/٤٢٥-٤٢٦) ما يمكن أن يَظُنَّه ظانٌّ من أنه إذا كانت هذه الآية نزلت جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِب لهم من الأمثال في هذه السورة، فالواجب أن يكون ذلك في بقية الأمثال في غيرها من السور؛ لموافقتها لها في المعنى. وذكرَ أنّ الأمر بخلاف ما ظن؛ لكون الآية خبرًا منه -جَلَّ ذِكْرُه- أنه لا يستحي أن يضرب في الحق من الأمثال صغيرها وكبيرها؛ ابتلاءً بذلك عباده؛ ليميز به أهلَ الإيمان والتصديق به من أهلِ الضلال والكفر به، لا أنّه -جَلَّ ذِكْرُه- قصد الخبر عن عين البعوضة أنه لا يستحي من ضرب المثل بها، ولكن البعوضة لَمّا كانت أضعف الخلق خَصَّها الله بالذِّكْرِ في القِلَّة.

٩٩٩- عن إسماعيل بن أبي خالد، نحوه[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٦٨ (عَقِب ٢٧٣).]]. (ز)

١٠٠٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾، وذلك أنّ الله ﷿ ذَكَر العنكبوت والذباب في القرآن، فضَحِكَت اليهود، وقالت: ما يُشْبِهُ هذا من الأمثال. فقال سبحانه: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

١٠٠١- قال يحيى بن سلّام: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾ الآية، وذلك أنّ الله لما ذكر في كتابه العنكبوت والنمل والذباب قال المشركون ماذا أراد الله بذكر هذا في كتابه؟! وليس يُقِرُّون أنّ الله أنزله، ولكن يقولون للنبي ﷺ: إن كنت صادقًا فماذا أراد الله بهذا مَثَلًا. فأنزل الله: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها﴾[[تفسير ابن أبي زمنين ١/١٢٩.]]١١٢. (ز)

١١٢ ونقل ابن عطية (١/١٥٣) عن ابن قتيبة أن الآية: «إنما نزلت لأن الكفار أنكروا ضرب المثل في غير هذه السورة بالذباب والعنكبوت».

﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَسۡتَحۡیِۦۤ أَن یَضۡرِبَ مَثَلࣰا مَّا بَعُوضَةࣰ فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾ - تفسير الآية

١٠٠٢- عن أبي العالية -من طريق الرَّبيع بن أنس- في قوله: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾: فإذا جاءت آجالهم وانقطعت مدتهم صاروا كالبعوضة، تحيا ما جاعت، وتموت إذا رَوِيت. فكذلك هؤلاء الذين ضُرِب لهم هذا المثل إذا امْتَلَؤُوا من الدنيا رِيًّا أخذهم الله، فأهلكهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٦٨ (٢٧٠).]]. (ز)

١٠٠٣- عن الربيع بن أنس -من طريق ابن أبي جعفر الرازي، عن أبيه- نحوه، وزاد في آخره: فذلك قوله: ﴿حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون﴾ [الأنعام:٤٤][[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٤.]].= (ز)

١٠٠٤- وفي رواية أخرى -من طريق قُرادٍ، عن أبي جعفر الرازي- قال: هذا مَثَل ضربه الله للدنيا، إنّ البعوضة تَحْيا ما جاعت، فإذا سَمِنَت ماتت، وكذلك مَثَل هؤلاء القوم الذين ضرب الله لهم هذا المَثَل في القرآن، إذا امْتَلَؤُوا من الدنيا رِيًّا أخذهم الله عند ذلك. قال: ثم تلا ﴿فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء﴾ الآية [الأنعام:٤٤][[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٣.]]١١٣. (ز)

١١٣ انتَقَد ابنُ عطية (١/١٥٤) القولَ بأنّ هذه الآية مَثَلٌ للدنيا، مُستندًا إلى السياق، فقال: «وهذا ضعيف؛ يأباه رَصْف الكلام، واتِّساقُ المعنى».

١٠٠٥- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾، يعني: الأمثال كلها؛ صغيرها وكبيرها[[تفسير مجاهد ص١٩٨، وأخرجه ابن جرير ١/٤٢٥، وابن أبي حاتم ١/٦٨ (٢٧١).]]. (ز)

١٠٠٦- عن قتادة -من طريق سعيد- قوله: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها﴾، أي: إنّ الله لا يستحيي مِن الحق أن يذكر منه شيئًا، قَلَّ منه أو كَثُر[[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٤.]]. (ز)

١٠٠٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾، يعني: إنّ الله ﷿ لا يمنعه الحياء أن يَصِف للخلق مثلًا ما؛ بعوضة فما فوقها[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

﴿بَعُوضَةࣰ فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾ - تفسير

١٠٠٨- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس، لا تَغْتَرُّوا بالله؛ فإنّ الله لو كان مُغْفِلًا شيئًا لأغفل البعوضة، والذَّرَّة، والخَرْدَلَة»[[أخرجه أبو الشيخ في العظمة ٢/٥٣٣-٥٣٤. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٧ (١٦٦٥٩). وأورده الديلمي في الفردوس ٥/٢٧٤ (٨١٦٧)، ويحيى بن سلام ١/٣١٩. قال الألباني في الضعيفة ٣/٣٥٩ (١٢١٤): «ضعيف جدًّا».]]. (١/٢٢٥)

١٠٠٩- عن عبد الله بن عباس: ﴿فما فوقها﴾، يعني: الذباب، والعنكبوت[[تفسير الثعلبي ١/١٧٢.]]. (ز)

١٠١٠- عن قتادة -من طريق مَعْمَر- قال: البعوضةُ أضْعَفُ ما خلق الله[[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٦.]]. (١/٢٢٥)

١٠١١- عن ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: خَصَّها الله بالذِّكْرِ في القِلَّة١١٤، فأخبر أنه لا يستحيي أن يضرب أقلَّ الأمثال في الحقِّ، وأحقرها، وأعلاها إلى غير نهاية في الارتفاع؛ جوابًا منه -جَلَّ ذِكْرُه- لِمَن أنكر من منافقي خلقه ما ضرب لهم من المثل بموقد النار، والصَّيِّب من السماء على ما نعَتَهما به مِن نَعْتِهما[[أخرجه ابن جرير ١/٤٢٦.]]. (ز)

١١٤ رَجَّحَ ابن جرير (١/٤٣٠ بتصرف) أن يكون معنى ﴿فما فوقها﴾ أي: فما هو أعظم منها؛ لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة، مستندًا في ذلك إلى ما ورد عن قتادة وابنِ جريج من أنّ البعوضة أضعف ما خلق الله. وأيّدَه ابن كثير (١/٣٢٦) مُستندًا إلى السّنّة، فقال: «يؤيده ما رواه مسلم عن عائشة ﵂، أنّ رسول الله ﷺ قال: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها». فأخبر أنه لا يَسْتَصْغِر شيئًا يَضْرِب به مثلًا، ولو كان في الحقارة والصِّغَر كالبعوضة، كما لا يستنكف عن خلقها كذلك لا يستنكف من ضرب المثل بها». وانتَقَد ابنُ جرير (١/٤٣١) قولَ من جعل معنى ﴿فما فوقها﴾ أي: في الصغر والقِلَّة والحقارة؛ لمخالفتِه تأويلَ أهلِ التأويل، فقال: «وهذا قولٌ خلافُ تأويل أهل العلم الذين تُرْتَضى معرفتُهم بتأويل القرآن». وعلَّقَ ابن عطية (١/١٥٧) على القولين قائلًا: «والكُلُّ مُحْتَمَل».

﴿فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ﴾ - تفسير

١٠١٢- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم﴾، يعني: هذا المَثَل[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٦٩. وعزاه السيوطي إليه بلفظ الربيع التالي.]]. (١/٢٢٥)

١٠١٣- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق﴾، قال: يؤمن به المؤمنون، ويعلمون أنّه الحق من ربهم، ويهديهم الله به[[تفسير مجاهد ص١٩٨، وأخرجه ابن جرير ١/٤٣٢. وعلّق ابن أبي حاتم ١/٦٩ نحوه مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٢٢٥)

١٠١٤- عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور- في قوله: ﴿فَأَمّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ﴾، أي: يعلمون أنهم ابْتُلُوا بذلك؛ ليعلم اللهُ من يَعْرِفُ أمرَه، ويُصَدِّق قولَه، ويَسْتَيْقِنُ بما أنزل الله من كتابه أنّه حق، وأنّ ما قال كما قال[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٦٩.]]. (ز)

١٠١٥- عن قتادة -من طريق سعيد- قوله: ﴿فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم﴾ أي: يعلمون أنه كلام الرحمن، وأنه الحق من الله، ﴿وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا﴾[[أخرجه الدارمي (٢/٥٣٢)، وابن جرير ١/٤٣١، وابن أبي حاتم ١/٦٩ من طريق سعيد بن أبي عروبة، وسعيد بن بشير. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٢٢٥)

١٠١٦- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم﴾، أي: أنّ هذا المثل الحقُّ من ربهم، وأنّه كلام الله، ومِن عندِه[[أخرجه ابن جرير ١/٤٣١. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٦٩.]]١١٥. (ز)

١١٥ جمع ابن جرير (١/٤٣١-٤٣٢) بين قول الربيع بن أنس وقول قتادة، وقال مبيّنًا معنى قوله تعالى: ﴿فيعلمون أنه الحق من ربهم﴾: «يعني: فيعرفون أن المثل الذي ضربه الله لما ضربه له مثلًا مثلٌ».

١٠١٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فأما الذين آمنوا﴾ يعني: يُصَدِّقون بالقرآن ﴿فيعلمون أنه﴾ أي: هذا المثل هو ﴿الحق من ربهم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

﴿وَأَمَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَیَقُولُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلࣰاۘ﴾ - تفسير

١٠١٨- عن قتادة -من طريق سعيد-: ﴿وأَمّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في قلوبهم مرض ﴿فَيَقُولُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٦٩.]]. (ز)

١٠١٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأَمّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالقرآن، يعني: اليهود ﴿فَيَقُولُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا﴾ الذي ذكر ﴿مثلا﴾، إنما يقوله محمد من تلقاء نفسه، وليس من الله. فأنزل الله ﷿: ﴿يضل به كثيرا﴾ الآية[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

١٠٢٠- عن ابن جُرَيْج: ﴿فَيَقُولُونَ ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾، قال غير مجاهد: قال ذلك الكافرون لَمّا سمعوا ذِكْر العنكبوت والذباب وغير ذلك لِما ضربه مثلًا من خلقه في كتابه، قالوا: ﴿ماذا أرادَ اللَّهُ بِهَذا مَثَلًا﴾ أي: ذِكْر العنكبوت والذباب. فقال: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠ (٢٨٠).]]. (ز)

﴿یُضِلُّ بِهِۦ كَثِیرࣰا وَیَهۡدِی بِهِۦ كَثِیرࣰاۚ﴾ - تفسير

١٠٢١- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مُرَّة الهمداني-= (١/٢٢٦)

١٠٢٢- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- في قوله: ﴿يضل به كثيرا﴾ يعني: المنافقين، ﴿ويهدي به كثيرا﴾ يعني: المؤمنين، فيزيد هؤلاء ضلالًا إلى ضلالهم؛ لتكذيبهم بما قد عَلِمُوه حقًّا يقينًا من المثل الذي ضربه الله لِما ضربه له، وأنه لِما ضربه له موافق، فذلك إضلال الله إياهم به. و﴿يهدي به﴾ -يعني: بالمثل- كثيرًا من أهل الإيمان والتصديق، فيزيدهم هدًى إلى هداهم، وإيمانًا إلى إيمانهم؛ لتصديقهم بما قد علموه حقًّا يقينًا أنه موافقٌ ما ضربه الله له مثلًا، وإقرارهم به، وذلك هداية الله لهم به[[أخرجه ابن جرير ١/٤٣٣. وعزاه السيوطي إليه مختصرًا دون ذكر ابن عباس.]]. (ز)

١٠٢٣- عن سعد بن أبي وقاص -من طريق ابنه مصعب- ﴿يضل به كثيرا﴾، يعني: الخوارج[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠.]]. (ز)

١٠٢٤- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿يضل به كثيرا﴾، يقول: يَعْرِفُه المؤمنون فيؤمنون به، ويعرفه الفاسقون فيكفرون به[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٢٢٥)

١٠٢٥- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قوله: ﴿ويهدي به كثيرا﴾، يعني: المؤمنين[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠.]]. (ز)

١٠٢٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يضل به﴾ أي: يُضِلُّ الله بهذا المثل ﴿كثيرًا﴾ من الناس، يعني: اليهود، ﴿ويهدي به﴾ أي: بهذا المثل ﴿كثيرا﴾ من الناس، يعني: المؤمنين[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]١١٦. (ز)

١١٦ رَجَّحَ ابنُ جرير (١/٤٣٢-٤٣٣ بتصرف) أن يكون قوله تعالى: ﴿يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا﴾ خبرًا مُسْتَأْنَفًا من الله ﷻ؛ مُسْتَنِدًا في ذلك إلى النظائر، وما ورد عن السلف، فقال: «وهذا خبر من الله -جل ثناؤه- مبتدأ، ومعنى الكلام: أنّ الله يُضِلُّ بالمَثَل الذي يضربه كثيرًا من أهل النفاق والكفر. وقد زعم بعضهم أنّ ذلك خبرٌ عن المنافقين، كأنهم قالوا: ماذا أراد الله بمَثَلٍ لا يعرفه كل أحد، يضل به هذا ويهدي به هذا. ثم استؤنف الكلام والخبر عن الله، فقال الله: ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾. وفيما في سورة المدثر من قول الله: ﴿وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا. كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء﴾ [المدثر:٣١] ما يُنبِئ عن أنه في سورة البقرة كذلك مبتدأ». وذكر ابن عطية (١/١٥٨) احتمالًا آخر، وهو: «أن يكون قوله تعالى: ﴿ويَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ إلى آخر الآية ردًّا من الله تعالى على قول الكفار: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا﴾».

﴿وَمَا یُضِلُّ بِهِۦۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقِینَ ۝٢٦﴾ - تفسير

١٠٢٧- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (١/٢٢٦)

١٠٢٨- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلّا الفاسِقِينَ﴾: هم المنافقون[[أخرجه ابن جرير ١/٤٣٤. وعزاه السيوطي إليه دون ذكر ابن عباس.]]. (ز)

١٠٢٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج، عن مجاهد- في قوله: ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلّا الفاسِقِينَ﴾، يقول: يعني: الكافرين[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠. وعزاه السيوطي إليه بلفظ: يعرفه الكافرون؛ فيكفرون به.]]. (١/٢٢٦)

١٠٣٠- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- ﴿واما الذين كفروا فيقولون ماذا اراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين﴾، قال: فهم أهل النفاق[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠.]]. (ز)

١٠٣١- وعن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-، مثله[[أخرجه ابن جرير ١/٤٣٤، وابن أبي حاتم ١/٧٠.]]. (ز)

١٠٣٢- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾، يقول: يَعْرِفُه الفاسقون، ويكفرون به[[تفسير مجاهد ص١٩٨. وعزا السيوطيُّ نحوه إلى عبد بن حميد.]]. (١/٢٢٥)

١٠٣٣- عن قتادة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾، يقول: فسقوا؛ فأَضَلَّهم الله بفسقهم[[أخرجه ابن جرير ١/٤٣٤، وابن أبي حاتم ١/٧٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٢٢٦)

١٠٣٤- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قوله: ﴿وما يضل به إلا الفاسقين﴾، قال: هم المنافقون[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٧٠.]]١١٧. (ز)

١١٧ اختار ابنُ جرير (١/٤٣٤-٤٣٥) أن يكون المعنى: وما يضل الله ﷻ به إلا أهل الفسق من الكفار والمنافقين، فقال: «معنى قوله: ﴿وما يُضِلُّ بِهِ إلّا الفاسِقِينَ﴾: وما يُضِلُّ الله بالمَثَل الذي يضربه لأهل الضَّلال والنِّفاق إلا الخارجين عن طاعته، والتّارِكين اتِّباع أمرِه، مِن أهل الكفر به من أهل الكتاب، وأهل الضَّلال من أهل النِّفاق»، واستدل على ذلك بما ورد عن السلف. ورَجَّحَ ابنُ تيمية (١/١٧٨) أن يكون المعنى: كلُّ من ضل به فهو فاسق. فهو ذم لمن يَضِلُّ به؛ فإنه يفسق بذلك، وإن لم يكن فاسقًا من قبل؛ مستدلًا على ذلك بتأوّل سعد بن أبي وقاص لها في الخوارج، وسماهم فاسقين؛ لأنهم ضلوا بالقرآن.

١٠٣٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما يضل به﴾ أي: بهذا المثل ﴿إلا الفاسقين﴾ يعني: اليهود. ثم أخبر فقال سبحانه: ﴿الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٥.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب