الباحث القرآني
﴿وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰجࣰا یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ﴾ - تفسير
٩٠٥٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿والذين يتوفون﴾ الآية، قال: كان الرجلُ إذا مات وترك امرأتَه اعتدَّت سنةً في بيته، يُنفَق عليها مِن ماله، ثم أنزل الله: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾. فهذه عِدَّةُ المُتَوَفّى عنها، إلا أن تكون حامِلًا، فعِدَّتُها أن تضع ما في بطنها. وقال في ميراثها: ﴿ولهن الربع مما تركتم﴾ [النساء:١٢]، فبيَّنَ ميراثَ المرأة، وتَرَكَ الوصيةَ والنفقةَ[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٤٨، ٤٠١، وابن أبي حاتم ٢/٤٣٦ (٢٣١٥)، ٢/٤٥٢ (٢٣٩١). والنحاس في ناسخه ص٢٤٠، والبيهقي في سننه ٧/٤٢٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٣/١٣)
٩٠٥٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج، عن عطاء-: أنّه كَرِه للمُتَوَفّى عنها زوجُها الطِّيبَ والزينةَ. وقال: إنّما قال الله: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾. ولم يقل: في بيوتكم؛ تعتدُّ حيث شاءتْ[[أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٢٠٥١، ١٢١١١، ١٢١١٣)، وابن جرير ٤/٢٥٤، وابن أبي حاتم ٢/٤٣٦، والحاكم ٢/٢٨١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]٨٩٣. (٣/١٦)
٩٠٥٩- عن الحسن البصري -من طريق يونس-: أنّه كان يُرَخِّص في التَّزَيُّن والتصَنُّع، ولا يرى الإحداد شيئًا[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٤٤.]]. (ز)
٩٠٦٠- عن محمد ابن شهاب الزُّهْرِيِّ -من طريق عقيل- في قول الله: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾، قال: جعل اللهُ هذه العِدَّةَ للمُتَوَّفى عنها زوجُها، فإن كانت حاملًا فيحِلُّها مِن عِدَّتها أن تضع حملها، وإن اسْتَأْخَر فوق الأربعة الأشهر والعشرة، فما استأخر لا يحلها إلا أن تضع حملَها[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٤٩.]]٨٩٤. (ز)
٩٠٦١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ويَذَرُونَ أزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا﴾ من يوم يموت زوجُها[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٩٩.]]. (ز)
٩٠٦٢- عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾، قال: مِن يوم يموت الزوج، إن كان غائبًا أو شاهِدًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (٢٣١٦).]]٨٩٥. (ز)
﴿وَعَشۡرࣰاۖ﴾ - تفسير
٩٠٦٣- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قال: ضُمَّتْ هذه الأيام العشرُ إلى الأربعة أشهر؛ لأنّ العَشْر فيه ينفخ الرُّوح[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٥٨، وابن أبي حاتم ٢/٤٣٧، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٢٤). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٣/١٤)
٩٠٦٤- عن سعيد بن جبير، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (عَقِب ٢٣١٨).]]. (ز)
٩٠٦٥- عن قتادة، قال: سألتُ سعيدَ بنَ المسيب: ما بالُ العَشْر؟ قال: فيه يُنفَخُ الرُّوح[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٥٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (عَقِب ٢٣١٨).]]. (٣/١٤)
٩٠٦٦- عن الأوزاعيِّ، قال: سمعتُ ربيعة [الرأي]= (ز)
٩٠٦٧- ويحيى بن سعيد، يقولان في قوله: ﴿يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾: عشر ليال لقول الله: ﴿وعشرا﴾. وما قال الله: فعشرة كاملة، فهي عشر ليالٍ بأيامِهِنَّ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (٢٣١٧).]]٨٩٦. (٣/١٤)
﴿وَعَشۡرࣰاۖ﴾ - النسخ في الآية
٩٠٦٨- عن عبد الله بن مسعود -من طريق مالك بن عمرو- أنّه قال: نُسِخ من هذه الآية الحاملُ المُتَوَفّى عنها زوجُها، فقال في سورة النساء القُصْرى: ﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾ [الطلاق:٤][[أخرجه يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٣٦-. وسيأتي الحديث مُفَصَّلًا عن ذلك عند آية سورة الطلاق.]]. (ز)
٩٠٦٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق شِبْل عن ابن أبي نجيح- ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾، قال: كانت هذه العِدَّةُ، تعتدُّ عند أهل زوجها، واجبًا ذلك عليها، فأنزل الله: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم﴾ [البقرة:٢٤٠]. قال: فجعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصِيَّةً؛ إن شاءت سكنت في وصِيَّتِها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله: ﴿غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم﴾. فالعِدَّةُ كما هي واجبةٌ عليها. زعم ذلك عن مجاهد.= (ز)
٩٠٧٠- وقال عطاء: قال ابن عباس: نَسَخَتْ هذه الآيةُ عِدَّتَها في أهله، فتعتَدُّ حيث شاءت، وهو قول الله: ﴿غير إخراج﴾.= (ز)
٩٠٧١- قال عطاء: إن شاءتْ اعتدَّتْ عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت؛ لقول الله: ﴿فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن﴾. قال عطاء: ثُمَّ جاء الميراث، فنَسَخَ السُّكْنى، فتعتدُّ حيث شاءت، ولا سُكْنى لها[[أخرجه البخاري (٤٥٣١)، وأبو داود (٢٣٠١)، والنسائي (٣٥٣١)، وفي الكبرى (٥٧٢٥)، وابن جرير ٤/٤٠٥-٤٠٦، وابن أبي حاتم ٢/٤٥٢، والحاكم ٢/٢٨٠-٢٨١، والبيهقي ٧/٤٣٥ من طريق ابن أبي نجيح. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد. وكذلك سيأتي الحديث مفصلًا عن نسخ هذه الآية لقوله تعالى: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم﴾ [البقرة:٢٤٠] عند تفسير الأخيرة.]]. (٣/١٥)
﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ﴾ - تفسير
٩٠٧٢- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: ﴿فإذا بلغن أجلهن﴾، يقول: إذا انقَضَتْ عِدَّتُها[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧.]]. (٣/١٤)
٩٠٧٣- قال الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-: إذا انقَضَتِ العِدَّةُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (عَقِب ٢٣١٩).]]. (ز)
٩٠٧٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾، يعني: إذا مضى الأجلُ مِمّا ذُكِر في هذه الآية[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٩٩.]]. (ز)
٩٠٧٥- عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- أنّه قال: إذا مضت أربعةُ أشهر وعشرٌ[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (عقب ٢٣١٩).]]. (ز)
﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ﴾ - قراءات
٩٠٧٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ في قراءة ابن مسعود: (لا حَرَجَ عَلَيْهِنَّ)[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٩. وهي قراءة شاذة، لمخالفتها رسم المصاحف.]]. (ز)
﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ﴾ - تفسير الآية
٩٠٧٧- عن محمد ابن شهاب الزُّهْرِيِّ -من طريق عقيل- في قوله: ﴿فلا جناح عليكم﴾، قال: فلا جناح على أوليائها[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧.]]. (٣/١٥)
﴿فِیمَا فَعَلۡنَ فِیۤ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ﴾ - تفسير
٩٠٧٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق عليِّ بن أبي طلحة- في قوله: ﴿فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم﴾، يقول: إذا طُلِّقَت المرأةُ، أو مات عنها، فإذا انقضت عِدَّتُها؛ فلا جُناح عليها أن تَتَزَيَّن، وتَتَصَنَّع، وتَتَعَرَّض للتزويج، فذلك المعروف[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٧ (٢٣٢١). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٣/١٤)
٩٠٧٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- ﴿فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف﴾، قال: هو النكاحُ الحلالُ الطيِّبُ[[أخرجه سفيان الثوري في تفسيره ص٦٨، وعبد الرزاق ١/٩٧، وابن جرير ٤/٢٥٩، وابن أبي حاتم ٢/٤٣٨ (٢٣٢٢)، وأخرجه ابن جرير من طريق القاسم ابن أبي بزة وابن أبي نجيح. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٣٧-.]]. (ز)
٩٠٨٠- عن الحسن البصري، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٨ (عَقِب ٢٣٢٢).]]. (ز)
٩٠٨١- عن محمد ابن شهاب الزُّهْرِيِّ -من طريق عقيل- ﴿فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف﴾، قال: في نكاح مَن هوِيَتْهُ، إذا كان معروفًا[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٦٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٨ (عَقِب ٢٣٢٢).]]. (ز)
٩٠٨٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: هو النكاح[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٦٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٨ (عَقِب ٢٣٢٢).]]٨٩٧. (ز)
٩٠٨٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فِيما فَعَلْنَ فِي أنْفُسِهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾، يعني: لا حرج على المرأة إذا انقَضَتْ عِدَّتُها أن تَتَشَوَّف، وتَتَزَيَّن، وتَلْتَمِس الأزواجَ[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٩٩.]]. (ز)
﴿وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ ٢٣٤﴾ - تفسير
٩٠٨٤- عن قتادة بن دِعامة -من طريق يزيد بن زريع- قوله: ﴿خبير﴾ بخلقه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٣٨ (٢٣٢٣).]]. (ز)
٩٠٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ مِن أمر العدَّة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩٩.]]. (ز)
﴿وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ ٢٣٤﴾ - آثار متعلقة بالآية
٩٠٨٦- عن الفُرَيْعةِ بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد الخدري-: أنّها جاءت إلى رسول الله ﷺ تسألُه أن ترجع إلى أهلها في بني خُدْرة، وأنّ زوجها خرج في طلب أعْبُدٍ لها أبَقُوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدُوم لَحِقَهم فقَتَلُوه، قالت: فسألتُ رسول الله ﷺ أن أرجع إلى أهلي، فإنّ زوجي لم يَتْرُكْني في منزل يَمْلِكُه، ولا نفقة. فقال رسول الله ﷺ: «نعم». فانصرفتُ، حتى إذا كنتُ في الحجرة أو في المسجد، فدعاني أو أمَرَ بي، فدُعِيتُ، فقال: «كيف قلتِ؟». قالت: فرددتُ عليه القصةَ التي ذكرتُ له من شأن زوجي. فقال: «امكْثُي في بيتِك حتى يبلغ الكتابُ أجلَه». قالت: فاعتددتُ فيه أربعة أشهر وعشرًا. قالت: فلمّا كان عثمانُ بن عفان أرْسَلَ إلَيَّ، فسألني عن ذلك، فأخبرتُه، فاتَّبعه وقضى به[[أخرجه أبو داود ٣/٦٠٨ (٢٣٠٠)، والترمذي ٣/٦٢-٦٣ (١٢٤٣)، وابن حِبّان ١٠/١٢٨ (٤٢٩٢)، والحاكم ٢/٢٢٦ (٢٨٣٣). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد من الوجهين جميعًا، ولم يخرجاه». وقال ابن حزم في المحلى ١٠/١٠٨: «حديث فريعة فيه زينب بنت كعب بن عجرة، وهي مجهولة لا تُعْرَف». وقال ابن عبد البر في الاستذكار ٦/٢١٤: «وحديث سعد بن إسحاق هذا مشهور، مشهور عند الفقهاء بالحجاز والعراق، معمولٌ به عندهم، تلقوه بالقبول، وأفتوا به». وقال ابن القيم في الزاد ٥/٦٠٤: «حديث صحيح مشهور في الحجاز والعراق». وقال ابن عبد الهادي في المحرر ص٣٨٦: «وكذلك صحّحه الذهلي والحاكم وابن القطان وغيرهم، وتكلم فيه ابن حزم بلا حجة». وقال الألباني في الإرواء ٧/٢٠٦ (٢١٣١): «ضعيف».]]. (٣/١٦)
٩٠٨٧- عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، أنّها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب: دخلتُ على أُمِّ حبيبةَ زوجِ النبي ﷺ حين تُوُفِّي أبوها أبو سفيان ابن حرب، فدعتْ بطيب فيه صُفْرة؛ خَلُوقٍ أو غيره، فادَّهنت منه جارية، ثم مسَّت به بعارِضَيْها، ثُمَّ قالت: واللهِ، ما لي بالطِّيب مِن حاجة، غير أنِّي سمعتُ رسول الله ﷺ يقول على المنبر: «لا يحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميِّتٍ فوقَ ثلاث ليال، إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا». وقالت زينبُ: دخلتُ على زينبَ بنت جحش حين تُوُفِّي أخوها عبد الله، فدعت بطيب، فمسحت منه، ثُمَّ قالت: واللهِ، ما لي بالطِّيب مِن حاجة، غير أنِّي سمعتُ رسول الله ﷺ يقول على المنبر: «لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميِّتٍ فوقَ ثلاث ليال، إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا». وقالت زينبُ: سمعتُ أُمِّي أُمَّ سلمة تقول: جاءتْ امرأةٌ إلى رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، إنّ ابنتي تُوُفِّي عنها زوجُها، وقد اشتكَتْ عينُها، أفنَكْحُلُها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا». مرتين أو ثلاثًا، كل ذلك يقول: «لا». ثم قال: «إنّما هي أربعةُ أشهر وعشرٌ، وقد كانت إحداكُنَّ في الجاهلية تَرْمِي بالبَعْرَةِ عند رَأْسِ الحَوْلِ». قال حميد: فقلتُ لزينب: وما ترمي بالبَعْرَة عند رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا تُوُفِّي عنها زوجُها دخلت حِفْشًا[[الحِفْش: هو البيت الصغير الذَّليل القَريب السَّمْك. النهاية (حفش).]]، ولبست شرَّ ثيابها، ولم تَمَسَّ طِيبًا ولا شيئًا، حتى تَمُرَّ بها سنةٌ، ثم تُؤْتى بدابَّةٍ؛ حمارٍ أو شاةٍ أو طائرٍ، فتَفْتَضُّ[[يقال: افتضَّت المرأة: إذا كَسَرَت عِدَّتها بمسِّ الطيب أو بغيره، وكانت من عادتهم أن تدلك جسمها بدابّة أو طير ليكون ذلك خروجًا من العدّة، أو تمسح قُبُلَها بطائر وتنبذه، فلا يكاد يعيش. النهاية (فضض).]] به، فقلَّما تَفْتَضُّ بشيءٍ إلا مات، ثُمَّ تخرج، فتُعْطى بَعْرَةً، فترمي بها، ثم تُراجِعُ بعد ذلك ما شاءت مِن طيبٍ أو غيرِه[[أخرجه البخاري ٧/٥٩-٦٠ (٥٣٣٤، ٥٣٣٥، ٥٣٣٦، ٥٣٣٧)، ومسلم ٢/١١٢٣-١١٢٤ (١٤٨٦،١٤٨٧، ١٤٨٨، ١٤٨٩).]]. (٣/١٧)
٩٠٨٨- عن صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة وحفصة أُمَّي المؤمنين ﵄، أنّ رسول الله ﷺ قال: «لا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على مَيِّتٍ فوق ثلاث، إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا»[[أخرجه مسلم ٢/١١٢٦-١١٢٧ (١٤٩٠).]]. (٣/١٩)
٩٠٨٩- عن أُمِّ عَطِيَّة، قالت: قال النبي ﷺ: «لا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، فإنها لا تَكْتَحِلُ، ولا تَلْبَسُ ثوبًا مصبوغًا إلا ثوبَ عَصْب[[العصب: ضَرْبٌ من برود اليمن سُمِّي عَصْبًا؛ لأَن غزلهُ يُعْصَبُ أي: يُدْرَجُ ثم يُصْبَغُ ثم يُحاكُ. اللسان (عصب).]]، ولا تَمَسُّ طيبًا إلا إذا طَهُرَتْ؛ نُبْذةً مِن قُسْطٍ[[القُسْط: ضرب من الطيب. وقيل: هو العود، وهو نوعان: هندي وعربي. والقُسْط أيضًا: عقّار معروف طيب الريح، تتبخّر به النُّفساء والأطفال. النهاية، واللسان (قسط).]] أو أظْفار[[الأظفار: شيء من العِطْر كأنه ظفر مُقْتَلَفٌ من أصله، لا واحد له. القاموس (ظفر).]]»[[أخرجه البخاري ١/٦٩ (٣١٣)، ٧/٦٠ (٥٣٤١، ٥٣٤٢).]]. (٣/١٩)
٩٠٩٠- عن عمرو بن سليم، عن عروة بن الزبير، أنّه سأله: هل اعْتَدَّ نساءُ رسول الله بعد وفاته؟ فقال: نعم، اعْتَدَدْنَ أربعة أشهر وعشرًا. فقلت: يا أبا عبد الله، ولِمَ يَعْتَدِدْنَ وهُنَّ لا يحللن لأحدٍ من العالمين، وإنّما تكون العِدَّةُ للاستبراء؟ فغضِب عروةُ، وقال: لعلَّك ذهبتَ إلى قوله: ﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء﴾ [الأحزاب:٣٢]؟ أمّا العِدَّةُ فإنّما عَمِلْن بالكتاب[[أخرجه ابن سعد في الطبقات ١٠/٢١٠.]]. (ز)
﴿وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ ٢٣٤﴾ - آثار متعلقة بأحكام الآية
٩٠٩١- عن أسماء ابنة عُمَيْس، قالتْ: لَمّا أصيب جعفرُ قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: «تَسَلَّبي ثلاثًا، ثم اصنعي ما شئتِ»[[أخرجه أحمد ٤٥/٤٥٩ (٢٧٤٦٨)، وابن حبان ٧/٤١٨ (٣١٤٨)، وابن جرير ٤/٢٥٤-٢٥٥. وقد أعلُّوا متنَه وإسنادَه؛ فأما المتنُ فقد قال الإمام أحمد كما في مسائل الكوسج ٢/٥٥٢: «هذا الشاذُّ من الحديث الذي لا يؤخذ به، قد روي عن النبي ﷺ من كذا وجهًا خلافُ هذا الشاذ. وقال إسحاق بن راهويه: ما أحسن ما قال». وقال ابن أبي حاتم في العلل ١/٤٣٨: «قال أبي: فسّروه على معنيين: أحدهما: أنّ الحديث ليس هو عن أسماء، وغلط محمد بن طلحة، وإنما كانت امرأة سواها. وقال آخرون: هذا قبل أن ينزل العِدَد. قال أبي: أشبه عندي -والله أعلم- أنّ هذه كانت امرأة سوى أسماء، وكانت من جعفر بسبيل قرابة، ولم تكن امرأته؛ لأنّ النبي ﷺ قال: «لا تُحِدُّ امرأةٌ على أحدٍ فوق ثلاث إلا على زوج». وأما الإسناد فقد قال الدار قطنيُّ في العلل ١٥/٣٠٣ (٤٠٥٠):»المرسل أصح«. وقال ابن حجر في الفتح ٩/٤٨٧:»حديث قوي الإسناد«. وقال الألباني في الصحيحة ٧/٦٨٤ (٣٢٢٦):»وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين".]]٨٩٨. (ز)
٩٠٩٢- عن أُمِّ سلمة زوج النبي ﷺ، عن النبي ﷺ، قال: «المُتَوَفّى عنها زوجُها لا تلْبِسُ المُعَصْفَرَ من الثياب، ولا المُمَشَّقة[[المُمشَّقَة: هي المصبوغة بالمَشْق، وهو المَغْرَة، وهي صبغ أحمر. النهاية (مشق).]]، ولا الحَلْيَ[[الحلي: اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة. النهاية (حلا).]]، ولا تَخْتَضِبُ، ولا تكتحل»[[أخرجه أحمد ٤٤/٢٠٥ (٢٦٥٨١)، وأبو داود ٣/٦١٢ (٢٣٠٤)، والنسائي ٦/٢٠٣ (٣٥٣٥)، وابن حبان ١٠/١٤٤ (٤٣٠٦). قال البيهقي في السنن الصغرى ٦/٤٧٤: «ورواه معمر عن بديل، فوقفه على أم سلمة». وقال ابن حزم في المحلى ١٠/٦٥: «ولا يصح؛ لأنّ إبراهيم بن طهمان ضعيف». وقال ابن المُلَقِّن في البدر المنير ٨/٢٣٧: «حديث حسن». وقال في تحفة المحتاج ٢/٤١٧ (١٥٠٤): «رواه أبو داود، والنسائي، بإسناد حسن، وأخطأ ابن حزم حيث قال: لا يصِحُّ لأجل إبراهيم بن طهمان. وقال: إنّه ضعيف. وإبراهيم هذا احتج به الشيخان، وزكّاه المُزَكُّون، ولا عبرة بانفراد ابن عمار الموصلي بتضعيفه». وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ٣/٢٣٨: «والمرفوع رواية إبراهيم بن طهمان عن بديل، وإبراهيم ثقة من رجال الصحيحين، فلا يلتفت إلى تضعيف أبي محمد ابن حزم له». وقال الصنعانيُّ في سبل السلام ٢/٢٩٢: «قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد، لكن رواه البيهقي موقوفًا». وقال الألباني في الإرواء ٧/٢٠٥: «إسناد صحيح، على شرط مسلم». وفي صحيح أبي داود ٧/٧٢ (١٩٩٥): «إسناده صحيح».]]. (٣/١٩)
٩٠٩٣- عن أُمِّ سلمة، قالت: دخل عَلَيَّ رسولُ الله ﷺ حين تُوُفِّي أبو سلمة، وقد جعَلْتُ على عيني صَبِرًا[[الصَبِر: عُصارة شجرٍ مُرّ، يتداوى بها. النهاية (صبر).]]، قال: «ما هذا، يا أُمُّ سلمة؟». قلت: إنّما هو صَبِرٌ، يا رسول الله، ليس فيه طيب. قال: «إنه يَشُبُّ[[أي: يلوِّنه ويحسِّنه، وشبَّ الخمار والشعر، أي: لونَها وزادا في حسنها، وأظهر جمالها. النهاية (شبب).]] الوجهَ؛ فلا تجعليه إلا بالليل. ولا تمتشطي بالطِّيب، ولا بالحنّاء؛ فإنّه خِضابٌ». قلتُ: بأيِّ شيء أمتشطُ، يا رسول الله؟ قال: «بالسِّدْرِ، تُغَلِّفين به رأسَك»[[أخرجه أبو داود ٣/٦١٢-٦١٣ (٢٣٠٥)، والنسائي ٦/٢٠٤ (٣٥٣٧). قال ابن حزم في المحلى ١٠/٦٦: «أم حكيم مجهولة، وأمها أشد إيغالًا في الجهالة». وقال ابن الملقن في البدر ٨/٢٤١: «وأعلَّه المنذريُّ بجهالة أم حكيم، فقال: أمها مجهولة. وقال عبد الحق: ليس لهذا الحديث إسناد يعرف؛ لأنه عن أم حكيم، عن أمها، عن مولاة لها، عن أم سلمة». وقال ابن حجر في بلوغ المرام ٢/١٠٨ (١١٠٧): «إسناده حسن». وقال الألباني في ضعيف أبي داود ٢/٢٥٤-٢٥٥ (٣٩٥): «إسناده ضعيف، مسلسل بالمجهولين».]]. (٣/١٩)
٩٠٩٤- عن عمر بن الخطاب -من طريق سعيد بن المسيِّب-: أنّه كان يَرُدُّ المُتَوَفّى عنهُنَّ أزواجُهُنَّ مِن البَيْداء، يَمْنَعُهُن مِن الحجِّ[[أخرجه مالك ٢/٥٩٢، وعبد الرزاق في مصنفه (١٢٠٧٢).]]. (٣/١٧)
٩٠٩٥- عن عائشة -من طريق عروة-: أنّها كانت تفتي الـمُتَوَفّى عنها زوجُها أن تُحِدَّ على زوجها حتى تنقضي عِدَّتُها، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا ولا مُعَصْفرًا، ولا تكتحل بالإثْمِد، ولا بكُحْلٍ فيه طيب؛ وإن وجعت عينُها، ولكن تكتحل بالصَّبِر وما بدا لها من الأكحال سوى الإثمد، مما ليس فيه طيب، ولا تلبس حليًّا، وتلبس البياض، ولا تلبس السواد[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٥٢.]]. (ز)
٩٠٩٦- عن ابن عمر -من طريق نافع- أنّه قال: لا تبيتُ الـمُتَوَفّى عنها زوجُها ولا المبتوتةُ إلا في بيتها[[أخرجه مالك ٢/٥٩٢، وعبد الرزاق في مصنفه (١٢١١٥).]]. (٣/١٧)
٩٠٩٧- عن ابن عمر -من طريق نافع- في المُتَوَفّى عنها زوجُها: لا تكْتَحِل، ولا تَطَيَّب، ولا تبيت عن بيتها، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا، إلا ثوب عَصْبٍ تَجَلْبَبُ به[[أخرجه ابن جرير ٤/٢٥٣.]]. (ز)
٩٠٩٨- عن القاسم بن محمد -من طريق يحيى بن سعيد-: أنّ يزيد بن عبد الملك فرَّق بين رجالٍ ونسائهم، وكُنَّ أمهاتٍ لأولاد رجالٍ هلكوا، فتزوجوهُنَّ بعد حيضةٍ أو حيضتين، ففرَّق بينهم حتى يَعْتَدِدْن أربعة أشهر وعشرًا. قال القاسم بن محمد: سبحان الله! يقول الله في كتابه: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا﴾؛ ما هُنَّ لهم بأزواج[[أخرجه مالك ٢/٥٩٢-٥٩٣. كما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (ت: محمد عوامة) ١٠/٩٩ (١٩٠٨٩) نحوه، وفيه: أن الذي فرَّق بين رجال ونسائهم عبد الملك بن مروان، ولفظ القاسم: أتُراهن من الأزواج؟. وقد أورد السيوطي ٣/٢٠-٢١ آثارًا أخرى في عِدَّة الأَمَةِ المُتَوَفّى زوجُها.]]. (٣/ ٢٠)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.