الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ الرِّضاعَ وكانَ مِن تَقادِيرِهِ ما إذا ماتَ الأبُ ذَكَرَ عِدَّةَ الوَفاةِ لِذَلِكَ وتَتْمِيمًا لِأنْواعِ العَدَدِ فَقالَ.
وقالَ الحَرالِيُّ: لَمّا ذَكَرَ عِدَّةَ الطَّلاقِ الَّذِي هو فِرْقَةُ الحَياةِ انْتَظَمَ بِرَأْسِ آيَتِهِ ذِكْرُ عِدَّةِ الوَفاةِ الَّذِي هو فِراقُ المَوْتِ واتَّصَلَ بِالآيَةِ السّابِقَةِ لِما انْجَرَّ في ذِكْرِ الرِّضاعِ مِن مَوْتِ الوالِدِ وأمْرِ الوارِثِ وكَذَلِكَ كَلُّ آيَةٍ تَكُونُ رَأْسًا لَها مُتَّصِلانِ مُتَّصِلٌ بِالرَّأْسِ النَّظِيرِ لَها المُنْتَظِمَةِ بِهِ ومُتَّصِلٌ بِالآيَةِ السّابِقَةِ قَبْلَها بِوَجْهٍ ما- انْتَهى.
فَقالَ: ﴿والَّذِينَ﴾ أيْ وأزْواجُ الَّذِينَ ﴿يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ﴾ أيْ يَحْصُلُ وفاتُهم بِأنْ يَسْتَوْفِيَ أنْفُسَهُمُ الَّتِي كانَتْ عارِيَةً في أبْدانِهِمُ الَّذِي أعارَهم إيّاها.
قالَ الحَرالِيُّ: مِنَ الوَفاةِ وهو اسْتِخْلاصُ الحَقِّ (p-٣٤١)مِن حَيْثُ وُضِعَ، إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ نَفَخَ الرُّوحَ وأوْدَعَ النَّفْسَ لِيَسْتَوْفِيَها بَعْدَ أجَلٍ مَن حَيْثُ أوْدَعَها فَكانَ ذَلِكَ تَوَفِّيًا تَفَعِّلًا مِنَ الوَفاءِ وهو أداءُ الحَقِّ ﴿ويَذَرُونَ﴾ مِنَ الوَذْرِ وهو أنْ يُؤْخَذَ المَرْءُ عَمّا شَأْنُهُ إمْساكُهُ ﴿أزْواجًا﴾ بَعْدَهم.
ولَمّا أُرِيدُ تَأْكِيدُ التَّرَبُّصِ مُراعاةً لِحَقِّ الأزْواجِ وحِفْظًا لِقُلُوبِ الأقارِبِ واحْتِياطًا لِلنِّكاحِ أتى بِهِ في صِيغَةِ الخَبَرِ الَّذِي مِن شَأْنِهِ أنْ يَكُونَ قَدْ وُجِدَ وتَمَّ فَقالَ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ أيْ يَنْتَظِرْنَ أزْواجَهُنَّ لِانْقِضاءِ العِدَّةِ. ولَمّا كانَ المَمْنُوعُ إنَّما هو العَقْدُ والتَّعَرُّضُ لَهُ بِالأفْعالِ دُونَ طَلَبِهِ بِالتَّعْرِيضِ قالَ مُعَبِّرًا بِالنَّفْسِ لِذَلِكَ ولِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ العَجَلَةَ عَنْ ذَلِكَ إنَّما تَكُونُ شَهْوَةً نَفْسانِيَّةً بَهِيمِيَّةً لِيَكُونَ ذَلِكَ حاوِيًا عَلى البُعْدِ عَنْها: ﴿بِأنْفُسِهِنَّ﴾ فَلا يَبْذُلْنَها لِزَوْجٍ ولا يَخْرُجْنَ مِن مَنزِلِ الوَفاةِ ويَتْرُكْنَ الزِّينَةَ وكُلَّ ما لِلنَّفْسِ فِيهِ شَهْوَةٌ تَدْعُو إلى النِّكاحِ كَما بَيَّنَتْ ذَلِكَ السُّنَّةُ ﴿أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا﴾ (p-٣٤٢)إنْ كُنَّ حَرائِرَ ولَمْ يَكُنْ حَمْلٌ سَواءٌ كانَتْ صَغِيرَةً أوْ كَبِيرَةً تَحِيضُ أوْ لا، ابْتِداؤُها مِن حِينِ الوَفاةِ لِأنَّها السَّبَبُ وغَلَّبَ اللَّيالِيَ فَأسْقَطَ التّاءَ لِأنَّ أوَّلَ الشَّهْرِ اللَّيْلُ ﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ ولَمّا كانَ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى قَدْ جَعَلَ المُسْلِمِينَ كالجَسَدِ الواحِدِ وكانَ الكَلامُ في أزْواجِ المَوْتى أعْلَمَ سُبْحانَهُ وتَعالى بِأنَّهُ يَجِبُ عَلى إخْوانِهِمُ المُسْلِمِينَ مَن حِفْظِ حُقُوقِهِمْ ما كانُوا يَحْفَظُونَهُ لَوْ كانُوا أحْياءً بِقَوْلِهِ: ﴿فَلا جُناحَ (p-٣٤٠)عَلَيْكُمْ﴾ أيْ يا أهْلَ الدِّينِ ﴿فِيما﴾ ولَمّا كانَ لا بُدَّ مِن إذْنِ المَرْأةِ وقَدْ تَأذَّنَ لِلْقاضِي عَلى رَغْمِ الوَلِيِّ عِنْدَ عَضْلِهِ مَثَلًا أسْنَدَ الفِعْلَ إلَيْهِنَّ فَقالَ: ﴿فَعَلْنَ في أنْفُسِهِنَّ﴾ أيْ مِنَ النِّكاحِ ومُقَدَّماتِهِ الَّتِي كانَتْ مَمْنُوعَةً مِنها بِالإحْدادِ، ولا يُحْمَلُ هَذا عَلى المُباشَرَةِ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلى - إنْكاحِ المَرْأةِ نَفْسَها لِمُعارَضَةِ آيَةِ ﴿ولا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩] المُتَأيِّدَةِ بِالسُّنَّةِ. ولَمّا كانَ ذَلِكَ قَدْ لا يَكُونُ عَلى وجْهٍ شَرْعِيٍّ قالَ: ﴿بِالمَعْرُوفِ﴾ لِيَنْصَرِفَ إلى الكامِلِ فَلا يَكُونُ في ذَلِكَ شَوْبُ نَكارَةٍ، فَإنْ فَعَلْنَ ما يُنْكَرُ كانَ عَلى النّاسِ الجُناحُ بِتَرْكِ الأمْرِ كَما عَلَيْهِنَّ بِالفِعْلِ؛ وأجْمَعَ الفُقَهاءُ غَيْرَ أبِي مُسْلِمٍ الأصْفَهانِيِّ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ ناسِخَةٌ لِآيَةِ العِدَّةِ بِالحَوْلِ، والتَّقَدُّمُ في التِّلاوَةِ لا يَمْنَعُ التَّأخُّرَ في النُّزُولِ لِأنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ عَلى تَرْتِيبِ النُّزُولِ - نَقَلَ ذَلِكَ الشَّمْسُ الأصْفَهانِيُّ، ويَرُدُّ عَلَيْهِ ما سَيَأْتِي نَقْلُهُ لَهُ عَنْ مُجاهِدٍ.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فاللَّهُ حَدَّ لَكم هَذِهِ الحُدُودَ فاحْفَظُوها عَطَفَ (p-٣٤٤)عَلَيْهِ قَوْلَهُ مُحَذِّرًا مِنَ التَّهاوُنِ في شَيْءٍ مِنها في أنْفُسِهِمْ أوْ مِنَ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ في حَقِّ غَيْرِهِمْ: ﴿واللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ ﴿بِما تَعْمَلُونَ﴾ مِن سِرٍّ وعَلانِيَةٍ.
ولَمّا كانَ هُنا مِن أمْرِ العِدَّةِ ما لَمْ تَعْرِفْهُ العَرَبُ قَبْلُ فَرُبَّما أنْكَرَتْهُ القُلُوبُ لِكَوْنِها لَمْ تَفْهَمْ سِرَّهُ وكانَ أمْرُ النِّكاحِ إنْ قُيِّدَ بِالمَعْرُوفِ باطِنًا خَتَمَ بِقَوْلِهِ ﴿خَبِيرٌ﴾ أيْ يَعْلَمُ خَفايا البَواطِنِ كَما يَعْلَمُ ظَواهِرَها فاحْذَرُوا مُخالَفَتَهُ وأطِيعُوا أمْرَهُ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰجࣰا یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا فَعَلۡنَ فِیۤ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











