الباحث القرآني

﴿أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَسَالَتۡ أَوۡدِیَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّیۡلُ زَبَدࣰا رَّابِیࣰاۖ وَمِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیۡهِ فِی ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَاۤءَ حِلۡیَةٍ أَوۡ مَتَـٰعࣲ زَبَدࣱ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ ۝١٧﴾ - تفسير

٣٨٩٥٤- عن عبد الله بن مسعود -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (ز)

٣٨٩٥٥- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- في قوله: ﴿فسالتْ أودية بقدرها﴾ الآية، قال: فمَرَّ السَّيلُ على رأسه مِن التراب والغُثاءِ حتى استقَرَّ في القَرارِ وعليه الزَّبَدُ، فضَرَبَتْه الريحُ، فذهب الزَّبَدُ جفاءً إلى جوانبه، فيَبِس، فلم ينفع أحدًا، وبَقِي الماءُ الذي ينتفع به الناسُ، فشربوا منه، وسَقَوْا أنعامهم، فكما ذهب الزَّبَدُ فلم ينفع، فكذلك الباطلُ يَضْمَحِلُّ يوم القيامة فلا ينفع أهله، وكما نفع الماءُ فكذلك ينفعُ الحقُّ أهله، هذا مَثَلٌ ضربه الله[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]. (٨/٤٢٠)

٣٨٩٥٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿أنزَلَ من السَّماء ماءً﴾ الآية، قال: هذا مَثَلٌ ضربه اللهُ، احْتَمَلَتْ مِنه القلوبُ على قدْرِ يقينها وشكِّها؛ فأمّا الشَّكُّ فما ينفع معه العَمَلُ، وأَمّا اليقين فينفعُ الله به أهلَه، وهو قولُه: ﴿فأمّا الزبدُ فَيَذهبُ جُفاءً﴾ وهو الشكُّ، ﴿وأمّا ما ينفعُ النّاس فيمكُثُ في الأرضِ﴾ وهو اليقينُ، وكما يُجْعَلُ الحُلِيُّ في النار، فيؤخذُ خالصُه به، ويُتْرَكُ خَبَثُه في النار؛ كذلك يقبلُ اللهُ اليقينَ، ويترُكُ الشَّكَّ[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٩٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]٣٥٠٤. (٨/٤١٨)

٣٥٠٤ نقل ابنُ عطية (٥/١٩٧) عن ابن عباس أن «قوله تعالى: ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ يريد به: الشَّرْعَ والدِّين، وقوله تعالى: ﴿فَسالَتْ أوْدِيَةٌ﴾ يريد به: القلوب، أي: أخذ النبيل بحظِّه، والبليد بحظِّه». ثم انتقده مستندًا إلى ضعف إسناد الأثر، وإلى مخالفة لغة العرب قائلًا: «وهذا قول لا يصح -والله أعلم- عن ابن عباس؛ لأنه ينحو إلى أقوال أصحاب الرموز، وقد تمسَّك به الغزاليُّ وأهل ذلك الطريق، ولا وجه لإخراج اللفظ عن مفهوم كلام العرب لغير عِلَّةٍ تدعو إلى ذلك». إلا أنه وجَّهه على فرض صحته بقوله: «وإن صَحَّ هذا القول عن ابن عباس فإنما قصد أنّ قوله تعالى: ﴿كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ والباطِلَ﴾ معناه: الحق الذي يتقرر في القلوب، والباطل الذي يعتريها».

٣٨٩٥٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿فسألتْ أودية بقدرها﴾، قال: الصغيرُ قَدْرَ صِغَرِه، والكبيرُ قَدْرَ كِبرَه[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]٣٥٠٥. (٨/٤١٩)

٣٥٠٥ ذكر ابنُ عطية (٥/١٩٦) في معنى الآية احتمالًا آخر، فقال: «يحتمل أن يريد: بما قُدّر لها من الماء».

٣٨٩٥٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في الآية، قال: هذا مَثَلٌ ضربه اللهُ بين الحقِّ والباطل، يقول: احتمل السيلُ ما في الوادي مِن عودٍ ودِمْنَةٍ[[الدِّمْنة: آثار الناس وما سَوَّدوا، وقيل: ما سَوَّدوا من آثار البعر وغيره ... والدِّمْن: البعر. لسان العرب (دمن).]]، ‹ومِمّا تُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ›[[قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، وأبو بكر عن عاصم: ‹تُوقِدُونَ› بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي وخلف، وحفص عن عاصم: ﴿يوقدون﴾ بالياء. انظر: النشر ٢/٢٢٣.]]، فهو الذهبُ والفِضَّةُ والحِلْيَةُ، والمتاعُ: النُّحاسُ والحديدُ، وللنُّحاس والحديد خَبَثٌ، فجعل الله مَثَل خَبَثِه كمَثَل زَبَد الماء، فأمّا ما ينفع الناسُ فالذَّهبُ والفِضَّةُ، وأَمّا ما ينفع الأرضَ فما شَرِبَتْ مِن الماء فأَنبَتَتْ، فجعل ذلك مَثَلَ العمل الصالح الذي يَبْقى لأهله، والعمل السَّيِّئ يَضْمَحِلُّ عن أهله كما يذهبُ هذا الزَّبَد، فذلك الهُدى والحقُّ جاء مِن عند الله، فمَن عَمِل بالحقِّ كان له، وبَقِي كما يبقى ما ينفع الناسَ في الأرضِ، وكذلك الحديدُ لا يُسْتَطاعُ أن يُعْمَل منه سِكِّينٌ ولا سَيْفٌ حتى يُدْخل النار، فتأكل خبثه، فيخرُج جَيِّده فينتفع به، كذلك يَضْمَحِلُّ الباطل إذا كان يوم القيامة، وأُقيم الناسُ، وعُرِضَت الأعمالُ، فيرفعُ الباطلُ ويهلكُ، وينتفع أهلُ الحقِّ بالحقِّ[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٩٨-٤٩٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٨/٤١٩)

٣٨٩٥٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق عبد الله بن كثير- في قوله: ﴿أنزل من السَّماءً ماء فسالتْ أوديةٌ بقدرها﴾ قال: بمِلْئِها ما أطاقَتْ، ﴿فاحتملَ السيلُ زبدًا رابيًا﴾ قال: انقَضى الكلامُ، ثُمَّ اسْتَقْبل فقال: ﴿وممّا يوقدون عليه في النّار ابتغاءَ حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مثله﴾ قال: فالمتاع: الحديد، والنُّحاسُ، والرَّصاصُ، وأشباهُه، ﴿زبدٌ مثلُهُ﴾ قال: خَبَثُ ذلك الحديد والحلية مثل زَبَد السَّيْل، ﴿وأمّا ما ينفعُ النّاس﴾ مِن الماء ﴿فيمكُثُ في الأرض﴾، وأمّا الزبد ﴿فيذهبُ جُفاءً﴾ قال: جُمودًا في الأرض، قال: فذلك مَثَلُ الحقِّ والباطلِ[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠٠-٥٠١. وعزاه السيوطي إلى أبي عُبَيد، وابن أبي شَيْبَة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. وعلَّق بعضه البخاريُّ ٤/١٧٣٣.]]. (٨/٤٢٢)

٣٨٩٦٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق شبل وورقاء عن ابن أبي نجيح، يزيد أحدهما على صاحبه- في قوله: ﴿فسالت أودية بقدرها﴾ قال: بملئها، ﴿فاحتمل السيل زبدا رابيا﴾ قال: الزبد: السيل، ﴿ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله﴾ قال: خَبَث الحديد والحلية، ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء﴾ قال: جمودًا في الأرض، ﴿وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ قال: الماء، وهما مثَلان للحق والباطل [[أخرجه ابن جرير ١٣/٥١٣.]]. (ز)

٣٨٩٦١- عن الحسن البصري -من طريق أبي رجاء- في قوله: ﴿أنزلَ من السَّماء ماءً﴾ الآية، قال: ابتغاءَ حِلْيَةِ الذهب والفضة، أو متاع الصُّفر والحديد. قال: كما أُوقِد على الذهب والفضة والصُّفر والحديد فخلص خالصُه، كذلك بقي الحقُّ لأهله فانتفعوا به[[أخرجه ابن جرير ١٣/٤٩٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]. (٨/٤٢٣)

٣٨٩٦٢- عن عطاء [بن أبي رباح] -من طريق طلحة بن عمرو- قال: ضرب اللهُ مَثَلَ الحقِّ والباطل، فضرب مَثَل الحقِّ السَّيْلَ الذي يمكُثُ في الأرض فينفعُ الناسَ، ومثلَ الباطل مَثَل الزَّبَد الذي لا ينفعُ الناسَ، ومَثَل الحقِّ مثل الحُلِيِّ الذي يُجعَلُ في النار، فما خَلَصَ منه انتفع به أهلُه، وما خبُث منه فهو مَثَل الباطل، عُلِم ألّا ينفع الزَّبد وخَبَثُ الحُلِيِّ أهلَه، فكذلك الباطلُ لا ينفعُ أهلَه[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠٣ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٨/٤٢١)

٣٨٩٦٣- عن عطاءٍ، في قوله: ﴿أنزَلَ من السماءِ ماءً﴾ قال: هذا مثلٌ ضَرَبَهُ اللهُ للمؤمنِ والكافرِ، ﴿فسالتْ أوديةٌ بقدرها﴾ قال: جَرى الوادي، وامتلأ بقدْر ما يحملُ، ﴿فاحتمَلَ السيْلُ زبدًا رابيًا﴾ قال: زَبدَ الماءِ، ﴿وممّا توقدونَ عليه في النارِ﴾ قال: زبدُ ما تُوقدون عليه مِن ذلك حليةٌ، وما سقط فهو مَثَلُ زَبَد الماء، وهو مَثَلٌ ضُرِب للحقِّ والباطل، فأمّا خَبَثُ الحديدِ والذهبِ وزَبَدُ الماءِ فهو الباطلُ، وما يصفو مِن الحلية والماء والحديد فمَثَلُ الحقِّ[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]. (٨/٤٢٠)

٣٨٩٦٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فسالتْ أوديةٌ بقدرها﴾ قال: الكبيرُ بقَدَرِه، والصغيرُ بقَدَره، ﴿زبدًا رابيًا﴾ قال: رَبا فوق الماء الزَّبَدُ، ﴿وممّا يوقدون عليه في النار﴾ قال: هو الذَّهبُ، إذا أُدْخِل النارَ بَقِيَ صَفْوُه، وذَهَب ما كان فيه مِن كَدَرٍ، وهذا مَثَلٌ ضربه الله للحقِّ والباطل، ﴿فأمّا الزبدُ فيذهبُ جفاءً﴾ يتعلق بالشَّجَرِ، ولا يكونُ شيئًا، هذا مَثَل الباطل، ﴿وأمّا ما ينفعُ النّاسَ فيمكُثُ في الأرض﴾ هذا يُخرج النبات، وهو مَثَلُ الحقِّ، ﴿أو متاعٍ زبدٌ مثلُهُ﴾ قال: المتاعُ: الصُّفْرُ، والحديدُ[[أخرجه عبد الرزاق ١/٣٣٤-٣٣٥، وابن جرير ١٣/٥٠٢. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (٨/٤٢٢)

٣٨٩٦٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها﴾ الصغير بصِغَرِه، والكبير بكبره، ﴿فاحتمل السيل زبدا رابيا﴾ أي: عاليًا، ﴿ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله، كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جفاء﴾ والجفاء: ما يتعلق بالشَّجَر، ﴿وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾. هذه ثلاثة أمْثال ضَرَبها اللهُ في مَثَل واحد. يقول: كما اضْمَحَلَّ هذا الزبدُ فصار جُفاءً لا يُنتَفَعُ به، ولا تُرْجى بَرَكَتُه؛ كذلك يَضْمَحِلُّ الباطلُ عن أهله كما اضْمَحَلَّ هذا الزَّبَد، وكما مكث هذا الماءُ في الأرض، فأَمْرَعَتْ[[أي: أخصبت. القاموس (مرع).]] هذه الأرض، وأخْرَجَتْ نباتَها، كذلك يبقى الحقُّ لأهله كما بَقِي هذا الماءُ في الأرض، فأخرج الله به ما أخرج من النبات. قوله: ﴿ومما يوقدون عليه في النار﴾ الآية: كما يبقى خالِصُ الذَّهَب والفضة حين أُدْخِل النار، وذَهَبَ خَبَثُه؛ كذلك يبقى الحقُّ لأهله. قوله: ﴿أو متاع زبد مثله﴾ يقول: هذا الحديد والصفر الذي ينتفع به، فيه منافع، يقول: كما يبقى خالِص هذا الحديد وهذا الصفر حين أدخل النار وذهب خبثه كذلك يبقى الحقُّ لأهله كما بَقِي خالِصُهما[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠١. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.]]. (٨/٤٢١)

٣٨٩٦٦- عن عوف [بن أبى جميلة الأعرابي] -من طريق هَوْذة بن خليفة- قال: بلغني في قوله: ﴿أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها﴾: إنما هو مَثَلٌ ضربه الله للحق والباطل، ﴿فسالت أودية بقدرها﴾ الصغير على قَدَره، والكبير على قَدَره، وما بينهما على قَدَره، ﴿فاحتمل السيل زبدا رابيا﴾ يقول: عظيمًا، وحيثُ اسْتَقَرَّ الماءُ يذهب الزبدُ جُفاءً، فتطير به الريح، فلا يكون شيئًا، ويبقى صريح الماء الذي ينفع الناس؛ منه شرابُهم ونباتُهم ومنفعتُهم، ﴿أو متاع زبد مثله﴾ ومِثْلُ الزَّبَد: كُلُّ شيء يُوقَد عليه في النار؛ الذهب، والفضة، والنحاس، والحديد، فيذهب خَبَثُه، ويبقى ما ينفع في أيديهم، والخَبَث والزَّبَد مثل الباطل، والذي ينفع الناس مِمّا تحصل في أيديهم مِمّا ينفعهم المال الذي في أيديهم[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠٢.]]. (ز)

٣٨٩٦٧- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ ضرب اللهُ تعالى مَثَل الكفر والإيمان، ومَثَل الحقِّ والباطل، فقال: ﴿أنزل من السماء ماءً فسالت أوديةُ بقدرها﴾ وهذا مَثَل القرآن الذي علِمَه المؤمنون، وتَرَكَه الكفارُ، فسال الوادي الكبير على قدر كِبَرِه، منهم مَن حمل منهم كبيرًا، والوادي الصغير على قَدْرِه، ﴿فاحتمل السيل﴾ يعني: سيل الماء ﴿زبدًا رابيًا﴾ يعني: عاليًا، ﴿ومما يوقدون عليه في النار﴾ أيضًا ﴿ابتغآء حليةٍ﴾ يعني: الذهب، والفضة. ثم قال: ﴿أو متاع﴾ يعني: المشبه، والصفر، والحديد، والرصاص، له أيضًا ﴿زبدُ مثله﴾ فالسيل [له] زَبَدٌ لا يُنتَفَع به، والحُلِيُّ والمتاع له أيضًا زَبَد إذا أُدْخِل النار أخْرَجَ خَبَثَه، ولا يُنتَفَعُ به، والذهب والفضة والمتاع يُنتَفَعُ به، ومَثَل الماء مَثَل القرآن، وهو الحق، ومَثَل الأودية مَثَل القلوب، ومَثَل السَّيل مَثَل الأهواء، فمَثَلُ الماء والحُلِيّ والمتاع الذي يُنتَفَع به مَثَلُ الحق الذي في القرآن، ومَثَل زَبَد الماء وحيثُ المتاعُ الذي لا يُنتَفَعُ به مَثَلُ الباطل، فكما يُنتَفَع بالماء وما خلص مِن الحُلِيِّ، والمتاع الذي ينتفع به أهلُه في الدنيا فكذلك الحقُّ ينتفع به أهلُه في الآخرة، وكما لا ينتفع بالزَّبَد وخَبَث الحُلِيِّ والمتاع أهلُه في الدنيا فكذلك الباطلُ لا ينتفع أهلُه في الآخرة، ﴿كذلك يضرب الله الحق والبطل فأما الزبد فيذهب جفاءً﴾ يعني: يابِسًا لا ينتفع به الناس كما لا ينتفع بالسيل، ﴿وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ فيَسْتَقُون، ويَزْرَعُون عليه، وينتفعون به، يقول: ﴿كذلك يضرب الله الأمثال﴾ يعني: الأشباه، فهذه الثلاثة الأمثال ضَرَبَها اللهُ في مَثَل واحد[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٣٧٣-٣٧٤.]]. (ز)

٣٨٩٦٨- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال في قوله: ﴿ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله﴾، قال: هذا مَثَلٌ ضَرَبَه الله للحقِّ والباطل، فقرأ: ﴿أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا﴾ هذا الزَّبَد لا ينفع، ﴿أو متاع زبد مثله﴾ هذا لا ينفع أيضًا. قال: وبَقِي الماءُ في الأرضِ، فنَفَع الناسَ، وبَقِي الحُلِيُّ الذي صلح مِن هذا، فانتفع الناسُ به، ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال﴾. وقال: هذا مَثَلٌ ضربه الله للحقِّ والباطل[[أخرجه ابن جرير ١٣/٥٠٢.]]. (ز)

٣٨٩٦٩- عن سفيان بن عُيَيْنَة، في قوله: ﴿أنزل من السَّماء ماءً فسالتْ أوديةٌ بقدرها﴾، قال: أنزل مِن السماء قرآنًا، فاحتمله عقولُ الرِّجال[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٨/٤٢٣)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب