الباحث القرآني

ولَمّا [ كانَ - ] حَمْلُ الماءِ في العُلُوِّ لا يُمْكِنُ إلّا عَنْ قَهْرٍ، وإنْزالُهُ في وقْتٍ دُونَ غَيْرِهِ [ كَذَلِكَ- ]، أتْبَعَ هَذا الخَتْمَ قَوْلَهُ دَلِيلًا مُشاهِدًا عَلَيْهِ: ﴿أنْـزَلَ﴾ ولَمّا كانَ الإنْزالُ قَدْ يَتَجَوَّزُ بِهِ عَنْ إيجادِ ما يَعْظُمُ إيجادُهُ، حَقَّقَ أمْرَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ ولَمّا كانَ المُنَزَّلُ مِنها أنْواعًا شَتّى قالَ: ﴿ماءً فَسالَتْ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ إنْزالِهِ لِكَثْرَتِهِ (p-٣١٥)أنْ سالَتْ ﴿أوْدِيَةٌ﴾ أيْ مِياهُها مِنها الكَبِيرُ والصَّغِيرُ؛ والوادِي: سَفْحُ الجَبَلِ العَظِيمِ الَّذِي يُقابِلُهُ جَبَلٌ أوْ تَلٌّ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ المَطَرُ، فَيَجْرِي في فَضائِهِ، ومِنهُ أُخِذَتِ الدِّيَةُ - لِجَمْعِ المالِ العَظِيمِ الَّذِي يُؤَدّى عَنِ القَتْلِ ﴿بِقَدَرِها﴾ والقَدْرُ: اتِّزانُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ مِن غَيْرِ زِيادَةٍ ولا نُقْصانٍ، فالمَعْنى أنَّ المِياهَ مَلَأتِ الأوْدِيَةَ مَعَ ما ذَلِكَ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى التَّفَرُّدِ بِالرُّبُوبِيَّةِ مِمّا هو مِثالٌ لِلْحَقِّ والباطِلِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿فاحْتَمَلَ﴾ والِاحْتِمالُ: رَفْعُ الشَّيْءِ عَلى الظَّهْرِ بِقُوَّةِ الحامِلِ لَهُ ﴿السَّيْلُ﴾ وهو ماءُ المَطَرِ الجارِي مِنَ الوادِي بِعَظْمٍ ﴿زَبَدًا رابِيًا﴾ أيْ عالِيًا بِانْتِفاخِهِ: والزُّبْدُ: الرَّغْوَةُ الَّتِي تَعْلُو الماءَ، ومَدارُ المادَّةِ عَلى الخِفَّةِ، ويَلْزَمُها العُلُوُّ، ومِنهُ زَبَدُ البَحْرِ والبَعِيرِ - لِلرَّغْوَةِ الخارِجَةِ مِن شِدْقِهِ، والغَضْبانِ، وزَبَدَتِ المَرْأةُ القُطْنَ - إذا نَفَشَتْهُ، والزَّبادُ - كَرُمّانٍ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ تَنْفَرِشُ أفْنانُهُ، وشاةٌ مُزْبِدَةٌ أيْ سَمِينَةٌ، ومِنهُ الزَّبادُ - لِلطِّيبِ المَعْرُوفِ وهو وسَخٌ يُشْبِهُ الرَّغْوَةَ يَجْتَمِعُ تَحْتَ ذَنَبِ نَوْعٍ مِنَ السَّنانِيرِ، (p-٣١٦)ومِنهُ الزُّبَدُ - بِضَمٍّ وسُكُونٍ - لِخالِصِ [ اللَّبَنِ - ] فَإنَّهُ أخَفُّهُ، يُقالُ مِنهُ: زَبَدْتُ فُلانًا أزَبْدُهُ - إذا أطْعَمْتُهُ الزَّبَدَ، ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهِ حَتّى قِيلَ لِمُطْلَقِ العَطِيَّةِ، ومِنهُ: «”نَهْيُ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ عَنْ زَبَدِ المُشْرِكِينَ“؛» ومِنهُ الزِّدْبُ - بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ، وهو النَّصِيبُ، ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مِن زُبْدِ اللَّبَنِ الزَّبادُ لِلنَّبْتِ، فَإنَّهُ مَرْعى ناجِعٌ، كَأنَّهُ شُبِّهَ بِهِ أوْ لِأنَّهُ سَبَبُهُ، وكَذا شاةٌ مُزْبَدَةٌ [أيْ - ] سَمِينَةٌ ويَلْزَمُ الخِفَّةَ الإسْراعُ، يُقالُ: تُزْبِدُ اليَمِينَ - إذا أسْرَعَ إلَيْها، أوْ إنَّها شُبِّهَتْ بِالزُّبْدِ في سُهُولَةِ التِقامِهِ. ولَمّا الزَّبَدُ أحْسَنُ مَثَلٍ لِمَعْبُوداتِهِمْ، وكانَ لا يَخْتَصُّ بِالماءِ الَّذِي هو مائِعٌ بِطَبْعِهِ بِجَمْعِ الأوْضارِ والأقْذارِ بِجَرْيِهِ، ذَكَرَ مَعَهُ ما يُشْبِهُهُ في النَّفْعِ مِنَ الجَوامِدِ الصَّلْبَةِ الَّتِي تُزْبِدُ عِنْدَ الإذابَةِ مَعَ كَوْنِها في حالِ الجُمُودِ في غايَةِ الصَّفاءِ والخُلُوصِ عَنِ الشَّوائِبِ عَلى ما يَظْهَرُ، فَقالَ: ﴿ومِمّا يُوقِدُونَ﴾ أيْ إيقادًا مُسْتَعْلِيًا ﴿عَلَيْهِ﴾ أيْ لِلْإذابَةِ ﴿فِي النّارِ﴾ مِنَ المَعادِنِ ﴿ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ﴾ تَتَحَلَّوْنَ بِها مِنَ الأساوِرِ والحِلَقِ ونَحْوِها ﴿أوْ﴾ ابْتِغاءَ ﴿مَتاعٍ﴾ تَتَمَتَّعُونَ بِهِ مِنَ الدَّراهِمِ والدَّنانِيرِ والسُّيُوفِ (p-٣١٧)والأوانِي [ ونَحْوُها- ]، وأصْلُ المَتاعِ: التَّمَتُّعُ الحاضِرُ، فَهَذا تَقْسِيمٌ حاصِرٌ لِأنْواعِ الفِلِزِّ المُنَوَّهِ إلَيْها مَعَ إظْهارِ التَّهاوُنِ بِهِ وإنْ تَنافَسَ النّاسُ فِيهِ [كَما هو شَأْنُ المُلُوكِ يُظْهِرُونَ المَجْدَ والفَخارَ بِالِاسْتِهانَةِ بِما يَتَنافَسُ النّاسُ فِيهِ] ﴿زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ أيْ مِثْلُ زَبَدِ الماءِ يَكْشِطُ عَنْ وجْهِهِ أوْ يُعَلِّقُ بِأطْرافِ الإناءِ فَيَذْهَبُ ويَبْقى ذَلِكَ الجَوْهَرُ خالِصًا كالحَقِّ إذا زالَتْ عَنْهُ الشُّكُوكُ وانْزاحَتِ الشُّبَهُ. ولَمّا كانَ هَذا في غايَةِ الحُسْنِ والِانْطِباقِ عَلى المَقْصُودِ، كانَ سامِعُهُ جَدِيرًا بِأنْ يَهْتَزَّ فَيَقُولُ: هَذا مِمّا لا يَقْدِرُ عَلى سَوْقِهِ هَكَذا إلّا اللَّهُ تَعالى، فَيا لَهُ مِن مَثَلٍ! فَأُجِيبُ قَوْلَهُ: ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلُ هَذا الضَّرْبِ، العَلِيِّ الرُّتَبِ، الغَرِيبِ العَجَبِ، المَتِينِ السَّبَبِ ﴿يَضْرِبُ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴿الحَقَّ والباطِلَ﴾ [ أيْ - ] مِثْلَهُما؛ وضَرْبُ المَثَلِ: تَسْيِيرُهُ في البِلادِ يَتَمَثَّلُ بِهِ النّاسُ. ولَمّا نَبَّهَ بِهَذا الفَصْلِ عَلى عُلُوِّ رُتَبِهِ هَذا المَثَلَ، شَرَعَ في شَرْحِهِ، فَقالَ مُبْتَدِئًا بِما هو الأهَمُّ في هَذا المَقامِ، وهو إبْطالُ الباطِلِ الَّذِي أضَلَّهُمْ، (p-٣١٨)وهُوَ في تَقْسِيمِهِ عَلى طَرِيقِ النَّشْرِ المُشَوَّشِ، فَقالَ: ﴿فَأمّا الزَّبَدُ﴾ أيِ الَّذِي [ هو - ] مَثَلٌ لِلْباطِلِ المُطْلَقِ ﴿فَيَذْهَبُ﴾ مُتَعَلِّقًا بِالأشْجارِ وجَوانِبِ الأوْدِيَةِ لِأنَّهُ يَطْفُو بِخِفَّتِهِ ويُعَلِّقُ بِالأشْياءِ الكَثِيفَةِ بِكَثافَتِهِ ﴿جُفاءً﴾ قالَ أبُو حَيّانَ: أيْ مُضْمَحِلًّا مُتَلاشِيًا لا مَنفَعَةَ فِيهِ ولا بَقاءَ لَهُ؛ وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مُتَفَرِّقًا، مَن جَفَأتِ الرِّيحُ الغَيْمَ - إذا قَطَعَتْهُ، وجَفَأتِ الرَّجُلَ: صَرَعَتْهُ - انْتَهى. فَهَذا مَثَلُ الباطِلِ مِنَ الشُّكُوكِ والشُّبَهِ وما أثارَهُ أهْلُ العِنادِ، لا بَقاءَ لَهُ وإنْ جالَ جَوْلَةً - يَمْتَحِنُ اللَّهُ [بِها] عِبادَهُ لِيَظْهَرَ الثّابِتُ مِنَ المُزَلْزَلِ - ثُمَّ يَنْمَحِقُ سَرِيعًا؛ وقالَ الرُّمّانِيُّ: والجَفاءُ: بُنُوُّ مَكانِ الشَّيْءِ بِهِ حَتّى يَهْلَكَ ﴿وأمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ﴾ مِنَ الماءِ والفِلِزِّ الَّذِي هو مِثْلُ الحَقِّ ﴿فَيَمْكُثُ في الأرْضِ﴾ يَنْتَفِعُ النّاسُ بِالماءِ الَّذِي بِهِ حَياةُ كُلِّ شَيْءٍ، والفِلِزُّ الَّذِي بِهِ التَّمامُ، فالماءُ والمَعْدِنُ مِثْلُ القُرْآنِ لِما فِيهِ مِن حَياةِ القُلُوبِ وبَقاءِ الشَّرْعِ كَما أنَّ الماءَ يُحْيِي الأراضِي المَيْتَةَ، والمَعادِنَ تُحْيِي مَواتِ العَيْشِ وتُنَظِّمُ المُعامَلاتِ المُقْتَضِيَةَ لِاخْتِلاطِ (p-٣١٩)بَعْضِ النّاسِ بِبَعْضٍ وائْتِلافِهِمْ بِالحاجَةِ، والأوْدِيَةِ والأوانِي مِثْلَ القُلُوبِ يُثْبِتُ مِنهُ فِيها ما تَحْتَمِلُهُ عَلى قَدْرِ سِعَةِ القَلْبِ وضِيقِهِ بِحَسَبِ الطَّهارَةِ وقُوَّةِ الفاهِمَةِ. ولَمّا انْقَضى هَذا المَثَلُ عَلى هَذا البَيانِ الَّذِي يَعْجَزُ دُونَهُ الثَّقَلانِ، لِأنَّهُ أحْسَنُ شَيْءٍ مَعْنًى بِأوْجَرِ عِبارَةٍ وأوْضَحِ دَلالَةٍ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: هَلْ يَبِينُ كُلُّ شَيْءٍ هَذا البَيانَ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلُ ذَلِكَ الضَّرْبِ ﴿يَضْرِبُ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ عِلْمًا وقُدْرَةً ﴿الأمْثالَ﴾ فَيَجْعَلُها في غايَةِ الوُضُوحِ وإنْ كانَتْ في غايَةِ الغُمُوضِ. ومادَّةُ ”جَفا“ - واوِيَّةٌ ويائِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ وغَيْرُ مَهْمُوزَةٍ بِكُلِّ تَرْتِيبٍ، وهي جَفَأ جَأْفَ فَجَأ، جَفَيَ جِيَفَ فَيَجَ، جَفَوَ جَوَفَ فَوَجَ، فَجَوَ وجَفَ - تَدُورُ عَلى الطَّرْحِ: جَفَأ الوادِي والقَدَرِ: رَمْيًا بِالجَفاءِ [أيِ الزَّبَدِ] وجَفَأ القَدَرُ والوادِي: مَسَحَ غُثاءَهُ أيْ فَطَرْحَهُ - وجَفْأهُ: صَرَعَهُ، والبَرِمَةُ في القَصْعَةِ: كَفاها - أيْ طَرْحُ ما فِيها - والبابُ: أغْلَقَهُ وفَتَحَهُ - ضِدٌّ، لِأنَّهُ في كِلَيْهِما كالمَرْمِيِّ بِهِ، والبَقْلُ: قَلْعُهُ مِن أصْلِهِ، (p-٣٢٠)والجَفاءُ - كَعُزابُ: الباطِلُ، لِأنَّهُ أهْلٌ لِلْقَذْفِ بِهِ والطَّرْحِ، والسَّفِينَةُ الخالِيَةُ، لِأنّا بِمَعْرِضِ قَذْفِ الماءِ لَها. وأجَفا ماشِيَتَهُ: أتْعَبَها بِالسَّيْرِ ولَمْ يَعْلِفْها أيْ سَيَّرَها سَيْرًا كَأنَّها يَقْذِفُ بِها، وجَفَأ بِهِ: طَرَحَهُ، وجَفاتُ البِلادِ: ذَهَبَ خَيْرُها، فَكانَتْ طَرْحَتُهُ أوْ صارَتْ هي أهْلًا لِأنْ تَطْرَحَ وتَبْعُدَ، والعامُ جَفَأتْ إبِلُنا، وهو أنْ يَنْتِجَ أكْثَرُها، لِأنَّها طَرَحَتْ أجِنَّتَها. ومِن يائِيِّهِ: جَفَيْتُهُ أُجْفِيهِ: صَرَعْتُهُ، والجُفايَةُ - بِالضَّمِّ: السَّفِينَةُ الفارِغَةُ، والمُجْفِي: المَجْفُوُّ. ومِن واوِيِّهِ: جَفا الشَّيْءُ يَجْفُو - إذا لَمْ يَلْزَمْ مَكانَهُ، كَأنَّهُ فُصِلَ مِن مَكانِهِ فَطَرَحَ بِهِ، والجَفاءُ والجَفْوَةُ: تَرَكَ الصِّلَةَ، واجْتَفَيْتُهُ: أزَلْتُهُ عَنْ مَكانِهِ، وجَفا عَلَيْهِ كَذا: ثَقُلَ، فَصارَ أهْلًا لِطَرْحِهِ والِانْفِصالِ مِنهُ، ورَجُلٌ جافِي الخِلْقَةِ والخُلُقِ: كَزٌّ غَلِيظٌ، لِأنَّ الشَّيْءَ إذا غِلُظَ لَمْ يَلْتَصِقِ التِصاقَ اللَّطِيفِ، وأجْفى الماشِيَةَ: أتْبَعَها ولَمْ يَدَعْها تَأْكُلُ، (p-٣٢١)وفِيهِ جَفْوَةٌ أيْ هو جافٍ، فَإنْ كانَ مَجْفُوًّا قِيلَ: بِهِ جَفْوَةٌ. ومِن مَقْلُوبِهِ مَهْمُوزًا: جافَّةٌ: صَرَعَهُ وذَعَرَهُ أيْ قَذَفَ في قَلْبِهِ رُعْبًا: والشَّجَرَةُ: قَلَعَها مِن أصْلِها، والجَآفُ - كَشَدّادٍ: الصِّياحُ، كَأنَّهُ يَقْذِفُ بِصَوْتِهِ، ورَجُلٌ مُجَأَّفٌ: لا ثَباتَ [لَهُ] كَأنَّهُ يَقْذِفُ بِهِ مِن مَكانِهِ، والمَجْؤُوفُ: الجائِعُ والمَذْعُورُ، كَأنَّهُ مِنَ الجَوْفِ، وإنَّما هَمَزَتْ واوُهُ الأُولى لِانْضِمامِها مَعَ أنَّهُ يُمْكِنُ تَنْزِيلُهُ عَلى أنَّهُ قُذِفَ فِيهِ ذَلِكَ. ومِن يائِيِّهِ: الجِيفَةُ: جُثَّةُ المَيِّتِ وقَدْ أراحَ، والجِيافُ - كَشِدادٍ: النَّبّاشُ، وجافَتْ تَجِيفُ: أنْتَنَتْ فَصارَتْ مُتَهَيِّئَةً لِلطَّرْحِ والتَّغْيِيبِ، وجَيَّفَهُ: ضَرَبَهُ، لِما رَآهُ أهْلًا لِلْبُعْدِ، وجَيَّفَ فُلانٌ في كَذا وجُيِّفَ أيْ فَزَعَ وأفْزَعَ أيْ طَرَحَ في قَلْبِهِ رُعْبٌ، فَصارَ لا تَسَعُهُ أرْضٌ، بَلْ يَقْذِفُ بِنَفْسِهِ مِن مَكانٍ إلى آخَرَ. ومِن واوِيِّهِ: الجَوْفُ: المُطَمْئِنُّ [مِنَ الأرْضِ]، لِأنَّهُ يَسَعُ (p-٣٢٢)ما يَطْرَحُ فِيهِ ويُمْسِكُهُ، ومَهْما طَرَحَ مِنَ الجِبالِ مِن شَيْءٍ اسْتَقَرَّ بِهِ، والجَوْفُ مِنكَ: بَطْنُكَ، لِافْتِقارِهِ إلى طَرْحِ الغِذاءِ فِيهِ، وأهْلُ الأغْوارِ يُسَمَّوْنَ فَساطِيطَ عُمّالِهِمُ الأجْوافَ - لِطَرْحِ أنْفُسِهِمْ وأمْتِعَتِهِمْ فِيها - وجَوْفُ اللَّيْلِ: وسَطُهُ - تَشْبِيهٌ بِالجَوْفِ، والأجْوَفانِ: البَطْنُ والفَرْجُ، والجَوْفُ - مُحَرِّكَةُ السِّعَةِ، والجَوْفاءُ مِنَ الدِّلاءِ: الواسِعَةُ، ومِنَ القَنا والشَّجَرِ: الفارِغَةُ، والجائِفَةُ: جِراحَةٌ تَبْلُغُ الجَوْفَ، وتَلْعُهُ جائِفَةٌ: قَعِيرَةٌ - لِأنَّها لِقَعْرِها بِالجَوْفِ أشْبَهُ مِنها بِالجَبَلِ، وجَوائِفُ النَّفْسِ: ما تَقَعَّرَ مِنَ الجَوْفِ في مُقارِّ الرُّوحِ، والمُجَوَّفُ - كَمُعَظَّمٍ: مَن لا قَلْبَ لَهُ - كَأنَّ قَلْبَهُ طَرَحَ مِن جَوْفِهِ فَصارَ خالِيًا. والجُوفانُ - بِالضَّمِّ: أيْرُ الحِمارِ - لِسِعَةِ جَوْفِهِ، وأجَفْتُ البابَ: رَدَدْتُهُ - كَأنَّهُ مِنَ السَّلْبِ، لِأنَّكَ سَدَدْتَ جَوْفَ البَيْتِ، أوْ أنَّهُ شَبَّهَ الإغْلاقَ بِطَرْحِ البابِ. ومِن مَقْلُوبِهِ مَهْمُوزًا: فَجِئْهُ الأمْرُ - كَسَمْعِهِ ومَنعِهِ: هَجَمَ عَلَيْهِ مِن غَيْرِ أنْ يَشْعُرَ، كَأنَّهُ قَذَفَ بِهِ إلَيْهِ، وفُجِئَتِ النّاقَةُ - كَفَرِحَ: عَظُمَ (p-٣٢٣)بَطْنُها، كَأنَّهُ قَذَفَ فِيهِ بِشَيْءٍ، وفَجَأ - كَمَنَعَ: جامَعَ، لِأنَّهُ طَرَحَها وطَرَحَ نَفْسَهُ عَلَيْها، والمُفاجِئُ: الأسَدُ، لِأنَّهُ يَخْرُجُ بَغْتَةً فَيَثِبُ مِن غَيْرِ تَوَقُّفٍ. ومِن مَقْلُوبِهِ واوِيًّا: الفَجْوَةُ: المُتَّسَعُ مِنَ الأرْضِ والفُرْجَةُ - لِتَهَيُّئِها لِما يَطْرَحُ فِيها، والفَجْوَةُ - أيْضًا: ساحَةُ الدّارِ وما بَيْنَ حَوافِي الحَوافِرِ، أيْ مَيامِنِها ومَياسِرِها، وفَجًّا قَوْسَهُ: رَفَعَ وتَرَها عَنْ كَبِدِها فَهي فَجْواءُ، وفَجًّا بابَهُ: فَتَحَهُ، فَصارَ كالجَوْفِ، والفَجا: تَباعُدُ ما بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ أوِ الفَخْذَيْنِ أوِ السّاقَيْنِ أوْ عُرْقُوبَيِ البَعِيرِ؛ فَجِيَ - كَرَضِيَ فَهو أفْجى، وعِظَمُ بَطْنِ النّاقَةِ، والفِعْلُ كالفِعْلِ، والتَّفْجِيَةِ: الكَشْفُ، لِأنَّكَ طَرَحْتَ الغِطاءَ، والتَّفْجِيَةُ - أيْضًا: التَّنْحِيَةُ، وهي واضِحَةٌ في الطَّرْحِ، وأفْجى: وسَّعَ النَّفَقَةَ عَلى عِيالِهِ - كَأنَّهُ يَقْذِفُ بِها قَذْفًا. ومِن مَقْلُوبِهِ يائِيًّا: أفاجَ الرَّجُلُ - إذا أسْرَعَ، ومِنهُ الفَيْجُ - لِرَسُولِ السُّلْطانِ عَلى رِجْلَيْهِ - كَأنَّهُ لِسُرْعَتِهِ يَطْرَحُ بِهِ في الأرْضِ - هَذا (p-٣٢٤)هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي صَحَّحَهُ صاحِبُ العُبابِ، لِأنَّهُ مُعَرَّبٌ بِيكَ، وقِيلَ: إنَّهُ واوِيٌّ، أصْلُهُ: فَيَوَجُّ، ثُمَّ قِيلَ: فَيَجَ - كَكَيَسَ، ثُمَّ خُفِّفَ، وجَمْعُهُ [الفُيُوجُ]، وقِيلَ: الفُيُوجُ: الَّذِينَ يَدْخُلُونَ السِّجْنَ ويَخْرُجُونَ ويَحْرُسُونَ، وأفاجَ في الأرْضِ: ذَهَبَ، والقَوْمُ: ذَهَبُوا وانْتَشَرُوا - كَأنَّهُ قَذَفَ بِهِمْ، والفَيْجُ: الوَهْدُ المُطْمَئِنُّ مِنَ الأرْضِ، لِأنَّهُ مَوْضِعٌ لِطَرْحِ ما في الأعالِي. ومِن مَقْلُوبِهِ واوِيًّا: الفَوْجُ: الجَماعَةُ، كَأنَّهُمُ اقْتَطَعُوا مِنَ الجُمْهُورِ فَقَذَفَ بِهِمْ، وفاجَ المِسْكُ: فاحَ وسَطَعَ، أيِ انْتَشَرَتْ رائِحَتُهُ، والنَّهارُ: بَرْدٌ، إمّا بِمَعْنى طَرَحَ بَرْدَهُ عَلى ما فِيهِ، وإمّا لِإحْواجِهِ الحَيَوانَ إلى أنْ يَطْرَحَ عَلَيْهِ ما يُدْفِئُهُ، وأفاجَ: أسْرَعَ وعَدا وأرْسَلَ الإبِلَ عَلى الحَوْضِ قِطْعَةً [قِطْعَةً]، والفاتِجُ: البِساطُ الواسِعُ مِنَ الأرْضِ، لِتُهَيِّئَهُ لِما يَطْرَحُ فِيهِ، مِن تَسْمِيَةِ المَحَلِّ بِاسْمِ الحالِ، وأفاجَ في عَدْوِهِ: أبْطَأ. فَهو لِلسَّلْبِ، وفاجَتِ النّاقَةُ بِرَجِيلِها: نَفَحَتْ بِهِما مِن خَلْفِها، والفائِجَةُ: مُتَّسَعُ ما بَيْنَ كُلِّ مُرْتَفَعَيْنِ، كَأنَّهُ مَحَلُّ طَرْحِ ما يَنْزِلُ مِنهُما. ومِن مَقْلُوبِهِ: وجَفَ يَجِفُ وجِيفًا: اضْطَرَبَ، والوَجْفُ ضَرْبٌ مِن سَيْرِ الإبِلِ والخَيْلِ، وجَفَ يَجِفُ وأوْجَفْتُهُ واسْتَوْجَفَ الحُبُّ فُؤادُهُ: ذَهَبَ بِهِ، كَأنَّهُ طَرَحَهُ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب