الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أوْدِيَةٌ بِقَدَرِها﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي بِما قَدَّرَ لَها مِن قَلِيلٍ أوْ كَثِيرٍ. الثّانِي: يَعْنِي: الصَّغِيرُ مِنَ الأوْدِيَةِ سالَ بِقَدْرِ صِغَرِهِ، والكَبِيرُ مِنها سالَ بِقَدْرِ كِبَرِهِ. وَهَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِلْقُرْآنِ وما يَدْخُلُ مِنهُ في القُلُوبِ، فَشَبَّهَ القُرْآنَ بِالمَطَرِ لِعُمُومِ خَيْرِهِ وبَقاءِ نَفْعِهِ، وشَبَّهَ القُلُوبَ بِالأوْدِيَةِ يَدْخُلُ فِيها مِنَ القُرْآنِ مِثْلُ ما يَدْخُلُ في الأوْدِيَةِ مِنَ الماءِ بِحَسَبِ سِعَتِها وضِيقِها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾ أيْ قُرْآنًا ﴿فَسالَتْ أوْدِيَةٌ بِقَدَرِها﴾ قالَ: الأوْدِيَةُ قُلُوبُ العِبادِ. ﴿فاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رابِيًا﴾ الرّابِي: المُرْتَفِعُ. وَهو مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِلْحَقِّ والباطِلِ، فالحَقُّ مُمَثَّلٌ بِالماءِ الَّذِي يَبْقى في الأرْضِ فَيُنْتَفَعُ بِهِ، والباطِلُ مُمَثَّلٌ بِالزَّبَدِ الَّذِي يَذْهَبُ جُفاءً لا يُنْتَفَعُ بِهِ. ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلًا ثانِيًا بِالنّارِ فَقالَ ﴿وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ في النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ﴾ يَعْنِي الذَّهَبَ والفِضَّةَ. ﴿أوْ مَتاعٍ﴾ يَعْنِي الصُّفْرَ والنُّحاسَ. ﴿زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ يَعْنِي أنَّهُ إذا سُبِكَ بِالنّارِ كانَ لَهُ خَبَثٌ كالزَّبَدِ الَّذِي عَلى الماءِ يَذْهَبُ فَلا يُنْتَفَعُ بِهِ كالباطِلِ، ويَبْقى صَفْوَةٌ فَيُنْتَفَعُ بِهِ كالحَقِّ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيَذْهَبُ جُفاءً﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي مُنْشَقًّا قالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. (p-١٠٧)الثّانِي: جافِيًا عَلى وجْهِ الأرْضِ، قالَهُ ابْنُ عِيسى. الثّالِثُ: مَرْمِيًّا، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ. وَحَكى أبُو عُبَيْدَةَ أنَّهُ سَمِعَ رُؤْبَةَ يَقْرَأُ: جِفالًا. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: يُقالُ أجْفَلَتِ القِدْرُ إذا قَذَفَتْ بِزَبَدِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب