الباحث القرآني
قوله تعالى: {أَوْدِيَةٌ} : هو جمعُ وادٍ، وجمعُ فاعِل على أَفْعِلَة، قال أبو البقاء: «شاذٌّ، ولم نَسْمَعْه في غيرِ هذا الحرف، ووجهُه: أنَّ فاعِلاً قد جاء بمعنى فَعِيل، وكما جاء فَعِيل وأفْعِلَة كجَرِيْب وأَجْرِبَة، وكذلك فاعِل» ، قلت: قد سُمع فاعِل وأفْعِلة في حرفين آخرين، أحدُهما: قولهم: جائز وأجْوِزَة، والثاني: ناحِية وأَنْحِية.
قوله: «بقَدَرها» فيه وجهان، أحدُهما «أنه متعلِّقٌ ب» سالَتْ «، والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ ل» أَوْدية «. وقرأ العامَّةُ بفتح الدال، وزيد بن علي والأشهب العقيلي وأبو عمرو في روايةٍ بسكونها، وقد تقدَّم ذلك في سورة البقرة.
و» احتمل «بمعنى حَمَل فافْتَعَلَ بمعنى المجرد، وإنما نكَّر الأودية وعَرَّف السيلَ؛ لأنَّ المطر يَنْزِل في البِقاع على المناوبة، فتسيلُ بعضُ أوديةِ الأرضِ دونَ بعضٍ، وتعريفُ السيل لأنه قد فُهِم من الفعل قبله وهو» فسالَتْ «وهو لو ذُكِرَ لكان نكرةً، فلمَّا اُعيد اُعِيدَ بلفظِ التعريفِ نحو:» رايت رجلاً فأكرمت الرجلَ « [والزَّبَد: وَضَرُ الغَلَيان وخَبَثُه] قال النابغة:
285 - 2- فما الفُراتُ إذا هَبَّ الرياحُ له ... تَرْمي غوارِبُه العِبْرَيْنِ بالزَّبَدِ
وقيل: هو ما يَحْتمله السَّيلُ مِنْ غُثاءٍ ونحوه، وما يرمي به [على] ضفَّته من الحَباب. وقيل: هو ما يَطْرحُه الوادي إذا جاش ماؤه، وارتفعت أمواجُه. وهي عباراتٌ متقاربة. والزُّبَد: المستخرجُ من اللبن. قيل: مشتقٌّ مِنْ هذا لمشابَهَتِه إياه في اللون، ويقال: زَبَدْتُه زَبْداً، أي: أعطيته مالاً، يُضرب به المثلُ في الكثرةِ، وفي الحديث:» غُفِرَتْ له ذنوبُه وإن كانت مِثْلَ زَبَد البحر «.
قوله: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ} هذا الجارُّ [خبر مقدَّمٌ، ومبتدَؤه» زَبَدٌ «] . و» مثلُه «صفةُ المبتدأ، والتقدير: ومن الجواهرِ التي هي كالنحاس والذهب والفضة زَبَدٌ، أي: خَبَثٌ مثلُه، أي: مثلُ زَبَدِ الماء، ووجهُ المماثلةِ: أنَّ كلاًّ منهما ناشئٌ مِن الأَكْدار.
وقَرَأَ الأخَوانِ وحفصٌ» يُوقِدُوْن «بالياء من تحت، أي: الناسُ، والباقون بالتاء مِنْ فوقُ على الخطاب.
و» عليه «متعلقٌ ب» يُوْقِدون «. وأمَّا» في النار «ففيه وجهان، أحدُهما: أنه متعلقٌ ب يوقِدون، وهو قول الفارسيِّ والحوفيِّ وأبي البقاء. الثاني: أنه متعلقٌ بمحذوف، أي: كائناً أو ثابتاً، قاله مكي وغيره. ومنعوا تعلُّقه ب» يُوقِدُون «لأنهم زعموا أنه لا يُوْقَد على شيء إلا وهو في النار، وتعليقُ حرفِ الجر ب» يُوْقِدون «يقتضي تخصيصَ حالٍ من حالٍ أخرى. وهذا غيرُ لازمٍ. قال أبو علي:» قد يُوْقَد على الشيء وإن لم يكنْ في النارِ، كقولِه تعالى: {فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين}
[القصص: 38] والطِّين لم يكن فيها، وإنما يُصيبُه لَهَبُها، وأيضاً فقد يكونُ ذلك على سبيلِ التوكيدِ كقوله تعالى: {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] .
قوله: «ابتغاءَ» فيه وجهان، أظهرُهما: أنه مفعولٌ مِنْ اجله. والثاني: أنه مصدرٌ في موضع الحال، أي: مُبْتَغِين حِلْية، و «حِلْيةٍ» مفعولٌ معنىً. «أو متاعٍ» نَسَقٌ على «حِلْيةٍ» ، فالحلْيَةُ ما يُتَزَيَّن به، والمَتَاع: مَا يَقْضُون به حوائِجَهم كالمَساحي من الحديد ونحوِها. و «مِنْ» في قوله: {وَمِمَّا يُوقِدُونَ} تحتمل وجهين، أحدُهما: أن تكونَ لابتداءِ الغاية، أي: ومنه ينشأ زَبَدٌ مثلُ زَبَدِ الماء. والثاني: أنها للتبعيضَ، بمعنى: وبَعْضُه زَبَدٌ.
قوله: «جُفاءً» حال. والجُفَاءُ: قال ابن الأنباري: «المتفرِّقُ» . يقال: جَفَأَتِ الريحُ السحابَ، أي: قَطَعَتْه وفَرَّقته. وقيل: الجُفاء: ما يَرْمِي به السَّيْلُ. يُقال: جَفَأَتِ القِدْرُ بزَبَدِها تَجْفَأُ، وجَفَأَ السَّيْلُ بزَبَدِه وأَجْفَأَ وأَجْفَلَ، وباللامِ قرأ رُؤبة بن العجاج. قال أبو حاتم: «لا يُقرأ بقراءةِ رؤبة، لأنه كان يأكلُ الفارَ» يعني أنه أعرابيٌّ جافٍ. قلت: قد تقدَّم ثناءُ الزمخشري عيله أولَ البقرة، وذِكْرُ فصاحتِه. وقد وجَّهوا قراءَتَه بأنها مِنْ أَجْفَلَتِ الريحُ الغنمَ، أي: فَرَّقَتْه قِطَعاً فهي في المعنى كقراءةِ العامَّة بالهمزة.
وفي همزة «جُفاء» وجهان، أظهرهُما: أنها أصلٌ لثبوتِها في تصاريف هذه المادةِ كما رأيتَ. والثاني: بدلٌ من واو، وكأنه مختارُ أبي البقاء وفيه نظرٌ؛ لأنَّ مادة جفا يَجْفو لا يليق معناها هنا، والأصلُ عدمُ الاشتراكِ.
قوله: «كذلك يَضْرِب» / الكافُ في محلِّ نصبٍ، أي: مثلَ ذلك الضَّرْبِ يَضْرِب.
{"ayah":"أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَسَالَتۡ أَوۡدِیَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّیۡلُ زَبَدࣰا رَّابِیࣰاۖ وَمِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیۡهِ فِی ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَاۤءَ حِلۡیَةٍ أَوۡ مَتَـٰعࣲ زَبَدࣱ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











