الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً﴾ القصة.
اختلف في «مَدْيَنَ» : فقيل: أعجميٌّ، فمنعه للعُجْمَةِ والعلمية، وهو مدين بن إبراهيم - عليه السلام - فسُمِّيت به القبيلة.
وقيل: هو عربيٌّ اسم بلد، قاله الفرَّاءُ، وأنشد: [الكامل]
2518 - رُهْبَانُ مَدْيَنَ والَّذينَ عَهِدْتُهُمْ ... يَبْكُونَ مِنْ حَذَرِ العَذَابِ قُعُودَا
لَوْ يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلامَهَا خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجُودَا
فمنعهُ للعَلِميَّة والتَّأنيث.
ولا بدّ حينئذ من حذف مضاف، أي: وإلى أهل مدين، ولذلك أعاد الضَّمير في قوله: «أخَاهُم» على الأهل، ويجوز أن يراد بالمكان سَاكِنُوه، فروعي ذلك بالنِّسْبَةِ إلى عود الضمير عليه وعلى تقدير كونه عربياً قالوا: فهو شاذ، إذ كان من حقِّه الإعلال كمتاع ومقام، ولكنهم شذُّوا فيه كما شذوا في مَرْيم ومَكْوذَة، وليس بشاذٍ عند المبرِّد، لعدم جَرَيَانِهِ على الفعل، وهو حقٌّ وإن كان الجمهور على خلافه.
قوله: «شُعَيْباً» يجوز أن يكون تصغير شَعْب أو شِعْب هكذا قالوا، والأدبُ ألاَّ يقالَ ذلك، بل هذا موضوضعٌ على هذه الزِّنَةِ، وأمَّا أسماءُ الأنْبِيَاءِ فلا يدخلُ فيها تصغيرٌ ألْبَتَّةَ، إلا ما نطق به القرآن على صيغة تشبهه كشُعَيْب عليه السلام، وهو عربي لا أعجمي.
فصل
قال عطاء: «هو شعيبُ بْنُ نويب بنِ مَدْينَ بنِ إبراهيمَ» .
وقال ابْنُ إسحاقَ: «هو شُعَيْبُ بْنُ ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم، وأم ميكائيل بنت لوط» .
وقيل: هو شُعَيْبُ بنُ ميرون بن مدْينَ، وكان شعيب أعمى، ويقال له: «خِطِيبُ الأنْبِيَاء» لحسن مراجعته قومه وكان أهل كفر وبخس للكَيْلِ والميزان، وهم أصحاب الأيكة.
﴿قَالَ يَاقَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ﴾ وهذا أصل معتبر في شرائع جميع الأنبياء.
﴿قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ واعلم أنَّ المراد من البيِّنَةِ هنا المعجزة، ولم تذكر في القرآن. كما لم يذكر في القرآن كثير من مُعْجِزاتِ رسُولِنَا.
قال الزمخشريُّ: «ومن معجزات شعيب أنَّهُ دفع إلى موسى عصاه وصارت ثعباناً، وأيضاً قال لموسى - عليه [الصلاة] والسلام -: هذه الأغنام تلد أوْلاداً فيها سواد وبياض، وقد وهبتها لك، فكان الأمر كذلك» .
قوله: ﴿فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ .
اعلم أنَّ قوم شُعَيْبٍ كانوا مشغوفين بالبَخْسِ والتَّطْفيف.
فإن قيل: «الفاء» في قوله: «فأوفوا» توجب أن يكون الأمر بإيفاء الكيل كالتعليل لما سبق ذكره، وهو قوله: ﴿قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ فكيف وجهه؟
فالجوابُ: كأنَّهُ يقول لهم: البخس والتطفيف عبارة عن الخيانة بالشَّيءِ القليل، وهو مستقبح في العقل، ومع ذلك فقد جاءت البينة والشريعة بتحريمه فلم يبق فيه عذر «فَأْفُوا الكَيْلَ» .
وقال هنا: «الكَيْلَ» ولم يقل: «المِكْيَالَ» كما في سورة هود [84] ؛ لأنَّهُ أراد بالكيل آلة الكيل وهو المكيال، أو يسمى ما يكال به الكيل كما يقال: «العيش» لما يعاش به.
قوله: ﴿وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءَهُمْ﴾ قد تقدّم معنى هذه اللفظة في قوله: ﴿وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ [البقرة: 282] ، وهو يتعدّى لاثنين، وهما «النَّاس» و «أشياءهم» ، أي: لا تنقصوهم أشياءهم ولا يظلموهم، ويدخلُ فيه المَنْعُ من الغَصْبِ، والسرقة والرشوة، وقطع الطريق، وانتزاع الأموال بطريق الحيل.
قوله: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾ .
وذلك أنَّهُ لما كان أخذُ أموال النَّاس بغير رضاهم يوجب المُنازَعَة والخصومة، وهما يوجبان الفَسَادَ، لا جَرَمَ قال بعده: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾ .
وقيل: أراد المَنْعَ من كلِّ فسادٍ.
وقيل: أراد بقوله: ﴿وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءَهُمْ﴾ المنع من فساد الدُّنيا، وبقوله: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض﴾ المنع من فساد الدِّين.
واختلفوا في معنى «بَعْدَ إصْلاحِهَا» : فقيل: بعد أن صلحت ببعثة الرسل.
وقيل: بعد أن أصلحها بتكثير النّعَمِ.
ثم قال: «ذَلِكُمْ» وهو إشارةٌ إلى ما تقدَّم من الأمر والنهي «خَيْرٌ لَّكُمْ» في الآخرة ﴿إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ مصدِّقين بما أقول.
{"ayah":"وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق