* اللغة:
(مَدْيَنَ) : اسم أعجمي، وهو اسم قبيلة، سموا باسم أبيهم مدين بن إبراهيم، وشعيب بن ميكائيل بن يشجر بن مدين، وهو اسم قبيلة، فهو أخوهم في النسب، وليس من أنبياء بني إسرائيل. ومدين أيضا اسم قرية شعيب، فهو اسم مشترك بين القرية والقبيلة وأبيها.
(تَبْخَسُوا) : تنقصوا، يقال: بخسته حقه إذا نقصته إياه، وفي المثل: تحسبها حمقاء وهي باخس. ومن غريب أمر الباء والخاء أنها إذا اجتمعا فاء وعينا للكلمة عبرنا عن التأثير في الأشياء، فمن ذلك البخت، وهو الحظ، وأثره أشهر من أن يذكر، وبخ لك كلمة إعجاب ومدح للشيء، وهي بالكسر والتنوين، وقد تشدد الخاء وتكرر، فيقال: بخّ بخّ، وتبنيان عندئذ على السكون، وبخر الثوب أحدث فيه رائحة طيبة، والبخر بفتحتين نتن الفم، فهو من الأضداد. والبخار وهو الماء في الحالة الغازية، وكل ما ارتفع من السوائل الحارّة كالدخان. وأثره في تسيير القواطر وغيرها مشهور متعارف، وبخص عينه قلعها، وبخع نفسه أهلكها، وبخل أمسك ومنع.
* الإعراب:
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) تكررت هذه الآية مرارا وقد تقدم إعرابها (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) الجملة داخلة في حيز القول، منصوبة به، وبينة فاعل جاءتكم، ومن ربكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لبينة (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) الفاء الفصيحة. وأوفوا فعل أمر، والواو فاعل، والكيل مفعول به، والميزان عطف على الكيل (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) الواو عاطفة، ولا ناهية، وتبخسوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، والواو فاعله، والناس مفعول به، وأشياءهم مفعول به ثان، يقال:
بخسته حقه إذا أنقصته إياه (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) عطف على ما تقدم، ولا ناهية، وتفسدوا فعل مضارع مجزوم بلا، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بتفسدوا، وبعد إصلاحها ظرف زمان متعلق بمحذوف حال، ولا بد من تقدير مضاف، أي: إصلاح أهلها (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الجملة مستأنفة، واسم الإشارة مبتدأ، وخير خبر، ولكم جار ومجرور متعلقان بخير، وإن شرطية، وكنتم كان واسمها في محل جزم فعل الشرط، ومؤمنين خبر كنتم، وجواب إن محذوف، أي: فبادروا إلى الايمان (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ)
عطف أيضا، وبكل جار ومجرور متعلقان بتقعدوا، وصراط مضاف إليه، وجملة توعدون في محل نصب على الحال، أي: ولا تقعدوا موعدين (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ) عطف أيضا، وعن سبيل الله جار ومجرور متعلقان بتصدون، ومن مفعول لتصدون، وجملة آمن به صلة، وبه جار ومجرور متعلقان بآمن (وَتَبْغُونَها عِوَجاً) وتبغونها فعل وفاعل ومفعول به، وعوجا حال وقع فيها المصدر موضع الاسم المشتق، أي: معوجة. ويجوز أن تكون الهاء في محل نصب بنزع الخافض، وعوجا مفعول به. وهو قول سليم تقدم في آل عمران، فجدد عهدا به (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ) عطف أيضا، وإذ ظرف لما مضى من الزمن في محل نصب مفعول به، أي: واذكروا شاكرين وقت كونكم قليلا عددكم. ويجوز أن تكون ظرفا، والمفعول به محذوفا، فيكون الظرف معمولا لذلك المحذوف، أي: واذكروا نعمته عليكم في ذلك الوقت، وجملة كنتم في محل جر بالإضافة، وكان واسمها وخبرها، فكثركم عطف على كنتم، أي: كثركم بالغنى بعد الفقر، وبالقدرة بعد الضعف (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) عطف أيضا، وكيف اسم استفهام في محل نصب خبر كان المقدم، وعاقبة المفسدين اسمها، وقد علق الاستفهام النظر فالجملة في محل نصب بنزع الخافض، والجار والمجرور متعلقان بانظروا (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) الواو عاطفة، وإن شرطية، وكان واسمها، منكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لطائفة، وجملة آمنوا خبر كان، وبالذي جار ومجرور متعلقان بآمنوا، وجملة أرسلت به صلة (وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا) طائفة عطف على طائفة الأولى، وجملة لم يؤمنوا معطوفة على جملة آمنوا التي هي خبر كان، من عطف الاسم وعطف الخبر على الخبر، وحذف متعلق لم يؤمنوا اكتفاء بمتعلق آمنوا (فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا) الفاء رابطة لجواب الشرط، وحتى حرف غاية وجر، ويحكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى، والجار والمجرور متعلقان باصبروا، وبيننا ظرف متعلق بيحكم (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) الواو للحال أو الاستئناف، وهو مبتدأ، وخير الحاكمين خبره.
{"ayahs_start":85,"ayahs":["وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ","وَلَا تَقۡعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَ ٰطࣲ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبۡغُونَهَا عِوَجࣰاۚ وَٱذۡكُرُوۤا۟ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِیلࣰا فَكَثَّرَكُمۡۖ وَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","وَإِن كَانَ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنكُمۡ ءَامَنُوا۟ بِٱلَّذِیۤ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦ وَطَاۤىِٕفَةࣱ لَّمۡ یُؤۡمِنُوا۟ فَٱصۡبِرُوا۟ حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللَّهُ بَیۡنَنَاۚ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ"],"ayah":"وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}