الباحث القرآني
﴿وَإلى مَدْيَنَ أخاهم شُعَيْبًا﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وَإلى عادٍ أخاهم هُودًا﴾، وما عُطِفَ عَلَيْهِ، وقَدْ رُوعِيَ هَهُنا ما في المَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِن تَقْدِيمِ المَجْرُورِ عَلى المَنصُوبِ؛ أيْ: وأرْسَلْنا إلَيْهِمْ، وهم أوْلادُ مَدْيَنَ بْنِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ شُعَيْبَ بْنَ مِيكائِيلَ بْنِ يَشْجَرَ بْنِ مَدْيَنَ.
وَقِيلَ: شُعَيْبُ بْنُ ثُوَيْبِ بْنِ مَدْيَنَ. وقِيلَ: شُعَيْبُ بْنُ يَثْرُونَ بْنِ مَدْيَنَ، وكانَ يُقالُ لَهُ: خَطِيبُ الأنْبِياءِ؛ لِحُسْنِ مُراجَعَتِهِ قَوْمَهُ، وكانُوا أهْلَ بَخْسٍ لِلْمَكايِيلِ والمَوازِينِ مَعَ كُفْرِهِمْ.
﴿قالَ﴾ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ (p-247)عَلى سُؤالٍ نَشَأ عَنْ حِكايَةِ إرْسالِهِ إلَيْهِمْ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ لَهم ؟ فَقِيلَ: قالَ.
﴿يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ مَرَّ تَفْسِيرُهُ مِرارًا.
﴿قَدْ جاءَتْكم بَيِّنَةٌ﴾؛ أيْ: مُعْجِزَةٌ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن رَبِّكُمْ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِجاءَتْكم، أوْ بِمَحْذُوفٍ هو صِلَةٌ لِفاعِلِهِ، مُؤَكِّدَةٌ لِفَخامَتِهِ الذّاتِيَّةِ المُسْتَفادَةِ مِن تَنْكِيرِهِ بِفَخامَتِهِ الإضافِيَّةِ؛ أيْ: بَيِّنَةٌ عَظِيمَةٌ ظاهِرَةٌ كائِنَةٌ مِن رَبِّكم، ومالِكِ أُمُورِكم.
وَلَمْ يُذْكَرْ مُعْجِزَتُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ في القرآن العَظِيمِ، كَما لَمْ يُذْكَرْ أكْثَرُ مُعْجِزاتِ النَّبِيِّ ﷺ؛ فَمِنها ما رُوِيَ مِن مُحارَبَةِ عَصا مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ التِّنِّينَ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ غَنَمَهُ، ومِنها وِلادَةُ الغَنَمِ الدُّرْعَ خاصَّةً حِينَ وعَدَ أنْ يَكُونَ لَهُ الدُّرْعُ مِن أوْلادِها، ومِنها وُقُوعُ عَصا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى يَدِهِ في المَرّاتِ السَّبْعِ؛ لِأنَّ كُلَّ ذَلِكَ كانَ قَبْلَ أنْ يُسْتَنْبَأ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ.
وَقِيلَ: البَيِّنَةُ: مَجِيئُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا قَوْمِ أرَأيْتُمْ إنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي﴾؛ أيْ: حُجَّةٌ واضِحَةٌ وبُرْهانٌ نَيِّرٌ، عُبِّرَ بِهِما عَمّا آتاهُ اللَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ والحِكْمَةِ.
﴿فَأوْفُوا الكَيْلَ﴾؛ أيِ: المِكْيالَ، كَما وقَعَ في سُورَةِ هُودٍ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والمِيزانَ﴾ فَإنَّ المُتَبادِرَ مِنهُ الآلَةُ، وإنْ جازَ كَوْنُهُ مَصْدَرًا كالمِيعادِ. وقِيلَ: آلَةُ الكَيْلِ، والوَزْنُ عَلى الإضْمارِ، والفاءُ لِتَرْتِيبِ الأمْرِ عَلى مَجِيءِ البَيِّنَةِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ عاطِفَةً عَلى اعْبُدُوا، فَإنَّ عِبادَةَ اللَّهِ تَعالى مُوجِبَةٌ لِلِاجْتِنابِ عَنِ المَناهِي الَّتِي مُعْظَمُها بَعْدَ الكُفْرِ البَخْسُ الَّذِي كانُوا يُباشِرُونَهُ.
﴿وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ﴾ الَّتِي تَشْتَرُونَها بِهِما مُعْتَمِدِينَ عَلى تَمامِهِما، أيَّ شَيْءٍ كانَ، وأيَّ مِقْدارٍ كانَ، فَإنَّهم كانُوا يَبْخَسُونَ الجَلِيلَ والحَقِيرَ، والقَلِيلَ والكَثِيرَ.
وَقِيلَ: كانُوا مَكّاسِينَ لا يَدَعُونَ شَيْئًا إلّا مَكَسُوهُ، قالَ زُهَيْرٌ:
أفِي كُلِّ أسْواقِ العِراقِ إتاوَةٌ ... وفي كُلِّ ما باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ
﴿وَلا تُفْسِدُوا في الأرْضِ﴾؛ أيْ: بِالكُفْرِ والحَيْفِ.
﴿بَعْدَ إصْلاحِها﴾ بَعْدَ ما أصْلَحَ أمْرَها وأهْلَها الأنْبِياءُ وأتْباعُهم بِإجْراءِ الشَّرائِعِ، أوْ أصْلَحُوا فِيها، وإضافَتُهُ إلَيْها كَإضافَةِ مَكْرِ اللَّيْلِ والنَّهارِ.
﴿ذَلِكم خَيْرٌ لَكُمْ﴾ إشارَةٌ إلى العَمَلِ بِما أمَرَهم بِهِ ونَهاهم عَنْهُ، ومَعْنى الخَيْرِيَّةِ: إمّا الزِّيادَةُ مُطْلَقًا، أوْ في الإنْسانِيَّةِ وحُسْنِ الأُحْدُوثَةِ، وما يَطْلُبُونَهُ مِنَ التَّكَسُّبِ والرِّبْحِ؛ لِأنَّ النّاسَ إذا عَرَفُوهم بِالأمانَةِ، رَغِبُوا في مُعامَلَتِهِمْ ومُتاجَرَتِهِمْ.
﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: مُصَدِّقِينَ لِي في قَوْلِي هَذا.
{"ayah":"وَإِلَىٰ مَدۡیَنَ أَخَاهُمۡ شُعَیۡبࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ وَٱلۡمِیزَانَ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَاۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق