الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللهَ ورَسُولَهُ ولا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ لا تتولوا عن الرسول، ولا تعرضوا عنه، فإن طاعته طاعة الله تعالى ﴿وأنتمْ تَسْمَعون﴾ القرآن أي: بعد ما علمتم وأجبتم داعي الله ﴿ولا تَكُونوا كالذِينَ قالُوا سَمِعْنا﴾ هم الكفرة أو المنافقون ﴿وهم لا يَسْمَعُونَ﴾ سماع انتفاع، فكأنهم ما سمعوا، أو معناه يقولون: أطعنا وهم لا يطيعون. ﴿إنَّ شَرَّ الدَّوابِّ﴾: جميع الحيوانات ﴿عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ﴾: عن الحق ﴿البُكْمُ﴾ عن التكلم به ﴿الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ فهذا الضرب من بني آدم شر الخلائق ﴿ولَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا﴾: انتفاعًا بالآيات ﴿لَأسْمَعَهُمْ﴾: إسماع تفهيم ﴿ولَوْ أسْمَعَهُمْ﴾ وقد علم ألا خير فيهم ﴿لَتَوَلَّوْا﴾: ما صدقوا وما انتفعوا به، فكيف على تقدير عدم الإسماع، كقوله: نعم العبد صهيب، ولو لم يخف الله لم يعصه ﴿وهم مُعْرِضون﴾: عنه عنادًا بعد الفهم، أو معناه وهم قوم عادتهم الإعراض عن الحق ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله ولِلرَّسُولِ﴾ بالطاعة ﴿إذا دَعاكُمْ﴾ وحَّد الرسول لأن دعوة الله تسمع من رسوله ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ أي: الإيمان فإنه يورث الحياة الأبدية، أو القرآن فيه الحياة والنجاة، أو الشهادة فإنهم أحياء عند الله يرزقون، أو الجهاد فإنه سبب بقائكم ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ﴾: بين المؤمن وكفره وبين الكافر وإيمانه، أو يحول حتى لا يدري ما يعمل، أو حتى لا يستطيع أن يعزم على شيء إلا بإذنه، أو تمثيل لغاية قربه من العبد كقوله: ”ونحن أقرب إليه من حبل الوريد“ [ق: ١٦]. ﴿وأنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ لجزاء الأعمال. ﴿واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكم خاصَّةً﴾ حذر الله المؤمن عن محنة تعم المسيء وغيره، لا تخص من باشر الذنب، والفتنة إقرار المنكر بين أظهرهم والمساهلة في الحسبة، بمعنى لا تصيبن وبالها، أو نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير وما وقع عليهم يوم الجمل بعد شهادة عثمان - رضى الله عنهم - أو في قوم مخصوصين من الصحابة أصابتهم الفتنة يوم الجمل، والأول أصح، وقوله ”لا تصيبن“ إما جواب الأمر على مذهب الكوفيين فتقديره إن لا تتقوا لا تصب الظالمين خاصة، ودخول النون لما فيه من معنى النهي، كأن إصابة الفتنة إليهم خاصة مطلوب، وإما صفة فتنة ولا للنهي؛ لأن النون لا تدخل المنفي في غير القسم بتقدير القول أي: فتنة مقولًا في حقها ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾. ﴿واذْكُرُوا﴾: ياَ معشر المهاجرين ﴿إذْ أنتمْ قَلِيلٌ﴾: في العدد ﴿مُسْتَضْعَفُونَ في الأرْضِ﴾ بمكة قبل الهجرة ﴿تَخافُونَ أنْ يَتَخَطكُمُ النّاسُ﴾: يذهب بكم، ويعدمكم كفار قريش أو كفار سائر البلاد ﴿فَآواكُمْ﴾ إلى المدينة ﴿وأيَّدَكم بِنَصْرِهِ﴾ على الأعداء يوم بدر وغيره ﴿ورَزَقَكم مِنَ الطَّيِّباتِ﴾ الغنائم، وكانت لا تحل للأمم السابقة ﴿لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾: لكي تشكروا نعمة، والآية خطاب للعرب كافة لا للمهاجرين خاصة، فإن العرب كانوا أذل الناس وأجوعه وأعراه وأضله، حتى جاء الله بالإسلام فمكنهم في البلاد، وسلطهم على العباد وجعلهم ملوكًا شرفاء، وصيرهم مترفهين أغنياء ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ والرَّسُولَ﴾ بترك فرائض الله وسننه، أو بما تضمروا خلاف ما تظهرون ﴿وتَخُونُوا﴾ داخل في النهي، أو نصب بإضمار أن ﴿أماناتِكُمْ﴾ أي: لا تنقضوا كل عمل ائتمن الله عليه العباد، أو لا تخونوا أماناتكم فيما بينكم بأن لا تحفظوها ﴿وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أنها أمانة، أو أنتم علماء، قال كثير من السلف: نزلت في أبي لبابة حين حاصر رسول الله ﷺ قريظة وأمرهم أن ينزلوا على حكم سعد فاستشار قريظة من أبي لبابة في النزول على حكم سعد، وكان أهل أبي لبابة وأمواله فيهم فأشار إلى حلقه أنه الذبح فتلك خيانة ﴿واعْلَمُوا أنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ﴾: اختبار وامتحان ليختبركم أنكم تشتغلون بها عن الله سبحانه، فتنسونه وتعصونه أو تذكرونه وتطيعونه فيها، فإن أبا لبابة خان بسبب الأولاد والأموال ﴿وأنْ الله عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾: خير لكم من أموالكم وأولادكم، فحافظوا على حدود الله تعالى فيهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب