الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَوَلَّوْا عَنْهُ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ لَمّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: وإنْ تَنْتَهُوا، وكانَ الضَّمِيرُ ظاهِرُهُ العَوْدُ عَلى المُؤْمِنِينَ ناداهم وحَرَّكَهم إلى طاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، والظّاهِرُ أنَّهُ نِداءٌ وخِطابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الخُلَّصِ، حَثَّهم بِالأمْرِ عَلى طاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، ولَمّا كانَتِ الآيَةُ قَبْلَها مَسُوقَةً في أمْرِ الجِهادِ. قِيلَ مَعْنى أطِيعُوهُ: فِيما يَدْعُوكم إلَيْهِ مِنَ الجِهادِ؛ وقِيلَ: في امْتِثالِ الأمْرِ والنَّهْيِ، وأفْرَدَهم بِالأمْرِ رَفْعًا لِأقْدارِهِمْ وإنْ كانَ غَيْرُهم مَأْمُورًا بِطاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ، وهَذا قَوْلُ الجُمْهُورِ، وأمّا مَن قالَ: إنَّ قَوْلَهُ: وإنْ تَنْتَهُوا خِطابٌ لِلْكُفّارِ، فَيَرى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ اخْتِلافِهِمْ في النَّفْلِ ومُجادَلَتِهِمْ في الحَقِّ وتَفاخُرِهِمْ بِقَتْلِ الكُفّارِ والنِّكايَةِ فِيهِمْ، وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّهُ نِداءٌ وخِطابٌ لِلْمُنافِقِينَ، أيْ: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا بِألْسِنَتِهِمْ، وهَذا لا يُناسِبُ؛ لِأنَّ وصْفَهم بِالإيمانِ، وهو التَّصْدِيقُ، ولَيْسَ المُنافِقُونَ مِنَ التَّصْدِيقِ في شَيْءٍ، وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّهُ نِداءٌ وخِطابٌ لِبَنِي إسْرائِيلَ؛ لِأنَّهُ أيْضًا يَكُونُ أجْنَبِيًّا مِنَ الآياتِ، وأصْلُ ولا تَوَلَّوْا ولا تَتَوَلَّوْا، وتَقَدَّمَ الخِلافُ في حَرْفِ التّاءِ في نَحْوِ هَذا أهِيَ حَرْفُ المُضارَعَةِ أمْ تاءُ تَفَعَّلَ، والضَّمِيرُ في عَنْهُ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ لِأنَّ المَعْنى وأطِيعُوا رَسُولَ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ ورَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] ولِأنَّ طاعَةَ الرَّسُولِ وطاعَةَ اللَّهِ شَيْءٌ واحِدٌ، مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطاعَ اللَّهَ، فَكانَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلى أحَدِهِما كَرُجُوعِهِ إلَيْهِما، كَقَوْلِكَ: الإحْسانُ والإجْمالُ لا يَنْفَعُ في فُلانٍ، ويَجُوزُ أنْ يَرْجِعَ إلى الأمْرِ بِالطّاعَةِ، ولا تَوَلَّوْا عَنْ هَذا الأمْرِ وامْتِثالِهِ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَهُ، أوْ ولا تَتَوَلَّوْا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا تُخالِفُوهُ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ، أيْ: تُصَدِّقُونَ لِأنَّكم مُؤْمِنُونَ لَسْتُمْ كالصُّمِّ المُكَذِّبِينَ مِنَ الكَفَرَةِ، انْتَهى، وإنَّما عادَ عَلى الرَّسُولِ؛ لِأنَّ التَّوَلِّيَ إنَّما يَصِحُّ في حَقِّ الرَّسُولِ بِأنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ، وهَذا عَلى أنْ يَكُونَ التَّوَلِّي حَقِيقَةً، وإذا عادَ عَلى الأمْرِ كانَ مَجازًا؛ وقِيلَ: هو عائِدٌ عَلى الطّاعَةِ؛ وقِيلَ: هو عائِدٌ عَلى اللَّهِ، وقالَ الكِرْمانِيُّ ما مَعْناهُ: إنَّهُ لَمّا لَمْ يُطْلَقْ لَفْظُ التَّثْنِيَةِ عَلى اللَّهِ وحْدَهُ لَمْ يُجْمَعْ بَيْنَهُ تَعالى وبَيْنَ غَيْرِهِ في ضَمِيرِها، بِخِلافِ الجَمْعِ فَإنَّهُ أُطْلِقَ عَلى لَفْظِهِ تَعْظِيمًا، فَجَمَعَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ في ضَمِيرِهِ، ولِهَذا نَظائِرُ في القُرْآنِ مِنها: ﴿إذا دَعاكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤]، ومِنها ﴿أنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] فَفي الحَدِيثِ ذَمُّ مَن جَمَعَ في التَّثْنِيَةِ بَيْنَهُما في الضَّمِيرِ، وتَعْلِيمُهُ أنْ يَقُولَ: ومَن عَصى اللَّهَ ورَسُولَهُ، وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ، أيْ: لا يُناسِبُ سَماعُكُمُ التَّوَلِّيَ ولا يُجامِعُهُ، وفي مُتَعَلِّقِهِ أقْوالٌ: أحَدُها: وعْظُ اللَّهِ لَكم، الثّانِي: الأمْرُ والنَّهْيُ، الثّالِثُ: التَّعْبِيرُ بِالسَّماعِ عَنِ العَقْلِ والفَهْمِ، الرّابِعُ: التَّعْبِيرُ عَنِ التَّصْدِيقِ، وهو الإيمانُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡا۟ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق