الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ قال أهل المعاني: إنما خص المؤمنين بالأمر دون غيرهم من المكلفين؛ لأن غيرهم بمنزلة من لا يعتد به لتركهم العمل بما يجب عليهم، مع أن إفرادهم بالخطاب إجلال لهم ورفع من أقدارهم [[انظر: "البحر المحيط" 4/ 479، وقد ذكر أنه قول الجمهور، ولم أجده فيما بين يدي من كتب أهل المعاني.]]، قال عطاء عن ابن عباس في هذه الآية: يريد: أطيعوا الله والرسول فإن طاعة الرسول طاعة لي، ولا تعرضوا عنه وقد سمعتم موعظتي وما أعددت لأوليائي وأهل طاعتي من الثواب، وما أعددت لأعدائي وأهل معصيتي من العقاب [[لم أقف على مصدره.]]. وقال ابن عباس أيضاً: لا تولوا عن رسول الله وأنتم تسمعون ما نزل من القرآن، وتسمعون المواعظ [[رواه بلفظ مقارب الثعلبي 6/ 50 أ، وأنظر: "الوسيط" 2/ 451.]]. وقال ابن إسحاق: لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنكم منه [[انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 314.]]. وقال غيره من أهل المعاني: وأنتم تسمعون دعاءه لكم، نهاهم الله عز وجل عن التولي في هذه الحال، ويسعهم الانصراف في غيرها [[انظر: هذا القول في "الحجة للقراء السبعة" 2/ 234، و"البرهان" للحوفي 11/ 35 ب، ورده أبو السعود في "تفسيره" 4/ 14 - 15.]]. وهذا القائل حمل التولي على الانصراف، والأولى أن يحمل ذلك على مخالفة الأمر؛ لأنه وإن أقبل على الرسول بوجهه ولم يعتقد طاعته لم يكن مطيعًا. وقد حصل في الآية وجهان: [أحدهما: لا تولوا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] عن رسول الله ﷺ أي: لا تنفضوا عنه، وقد ذم قوماً بالانفضاض عنه في قوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: 11] الآية، وفي قوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾ [النور: 63]. والثاني: أن معنى قوله: ﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ ولا تعرضوا عن أمره، وتلقوه بالطاعة والقبول، كما قال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور:63]. وذكر أبو علي الفارسي الوجهين [[ساقط من (م).]] جميعًا [[انظر: "الحجة للقراء السبعة" 2/ 234.]]، كما حكيناه. وعلى الوجه الأول: الخطاب لأصحاب رسول الله ﷺ الذين يسمعون كلامه. وعلى الثاني: الخطاب عام لكل من بلغته دعوته، وعلى هذا فالله تعالى أوجب طاعة الرسول على من سمع ما أتى به، فدل هذا على أن من لم يسمع ذلك ممن لم تبلغه الدعوة لم تجب الطاعة عليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب