الباحث القرآني
﴿إنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ في سِتَّةِ أيّامٍ﴾ أي: في مقدار ستة أيام الدنيا أو أيام الآخرة كل يوم ألف سنة ﴿ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ﴾ أجمع السلف على أن استواءه على العرش صفة له بلا كيف نؤمن به ونكل العلم إلى الله تعالى وليس المراد منه خلق العرش بعد السماوات والأرض كما فسر بعض العلماء ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ يغطيه به وفيه حذف، أي: ويغشى النهار الليل ولم يذكر للعلم به ﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ يعقبه سريعًا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء، والجملة حال من النهار وحثيثًا صفة مصدر، أي: طلبًا سريعًا ﴿والشَّمْسَ﴾ عطف على السماوات ﴿والقَمَرَ والنجُومَ مُسَخَّراتٍ﴾ نصب على الحال ﴿بِأمْرِهِ﴾ بقضائه وتصريفه ﴿ألا لَهُ الخَلْقُ﴾ لا خالق إلا هو ﴿والأمْرُ﴾ لا يجري في ملكه إلا ما يشاء ﴿تَبارَكَ اللهُ﴾ تعالى وتعظم ﴿رَبُّ العالَمِينَ﴾.
﴿ادْعُوا رَبَّكم تَضرعًا وخُفْيَةً﴾ أي: ذوي تذلل واستكانة وخفية، فالأصح أنه يكره الصياح والنداء في الدعاء ﴿إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ المتجاوزين في شيء أمروا به ومنه الإطناب في الدعاء بمثل مسألة الجنة ونعيمها وإستبرقها وقصورها وأمثال ذلك ﴿ولا تُفسِدُوا في الأرضِ﴾ بالشرك والمعاصي ﴿بَعْدَ إصْلاحِها﴾ ببعث الأنبياء، وقيل: لا تفسدوا بالمعاصي فإن من شؤمها يمسك المطر فتخرب الأرض بعدما كانت مخضرة ﴿وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا﴾ من عقابه وثوابه حالان من الفاعل ﴿إنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ المطيعين في أمره ونهيه لم يقل قريبة، لأن الرحمة بمعنى الثواب ولاكتساب المرجع التذكير من المضاف إليه كما صرح الزمخشري في ”ما إن مفاتحه لينوء“ [القصص: ٧٦]، بالياء التحتانية ﴿وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا﴾ جمع بشير يبشر بالمطر، أي: باشرات، أو للبشارة، ومن قرأ نُشُرًا بالنون وضمها وشين مضمومة أو ساكنة أو فتح النون وسكون الشين فمن النشر أي: ناشرات للسحاب الثقال ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ قدام المطر قيل: الصبا تثير السحاب والشمال تجمعه والجنوب تدره والدبور تفرقه ﴿حَتّى إذا أقَلَّتْ﴾ حملت الرياح ﴿سَحابًا﴾ أي: سحائب ﴿ثِقالًا﴾ بما فيها من الماء ﴿سُقْناهُ﴾ أي: السحاب ﴿لِبلَدٍ ميِّتٍ﴾ لأجل أرض لا نبات فيها ﴿فَأنْزَلْنا بِهِ﴾ بالبلد أو بسبب السحاب ﴿الماءَ فَأخْرَجْنا بِهِ﴾ بسبب الماء أو بالبلد فالباء للظرفية ﴿مِن كُلِّ﴾ أنواع ﴿الثمَراتِ كَذَلِكَ﴾ مثل إخراج الثمرات وإحياء البلد ﴿نُخْرِجُ المَوتى﴾ من قبورهم بعد إحيائهم ﴿لَعَلكم تَذَكرُونَ﴾ أن من قدر على ذلك قدر على هذا ﴿والبلَدُ الطيِّبُ﴾ أي: أرض كريمة التربة ﴿يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ﴾ بمشيئته وتيسيره سريعًا حسنًا ﴿والذِي خَبُثَ﴾ ترابه ﴿لا يَخْرُجُ﴾ أي: نباته حذف المضاف وأقيم المضاف إليه، أي: الضمير المجرور مقامه فصار مرفوعًا مستترا ﴿إلّا نَكِدًا﴾ بطيئًا عديم النفع ونصبه على الحال ﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ﴾ نبينها مكررًا ﴿لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ فيتفكرون في الآية وهذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر.
﴿لَقَدْ أرْسَلْنا﴾ جواب قسم محذوف ﴿نوحًا إلى قَوْمِهِ﴾ لما ذكر قصة آدم في أول السورة شرع في قصص الأنبياء ﴿فقالَ يا قَوْمِ اعبدُوا اللهَ﴾ أي: وحده ﴿ما لَكُم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ صفة إله باعتبار محله ﴿إني أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ القيامة ﴿قالَ المَلأ﴾ أي: الأشراف والسادة ﴿مِن قَوْمِهِ إنّا لَنَراكَ في ضَلالٍ مبِينٍ﴾ بين لأنك تركت دين آبائك ﴿قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ﴾ أي: أقل ما يطلق عليه اسم الضلال ﴿ولَكِنِّي رَسُولٌ من ربِّ العالَمِينَ﴾ ثابت على الصراط المستقيم ﴿أبَلِّغُكُمْ﴾ صفة لرسول أو استئناف ﴿رِسالاتِ ربي وأنصَحُ لَكُمْ﴾ يقال نصحته ونصحت له ﴿وأعْلَمُ مِنَ اللهِ﴾ من جهته بالوحي ﴿ما لا تَعْلَمُون﴾ من صفات لطفه وقهره ﴿أوَعَجِبْتُمْ﴾ الهمزة للإنكار، أي: أكذبتم وعجبتم من ﴿أنْ جاءَكم ذِكْرٌ﴾ موعظة ﴿مِن ربكم عَلى﴾ لسان ﴿رَجُلٍ مِنكُمْ﴾ من جنسكم ﴿لِيُنذِرَكُمْ﴾ عاقبة المعاصي ﴿ولِتَتَّقُوا﴾ من المعصية بسبب الإنذار ﴿ولَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ بالتقوى ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأنْجَيْناهُ والَّذِينَ مَعَهُ في الفُلْكِ﴾ ظرف معه أي: صاحبوه في الفلك، أو حال من ضمير معه، أو من الموصول، والأصح أنّهم ثمانون ﴿وأغرَقنا﴾ بالطوفان ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إنَّهم كانُوا قَوْمًا عَمِينَ﴾ عمى القلوب عن معرفة الله تعالى.
{"ayahs_start":54,"ayahs":["إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَ یَطۡلُبُهُۥ حَثِیثࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَ ٰتِۭ بِأَمۡرِهِۦۤۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ","وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ","وَهُوَ ٱلَّذِی یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَقَلَّتۡ سَحَابࣰا ثِقَالࣰا سُقۡنَـٰهُ لِبَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَاۤءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ كَذَ ٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ","وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّیِّبُ یَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِی خَبُثَ لَا یَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَشۡكُرُونَ","لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤ إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ","قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِۦۤ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ لَیۡسَ بِی ضَلَـٰلَةࣱ وَلَـٰكِنِّی رَسُولࣱ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","أُبَلِّغُكُمۡ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّی وَأَنصَحُ لَكُمۡ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ","أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَاۤءَكُمۡ ذِكۡرࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلࣲ مِّنكُمۡ لِیُنذِرَكُمۡ وَلِتَتَّقُوا۟ وَلَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَیۡنَـٰهُ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥ فِی ٱلۡفُلۡكِ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمًا عَمِینَ"],"ayah":"إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَ یَطۡلُبُهُۥ حَثِیثࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَ ٰتِۭ بِأَمۡرِهِۦۤۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق