الباحث القرآني
قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات ١٢].
تصدير الخطاب بـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يدل على العناية به؛ ولهذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إذا سمعت الله يقول:» ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ «فأرعها سمعك؛ فإما خيرٌ تؤمر به، وإما شرٌّ تُنْهى عنه»[[أخرجه ابن المبارك وفي الزهد والرقائق (٣٦) من حديث عبد الله بن مسعود.]]؛ يعني: وإما خبر تحصل به العبرة والاتعاظ، كما قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف ١١١].
وهنا يقول الله عزَّ وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ ﴿الظَّنِّ﴾: هو أن يكون لدى الإنسان احتمالان يترجح أحدهما على الآخر، وهنا عبَّر الله تعالى بقوله: ﴿كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ ولم يقل: اجتنبوا الظن كله، لأن الظنَّ ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ظن خير للإنسان، وهذا مطلوب أن تظن بإخوانك خيرًا ما داموا أهلًا لذلك، وهو المسلم الذي ظاهره العدالة، فإن هذا يُظنُّ به خيرًا، ويثنى عليه بما ظهر لنا من إسلامه وأعماله.
النوع الثاني: ظن السوء، وهذا يحرم بالنسبة للمسلم اللي ظاهره العدالة، فإنه لا يحل لأحد أن يظن به ظن السوء، كما صرَّح بذلك العلماء، فقالوا رحمهم الله: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة.
والثاني: ظن سوء بمن قامت القرينة على أنه أهل لذلك، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به؛ ولهذا من الأمثال المضروبة المشهورة السائرة: احترسوا من الناس بسوء الظن، ولكن هذا ليس على إطلاقه كما هو معلوم، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم.
المهمُّ أن الإنسان لا بد أن يقع في قلبِه شيء من الظن بأحد من الناس، بقرائن تحتف بذلك، إما لظهور علاماتٍ في وجهه يظهر من وجهه العبوس والكراهية لمقابلته وما أشبه ذلك، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه، أو من أقوال تصدُرُ منه، فيظن به ظن السوء، وهذا إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان من أن يَظُنَّ ظَنَّ السوء.
فإذا سُئِل: أيهما أكثر؛ الظن المنهي عنه أو الظن المباح؟
قلنا: الظن المباح أكثر؛ لأنه يشمل نوعًا كاملًا من أنواع الظن، وهو ظن الخير، ويشمل كثيرًا من ظن السوء؛ لأنه إذا لم يكن هناك قرينة تدل على هذا الظن السيئ؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصف به أو بهذا الظن؛ ولهذا قال: ﴿كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾، ولم يقل: أكثر الظن، ولا كل الظن، بل قال: ﴿كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾.
ثم قال: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾، وقد توحي هذه الجملة بأن أكثر الظن ليس بإثم، وهو منطبق تمامًا على ما بيَّنَّاه وقسمناه أن الظن نوعين: ظن خيرٍ، وظن سوء، ثم ظن السوء لا يجوز إلا إذا قامت القرينة على وجودها؛ ولذا قال: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾، فما هو الظن الذي ليس بإثم؟ نقول: هو ظن الخير، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا ليس بإثم؛ لأن ظن الخير هذا هو الأصل، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا أيضا أيدته القرينة.
﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات ١٢] (التَّجَسُّسُ) طلب المعايب من الغير.
يعني أن الإنسان ينظر ويتنصَّت ويتسمع لعله يسمع شرًّا من أخيه، أو لعله ينظر سوءًا من أخيه، والذي ينبغي للإنسان: أن يُعرِض عن معايب الناس، وألا يحرص على الاطلاع عليها؛ ولهذا رُوِي عن النبي صلى الله علي وسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: «لَا يُخْبِرُنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا» -يعني شيء مما يوجب ظن السوء به- «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ»[[أخرجه الترمذي (٤٨٦٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]] فلا ينبغي للإنسان أن يتجسَّس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر.
وفي هذه الجملة من الآية قراءة أخرى: ﴿﴿تَحَسَّسُوا﴾ ﴾ فقيل: معناهما واحد، وقيل: بل لكل واحدة منهما معنى، وأن التجسس: أن يحاول الإنسان الاطلاع على العيب بنفسه.
والتحسُّس: أن يلتمِسَه من غيرِه.
فيقول للناس -مثلًا-: ما تقولون في فلان؟ ما تقولون في فلان؟ وما التجسُّس: هو الذي يحاول معرفة العيوب بنفسِه.
وعلى هذا فتكون القراءتان مبينتين لمعنيين كلاهما مما نهى الله عنه.
التجسس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس بنفسه، والتحسُّس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس من غيره، فيقول مثلًا: ما تقولون في فلان؟ أو ما سمعتم عن فلان؟ يطلب بذلك معايبَه، لما في هذا من إشغالِ النفس بمعايب الآخرين، وكون الإنسان ليس له هم إلا أن يطلع على المعايب؛ ولهذا مَن ابتُلِي بذلك - أي بالتجسس أو بالتحسس- تجده في الحقيقة قلقًا دائمًا في حياته، وينشغل بعيوب الناس عن عيوبه، ولا يهتم بنفسه، وهذا يوجد كثيرًا من بعض الناس الذين يأتون إلى فلان وإلى فلان: ما تقول في كذا؟ ما تقول في كذا؟ فتجد أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل ضائعة بمضرة؛ لأن ما وقعوا فيه فهو معصية لله عز وجل، هل أنت وكيل عن الله عز وجل تبحث عن معايب عباده؟ العاقل هو الذي يتحسَّس عن معايب نفسه؛ وينظر معايبَ نفسه ليصلحَها، لا أن ينظر في معايب الغير ليشيعها والعياذ بالله؛ ولهذا قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور ١٩] .
علي كل حال، هذه آداب وتوجيه من الله عز وجل إلى أخلاق فاضلة، أخلاق مأمور بها، وأخلاق منهي عنها.
﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ الغِيبَة فسَّرها النبي ﷺ بقوله: «ذُكْرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٩ / ٧٠) من حديث أبي هريرة.]] وهذا تفسير من الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الناس بمراد الله تبارك وتعالى في كلامه «ذُكْرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» سواء كان ذاك في خِلقته، أو في خُلُقه أو في أحواله، أو في عقله أو في ذكائه أو في غير ذلك، المهم أن تذكره بما يكره؛ سواء في خلقته مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر دميم، فيك، كذا فيك كذا، تريد معايب جسمه.
أو في خلقه؛ بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيئ التصرف، وما أشبه ذلك.
أو في خِلْقَتِه الباطنة؛ كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيئ الحفظ، وما أشبهها، ورسول الله ﷺ حدَّها بحدٍّ واضح بَيِّن: «ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ» قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ بَهَتَّهُ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٩ / ٧٠) من حديث أبي هريرة.]] أي: جمعتَ بين البُهتانِ والغِيبَةِ.
وعلى هذا فيجب الكَفُّ عن ذكر الناس بما يكرهون، سواء كان ذلك فيهم أو ليس فيهم، يجب الكف عن هذا، واعلم أنك إذا نشرت عيوبَ أخيك فإن الله سيسلط عليك مَن ينشر عيوبك ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾ [النبأ ٢٦]، لا تظن الله غافلًا عما يعمل الظالمون، بل سيسلط عليه مَن يعامله بمثل ما يعامل الناس.
لكن إذا كانت الغِيبة للمصلحة فإنه لا بأس بها ولا حرج فيها؛ ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله ﷺ تستشيره في رجال خطبوها، بيَّن معايب مَن يرى أن فيه عيبًا، فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأبو جهم بن الحارث، وأسامة بن زيد، فقال لها النبي ﷺ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، أَنْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»[[أخرجه مسلم (١٤٨٠ / ٣٦) من حديث فاطمة بنت قيس.]] فذكر النبي ﷺ عيبًا في هذين الرجلين للنصيحة وبيان الحق، ولا يُعَدُّ هذا غيبة بلا شك؛ ولهذا لو جاء إنسان يستشيرك في معاملة رجل قال: فلان يريد أن يعاملني ببيع أو شراء أو إجارة، أو في تزويج مَنْ خطب ابنته، أو ما أشبه ذلك، وأنت تعرف أن فيه عيبًا، فإن الواجب أن تبيِّنَ له ذلك، يجب عليك أن تبين، ولا يُعَدُّ هذا كما يقول العامة: من قطع الرزق، بل هو من بيان الحق، فإذا عرفت أن في هذا الرجل الذي يريد أن يعامِلَه هذا الشخص ببيع أنه مماطل كذَّاب محتال فقل له: يا أخي! لا تبع على هذا، إنه مماطل إنه محتال إنه كذاب، ربما يدعي أن في السلعة عيبًا وليس فيها عيب، وربما يدعي الغبن وليس مغبونًا، وما أشبه ذلك، فتقع معه في صراع ومخاصمة.
أراد إنسان جاء يستشيرك في شخص خطب منه ابنته، والشخص ظاهره العدالة وظاهره الاستقامة وظاهره حُسْنُ الخلق، لكنك تعرف فيه خصلة معيبة فيجب عليك أن تُبَيِّن هذا يجب أن تبين، مثلًا: تعرف أن في هذا الرجل كذبًا، تعرف أنه يشرب الدخان لكنه يجحده ولا يبيِّنه للناس، يجب أن تبين تقول: هذا الرجل ظاهره أنه مستقيم، وأنه خلوق، وأنه طيب، ولكن فيه العيب الفلاني، حتى لو كان هذا متجهًا إلى أن يزوجه بين له العيب، ثم هو بعد ذلك بالخيار؛ لأنَّه سيدخل على بصيرة.
فعلى كل حال: يُستَثْنَى من الغِيبة، وهي ذكر الرجل بما يكره، أيش؟
* طالب: إذا كان طلب منه شخص، طلب منه النصيحة.
* الشيخ: إلا إذا كان على سبيل النصيحة، وذكرنا دليل ذلك من السنة، فهل هناك دليل من عمل العلماء؟ نعم فيه دليل، ارجع إلى كتب الرجال -مثلًا- تجده مثلًا يقول: فلان بن فلان سيء الحفظ، فلان بن فلان كذوب، فلان بن فلان فيه كذا وكذا، يذكرون ما يكره من أوصافه نصيحة لله ورسوله، فإذا كان الغرض من ذِكْرِ أخيك بما يكره، إذا كان الغرض النصيحة فلا بأس.
كذلك لو كان الغرض من ذلك: التَّظلُّم والتشكِّي فإن ذلك لا بأسَ به، مثل: أن يظلمَك الرجل، وتأتي إلى شخص يستطيع أن يزيل هذه المظلمة فتقول: فلان أخذ مالي، فلان جحد حقي، وما أشبه ذلك فلا بأس، فإن هندَ بن عتبة جاءت إلى النبيِّ ﷺ تشتكي زوجَها أبا سفيان، تقول: إنه رجل شحيحٌ لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال لها رسول الله ﷺ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٣٦٤) ومسلم (١٧١٤ / ٧) من حديث عائشة.]] فذكرت وصفًا يكرهه بلا شك أبو سفيان، ولكنَّه من باب أيش؟ أجيبوا.
* طلبة: التَّظلُّم والتَّشكي.
* الشيخ: من باب التظلم والتشكي، وقد قال الله تعالى في كتابه: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ [النساء ١٤٨]؛ يعني: فله أن يجهَرَ بالسوء من القول لإزالة مظلمته، ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصدُ الإنسانِ أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له، صديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه، أو لا يجوز؟ الظاهر أنه يجوز؛ لعموم قوله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾، وهذا يقع كثيرًا، كثيرًا ما يؤذى الإنسان ويجنى عليه بجحد مالٍ أو أخذ مالٍ أو ما أشبه ذلك، فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال فيَّ كذا، قال فيَّ كذا، يريد أن يُبَرِّد ما في قلبه من الألم والحسرة، أو يتكلم في ذلك مع أولاده أو مع أهله أو مع زوجته أو ما أشبه ذلك، هذا لا بأس به؛ لأن الظالم ليس له حرمة بالنسبة لمن؟ للمظلوم.
(...) كنا وصلنا إلى التفسير إلى قول الله تبارك وتعالى ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات ١٢].
التقوى يكثُر الأمر بها في القرآن الكريم، وكذلك في السنة، فما هي التقوى التي يكثر ورودها في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ إنها كلمة عظيمة، إنها تعني الوقاية من عذاب الله، فبماذا تكون الوقاية من عذاب الله؟ تكون الوقاية من عذاب الله بأمرين:
الأمر الأول: امتثال أوامر الله عز وجل؛ بأن يقول الإنسان إذا سمع أمر الله: سمعنا وأطعنا، فإن هذا هو قول المؤمنين؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [النور ٥١] فلا يكون في قلبك تردُّد، لا تقل: لماذا أمر بكذا، قل: سمعنا وأطعنا، لا تقل: ما الفرق بين كذا وكذا؟ يعني لماذا يأمر الله بكذا ولا يأمر بكذا؟ مثلًا في لحوم الإبل أمر النبي ﷺ أن نتوضَّأ من لحومها[[أخرجه مسلم (٣٦٠ / ٩٧) من حديث جابر بن سمرة.]]؛ ولهذا كان أكل لحوم الإبل ناقضًا للوضوء على القول الراجح من أقوال العلماء، فلا تقل: لماذا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم الإبل ولا يأمرنا بالوضوء من أكل لحم البقر مع أن كل منهما يسمى بدنة؟! لا تقل هكذا.
تأمر الحائض بقضاء الصوم، ولا تأمر بقضاء الصلاة، لا تقل: لماذا تأمر قضاء الصوم دون الصلاة على سبيل التشكيك، ولكن قل: سمعنا وأطعنا.
الأمر الثاني مما تتحقق به التقوى: اجتناب ما نهى الله عنه؛ إذا نهى الله عن شيء قل: سمعنا وأطعنا، واجتنبنا، لا تقل: لماذا؟ وتأمَّلْ قولَ اللهِ عز وجل في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام؛ حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة ٩٠، ٩١]، شوف ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ أي: فبعد هذا التفصيل والتبيين، هل تنتهون أو لا؟ وهذا الاستفهام بمعنى الأمر؛ أي: فانتهوا، ولهذا قال الصحابة: انتهينا، انتهينا، فصارت التقوى تتحقق بأيش؟ بأمرين:
الأول: امتثال أمر الله عز وجل دون تردد.
والثاني: اجتناب نهي الله عز وجل دون تردد، قول: سمعنا وأطعنا، فهذا قول المؤمنين.
يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ هذين اسمين من أسماء الله؛ الأول: التواب، والثاني: الرحيم، والتواب هنا صيغة مبالغة، واسم الفاعل من تاب: تائب، والتوَّاب تعني كثرة التوبة، وأنه عز وجل متصف بهذا الوصف، وإنما كان الرَّبُّ عز وجل كثير التوبة؛ لأن العباد كثيرون هذه واحدة؛ ولأن الذنوب التي يقترفها الإنسان كثيرة، ما أكثر ما يقترف الإنسان من الذنب ويتوب الله عليه؛ فلهذا سَمَّى نفسه التواب.
وما هي التوبة؟ التوبة من العبد أن ينتقل من معصية الله إلى طاعته.
والتوبة من الله: أن يقبل الله من العبد فيبدل سيئاته حسنات.
إذن التوبة من العبد أيش هي؟
* طالب: الانتقال.
* الشيخ: من أيش؟
* الطالب: من المعصية إلى (...).
* الشيخ: الرجوع من المعصية إلى الطاعة، والتوبة من الله قبول هذه التوبة من العبد، وإبدال سيئاته بحسنات؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ للَّهُ﴾ إلى أن قال: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان ٧٠].
وقد تُطلَق التوبة من الله على توفيقه العبد للتوبة، فلله تعالى على العبد توبتان: توبة بمعنى التوفيق للتوبة، وتوبة بمعنى قبول التوبة، ما هو الدليل على هذا؟ الدليل قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ اقرأ ما بعدها.
* طالب: ﴿لِيَتُوبُوا﴾ [التوبة ١١٨].
* الشيخ: ﴿لِيَتُوبُوا﴾ كيف تاب؟ ليتبوا أي: وفَّقهم للتوبة فتابوا.
أما التوبة الأخرى وهي قبول توبة العبد؛ فمثل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى ٢٥].
توبة العبد تحتاج إلى شروط؛ إذ ليس كل توبة مقبولة، لا بد يا إخواني من شروط:
الأول: إخلاص النية.
والثاني: الندم على الذنب، وانكسار القلب وخجله من الله عز وجل، وأن يشعُر الإنسان بأنه مذنب يحتاج إلى توبة ونعمة من الله عز وجل.
الثالث: الإقلاع عن المعصية؛ إما بفعل الواجب وتداركه إن أمكن، أو بالإقلاع عن المحرم.
والرابع: العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى، فإن أقلع عنه وندم، ولكن في نيته أنه متى سَنَحت له الفرصة، عاد إلى الذنب فهذا لا تُقبَل توبته.
الشرط الخامس: أن تكون في الوقت الذي تُقبَل فيه التوبة؛ لأن التوبة لها وقت تُرَدُّ فيه مهما تاب العبد وهو -أي الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة- نوعان: خاص، وعام.
أما الخاص: فهو حلول الأجل إذا حضر الموت فإنه لا قبولَ للتوبة مهما كان؛ دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء ١٨]، هذا ما له توبة بعد أن شاهَدَ وعايَنَ العذابَ يقول: أتوب ما ينفع.
الحدود في الدنيا إذا قُدِرَ على العبد وتاب بعد القدرة عليه، هل يرتفع عنه الحد؟ لا؛ لقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ [المائدة ٣٤].
كذلك الإنسان إذا حضره الموت وشاهد وعاين لا تنفعه التوبة؛ للآية الكريمة وهي في سورة النساء، وقد وقع ذلك فعلًا حين تاب فرعون بعد أن أدركه الغرق؛ قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس ٩٠]، ماذا قيل له؟
* طالب: قال: ﴿آلْآنَ وَقَدْ﴾ كفرت.
* الشيخ: ﴿عَصَيْتَ﴾.
* الطالب: ﴿عَصَيْتَ﴾.
* الشيخ: ﴿قَبْلُ﴾.
* الطالب: ﴿قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ﴾.
* الشيخ: ﴿الْمُفْسِدِينَ﴾ قيل له: ﴿آلْآنَ﴾ يعني: آلآن تؤمن بما آمنت به بنو إسرائيل، هذا لا ينفع ﴿وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس ٩١].
الثاني العام: الوقت الذي يكون لعموم الناس إذا حصل أو إذا جاء فإنها لا تُقبَل التوبة، وذلك إذا طلعت الشمس من مغربها، فالشمس الآن تدور منذ خلقها الله عز وجل تأتي من ناحية المشرق، وتغيب من ناحية المغرب، فإذا أرد الله تعالى انقضاء الدنيا انعكست القضية صارت الشمس تأتي من المغرب، وإذا رآها الناس آمنوا كلهم؛ لأنهم يعلمون أن لهذا الكون مدبرًا، وإلا فمن يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب، أحد يستطيع؟ لا؛ ولهذا قال إبراهيم للذي ناظره قَالَ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة ٢٥٨]، لكن إذا رأى الناس كلهم رأوا الشمس بعد أن غابت رجعت من المغرب سيؤمنون، لكن هذا الإيمان قهري ولا اختياري؟
* طالب: قهري.
* الشيخ: قهري؛ لأنهم شاهدوا؛ ولهذا قال الله عز وجل: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام ١٥٨]، والمراد ببعض الآيات هنا طلوع الشمس من مغربها.
إذن لا بد للتوبة من شروط خمسة؟
* طالب: الندم.
* الشيخ: الأول الندم على فعل المعصية، تمام والثاني؟
* الطالب: إخلاص النية لله عز وجل.
* الشيخ: إخلاص النية لله عز وجل؛ بألَّا يقصد الإنسان بالتوبة أن ينال مرتبة، أو أن ينال جاهًا، أو أن يُمدَح عند الناس؛ مثاله إنسان معروف بالفسق والانحلال، وأُعلِن عن وظيفة إمام مسجد، ومعلوم أنه لم يُوظَّف في إمامة المسجد إلا من كان أيش؟ مستقيمًا، هو استقام علشان أيش؟ علشان يكون إمامًا في المسجد هذا لا تنفعه التوبة؛ لأنه لم يخلص النية لله.
الشرط الثالث؟
* الطالب: العزم.
* الشيخ: لا، قبل العزم، مرحلة الإقلاع عن الذنب؛ وذلك بأن يأتي بالواجب إن أمكن تداركه، أو بدله إذا لم يمكن تداركه، وكان له بدل، أو يقلع عن المحرم إذا كان الذنب فعلًا محرمًا.
طيب، إذا كان الذنب حقَّ إنسان بأن يكون شخص سرق من إنسان مالًا، السرقة حرام، تاب الرجل وندم، وعزم على ألَّا يعود، فبماذا يكون تحقيق التوبة؟ لا بد أن يوصل هذا المال إلى أيش؟ إلى صاحبه، ولا يمكن تتم التوبة إلا بهذا، فإذا قال: أخشى إنْ ذهبتُ إلى هذا الرجل، وأعطيتُه المال أخشى أن يترتَّب على ذلك ضرر علي على سُمعَتي وربما أحْبَس، وأنِّي قد تبتُ إلى الله قبلَ أن يُقدَر عليَّ، فكيف تكون الحال؟ هل يجوز أن يتصدق به عن صاحبه؟
الجواب: لا؛ لأن صاحبه معلوم، أما لو كان مجهولًا يقول: والله أنه سرق من أناس نسيهم أو جهلهم لا يدري أين هم، فهنا يتصدق بما سرق عنهم، لكن إذا كان معلومًا لا بد أن يُرسِلَه لكن إذن ماذا يصنع؟ نقول: ممكن أن تعطي شخصًا تثق به، وتقول: يا فلان، إني سرقتُ هذا المال من فلان، وقد ندمت وتبت إلى الله فمن فضلك أعطه إياه، وقل له: هذا دراهم من إنسان تستحقها عليه، وهو الآن يبذلها، ممكن هذا؟ إذا لم يمكن، فيمكن أن ترسلَ بالبريد ويقال: هذه دراهم من شخصٍ تستحقها عليه، وفي هذه الحال، من المعلوم أنك لم تكتب اسمك، أليس كذلك؟ وأيضًا لا يحسن أن تكتبها بقلمك؛ لأنه ربما يمر عليه يوم من الدهر، اكتبها بالآلة التي تطبع طباعة بالكمبيوتر أو غيرها، وأرسلها إليه، هذا إذا كان الحق ماليًّا، حق إنسان، لكن إذا كان الحق غير مالي؛ مثل أن يكون شخص اغتبتَه في مجلس أو مجالس، فكيف التوبة من هذا؟ التوبة قال كثير من العلماء: لا بد أن تذهب إليه وتستحله، وإلا فسيأخذ من حسناتك يوم القيمة، اذهب إليه، وقل له: يا فلان سامحني.
وقال بعض العلماء: لا يجب أن تستحلَّه، وإنما تستغفر له، وتُثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها، والحسنات يُذْهِبْن السيئات، وقد جاء في الحديث: «كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْتَهَ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ»[[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٦٣٦٨) من حديث أنس بن ملك .]].
ولكن فيه قول ثالث وسط ولعله الصواب: يقول: إن كان صاحبك الذي اغتبته قد علم بذلك فلا بد من أن تذهبَ إليه وتستحلَّه؛ لأنه لن يزول ما في قلبه حتى تستحلَّه، أما إذا كان لم يعلم فيكفي أن تستغفر له وأن تثني عليه في المجالس التي كنت تغتابه فيها، والله غفور رحيم.
وينبغي لمن جاء إليه أخوه ليعتذر منه ينبغي أن يسامحه، ولكن هل يناقشه، ويقول: أنت الآن تطلب مني أن أحل لك، لكن ما الذي فعلت معي؟ يعني: هل ينبغي أن يناقشه، ويرى ما الذي حصل أو يقول: أنت في حلٍّ وخلاص؟
الأَوْلى: ألَّا يناقش؛ لأنه ربما يذكر شيئًا كبيرًا فتعجز نفس صاحبه عن أن يحلَّ له، أليس كذلك؟ ربما إذا قال: أحل لي. قال: ويش أنت فاعل معي؟ قال: فعلت كذا، وكذا، وكذا، ويكون الشيء كبيرًا، وتأبى نفسه أن يحلل؛ لأن النفسَ أمارة بالسوء؛ فالأولى ألَّا يسأل، ألا يقول: ما الذي فعلتَ؟ وأن يحتسب الأجر من الله، ويقول: هذا جاء معتذِرًا ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى ٤٠]، ولولا أنه نادم وتائب، وأنه يرجى في المستقبل أن تعود هذه الغيبة ثناء حسنًا، ويقول: أنت مني في حل، وأجرُه على من؟ أجيبوا يا جماعة.
* طلبة: على الله.
* الشيخ: أجره على الله، فصار عندنا الآن بالنسبة لمن كانت مظلمته غير مال؛ هل يذهب ويستحله، أو لا يذهب؟ في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنَّه لا بد أن يذهبَ إليه ويستحلَّه.
والثاني: لا حاجة، بل يستغفر له ويثني عليه في الأماكن التي كان يغتابُه فيها.
والثالث: التفصيل، وهذا التفصيل هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الحق، وهو أيش؟ أنه إن كان عالمًا فلا بد أن تستحلَّه حتى يزول ما في قلبه، وإن كان غيرَ عالم فلا حاجة لاستحلالِه، هذا بالنسبة للذي اغتاب غيرَه.
أما الذي اغتيب وطلب منه السماح فالذي نري: أن الأفضلَ والأكمل أن يحلله؛ لأنه أخوه جاءه معتذرًا نادمًا، فليحلِّلُه، وثقوا بأنَّه إذا حلَّله ستكون كبيرة عظيمة على الشخص الذي استحلَّه، سيرى أنه أهدى إليه أكبر هدية، فتنقلب الكراهة التي كانت من قبل تنقلب أيش؟ محبةً، وألفة، وهذا هو المطلوب من المسلمين أن يكون بعضهم لبعض آلفًا محبًّا وادًّا.
يقول الله عز وجل: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾، هو سبحانه وتعالى رحيم، وهو رحمن، وقد اجتمع الاسمان في أعظم سورة في كتاب الله ما هي؟
* طالب: الفاتحة.
* الشيخ: الفاتحة، ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة ١] قال العلماء: إذا ذُكِرَ الرحمنُ وحده كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم ٩٢]، وكما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان ٦٠]، أو صار الرحيم وحده كما في هذه الآية ﴿تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾، فمعناهما واحد؛ يعني: أن الرحيم هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة، والرحمن إذا ذُكِرَ وحدَه كذلك: هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة.
أما إذا اجتمعا جميعًا فالرحمن باعتبار الوصف، والرحيم باعتبار الفعل؛ يعني أنه عز وجل ذو رحمة واسعة وهو أيضًا راحم يواصل الرحمة إلى من يشاء من عباده، كما قال تعالى: ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ [العنكبوت ٢١]، أسألُ اللهَ تعالى أن يعُمَّني وإياكم برحمته وجميعَ إخواننا المسلمين، وأن يجعلنا من دعاة الخير والإصلاح؛ إنه على كل شيء قدير. (...).
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق