* الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها مفردات وجملا [[في الآية (1) من هذه السورة.]] ، (من الظنّ) متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة في الموضعين (تجسّسوا) مضارع مجزوم محذوف منه إحدى التاءين (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (أن) حرف مصدريّ ونصب (ميتا) حال من أخيه منصوب (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر، و (الواو) في (كرهتموه) زائدة إشباع حركة الميم..
جملة: «اجتنبوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إنّ بعض الظنّ إثم ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لا تجسّسوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «لا يغتب بعضكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «يحبّ أحدكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يأكل ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
والمصدر المؤوّل (أن يأكل..) في محلّ نصب مفعول به.
وجملة: «كرهتموه ... » في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا..
والجملة الاسميّة جواب شرط مقدّر أي إن لم تحبّوا ذلك فهذا كرهتموه.
وجملة: «اتّقوا الله ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي فاكرهوا الظنّ والتجسّس والغيبة واتّقوا الله.
وجملة: «إنّ الله توّاب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
* البلاغة:
1- التنكير: في قوله تعالى «كَثِيراً» .
حيث أن مجيئه نكره يفيد معنى البعضية، وإن في الظنون ما يجب أن يجتنب من تبيين لذلك ولا تعيين، لئلا يجترئ أحد على ظنّ إلا بعد نظر وتأمّل، وتمييز بين حقه وباطله، بأمارة بينة، مع استشعار للتقوى والحذر ولو عرّف لكان الأمر باجتناب الظنّ منوطا بما يكثر منه دون ما يقل. ووجب أن يكون كل ظنّ متصف بالكثرة مجتنبا، وما اتصف منه بالقلة مرخصا في تظننه.
2- الاستعارة التمثيلية: في قوله تعالى «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ» .
في هذه الآية الكريمة تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه وأفحشه.
وفيه مبالغات شتى، منها الاستفهام الذي معناه التقرير، ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولا بالمحبة، ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحدا من الأحدين لا يحب ذلك، ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، حتى جعل الإنسان أخا، ومنها أنه لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعل ميتا.
* الفوائد:
- تحريم الغيبة..
دلت هذه الآية على تحريم الغيبة،
فقد ورد عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : أتدرون ما الغيبة. قلت: الله ورسوله أعلم. قال:
ذكرك أخاك بما يكره. قلت: وإن كان في أخي ما أقول. قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي ﷺ حسبك من صفية كذا وكذا، قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم ولحومهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.
وقد نزلت هذه الآية في رجلين اغتابا رفيقهما، وذلك أن رسول الله ﷺ كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين، يخدمهما ويأكل معهما. فكان سلمان مع رجلين يخدمهما، فغلبته عيناه، فلم يهيئ لهما طعاما، قالا: انطلق إلى رسول الله ﷺ فاطلب لنا منه طعاما، فجاء سلمان، فسأل رسول الله ﷺ فأمر أسامة أن يلتمس له طعاما، فلم يجد، فرجع إليهما، فقالا: بخل أسامة، فبعثاه إلى طائفة من الصحابة، فلم يجد شيئا، فلما رجع قالا: لو بعثناه الى بئر سميحة لغار ماؤها. ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة طعام أم لا، فلما جاء إلى رسول الله ﷺ قال لهما: مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما، قال: ظللتما تأكلان من لحم سلمان وأسامة، فنزلت هذه الآية.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ"}