الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ﴾ إلى آخره [آل عمران: ١٩٥] استجاب بمعنى (أجاب)، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [الشورى ٣٨] فهي بمعنى الإجابة؛ أي: أجابهم الله. وقوله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ انظر إلى هذا التلطّف بهم، لم يقل: فاستجاب لهم الله، بل قال: ﴿اسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ لأنهم كانوا يدعون بربنا؛ يعني فهذا الرب الذي ما زالوا يدعونه استجاب لهم.
﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ﴾ أي: لا أُهدر، ولا أفوت ﴿عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ بل أوفي كل عامل ما يستحق. وقوله: ﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ هذه بيان لعام، ولهذا نقول: إن معنى (مِن) أيش؟
* الطلبة: بيانية.
* الشيخ: أن (مِن) بيانية.
وقوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ يعني بعضكم من بعض في العمل والثواب، فأنتم جنس واحد، ما ثبت للذكر ثبت للأنثى، وما ثبت للأنثى ثبت للذكر، وتأمل كيف قال هنا: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ وقال في سورة التوبة: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة ٧١]؛ لأن المراد بالآية في النصرة، فكل مؤمن فهو ولي لأخيه ناصر له، وقد قال في مقابلها في المنافقين: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [التوبة ٦٧] وليسوا أولياء بعضهم لبعض؛ لأنهم -أعني المنافقين- لا يتولى بعضهم الآخر بخلاف المؤمنين.
* طالب: شيخ، (...).
* الشيخ: هي خمس مرات هذه؟ على كل حال قد يستجيب الله عز وجل ولو بأقل من هذا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، أقول: هذه.. قد يستجاب له بأقل من هذا، وقد يقول: ربنا ربنا، لكن تحتاج إلى تأمل في الواقع.
* الطالب: أحسن الله إليك، الوعيد هل يُخلف؟
* الشيخ: نعم.
* الطالب: الوعيد هل يُخلف؟
* الشيخ: هل يخلف؟ إي نعم، وهذا اللي يخلف، لكن الوعد لا يُخلف.
* طالب: لكن أحسن الله إليك، قول الله عز وجل في سورة (ق): ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق ٢٩] بعد أن يعني وعدهم بالنار وهددهم؟ قال: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ [ق ٢٩].
* الشيخ: إي نعم، لأن هؤلاء مستحقون للنار لكفرهم، والكافر لا يخلف الله وعيده.
* الطالب: إي نعم، يعني العاصي يخلف وعيده؟
* الشيخ: العاصي يخلفه كرمًا.
* الطالب: لكن الدليل على التفريق يا شيخ؟
* الشيخ: واضح: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
* طالب: شيخ، إذا كان التوسل بالأعمال الصالحة للناس جائز، مثلًا بالنسبة لأصحاب الصخرة، والتوسل بدعاء العبد الصالح.
* الشيخ: بدعاء الرجل الصالح.
* الطالب: هذا جائز، مثلًا إذا أقول لواحد رجل: إذا تتوسل بأعمال صالحة للأموات، هذا غير جائز هو يقول: إن هذه الأموات (...)؟
* الشيخ: هل الأموات يدعون؟
* الطالب: لا، يقول: اللهم اغفر لنا بالأعمال الصالحة لهذا العبد.
* الشيخ: هو يتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بعمله الصالح عمل الداعي، ما هو بالمدعو له.
* الطالب: كيف؟
* الشيخ: لو توسل بالعمل الصالح من المدعوّ له لم يصح.
* الطالب: (...) يجوز.
* الشيخ: يعني لو قلت مثلًا عند (...): اللهم إن هذا عبدك ابن عبدك ابن أمتك قد قام بأمرك أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فاغفر له، هذا لا بأس به. لكن لو أقول: إنه هذا عبدك ابن عبدك ابن أمتك قام بطاعتك أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فاغفر لي، فجعل عمله الصالح للميت وسيلة لمغفرة الله له أي: للداعي، هل يصح؟
* الطالب: فهمت، هذا لا يصح.
* الشيخ: هذا لا يصح.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، لو طلبت من إنسان أن يدعو لطائفة معينة أن تقول: ادعُ للعلماء، أو لطلبة العلم، هل يكون من المسألة المذمومة؟
* الشيخ: لا، هذا لا بأس به مثل ما نقول: تصدّق على العلماء أو طلبة علم أو ما أشبه ذلك.
* طالب: الوسائل الكونية يا شيخ ويش الضابط؟
* الشيخ: نفس الشيء، الوسائل الكونية ما ثبت بالشرع أو بالتجارب بأنه وسيلة يتوسل به؛ فمثلًا الاستشفاء بالعسل، وسيلة ولَّا غير وسيلة؟ شرعية ولَّا غير شرعية؟ شرعية، والاستشفاء بالحبة السوداء؟ وسيلة شرعية، والاستشفاء بالأدوية التي نحن نجربها ولم ينصّ عليها الشرع، لكن نعرف أنها أفادت، هذا من باب التوسل بالأمور الكونية.
* طالب: السين في ﴿فَاسْتَجَابَ﴾ هل تدل على الطلب؟
* الشيخ: لا، أحيانًا تدل على الطلب، وأحيانًا ما تدل على الطلب بحسب السياق، كما (استغفر) تدل على الطلب، (استكبر) ما تدل على الطلب، ليس معنى استكبر يعني طلب الاستكبار.
* طالب: التوسل بجاه الرسول الذي يقصد منه أنه يؤمن بجاه الرسول وبمنزلته، هل هذا صحيح؟
* الشيخ: لماذا لم يقل: اللهم إني أسألك بإيماني بمنزلة نبيك عندك؟
* الطالب: للاختصار.
* الشيخ: لا يختصر هنا؛ لأن فيه إيهامًا، ولكن أكثر الذي يتوسلون بالجاه تراهم لا يريدون ما قلت، يريدون جاه الرسول، يرون أنه ما دام له جاه فهو يشفع لك، كما تقول: هذا الرجل له جاه عند الملك، أتوسل به، أذهب إليه وأقول له: يا فلان، أنت لك جاه عند الملك، أريد منك كذا وكذا.
* طالب: إذا كان نيته يعني الإيمان بجاه النبي، هذا صحيح؟
* الشيخ: نقول: إذا كانت النية هذه ففيما بينك وبين ربك صحيح، لكن لا تُظهرها للناس، الناس ما يفهمون هذا الشيء.
* طالب: شيخ، حديث عمر وتوسله بالعباس، قد يقول قائل: ما السبب اللي جعل عمر يتوسل بدعاء العباس مع أنه أفضل من العباس؟
* الشيخ: ما الجواب؟ قال: بعمّ نبينا، وضَّح.
* طالب: شيخ، أليست الأعمال الصالحة تدخل في مسمى الإيمان؟
* الشيخ: إلا فيه تدخل في مسمى الإيمان، لكن عند التفصيل يكون الإيمان بالقلب والأعمال الصالحة بالجوارح.
* طالب: شيخ، ويش وجه التفرقة التوسل بالإيمان والتوسل بالأعمال الصالحة؟
* الشيخ: وبالعمل الصالح؛ لأن أصحاب الغار لم يتوسلوا بالإيمان، توسلوا بالعمل الصالح.
* طالب: التوسل بنعمة الله على الإنسان (...) بما أنعمت عليّ.
* الشيخ: ما هو من أفعال الله، لا.
* طالب: أظن -عفا الله عنك- كثير من الناس (...) الرسول ﷺ قال: (...) وأبو بكر حاضر هذا وعمر رضي الله عنه وأرضاه ما دعا الرسول ﷺ على (...).
* الشيخ: ويش عمر أيش؟
* طالب: عمر ما دعا الرسول ﷺ ما دعا قال: يا رسول الله (...).
* الشيخ: إي، معلوم لو أحد يقول: يا رسول الله، أغثنا كفر ده.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨)﴾ [آل عمران ١٩٥ - ١٩٨].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تباك وتعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ أظن ما سبق لا يحتاج إلى إعادة. ولنناقش في قوله: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ معنى: ﴿آتِنَا﴾؟
* طالب: ﴿آتِنَا﴾ أعطنا.
* الشيخ: وأْتِنا؟
* طالب: جئنا.
* الشيخ: جئنا، آتى يقولون: إنها تنصب مفعولين؟
* طالب: في هذه الآية؟
* الشيخ: إي نعم. في هذه الآية وغير الآية هي تنصب مفعولين، في هذه الآية ما هما؟
* الطالب: ما الموصولة.
* الشيخ: نعم، هذا أيّ مفعولين؟
* طالب: المفعول الأول.
* الشيخ: نعم، والثاني؟
* الطالب: (...) محذوف.
* الشيخ: الثاني محذوف؟
* طالب: المفعول الأول (نا) في (آتنا).
* الشيخ: المفعول الأول (نا) من قوله: (آتنا). والثاني؟
* الطالب: الاسم الموصول.
* الشيخ: (ما) الموصولة، تمام. هل هذان المفعولان أصلهما المبتدأ والخبر؟
* طالب: ليس أصلهما المبتدأ والخبر.
* الشيخ: طيب، إذن متى يكون أصلهما المبتدأ والخبر؟
* طالب: قبل دخول (...).
* الشيخ: قبل دخول، قبل دخول العامل، كذا؟
* طالب: العامل؟
* الشيخ: العامل الناصب.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما الذي ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر؟
* الطالب: ظن.
* الشيخ: إي، ظن وأخواتها. تمام.
قوله تعالى: ﴿عَلَى رُسُلِكَ﴾ ما معنى ﴿عَلَى رُسُلِكَ﴾؟
* طالب: يعني على لسانهم.
* الشيخ: على ألسنة الرسل وأيدي الرسل. ما هو الذي وعدهم على لسان رسله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لمن؟ قوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ما معنى الخزي؟
* طالب: الخزي معناه ألا يخزيهم.
* الشيخ: يعني إذا قيل: أخزاه الله ويش معناها؟
* الطالب: يعني رده عما عمل.
* الشيخ: لا.
* طالب: شيخ، فضحه.
* الشيخ: فضحه وأذلّه، الخزي الفضيحة والذل.
قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ هذه من الصفات؟
* طالب: السلبية، تقتضي..
* الشيخ: نعم. تتضمن؟
* الطالب: تتضمن شيئين: الأول: اللي هو نفي إخلاف الميعاد عن الله عز وجل، والثاني: كمال الضد.
* الشيخ: ما هو الضد؟
* الطالب: الصدق والوعد.
* الشيخ: كمال الصدق، وغير؟
* طالب: القدرة.
* الشيخ: القدرة، صح، كمال الصدق والقدرة. لماذا قلنا: إنها تتضمن كمال الصدق والقدرة؟
* طالب: لأن الصادق.. الكاذب (...)، وأيضًا الذي لا يقتدر لا يستطيع أن يوفي بما وعد به.
* الشيخ: تمام.
قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ﴾ استجاب بمعنى: (أجاب) كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: أجابوا له. وقوله: ﴿رَبُّهُمْ﴾ ولم يقل: الله؛ لأن الموقع هنا يقتضي الربوبية، وهي هنا ربوبية خاصة؛ لأن ربوبية الله تنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة، وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)﴾ [الأعراف ١٢١، ١٢٢]. ومقتضى الربوبية العامة مطلق التصرف، ومقتضى الربوبية الخاصة النصر والتأييد واللطف وغير ذلك مما يقتضي عناية خاصة، الربوبية هنا من أي القسمين؟
* طلبة: الخاصة.
* الشيخ: من الخاصة.
﴿اسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ﴾ هذا بيان المستجاب، ما الذي استجاب؟ قال: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ ﴿لَا أُضِيعُ﴾ يعني لا أهدره بل أحتسب.
وقوله: ﴿عَمَلَ عَامِلٍ﴾ ﴿عَمَلَ﴾ هنا مضاف فيقتضي العموم؛ يعني أي عمل قلّ أو كثر فإن الله تعالى لا يضيعه، وهذا كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة ٧] وكقوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء ٤٧].
وقوله: ﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ هذه بيان لعامل، فـ(مِن) هنا بيانية بيان للعامل؛ يعني سواء كان العامل ذكرًا أم أنثى.
ثم قال: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ يعني في الدعاء واستجابته، أما في المناصرة فقد قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ لكن في باب العمل والاستجابة لهم والثواب بعضهم من بعض لا فرق بين الذكر والأنثى.
ثم قال: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ هذه خمسة أوصاف. ﴿هَاجَرُوا﴾ يعني هجروا بلادهم وخرجوا منها إلى بلاد الإسلام.
﴿وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ أخرجوا من ديارهم إما مباشرة بأن طُردوا من البلاد أو بالتضييق عليهم حتى يخرجوا؛ لأن الإخراج من البلاد قد يكون مباشرة يطرد، وقد يكون بالتضييق عليه حتى يخرج، وأيهما أشد؟
* طلبة: الثاني.
* الشيخ: لا، الأول، الأول أشد؛ لأن الثاني يمكنه أن يصبر ويتحمل ولا يخرج، يختفي أحيانًا، ويهرب أحيانًا، ويبقى في بلده، لكن الطرد يُمسك ويُطرد هذا أشد؛ ولهذا قال أهل العلم -خصوصًا الحنابلة- فيمن فعل ما يوجب الحد من زنا أو غيره، ثم لجأ إلى مكة إلى الحرم، فإنه لا يُخرج من الحرم ولا يُقام عليه الحد في الحرم؛ لأنه لجأ إليه ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران ٩٧] ولكنه يُضيّق عليه فلا يؤاكل، ولا يُشارب، ولا يُبايع، ولا يُكلّم حتى تضيق عليه الأرض ويخرج، أما أن يُخرج بالقوة ويقال: اخرج لنقيم عليك الحد، فلا، إذن هناك فرق بين من أُخرجوا بالفعل يعني بالقوة المباشرة أو من أُخرجوا بواسطة التضييق عليهم.
وقوله: ﴿أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ ﴿دِيَارِهِمْ﴾ يعني التي يسكنونها سواء بأجرة أو بغير أجرة، فإن الدار المستأجَرة مثلًا تسمى دارًا للإنسان.
﴿وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي﴾ يعني مع أنهم أُخرجوا حصل لهم أذية في سبيل الله؛ أي في دين الله، كما حصل للنبي ﷺ حين كان ساجدًا تحت الكعبة فذهب قوم من قريش وأتوا بسلى الجزور ووضعوه على ظهره، هذا إيذاء، هو لم يضره، لكنه أذية له، وفُعل أيضًا في كثير من الصحابة من الأذى ما هو معروف بالسيرة.
﴿وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ فيه عندي: ﴿قَاتَلُوا وَقُتِّلُوا﴾ قراءة، القراءة الثانية: ﴿وَقُتِلُوا وَقَاتَلُوا﴾ فالقراءات الآن ثلاث: ﴿قَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾، الثانية: ﴿قَاتَلُوا وَقُتِّلُوا﴾ ، والثالثة: ﴿قُتِلُوا وَقَاتَلُوا﴾ والمعنى لا يختلف اختلافًا كبيرًا، أما قوله: ﴿قَاتَلُوا﴾ فهذا يعني الجهاد، هم قاتلوا الكفار، وأما قوله: ﴿قُتِلُوا﴾ فهذا يعني الاستشهاد، قتلهم الكفار في سبيل الله، وأما قوله: ﴿قُتِلُوا وَقَاتَلُوا﴾ فهي هي، لكنها تقديم وتأخير، وأما قوله: ﴿قَاتَلُوا وَقُتِّلُوا﴾ فهي أشد كما قال تعالى: ﴿قُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب ٦١] فالتقتيل أشد من مجرد القتل.
﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ إلى آخره. الجملة في قوله: ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ خبر المبتدأ في قوله: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ ولكنها جملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات؟
* طالب: اللام، والقسم، ونون التوكيد.
* الشيخ: ونون التوكيد. ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ أي: بما حصل لهم من هذه الأشياء بالهجرة والإخراج من الديار والإيذاء في سبيل الله والمقاتلة في سبيل الله والقتل، يُكفِّر عنهم السيئات.
وقد مر علينا أن الفرق بين مغفرة الذنوب وتكفير السيئات عند الجمع بينهما أن المغفرة في الكبائر، والتكفير في الصغائر، تُكفّرها الأعمال الصالحة ويكفرها المصائب. ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ يعني أيش؟
صغائر ذنوبهم، ويجوز أن يراد بالسيئات هنا ما هو أعم؛ لأنها لم تُقرن بالذنوب حتى نقول: كل واحدة لها معنى، وهذا له نظائر كثيرة، تجد بعض الكلمات يكون لها معنى وحدها ولها معنى إذا اقترنت بغيرها.
وقوله: ﴿وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ﴾ الجملة أيضًا فيها تأكيد باللام والقسم والنون، وهي معطوفة على قوله: ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ فمحلها الرفع على أنها خبر المبتدأ كالأولى.
﴿وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ﴿جَنَّاتٍ﴾ بالجمع وأحيانًا يقال بالإفراد، فإذا كانت بالإفراد، فالمراد بها مطلق الجنس، وإذا قيلت بالجمع، فالمراد بها أنواع الجنات، وفي القرآن في سورة (الرحمن) أن أنواع الجنات كم؟ أربعة، وربما يكون هناك أنواع أخرى لا نعلم بها، المهم أن الجمع باعتبار الأنواع، والإفراد باعتبار الجنس، فما هذه الجنات؟
أصل الجنة البستان الكثير الأشجار، وسُمّي بذلك؛ لأنه يجنّ من فيه؛ أي: يستره، والمادة هذه (الجيم والنون) كلها دالة على الستر والخفاء، ومنه (الْجُنَّة) للمقاتل يأخذها يستتر بها عن السهام، ومنها (الْجَنان) يعني القلب لاختفائه، ومنه (الْجِنَّة)؛ الجِنّ لاستتارهم.
يقول عز وجل: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الجريان معروف، و﴿الْأَنْهَارُ﴾ جمع (نَهْر)، وجُمعت لأنها أربعة أنواع مذكورة في سورة القتال: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد ١٥] وهذه الأنهار لا تنضب ولا تنقص ولا تحتاج إلى حفر ولا إلى إقامة جُدر، قال ابن القيم في النونية:
؎أَنْهَارُهَا فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ جَرَتْ ∗∗∗ سُبْحَانَ مُمْسِكِهَا عَنِ الْفَيَضَانِ
وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا﴾ هل المراد من تحت الأرض ولَّا من تحت الأشجار الساترة؟ الثاني هو المراد، من تحت الأشجار والقصور أنهار مُطّردة، لكنها لا تؤذي؛ لأنها تنقاد لأمر مالكها، تنقاد له، إذا أمر هذا النهر أن ينصرف يمينًا أو شمالًا فعل بأمر الله عز وجل، إذا أمره أن يقف وقف.
وقوله: ﴿ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ أحب أن أعرف ما الذي نصب ثوابًا؟
* طالب: حال.
* الشيخ: حال؟ حال منين؟
* الطالب: مصدر.
* الشيخ: مصدر، طيب ما الذي نصبه؟ المصدر لا بد له من عامل. التقدير؟
* الطالب: ليثيبكم ثوابًا.
* طالب آخر: نائب عن المصدر.
* الشيخ: نائب عن المصدر، كيف يعني؟
* الطالب: لأن المفعول المطلق نائب عن المصدر.
* الشيخ: المفعول المطلق، لكن ما العامل؟ ما الذي عمل فيه؟
* طالب: (أدخلن).
* الشيخ: لا.
* طالب: حال.
* الشيخ: حال منين؟
* الطالب: جنات.
* الشيخ: جنات ثوابًا؟
* طالب: مفعول لأجله.
* الشيخ: لا، ولا حال.
* طالب: مصدر لفعل محذوف.
* الشيخ: والتقدير؟
* الطالب: أثيب ثوابًا.
* الشيخ: أثيبهم ثوابًا، هذا هو أقرب شيء. عندك فيها إعراب؟
* * *
* طالب: قوله: ﴿وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ﴿ثَوَابًا﴾ مصدر من معنى ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ مؤكد له. قوله: مصدر من معنى ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ أي: ولأرسلنهم. فمعنى المجموع لأثيبنهم فيكون ﴿ثَوَابًا﴾ مصدرًا موافقًا في المعنى، فكأنه قيل: لأثيبنّهم ثوابًا، والثواب هنا بمعنى الإثابة التي هي المصدر، وإن كان في الأصل هو المقدار من الجزاء. انتهى.
قوله: ﴿ثَوَابًا﴾ في نصبه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه نُصب على المصدر المؤكّد، ولأن معنى الجملة قبله يقتضيه، والتقدير: لأثيبنّهم إثابة أو تثويبًا، فوضع ﴿ثَوَابًا﴾ موضع أحد هذين المصدرين؛ لأن الثواب في الأصل اسم لما يُثاب به كالعطاء اسم لما يُعطى، ثم قد يقعان في موقع المصدر، وهو نظير قوله: ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ [النمل ٨٨]، و﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ [النساء ١٢٢] في كونهما مؤكِّدين.
الثاني: أن يكون منصوبًا على الحال من ﴿جَنَّاتٍ﴾ أي: مُثابًا بها، وجاز ذلك، وإن كانت نكرة لتخصصها بالصفة.
الثالث: أنه حال من الضمير المفعول به؛ أي: حال كونهم مثابين.
* الشيخ: يعني إما على حال أو على المصدر، لكن المصدر غريب يقول: إن العامل فيه: (لأكفرن)، (ولأدخلن) على اعتبار أن التكفير والإدخال ثواب، في النفس من هذا شيء، فالظاهر أنه مصدر لعامل محذوف، هذا هو الأقرب.
* طالب: إذن ما هو ثواب.
* الشيخ: نعم.
* طالب: (...) يكون المعنى.
* الشيخ: وقوله: ﴿ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ الثواب يُطلق على العطاء الذي يُعطاه الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين ٣٦] أي: هل أعطي؟ ويطلق على الإثابة التي هي فعل المثيب، والأصل الأول أو الثاني؟ الأصل الأول؛ أن الثواب اسم لما يُثاب به كالعطاء اسم لما يعطى، وقد يراد به الإثابة.
وقوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ العنديّة هنا تقتضي تعظيم هذا الثواب؛ لأن الثواب من العظيم يكون عظيمًا، كقول النبي عليه الصلاة والسلام في الدعاء الذي علّمه أبا بكر قال: «اغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٣٤)، ومسلم (٢٧٠٥ / ٤٨) من حديث أبي بكر الصديق.]].
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ الجملة هذه مؤكِّدة لما سبق، أي: أن الله سبحانه تعالى يُثيبهم الثواب الحسن؛ لأن هذا هو الذي عند الله، ولهذا يجازي المحسن بحسنته عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
* نأخذ من فوائد هذه الآية: بيان فضل الله عز وجل بإجابة هؤلاء الذين دعوا بما سبق؛ لقوله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ﴾.
* ونأخذ منها: ثبوت سمع الله؛ لأنه لم يثبهم إلا حين سمع دعاءهم.
* ونأخذ منها أيضًا: أن تكرار الدعاء من أسباب الإجابة.
* ونأخذ منها بناءً على ما سبق: أن الدعاء باسم الربوبية أقرب إلى الإجابة من الدعاء باسم آخر؛ لأن أكثر الأدعية الواردة في القرآن جاءت باسم الربوبية.
* ومن فوائد هذه الآية: عناية الله عز وجل بهؤلاء الأبرار، لقوله أيش؟ ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ لأن هذه الربوبية قلنا: إنها ربوبية خاصة.
* ومن فوائدها: أن الله يكمّل الأجر كاملًا، أو يعطي الأجر كاملًا؛ لقوله: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ﴾ وهذا النفي يتضمن إثباتًا، فإذا كان لا يضيع عمل عامل فمقتضاه أنه يُعطي العامل كل ما عمل، أي: أجر كل ما عمل.
* ومن فوائد الآية أيضًا: استواء الذكر والأنثى في الجزاء على الحسنات؛ لقوله: ﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.
فإن قال قائل: أليس النبي ﷺ قد قال: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٠٤)، ومسلم (٨٠) من حديث أبي سعيد.]] وذكر من نقصان دينها أنها «إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»؟
قلنا: بلى، لكنها إذا صلّت في الوقت الذي تُطالب بالصلاة فيه فإن أجرها وأجر الرجل سواء، فإذا صلت امرأة صلاة الظهر وصلى الرجل صلاة الظهر فهما في الأجر سواء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: فضيلة الهجرة؛ لقوله: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ وقد قال العلماء: إن الهجرة تنقسم إلى أقسام:
القسم الأول: هجر ما حرم الله، فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، وهذا يعني أن المهاجر هو الذي قام بفعل الواجبات وترك المحرمات.
الثاني: الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، كما فعل المهاجرون من مكة إلى المدينة، وهذه هي التي يكون فيها المدح الذي جاء في القرآن.
والثالث: الهجرة من بلد الفسق إلى بلد الاستقامة، فإن بعض البلاد تكون بلادًا إسلامية، تقام فيها الشعائر الإسلامية، يُنادى فيها بالأذان وتُقام الجماعات وتقام الْجُمُعات فهي بلاد إسلام، ولكنها بلاد فسق من جهة أخرى لكثرة المعاصي والفواحش وغيرها في هذا البلد، فيهاجر الإنسان منها إلى بلد أيش؟ الاستقامة.
فلننظر ما هو الواجب من هذه الأنواع الثلاثة، نقول: أما الأول وهو هجر ما حرم الله فهو واجب على كل إنسان، حتى في بلاد الإسلام المستقيمة يجب عليه أن يهجر ما حرم الله، وأما الثاني وهو المهاجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، فإن العلماء رحمهم الله يقولون: إن كان قادرًا على إظهار دينه لم تجب الهجرة، وإن كان عاجزًا وجبت عليه الهجرة، فإذا كان في بلاد يحبسون الحريات، ويمنعون المسلمين من إقامة شعائر دينهم كالصلوات في الجماعة مثلًا؛ فالهجرة هنا واجبة، واجبة؛ لأن المسلم لا يقدر على إظهار دينه، وإن كان في بلد تعتبر نفسها بلد حرية فإن الهجرة ليست بواجبة، لكن مع هذا نقول: هي أكمل وأحسن مما لو بقي، كذا؟ ما الذي قلت؟
* طالب: إذا كانت البلاد.. إذا كانت بعض البلاد تمنع الحريات يجب على الإنسان يهاجر؟
* الشيخ: إذا كانت تمنع من إظهار الدين وجب عليه الهجرة حتى لو كان من أهلها، لو كان من أهل البلد أصلًا يجب عليه الهجرة.
* الطالب: وإذا كانت لا تمنع ذلك ويستطيع أن (...) فلا يجب عليه.
* الشيخ: فلا تجب الهجرة، لكن الهجرة أكمل خوفًا من الفتنة.
الثالث: الهجرة من بلد الفسق إلى بلد الاستقامة، هذه فيها تفصيل أيضًا إن كان يخشى على نفسه من الفتنة وجبت عليه الهجرة، وإن كان لا يخشى لم تجب عليه الهجرة، وربما يكون بقاؤه أحسن، إذا كان يدعو إلى الله قد يكون في هذه البلاد في بلاد الفسق بقاؤه أحسن وأنفع إذا كان يدعو إلى دين الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الإخراج من الديار سبب لتكفير السيئات؛ لقوله: ﴿وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ وكذلك أيضًا قوله: ﴿أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾.
لكن لو قال قائل: إن التكفير مُرتّب على كل الأوصاف الخمسة؟
فالجواب عن ذلك أن نقول: إن تعليق التكفير بهذه الأوصاف الخمسة دليل على أن لكل وصف منها تأثيرًا في الحكم، ولولا التأثير لكل واحد منها ما صح أن تكون تكفيرًا للسيئات، وهذه فائدة مهمة؛ لأن بعض المجادلين قد يقولون: إن الحكم مرتّب على أسباب خمسة أو أكثر، فنقول: نعم، إذا رُتّب على أسباب أكثر من واحد فإن هذه الأسباب يدل على أن لكل واحد منها تأثيرًا، ولولا أن له تأثيرًا ما ترتب الحكم أصلًا؛ لأننا إذا قلنا: رقم واحد ما فيه تأثير، ورقم اثنين ما فيه تأثير، رقم ثلاثة ما فيه تأثير، رقم أربعة ما فيه تأثير، لم يثبت الحكم، فإذا قلنا: كل واحد له تأثير، لكن قد يقوى على حصول الحكم، وقد لا يقوى إلا على حصول بعضه.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، قلنا في: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ تجري من تحت أشجارها.. من تحت الأشجار ولم نقل: إنها من تحتها من تحتها حقيقة، لماذا يا شيخ؟
* الشيخ: لأنها لو كانت تحت الأرض ما انتفعوا بها.
* الطالب: (...) وهي تحت الأرض، فهي تحت الأرض في أماكن، ثم تظهر فوق الأرض في أماكن.
* الشيخ: يعني يحفرون بئرًا يعني؟
* الطالب: لا، ما يحفرون بئرًا يجري الله عز وجل هكذا النهر في مناطق يمر فيها يكون تحت الأرض وفي أماكن تكون مكشوفة، وهذا واقع موجود.
* الشيخ: إي، واقع في الدنيا، لكن في الجنة أنهارها على سطح الأرض، وهذا مثل قوله أحيانًا يقول: من تحتهم الأنهار: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾ [الأعراف ٤٣] أي: من تحت أقدامهم، لكنها على سطح الجنة.
* طالب: المهاجرة اسم مفاعلة (...) مشتركان؟
* الشيخ: نعم، كلمة فاعل لا تكون دائمًا من باب الاشتراك، أرأيت سافر؟ ما فيه اشتراك؛ يعني كلمة (فاعل) لا تدل على أنه لا بد من اشتراك شيئين فصاعدًا، صحيح أن الأصل في المفاعلة أن تكون من شيئين، من فاعلين فأكثر، لكن ما هو لازم.
* طالب: يجوز للإنسان أن يدعو بالعمل الصالح، أن يدعو الله به..
* الشيخ: يتوسل به.
* الطالب: يتوسل به، شيخ، قول الله عز وجل بعد الأعمال هذه أنهم أوذوا في سبيل الله وهاجروا وقُتلوا قال: ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ قلنا: السيئات المقصود بها الصغائر، فيعني هذه الأعمال ما تؤثر في أن الله عز وجل (...)؟
* الشيخ: لا ربما، إحنا قلنا: في نفس الشرح توًّا، قلنا: إن هذه لا نجزم بها أنها صغائر؛ لأنها لم تُقرن بالذنوب، الآيات السابقة: ﴿فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾ هنا يتعين أن تكون السيئات هنا الصغائر، لكن في الآية هذه ما ذكر الذنوب فيحتمل أن تكون عامة.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، بالنسبة (...) قاتلوكم، ﴿قُتِلُوا وَقَاتَلُوا﴾، يعني معناها أنهم إذا قاتلوكم يقاتلون، ما يتضح معناها؟
* الشيخ: إي نعم، أفهمتم؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: يقول: أما ﴿قَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ فلا إشكال فيها، قاتلوا هم، ثم قتلوا، لكن: ﴿قُتِلُوا وَقَاتَلُوا﴾ هل إذا قُتلوا يقاتلون بعد أن قُتلوا؟
* طالب: يا شيخ، قلنا: إن الواو لا تقتضي..
* الشيخ: لا تستلزم الترتيب، هذه من جهة، من جهة أخرى أن توزع؛ يعني بعضهم قتل وبعضهم قاتل ولم يقتل.
* طالب: يا شيخ، بالنسبة الآن الذين هاجروا من ديارهم العبرة بالديار اللي يسكنها أو اللي (...)؟
* الشيخ: الأصل أن العبرة بالبلد الذي يسكنه فقط، هذا الأصل، لكن لو فرضنا أن البلد الذي يسكنه مساوٍ له ما قاربه من البلاد فلا بد أن يخرج عن المنطقة.
* طالب: شيخ، بعض العلماء يقولون: البلد الذي لا يوجد فيه ولو عالم واحد وبلد إسلامي يُهجر، ما صحة هذا القول يا شيخ؟
* الشيخ: يعني تجب الهجرة من بلد ليس فيه عالم إسلامي؟
* الطالب: عالم يا شيخ، عالم.
* الشيخ: ويش تقولون؟
* طالب: ما فهمنا.
* الشيخ: يقول: بعض العلماء يرى وجوب الهجرة من بلد ليس فيه عالم إسلامي؟
* طالب: ليس بصحيح.
* الشيخ: ما هو لازم، هذا ما هو بصحيح؛ قد لا يكون فيها عالم لكن يعرفون الأحكام التي تلزمهم.
* طالب: هل يتعين من قوله: ﴿هَاجَرُوا﴾ مهاجرة الذنوب والمعاصي؛ لأنه خص بعد ذلك يقول: ﴿وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ أخرج الهجرة من الديار؟
* الشيخ: الفرق بينهما أن المهاجر خرج باختياره، والذي أُخرج خرج بغير اختياره.
* الطالب: هل الفرق في هذه الأعمال.. هل لو فعل يعني عملًا واحدًا نقول: يترتب عليه الجزاء، يُكفّر عنه سيئاته ويدخل جنات؟
* الشيخ: لا، يُكفّر عنه بقدر ما عمل.
* الطالب: نفس قوله عز وجل: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)﴾ [الماعون ٤ - ٧] يعني لو عمل عملًا واحدًا له ويل؟
* الشيخ: بقدره، له ويل بقدره.
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، يعني إذا رُتّب الحكم على أوصاف، فهذه أوصاف لها تأثير فيه مجتمِعة، إذا كانت مجتمعة ثبت الحكم كله، وإن كانت غير مجتمعة ثبت من الحكم بقدر ما حصل.
* طالب: شيخ، قوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ في العمل والاستجابة؟
* الشيخ: يعني معناه أنهم إذا دعوا الله عز وجل استجاب للذكر وللأنثى؛ يعني لا يستجيب للذكر فقط، بل للذكر والأنثى، وأيضًا قلنا: إنه حتى العمل، الأعمال الصالحة المطلوبة من كل منهما يشتركان فيها في الثواب، ما يُفضّل الذكر على الأنثى في الثواب في عمل عملاه.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما هو لازم نقول مثله، ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ يعني أنكم شيء واحد.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك يا شيخ، من قام به مانع من موانع استجابة الدعاء، هل يدعو ولَّا يترك الدعاء؟
* الشيخ: إذا كان به مانع من موانع إجابة الدعاء فالواجب أن يُزيل هذا المانع.
* الطالب: أحيانًا يصرّ عليه؟
* الشيخ: يخشى، أقول: يخشى أن لا يستجاب له.
* الطالب: يقول: أنا أعلم.
* الشيخ: أيش أعلم؟
* الطالب: يقول: أنا أعلم أني واقع في هذا المحرم كأكل الربا؟
* الشيخ: طيب، إذا كان تعلم امتنع عنه، إذا كنت تريد أن تكون مجاب الدعوة فامتنع عنه.
* الطالب: ما نقول له: اترك الدعاء؛ لأن فيه استهزاء بالله؟
* الشيخ: لا لا، فيه رجاء، نقول: امتنع أنت عن هذا المحرّم ليستجاب لك.
* طالب: شيخ، (...) في هذا إخبار منهم بمنّة الله عليهم وتبجّح بنعمته، يعني كلمة تبجّح؟
* الشيخ: لا، ما ينبغي التعبير هذا فيه نظر.
* الطالب: بس يعني هذا، يعني الله سبحانه وتعالى يقصد التبجّح ولَّا الناس المؤمنون يتبجحون بنعمة الله سبحانه وتعالى عليهم؟
* الشيخ: لا هذه، ولا هذه، حتى ما تصلح سواء كان التبجح من الله بما أعطاهم أو منهم بما أعطاهم.
كلها سبب لتكفير السيئات وإدخال الجنات؛ لقوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ إلى آخره، وقد بسطنا القول في الفرق بين هذه الأوصاف، وأن بعضها يختلف عن بعض، وإن كان بعضها يلزم من بعض.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الإيذاء في سبيل الله يزداد الإنسان به أجرًا.
* ويتفرع على هذه القاعدة: أنه ينبغي للإنسان أن يصبر على الإيذاء في سبيل الله ما دام ينتظر الأجر به؛ لأن الإنسان كلما علم أنه ينال أجرًا وثوابًا بإيذائه فإنه لا بد أن يصبر عليه.
* من فوائد الآية الكريمة: فضيلة القتال في سبيل الله؛ لقوله: ﴿وَقَاتَلُوا﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: فضيلة القتل في سبيل الله إذا قُتل إنسان، ومعلوم أن القتل في سبيل الله من الشهادة في سبيل الله.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الأعمال الصالحة تُكفّر بها السيئات؛ أي: تُستر؛ لأن الكَفر مأخوذ من (السَّتْر)، ومنه (الكُفُرَّى) لوعاء طلع النخل، ويسمى باللغة العامية (الكافور) الغلاف الذي يكون على طلع النخل؛ لأنه يستره، فلهذا سمي ستر السيئات بالحسنات سمي تكفيرًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى ضمن ضمانًا مؤكدًا لهؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات الخمس ضمن لهم ضمانين؛ الضمان الأول: تكفير السيئات، والضمان الثاني: إدخال الجنات، وهذا الضمان مؤكّد بثلاثة مؤكدات، الأول؟ ﴿لَأُكَفِّرَنَّ﴾ و(لأدخلن).
* طالب: اللام والقسم.
* الشيخ: نعم، والثالث: نون التوكيد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: التشويق إلى الجنة ليزداد الإنسان قوة في العمل لها؛ لقوله: ﴿وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. والجنات في الأصل في اللغة العربية هي البساتين الكثيرة الأشجار؛ لأنها -أي البساتين الكثيرة الأشجار- تُجِنّ من فيها، أي: تستره وتغطيه.
* فيستفاد منها: التشويق إلى هذا الثواب العظيم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن في الجنة قصورًا؛ لقوله: ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ والتحت لا يكون إلا في مقابل أيش؟ الفوق العالي، وهو كذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الجنة فيها عدة أنهار، وهي مجملة هنا مفصّلة في سورة القتال، فهي في سورة القتال مفصّلة على أنها أربعة: ﴿أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا الجزاء مثوبة لهم من الله، فلله فيه المنة عليهم، وليس لهم المنة على الله بعملهم؛ لقوله تعالى: ﴿ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ ولو شاء الله لم يثبهم، ولو شاء الله لأثابهم دون ذلك، ولكنه بفضله جعل الثواب لهم هذا الثواب العظيم: ﴿ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى عِظم هذا الثواب، من أين تؤخذ؟ الإشارة إلى عظم هذا الثواب؟ من قوله: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ وذلك لأن العطية تعظم بحسب معطيها، والهبة تعظم بحسب واهبها، فإذا كان ذلك من عند الله كان هذا دليلًا على أنه ثواب عظيم؛ لأن الثواب من العظيم عظيم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يُتلقّى حسن الثواب إلا من الله؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ﴾ وحده ﴿حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ فلا تذهب تتلقّى الثواب من عنده؛ لأنه مهما أتاك من ثواب الخلق فإنه لن يكون مثل ثواب الله، فحُسن الثواب إنما هو عند الله وحده.
وفي هذه الجملة تأكيد لعِظم هذا الثواب؛ لأنه لما قال: ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ استفدنا منه عِظم الثواب، فإذا قال: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ استفدنا أيضًا فائدة تأكيد ما سبق، أن هذا الثواب ثواب عظيم، وأنه أحسن مثوبة يُثاب بها الإنسان: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾.
* هل يستفاد من هذه الآية الكريمة عُلوّ الله؟ نعم، ذهب بعض العلماء أنه كلما جاءت العندية فهي دليل على العلوّ، ولكنها في بعض المواضع ليست واضحة، في بعض المواضع واضحة، مثل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأعراف ٢٠٦] ومثل قوله: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأنبياء ١٩] فهنا الفوقية واضحة، لكن في مثل هذه الآية ليست ظاهرة جدًّا.
{"ayah":"فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّی لَاۤ أُضِیعُ عَمَلَ عَـٰمِلࣲ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۖ فَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَأُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِمۡ وَأُوذُوا۟ فِی سَبِیلِی وَقَـٰتَلُوا۟ وَقُتِلُوا۟ لَأُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ ثَوَابࣰا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلثَّوَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق