الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاسْتَجابَ لَهُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: «يا رَسُولَ اللَّهِ، لا أسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النِّساءَ في الهِجْرَةِ بِشَيْءٍ. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فاسْتَجابَ لَهم رَبُّهم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنكم مِن ذَكَرٍ أوْ أُنْثى﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ. قالَتِ الأنْصارُ: هي أوَّلُ ظَعِينَةٍ قَدِمَتْ عَلَيْنا» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿فاسْتَجابَ لَهم رَبُّهُمْ﴾ إلى آخِرِها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَطاءٍ قالَ: ما مِن عَبْدٍ يَقُولُ: يا رَبِّ، يا رَبِّ، يا رَبِّ ثَلاثَ مَرّاتٍ إلّا نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِ، فَذُكِرَ لِلْحَسَنِ فَقالَ: أما تَقْرَأُ القُرْآنَ: (p-١٨٨)﴿رَبَّنا إنَّنا سَمِعْنا مُنادِيًا﴾ [آل عمران: ١٩٣] إلى قَوْلِهِ: ﴿فاسْتَجابَ لَهم رَبُّهُمْ﴾ . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فالَّذِينَ هاجَرُوا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: هُمُ المُهاجِرُونَ، أُخْرِجُوا مِن كُلِّ وجْهٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««إنَّ أوَّلَ ثُلَّةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ لَفُقَراءُ المُهاجِرِينَ، الَّذِينَ تُتَّقى بِهِمُ المَكارِهُ، إذا أُمِرُوا سَمِعُوا وأطاعُوا، وإنْ كانَتْ لِرَجُلٍ مِنهم حاجَةٌ إلى السُّلْطانِ لَمْ تُقْضَ حَتّى يَمُوتَ وهي في صَدْرِهِ، وإنَّ اللَّهَ يَدْعُو يَوْمَ القِيامَةِ الجَنَّةَ، فَتَأْتِي بِزُخْرُفِها وزِينَتِها فَيَقُولُ: أيْنَ عِبادِي الَّذِينَ قاتَلُوا في سَبِيلِي وقُتِلُوا وأُوذُوا في سَبِيلِي وجاهَدُوا في سَبِيلِي؟ ادْخُلُوا الجَنَّةَ. فَيَدْخُلُونَها بِغَيْرِ عَذابٍ ولا حِسابٍ، وتَأْتِي المَلائِكَةُ فَيَسْجُدُونَ، ويَقُولُونَ: رَبَّنا نَحْنُ نُسَبِّحُ لَكَ اللَّيْلَ والنَّهارَ ونُقَدِّسُ لَكَ، مَن هَؤُلاءِ الَّذِينَ آثَرْتَهم عَلَيْنا؟ فَيَقُولُ: هَؤُلاءِ عِبادِي الَّذِينَ قاتَلُوا في سَبِيلِي، وأُوذُوا في سَبِيلِي، فَيَدْخُلُ المَلائِكَةُ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكم بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾ [الرعد: ٢٤] [الرَّعْدِ»: ٢٤]» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: «قالَ لِي (p-١٨٩)رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أتَعْلَمُ أوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتِي»؟ قُلْتُ: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ. قالَ: «المُهاجِرُونَ، يَأْتُونَ يَوْمَ القِيامَةِ إلى بابِ الجَنَّةِ ويَسْتَفْتِحُونَ، فَتَقُولُ لَهُمُ الخَزَنَةُ: أوَقَدْ حُوسِبْتُمْ؟ قالُوا: بِأيِّ شَيْءٍ نُحاسَبُ! وإنَّما كانَتْ أسْيافُنا عَلى عَواتِقِنا في سَبِيلِ اللَّهِ حَتّى مِتْنا عَلى ذَلِكَ» . قالَ: «فَيُفْتَحُ لَهم فَيَقِيلُونَ فِيهِ أرْبَعِينَ عامًا قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ النّاسُ»» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أبِي أُمامَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ««دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيها خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيَّ، فَقُلْتُ: ما هَذا؟ قالَ: بِلالٌ. فَمَضَيْتُ فَإذا أكْثَرُ أهْلِ الجَنَّةِ فُقْراءُ المُهاجِرِينَ وذَرارِيُّ المُسْلِمِينَ، ولَمْ أرَ أحَدًا أقَلَّ مِنَ الأغْنِياءِ والنِّساءِ، قِيلَ لِي: أمّا الأغْنِياءُ فَهم بِالبابِ يُحاسَبُونَ ويُمَحَّصُونَ، وأمّا النِّساءُ فَألْهاهُنَّ الأحْمَرانِ: الذَّهَبُ والحَرِيرُ»» . وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أبِي الصِّدِّيقِ، عَنْ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ««يَدْخُلُ فُقَراءُ المُؤْمِنِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ أغْنِيائِهِمْ بِأرْبَعِمِائَةِ عامٍ، حَتّى يَقُولَ المُؤْمِنُ الغَنِيُّ: يا لَيْتَنِي كُنْتُ عَيِّلًا» قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهم لَنا. قالَ: «هم (p-١٩٠)الَّذِينَ إذا كانَ مَكْرُوهٌ بُعِثُوا لَهُ، وإذا كانَ مَغْنَمٌ بُعِثَ إلَيْهِ سِواهُمْ، وهُمُ الَّذِينَ يُحْجَبُونَ عَنِ الأبْوابِ»» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««يَدْخُلُ فُقَراءُ المُسْلِمِينَ قَبْلَ الأغْنِياءِ الجَنَّةَ بِخَمْسِينَ سَنَةً، حَتّى إنَّ الرَّجُلَ مِنَ الأغْنِياءِ لَيَدْخُلُ في غِمارِهِمْ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُسْتَخْرَجُ»» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: يُجْمَعُونَ فَيُقالُ: أيْنَ فُقَراءُ هَذِهِ الأُمَّةِ ومَساكِينُها؟ فَيَبْرُزُونَ، فَيُقالُ: ما عِنْدَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: يا رَبِّ، ابْتُلِينا فَصَبَرْنا، وأنْتَ أعْلَمُ، ووَلَّيْتَ الأمْوالَ والسُّلْطانَ غَيْرَنا، فَيُقالُ: صَدَقْتُمْ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ سائِرِ النّاسِ بِزَمَنٍ، وتَبْقى شِدَّةُ الحِسابِ عَلى ذَوِي الأمْوالِ والسُّلْطانِ، قِيلَ: فَأيْنَ المُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: يُوضَعُ لَهم كَراسِيُّ مِن نُورٍ، ويُظَلَّلُ عَلَيْهِمُ الغَمامُ، ويَكُونُ ذَلِكَ اليَوْمُ أقْصَرَ عَلَيْهِمْ مِن ساعَةٍ مِن نَهارٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ قالَ: يا أيُّها النّاسُ، لا تَتَّهِمُوا اللَّهَ في قَضائِهِ؛ فَإنَّ اللَّهَ لا يَبْغِي عَلى مُؤْمِنٍ، فَإذا نَزَلَ بِأحَدِكم شَيْءٌ مِمّا يُحِبُّ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وإذا نَزَلَ بِهِ شَيْءٌ يَكْرَهُ فَلْيَصْبِرْ ولْيَحْتَسِبْ؛ فَإنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب