الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ إلى آخره.
(﴿فِي بُيُوتٍ﴾ متعلق بـ﴿يُسَبِّحُ﴾ الآتي) أيش معنى متعلق؟ الفعل يتعدى إلى المفعول بنفسه، وأحيانًا يتعدى إلى المفعول بحرف الجر، إذا تعدى إلى مفعول بحرف الجر يقال: هذا متعلق به، ولَّا في الحقيقة أن الجار والمجرور متعلق، وكذلك الظرف هو مفعول في الحقيقة، لكنه لا يتعدى إليه الفعل بنفسه، فـ﴿يُسَبِّحُ﴾ تعلق بها قوله: ﴿فِي بُيُوتٍ﴾ يعني: أن العامل في الجار والمجرور هو قوله: ﴿يُسَبِّحُ﴾.
(﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ تعظم ﴿وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ بتوحيده) إلى آخره.
﴿أَذِنَ﴾ المراد هنا الإذن الشرعي، المراد بالإذن: الشرعي، فمعنى ﴿أَذِنَ﴾ أي: شرع أن تُعظَّم، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «أَمر النبي ﷺ ببناء المساجد في الدُّور -يعني: في الحارات- وأن تُطَيَّب»[[أخرجه أبو داود (٤٥٥)، والترمذي (٥٩٤)، وابن ماجه (٧٥٨) من حديث عائشة.]].
وهذا دليل على أن الإذن هنا بمعنى أيش؟ الشرع، وقد سبق أن قررنا أن الإذن ينقسم إلى قسمين: إذن كوني وإذن شرعي.
فمثال الإذن الكوني: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة ٢٥٥]، ومثال الإذن الشرعي ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١] هذه ما تصح أن تكون إذنًا قدريًّا كونيًّا، لماذا؟ ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾، لا تصح أن تكون إذنًا كونيًّا قدريًّا، لماذا؟
لأن الإذن القدري الكوني لم ينتفِ؛ فإنهم شرعوا، وما شرعوا إلا بإذن الله كونًا وقدرًا، فإذن ﴿مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ أي: شرعًا ولا بد.
على كل حال الآن الإذن -إذن الله- ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي؛ فالكوني مثله في قوله تعالى.
* طالب: (...).
* الشيخ: طيب والشرعي ﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾.
وقد يأتي الإذن بمعنى الاستماع، كقوله ﷺ: «مَا أذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ إِذْنَهُ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٢٤)، ومسلم (٧٩٢ / ٢٣٢) من حديث أبي هريرة.]] معناه: ما أذن الله لشيء أي: استمع لشيء مثل استماعه لهذا النبي الذي يتغنى بالقرآن يجهر به.
إذن ﴿أَذِنَ اللَّهُ﴾ في الآية التي معنا ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ من أي الإذنين؟ الشرعي.
هل يتعين أن تكون للشرعي؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ولماذا؟
* طالب: ﴿فِي بُيُوتٍ﴾.
* الشيخ: طيب ﴿فِي بُيُوتٍ﴾ جوابكم صحيح، لكن التعليل لو أذن بذلك قدرًا لكانت المساجد تُعظَّم ولا بد، وتُرفع ولا بد؛ لأن الإذن الكوني أو القدري -والمعنى واحد- لا بد فيه من وقوع المأذون. كل ما يتعلق بالأمور الكونية لا بد من وقوعه، فلو كان المراد بالإذن هنا: الإذن الكوني لكان رفع المساجد أيش؟ أمرًا حتميًّا، مع أننا نجد أن المساجد أحيانًا لا تُرفَع ولا تُعظَّم، بل تُمنَع ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البقرة ١١٤].
طيب ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ﴾ أي: شرع ﴿أَنْ تُرْفَعَ﴾ تعظم، وفي الحقيقة أن رفعها أعم من التعظيم، تُرفَع بالتعظيم وبغيره، لكن صحيح أظهر ما يكون الرفع هو التعظيم.
﴿وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ أي: اسم الله، والمراد: أن الله يُذكر بأسمائه؛ لأنه إذا ذُكر الاسم ذُكر المسمَّى.
وقوله: ﴿يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ بأي شيء يذكر؟
* طالب: بالصلاة.
* الشيخ: إي نعم، بالقراءة والتسبيح كما سيأتي أيضًا، المهم يُذكر فيها اسمه بالثناء والتمجيد، وهذا يشمل الصلاة وغير الصلاة.
ثم قال: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ﴾ وهذا التنزيه، فيكون في الآية إشارة إلى أمرين: إلى إثبات الكمال في قوله: ﴿يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾، وإلى نفي النقص في قوله: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ﴾ إلى آخره.
وقوله تعالى: (﴿يُسَبَّحُ﴾ بفتح الموحدة وكسرها أي: يُصلَّى).
﴿يُسَبَّحُ﴾ فيها قراءتان سبعيتان: الفتح والكسر. وسيأتي -إن شاء الله- تخريج كل منهما في موعده.
وقوله: (أي: يُصلِّي)، هذا فيه نظر إن قصد بذلك حصر التسبيح بالصلاة، وإن قصد بذلك التمثيل فهذا صحيح؛ فإن قوله: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا﴾ أعم من كونهم يصلون، بل هم يسبحون الله بالصلاة وغيرها مما يكون به تنزيه الله سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ﴾.
(يُصَلِّي ﴿لَهُ﴾ أي: لله ﴿فِيهَا بِالْغُدُوِّ﴾ مصدر بمعنى الغدوات، أي: البُكَر، ﴿وَالْآصَالِ﴾ العشايا من بعد الزوال).
قوله: ﴿بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ (الغدو) يقول المؤلف: إنها جمع، مصدر غدا يغدوا غدوًّا، لكنها بمعنى الجمع، (غُدُوّ) مصدر بمعنى الجمع، بمعنى الغدوات، يعني: أول النهار، وإنما لجأ المؤلف إلى جعل الغدو بمعنى الغدوات للمطابقة، ويش هي المطابقة؟ ﴿وَالْآصَالِ﴾، مطابقة ﴿وَالْآصَالِ﴾؛ لأن الآصال: جمع أصيل، وهو آخر النهار.
وقوله: هي العشايا، جمع عشي أيضًا، ما كان بعد الزوال، وفي حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين «قال: صلى بنا رسول الله ﷺ إحدى صَلَاتَيِ العَشِيِّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٢)، ومسلم (٥٧٣ / ٩٧) من حديث أبي هريرة.]] يقول الراوي عن أبي هريرة.
أقول: الغُدُوّ: مصدر بمعنى الجمع، أي: الغدوات، ﴿وَالْآصَالِ﴾ جمع أصيل، أي: العشايا، أي: آخر النهار.
طيب وين الصلوات إذا قلنا: ﴿يُسَبِّحُ﴾ بمعنى (يصلي)؟ ويش يكون بالغدو؟ صلاة الفجر، والعشي: الظهر والعصر، وأيش يبقي عندنا؟ المغرب والعشاء، وهي مما يُصلَّى في المساجد. ولهذا نرى أن الصواب في ذلك أن التسبيح أعم من الصلوات. ثم إنه يحتمل أن يُقصد بالغدو والآصال: جميع الوقت، كما في قوله تعالى في أهل الجنة: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم ٦٢]، الرزق لأهل الجنة هو دائم ولّا بس الصبح وآخر النهار؟ دائم، لكن يقال هكذا والمراد الدوام، فإما أن تحمل الغدو والآصال على معنى الدوام، أي: يسبحون دائمًا، أو على معنى أول النهار وآخره، فيكون هذا إشارة للتسبيحات التي تُذكر في أول النهار وفي آخره، ومنها صلاة الفجر وصلاة العصر؛ فإن الصلاتين هاتين أفضل الصلوات، كما جاء في الحديث الصحيح: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٧٤)، ومسلم (٦٣٥ / ٢١٥) من حديث أبي موسى الأشعري.]]، وقال ﷺ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣ / ٢١١) من حديث جرير بن عبد الله.]]، أيش يعني؟ الفجر والعصر.
على كل حال الغدو والآصال إن أريد بهما حقيقتاهما، وهو أول النهار وآخره، كان في ذلك إشارة إلى أي شيء؟ إلى ما يقال من التسبيح والتعظيم لله والتهليل في أول النهار وآخره، وكذلك أيضًا إلى صلاة الفجر وصلاة العصر.
وإن قلنا: المراد بالغدو والآصال المراد: كل الدهر، وأن هذا من باب ذكر الطرفين ليشمل الجميع، كما في قوله: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم ٦٢]؛ فإنه يشمل كل ما يسبح لله تعالى في المساجد في أول النهار وآخره، وفي الليل؛ أوله وآخره ووسطه.
* * *
وقوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ﴾ [النور ٣٦، ٣٧] (فاعل يسبح بكسر الباء، وعلى فتحها نائب الفاعل له، و(رجال) فاعل فِعل مقدَّر جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: من يسبحه؟).
الآن توجيه القراءتين السابقتين ﴿يُسَبِّحُ﴾، و﴿يُسَبَّح﴾ :
إذا كانت ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾: ﴿يُسَبِّحُ﴾ مبني للفاعل ولّا للمفعول؟
* طالب: للفاعل.
* الشيخ: للفاعل، وعليه يكون قوله: ﴿رِجَالٌ﴾ فاعل (يسبح) أو لا؟ واضح.
على قراءة ﴿يُسَبَّح﴾ يكون الفعل مبنيًّا للمفعول، يحتاج إلى نائب فاعل، ما يصلح أن يكون ﴿رِجَالٌ﴾ نائب فاعل؛ لأنه لو كان نائب فاعل كان اللي يسبحون من؟ الرجال، وهذا شيء غير ممكن، إذن أين نائب الفاعل؟
نائب الفاعل الجار والمجرور في قوله: ﴿لَهُ﴾: ﴿يُسَبَّح لَهُ﴾ ، وإذا لم يوجد المفعول، يعني في الفعل المبني للمفعول، ناب عنه الظرف والجار والمجرور، مثلما لو قلت: (قِيلَ قولٌ).. لا هذه نائب فاعل صريح. (ضُرب الضربُ) وما أشبه ذلك، فإنه ينوب عن المفعول به.
يقول ابن مالك:
؎وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ ∗∗∗ أَوْ حَـــــرْفِ جَـــــرٍّ بِنِيَابَــــــةٍحَـــــــــــرِي
اللي معنا الآن ﴿يُسَبَّحُ لَهُ﴾ إذا قلنا: ﴿لَهُ﴾ هو نائب الفاعل..
قِيلَ قولٌ، لا، هذه نائب فاعل صريح، ضُرِبَ الضربُ، وما أشبه ذلك، فإنه ينوب عن المفعول به، ابن مالك:
؎وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ اوْ مِنْ مَصْدَرِ ∗∗∗ أَوْ حَــرْفِ جَرٍّ بِنَيَابَـــةٍحَــــــرِي
اللي معنا الآن ﴿يُسَبَّحُ لَهُ﴾ [النور: ٣٦] إذا قلنا: (له) هو نائب الفاعل هو الظرف ولَّا حرف جر؟ البيت في الألفية:
؎وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ اوْ مِنْ مَصْدَرِ ∗∗∗ أَوْ حَــرْفِ جَرٍّ بِنَيَابَـــةٍحَــــــرِي
من أي الثلاثة ذا؛ ﴿يُسَبَّحُ لَهُ﴾ ؟ حرف الجر.
يبقى الإشكال في ﴿رِجَالٌ﴾ [النور: ٣٧] على قراءة ﴿يُسَبَّحُ﴾ ، نقول: ﴿رِجَالٌ﴾ فاعل لفعل محذوف، هذا الفعل المحذوف أوجبه كلمة ﴿يُسَبَّحُ﴾ ؛ لأن ﴿يُسَبَّحُ لَهُ﴾ كأنه قيل: من يسبح أو من يسبح له؟ فقيل: رجال، وعلى هذا فتكون ﴿رِجَالٌ﴾ فاعلًا لفعل محذوف دل عليه الفعل المذكور وهو ﴿يُسَبَّحُ﴾ ، واضح؟
إذن (يسبح) فيها قراءتان سبعيتان؛ فتح الباء وكسرها، وتبين الآن توجيه كلٍّ من القراءتين.
(﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ﴾ أي: شراء، ﴿وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ حذفت هاء (إقامة) تخفيفًا، ﴿وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ﴾ تضطرب، ﴿فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ من الخوف؛ القلوب بين النجاة والهلاك، والأبصار بين ناحيتي اليمين والشمال وهو يوم القيامة).
يقول الله عز وجل: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ﴾ كلمة (رجال) تدل على المدح والثناء، كما يقال: فلان رجل؛ أي: أنه اتصف بصفة الرجولة، فكلمة (رجال) لا شك أنها تدل على الثناء؛ ولذلك لا تطلق إلا على البالغ العاقل.
وقوله: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ﴾ لم يقل: لا يبيعون ولا يشترون؛ لأن الذي لا يبيع ولا يشتري قد يأتي إلى المسجد ليسد الفراغ، لكن يبيع ويشتري وهو بصدد (...).
إليه، لا لأنه سايب ما له عمل ولا له شغل، فهمتم الآن؟ وهذا أبلغ في الثناء كونهم يبيعون ويشترون، لكن هذا البيع والشراء لا يلهيهم عن ذكر الله.
وقوله تعالى: ﴿تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ﴾ المؤلف فسر التجارة بالشراء لماذا؟
* طالب: تفسير بالمقابل.
* الشيخ: في مقابلة ﴿بَيْعٌ﴾، ولكنه تفسير ليس بصحيح؛ لأن الشراء مفهوم من بيع؛ إذ لا يوجد بيع إلا بشراء، لكن التجارة أعم من البيع، قد يلهو الإنسان بتجارته لتصنيفها وتبويبها وحفظها وصيانتها، وما أشبه ذلك، أليس هكذا؟ ربما ما هو يبيع ويشري لكن يلهو بطريق آخر بهذه التجارة؛ لذلك الآية نقول: المراد بالتجارة ما يتجر به الإنسان ولهوه به ليس بالشراء، بل ما هو أعم، أما الشراء فمفهوم من البيع؛ لأنهم إذا شروا فقد باع عليهم غيرهم، وإذا باعوا فقد اشترى منهم غيرهم.
وقوله: ﴿عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ يعني: التجارة ما تلهيهم عن ذكر الله، يقدِّمون ذكر الله على تجارتهم، لكن الناس في هذا الباب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام في مسألة التجارة والذكر؛ منهم من يقدم التجارة على الذكر، وهذا خاسر؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون ٩]، لو ربحوا في الأموال والأولاد فهم خاسرون، هذا قسم.
القسم الثاني: من لا تلهيه التجارة ولا الأموال والأولاد عن ذكر الله، لكن يعمل هذا في محله وهذا في محله، فهذا رابح، ما فاته ماله وولده ولا فاته ذكر الله؛ أتى لهذا بنصيبه ولهذا بنصيبه.
القسم الثالث: من هو أعلى من هذا؛ من يجعل تجارته وولده من ذكر الله، بحيث يقصد بهذه التجارة الاستعانة على طاعة ربه وعلى بذل أمواله فيما يرضي ربه، وهو كذلك بالنسبة للأولاد؛ يجعل اشتغاله بهم لتربيتهم والتأمل في نعمة الله عليه بهم، وما أشبه ذلك، هذه هي المرتبة العليا.
وعلى هذا يكون هذا الرجل رابحًا في الطرفين، صح ولَّا لا؟ في الطرفين في آن واحد، والقسم الثاني رابح في الطرفين لكن على التناوب؛ يربح في هذا ويعطيه ما يستحق، ويربح في هذا ويعطيه ما يستحق، أما الثالث الأخير فهذا شأنه شأن كبير، ولكن قلَّ من يوجد بهذه الصفة، قلَّ وهو نادر جدًّا، وأكثر الناس اليوم من أي الأقسام؟
* طلبة: الأول.
* الشيخ: من القسم الأول اللي هو في الحقيقة أخيرًا في المرتبة وأولًا في الذكر، أكثر الناس اليوم هكذا.
* طالب: الثالث.
* الشيخ: الثالث؛ من جعل اشتغاله بتجارته ذكرًا لله.
أقول: ﴿وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ (إقام) بمعنى (إقامة)، لكن حذفت التاء تخفيفًا، وإقام الصلاة ليس مجرد فعلها، بل هو أمر فوق الفعل، يعني ويش معنى: أقام الشيء؟ جعله قيِّمًا مستقيمًا، وذلك بفعل شروطها وأركانها وواجباتها، فما كل مصلٍّ مقيمًا للصلاة؛ ولهذا تجدون أن الثناء الذي يذكره الله في القرآن، بل والأوامر التي يأمر الله بها في القرآن غالبًا، ويش نقول؟ بالإقامة؛ لأن ذلك هو الأصل ليس مجرد فعل الصلاة؛ ولهذا نجد أنه يصلي رجلان مع الإمام أفعالهما واحدة، ودخولهما في الصلاة واحد، وخروجهما منها واحد، ولكن بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض، لماذا؟ لأن أحدهما أقام الصلاة، والآخر صلى فعلًا بس، لكن الأول أقامها خاشعًا مستحضرًا مخلصًا، يرجو ثواب الله ويخاف عقاب الله.
(إقام الصلاة) المذكور في القرآن كثيرًا بماذا بيِّن؟ بيِّن بالسنة، فيه أشياء مبينة في القرآن، لكن غالب ذلك مبين بالسنة، بينته سنة الرسول ﷺ، وبهذا نعرف أن السنة ضرورية في الشرع، وأن من أنكرها فقد هدم جانبًا كبيرًا من الشرع، وقد وجد بعض الناس أنكر السنة، والعياذ بالله.
وسمعنا أن بعض الزعماء من العرب صاروا يصادرون كتب السنة، قيل لي: إنهم يصادرون البخاري ومسلمًا من المكاتب حتى لا تنتشر سنة الرسول ﷺ بين أمته، والعياذ بالله، وهذا لا شك أنه كفر؛ يعني الذي يبيح لنفسه أن يصادر كتب الحديث التي تلقتها الأمة بالقبول، هم لو صادروا كتبًا مضلة ضعيفة موضوعة لكنا نحمدهم على هذا الأمر، لكن يصادرون كتبًا صحيحة تلقتها الأمة بالقبول وعلمها المسلمون واعتبروها سندًا، هؤلاء لا شك أنهم كفار؛ لأنهم كفروا بسنة الرسول ﷺ، بل بالقرآن نفسه؛ لأن الله يقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾ [الأحزاب ٢١]، ويقول: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء ٨٠]، ويقول: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران ٣١]، ويقول: ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر ٧]، ويقول: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب ٣٦].
على كل حال الآيات في هذا كثيرة وبينة وواضحة، فإقامة الصلاة من هذا النوع ما بينها بيانًا كافيًا إلا سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ﴿وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾ أي: إعطائها، والزكاة معروفة لنا وهي الجزء الذي أوجبه الله تعالى في أموالنا، ولم يبين المؤتى إليه لكنه مبين في القرآن في سورة التوبة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة ٦٠]، هذه الذي يؤتى إليه الزكاة.
﴿وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ قوله: ﴿يَخَافُونَ﴾ هذه صفة لـ﴿رِجَالٌ﴾، لا تلهيهم وهم أيضًا في هذه الأحوال يخافون يومًا؛ يخافون في حال تسبيحهم بالغدو والآصال، وفي حال إقامتهم الصلاة وإيتاء الزكاة، وفي حال عدم لهوهم بالتجارة والبيع، كل هذه الأعمال مبنية على هذه العقيدة والأساس.
﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ﴾ خوفهم من هذا اليوم يدل على إيمانهم به ولَّا لا؟ يدل على إيمانهم به؛ إذ لا يخاف الإنسان من شيء لا يؤمن به، فهو يدل على أن عندهم تمام الإيمان واليقين باليوم الآخر؛ ولذلك يخافونه؛ يخافون هذا اليوم.
هذا اليوم وصفه الله بقوله: ﴿تَتَقَلَّبُ﴾ تضطرب فيه، ﴿الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ ﴿تَتَقَلَّبُ﴾ التقلب معروف هو تغير الهيئة من حال إلى حال، وهذه القلوب تتقلب؛ تضطرب وتنتقل من حال إلى حال، كيف؟ تقلب القلوب يقول: (بين النجاة والهلاك)، ما يدري الإنسان هل ينجو أو يهلك؟ فقلبه متقلب مضطرب؛ أحيانًا يغلب عليه الرجاء، وأحيانًا يغلب عليه الخوف، كذلك الأبصار تتقلب.
يقول المؤلف: (من ناحية اليمين والشمال)؛ لأنه الناس (...) ما كأنهم عقلاء؛ ولهذا قال الله عز وجل: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج ٢]، ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ [إبراهيم ٤٢، ٤٣] واحد إذا رأيته كأنه مجنون، كأنه سكران من شدة الهول، وما ظنك بالقلب حينئذٍ؟ لا شك أنه في الحقيقة سوف يتقلب ويضطرب ولا يدري المآل، هذا الذي يحصل يوم القيامة.
يقول: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور ٣٨] ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ (أي: ثوابه، وأحسن بمعنى: حسن)، ما شاء الله، اللام في قوله: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ﴾ هل هي للعاقبة وأن عاقبتهم هذا، أو هي للتعليل أيضًا؛ يعني أنهم يسبحون ويخافون لأجل أن يجزيهم الله أحسن ما عملوا، فيكون هنا جمعوا -على قول لام التعليل- جمعوا بين الخوف والرجاء، أو نقول: للعاقبة، وأنهم يعملون تلك الأشياء خوفًا من الله عز وجل، فتكون عاقبتهم الأمن التام مع الثواب الجزيل؟ فيه احتمالان؛ إما أن تكون اللام للعاقبة؛ يعني أنهم يسبحون ويخافون، وتكون عاقبتهم تلك وهو الأمن مما يخافون وحصول الثواب الجزيل، أو أنها للتعليل؛ يعني أنهم يفعلون ذلك لانتظار الجزاء.
﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ ثم هنا نناقش المؤلف.
قال المؤلف: (أي: ثوابه)؛ لأنهم في الحقيقة لا يجزون بنفس العمل وإنما يجزون بأي شيء؟
* طلبة: الثواب.
* الشيخ: بثوابه، الجزاء: الثواب؛ لذلك احتاج المؤلف أن يقدِّر العمل بثواب العمل؛ لأنه هو الذي به الجزاء، هذه واحدة.
الثانية: يقول: (أحسن بمعنى: حسن)، ليش؟ لأنه توهم المؤلف، أو ربما يتوهم المتوهم أن الجزاء إنما يقع على أحسن ما يعمل الإنسان، والحقيقة أن الجزاء يقع على الأحسن والحسن، أليس كذلك؟ عندما يعمل الإنسان حسنًا، فإن الجزاء يكون على الحسن والأحسن، ولكن هذا التوهم لا يرد على تقدير المؤلف وهو أن المراد ليجزيهم الله ثوابه، يصير المعنى: ليجزيهم الله أحسن ثواب ما عملوا، وعليه فلا إشكال إطلاقًا، ولا نؤول (أحسن) بمعنى (حسن)؛ لأن تأويل (أحسن) بمعنى (حسن) تحريف، أيهما أكمل؟ أحسن؛ فلذلك نقول: الآية على ظاهرها، واسم التفضيل على بابه، والمعنى: أنهم يجزون أحسن ثواب لعملهم، كيف ذلك؟ الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مئة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، والإنسان لو عملت له عملًا وأعطاك أجرك مرتين، ويش يصير هذا؟ أحسن ثواب، لكن ثواب الله عز وجل أحسن وأحسن؛ لأن الله يضاعف لمن يشاء، فالأولى بل الواجب أن تبقى (أحسن) على ما هي عليه من التفضيل.
نقول: (أحسن)؛ أي: أحسن ثوابٍ لعملهم، بيكون هنا الأحسن ليس للعمل، ويش الأحسن له؟ الأحسن للثواب.
بقي علينا على التقدير الأول: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾، لماذا جعل الله تعالى الحسن للعمل نفسه مع أن الحسن للثواب؟ إشارة إلى أن الجزاء بقدر العمل؛ ولذلك عبِّر به عنه؛ العمل، كما تدين تدان.
فالإنسان الذي لا يصلي مثلًا، هل يثاب ثواب المصلي؟ لا، والذي لا يزكي لا يثاب ثواب المزكي، وهكذا، فالجزاء على العمل؛ ولذلك عبِّر به -أي بالعمل- عن جزائه، إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل، لكنه جزاء أحسن ما يكون.
وقال تعالى: ﴿وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (يقال: فلان ينفق بغير حساب؛ أي: يوسِّع، كأنه لا يحسب ما ينفقه)، قوله: ﴿وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ هذا زائد على ثواب العمل، وذلك ما يحصل من زيادة الأعمال الصالحة، وزيادة الرزق في الدنيا، وزيادة ما يدخر لهم عند الله في الجنة، كالنظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، كما جاء في الحديث الصحيح[[أخرجه مسلم (١٨١ / ٢٩٨) من حديث صهيب.]]، في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس ٢٦] أن المراد بالزيادة: الزيادة من الرزق في الدنيا، الزيادة من الثواب في الآخرة بالنظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ المعنى: أنه سبحانه وتعالى يعطي بغير تقدير، لكن ويش معنى: بغير تقدير؛ كيف نقول: بغير تقدير مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد ٨]؟
الجواب: أن هذا كناية عن كثرة العطاء؛ ولهذا يقال كما قال المؤلف: (فلان ينفق بغير حساب)، أيش معناه؟ يعني: يعطي عطاء كثيرًا لا حد له، وإلا فإن الله تعالى قد قدَّره بعلمه وحكمته، كل شيء حتى نقطة المطر إذا نزلت في الأرض فإنها بمقدار.
إذن يكون معنى قوله: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي: بغير مقدار، وهو كناية عن أيش؟ عن كثرة ما ينفق، لا عن كونه ينفق هكذا بدون أن يشعر بما ينفق، بل هو سبحانه وتعالى يعلم ما يرزق، وكيف يرزق، وأين يرزق، ولكنه تعالى لكثرة عطائه كالذي لا يحسب.
* في هذه الآية من الفوائد فوائد كثيرة؛ منها: فضيلة المساجد، وبماذا نستدل عليه؟ بقوله: ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾، فإن إذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يدل على شرفها؛ لأن المكان يشرف بشرف العمل فيه، كما أن الزمان أيضًا يشرف بشرف العمل فيه، لماذا كان رمضان شريفًا؟ لمشروعية الصيام فيه وإنزال القرآن، ولماذا كانت (...) شريفة؟ لأن فيها المناسك وذكر اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وهكذا.
* إذن يستفاد من ذلك: شرف المساجد؛ لأنها محل ذكر الله عز وجل وتعظيمه.
* فيه أيضًا: مشروعية تعظيم المساجد، ومن ذلك؛ من تعظيمها: أن تطيب، ومن ذلك أيضًا: أن تنظف عن الأذى والأقذار.
هل نقول: ومن ذلك أن ترخرف؟ لا؛ ولهذا جاء في الحديث: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ» وحديث ابن عباس: «لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى»[[أخرجه أبو داود (٤٤٨) من حديث عبد الله بن عباس.]]، فالزخرفة هذا شيء لا يليق بالمساجد؛ لأن المساجد ليست بيوت دنيا، وإنما هي بيوت عمل للآخرة، لكن تنظف عن الأذى والأقذار وتطيَّب، وفرق بين التنظيف عن الأذى وبين إحداث الزخرفة؛ فإن التنظيف عن الأذى تنقية، لكن الزخرفة إيجاد أشياء لا تتناسب مع المساجد.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، تعظيم المسجد: ألَّا تدخل بالنعلين إلا وقد نظفته.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي، اللباس ما أدخل به.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ولا (...) ضرورة، نقول: السنة أن تصلي في النعلين؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بذلك[[أخرجه أبو داود (٦٥٠) من حديث أبي سعيد الخدري، وفيه: «وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا».]] وفعله بنفسه أيضًا[[متفق عليه؛ البخاري (٣٨٦)، ومسلم (٥٥٥ / ٦٠) من حديث أنس بن مالك.]].
* طالب: (...)؟
* الشيخ: البيوت؟
* طالب: إي.
* الشيخ: لا، الدور في اللغة: الحارات، يقال: هذه دار بني فلان، وهذه دار بني فلان؛ يعني: حارتهم، إي نعم (...) ذكر الله.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، الأكل في المساجد، هذه تأتي إن شاء الله فيما بعد.
* * *
مثل -سلمك الله الأهوال عندما تحدث- لو بشِّر الإنسان؛ فإما أن ينسى ما بشِّر به لشدة الهول، وإما أن يخاف من أمر يصيبه قبل أن يصل إلى ما بشِّر به، واضح؟ عندنا مثلًا يقول لك الملك -ولله المثل الأعلى- ترى فأنت أعمل ما عليك، وتشوف الجلد في الناس والأسر والأخذ، ما تخاف؟ لا بد يحصل عندك خوف، مع أن هذا نقوله على سبيل التقريب، وإلا أهوال يوم القيامة ما يتصورها الإنسان.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، الرسل عليهم الصلاة والسلام يعبرون الصراط ويقولون: اللهم سلم، اللهم سلم[[متفق عليه؛ البخاري (٨٠٦)، ومسلم (١٨٢ / ٢٩٩) من حديث أبي هريرة.]]. (...)
كملنا الكلام على ما يستفاد من الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ والآن نبدأ ذلك جميعًا، بدأنا ذكر الفوائد فنقول، وبالله نقول سبحانه وتعالى:
* فيها: تعظيم شأن المساجد؛ لقوله: ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾، فإن هذا دليل على تعظيم شأنها.
وبينَّا أن الإذن ينقسم إلى قسمين وهو: شرعي وكوني، والفرق بينهما: أن الشرعي ما يتعلق فيما شرعه الله وأحبه، والكوني فيما قدره سواء شرعه أو لم يشرعه، وذكرنا على ذلك أمثلة.
* وفيه أيضًا: فضيلة ذكر الله سبحانه وتعالى في المساجد؛ لقوله: ﴿وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾.
فضيلة تنظيف المساجد وحمايتها من الأذى؛ لقوله أيش؟ ﴿أَنْ تُرْفَعَ﴾، فإن هذا من رفعها؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ»[[أخرجه أبو داود (٤٦١)، والترمذي (٢٩١٦) من حديث أنس بن مالك.]].
* وفيها: أن الذكر الأفضل أن يكون بالقلب واللسان، يؤخذ من أين؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ﴿يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾؛ لأنه ما يمكن ذكر الاسم إلا باللسان.
* وفيها أيضًا: فضيلة التسبيح؛ لقوله: ﴿يُسَبِّحُ﴾.
* وفيها أيضًا: الجمع بين إثبات الكمال لله ونفي النقص عنه، من أين؟ ﴿يُذْكَرَ﴾ و﴿يُسَبِّحُ﴾؛ ﴿يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ هذا إثبات صفة الكمال، ﴿يُسَبِّحُ﴾ نفي صفة النقص، عرفتم؟ وأظن سبق لنا قاعدة مهمة في باب التوحيد في الأسماء والصفات على أن النفي لا يراد به مجرد النفي، وإنما يراد..
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، مع النفي إثبات كمال ضده، فإذا نفى الله عن نفسه سبحانه وتعالى أنه يظلم ليس معنى ذلك مجرد نفي الظلم، ولكن من أجل إثبات كمال العدل؛ من أجل كمال عدله لا يظلم؛ لأن نفي الظلم مثلًا قد يكون من العجز عن الظلم، وقد يكون لعدم قابلية هذا المحل لكونه ظالمًا، عرفتم؟ قلنا مثلًا: إنه يقال: الجدار لا يظلم، لماذا؟
* طالب: ليس له قابلية.
* الشيخ: إي، ليس قابلًا للظلم، القابلية معدومة، وتقول مثلًا: هذا الرجل الضعيف المهين -لرجل ضعيف مهين- تقول: هذا لا يظلم.
* طالب: لعجزه.
* الشيخ: لعجزه، فلا يكون مدحاً، لكن عندما تقول لقادر قابل لأن يكون ظالمًا من حيث هو ذاته، فهذا دليل على كمال عدله؛ ولهذا نفى الله الظلم عن نفسه متمدحًا به تبارك وتعالى، ولو كان غير قابل للظلم -كما قالت الجبرية- ما صح النفي.
* وفيها أيضًا: فضيلة التسبيح في الصباح والمساء، إذا قلنا: إن المراد بالغدو والآصال هذين الوقتين، فإذا قلنا: المراد بالغدو والآصال معناه: الاستمرار دائمًا، وإنما ذكر هذين؛ لأنهما طرفا النهار، لم يكن في هذا دليل على تخصيص هذين الوقتين، ولكن الظاهر من الأدلة أن لهذين الوقتين مزية؛ لأن الله دائمًا يأمر بالتسبيح في هذين الوقتين.
* وفيها أيضًا: دليل على أنه كلما قوي الصارف ولم ينصرف الإنسان فهو أكمل ممن لا صارف له، من أين تؤخذ؟ ويش الوجه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: تمام، صحيح، فهم -مثلًا- هؤلاء الرجال لو كانوا ما يعرفون التجارة ولا يستطيعون التجارة قلنا: إن لجوءهم إلى بيوت الله من باب الضرورة؛ يعني لأجل (...) الوقت على أنفسهم ويتسلون بذلك، لكنهم قوم لهم تجارة، الصارف عن ذكر الله في المساجد موجود وهو التجارة، لكنها مع ذلك لا تلهيهم.
* وفيها أيضًا: دليل على جواز الاتجار، وجهه أنه أثبت أنهم يتجرون في مقام المدح، ولو كان الاتجار حرامًا أو مذمومًا ما صح أن يؤتى به في سياق المدح، فالتجارة لا بأس بها، ما يقال للإنسان: لا تتجر، لا تعمل.
ولكن على كل حال للناس أغراض في تجاراتهم؛ أحد يريد بالتجارة أن تكون وسيلة له إلى الآخرة، وأناس يريدون بالتجارة الدنيا فقط، واختلاف الناس في هذا باب واسع، فمن اتجر ليكسب مالًا يعين به محتاجًا، ويتقرب به إلى الله، ويفعل مشاريع الخير، هذا يحمد عليه؛ ولهذا جعله النبي عليه الصلاة والسلام قرينًا لأي شيء؟ جعله قرينًا للعلم النافع حيث قال: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَعْلِّمُهَا، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٣)، ومسلم (٨١٦ / ٢٦٨) من حديث عبد الله بن مسعود. ]]، وهذا دليل على فضيلة المال إذا كان عونًا على طاعة الله.
* وفيه دليل: على فضيلة إقامة الصلاة، أيش وجه ذلك؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن أيش إقامة الصلاة له شأن ومزية؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: من اللي يعرف؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا
* طالب: (...).
* الشيخ: (...)، لا أنا قصدي أن الصلاة لها مزية على غيرها.
الصلاة هي من ذكر الله ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: هي من ذكر الله، فخصها بالذكر من بين الذكر، والتخصيص بعد التعميم يدل على فضيلة المخصص ومزيته، ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر ٤] الروح جبريل، خصه بالذكر مع أنه من الملائكة لشرفه وفضله، فتخصيص الصلاة وإقامتها بعد ذكر ما هو أعم دليل على مزيتها، وكذلك أيضًا إيتاء الزكاة.
وهاتان العبادتان هما أفضل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة؛ لأن إقامة الصلاة هي الركن الثاني، وإيتاء الزكاة الركن الثالث، ودائمًا يقرن الله سبحانه بينهما في القرآن.
* وفيه دليل أيضًا: على أن من تعبَّد لله خوفًا فهو محمود، من أين تؤخذ؟ ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا﴾، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على من تعبَّد خوفًا من العذاب فقال: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان ٧]، وهنا قال: ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾، وأثنى الله تعالى على من تعبد طلبًا: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩].
وفي هذا رد بيِّن على من ذهب من الصوفية أو غيرهم إلى أن الأفضل في التعبد ألَّا يقصد الإنسان حظًّا لنفسه، وإنما يعبد الله لذاته فقط؛ يعني عندما تعبد الله لا تقصد أنك تريد فضل الله أو تحذر عقابه، يقول: اعبد الله لله.
فيقال لهم: لستم أكمل حالًا من النبي ﷺ وأصحابه، وقد ذكر الله عنهم أنهم كانوا ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح ٢٩]، ولستم أكمل حالًا ممن أثنى الله علهم من الأبرار، ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الإنسان ٥] إلى أن قال: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان ٧]، ولا شك أن الإنسان الذي يعبد الله سبحانه وتعالى لينال فضله وينجو من عقابه هو يريد الوصول إلى رضوان الله وإلى رؤية الله عز وجل؛ لأن من جملة النعيم في الجنة رؤية الله سبحانه وتعالى.
* وفي هذا دليل: على عظم يوم القيامة وأهواله الشديدة؛ لقوله: ﴿تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾.
(...) ليست خاصة، بل (أل) فيها للعموم؛ يعني كل القلوب تتقلب، وكل الأبصار تتقلب، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يخافون ويخشون، ولكن مع ذلك أهل الخير يؤَمَّنُون، مع خوفهم يؤَمَّنُون، ومعلوم أن الذين يؤَمَّنُون لا شك أنهم يهون عليهم هذا اليوم؛ ولهذا قال الله تعالى في يوم القيامة: ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر ١٠]، وقال: ﴿وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان ٢٦]، فيفهم منه أن هذا اليوم مع عظمه وأهواله وشدته يكون على المؤمنين يسيرًا، وإلا فهو في ذاته عظيم جدًّا، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج ١، ٢].
* وفيه أيضًا دليل: على أن الجزاء من جنس العمل، بل هو في الطاعات أحسن من العمل، من أين نأخذه؟ ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾؛ شيئًا فوق ما عملوه.
* وفيه دليل: على علم الله عز وجل، من أين نأخذها؟ لأنهم إذا كانوا يجازون بأحسن ما عملوا، فلا مجازاة إلا بعد علم المجازي، يعلم ما عمل ثم يجازيه عليه.
* وفيه أيضًا: إثبات القدرة من إثبات الجزاء، فإنه لا يجزي إلا من كان قادرًا، لو أنك صنعت إلى إنسان معروفًا، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ»[[أخرجه أبو داود (١٦٧٢) والنسائي في المجتبى (٢٥٦٧) من حديث عبد الله بن عمر. ]]، فالله سبحانه وتعالى لتمام قدرته لا ينقصه ما أعطى العاملين من ثوابهم وأجرهم.
* وفيه: إثبات المشيئة لله؛ ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾ أو لا؟ وإثبات المشيئة لله في حقه -أي: فيما يتعلق بفعله- أمر متفق عليه فيما أعلم، ما خالف فيه مبتدعة ولا غيرهم، ومشيئة الله بالنسبة لما يتعلق بأفعال الخلق خالف فيها طائفة تسمى القدرية؛ حيث زعموا أن العبد مستقل بعمله، وأنه لا تعلق لمشيئة الله به، حتى إن بعضهم أنكر العلم؛ غلاتهم أنكروا علم الله وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى لا يعلم بأعمال العبد إلا بعد أن يفعلها، أما قبل ذلك فإنه لا يعلم سبحانه وتعالى، وأنكروا النصوص الصحيحة الصريحة في إثبات علم الله سبحانه وتعالى في كل شيء، حتى في أعمال الإنسان.
* وفيه أيضًا -قوله: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ -: كثرة رزق الله عز وجل، وأنه سبحانه وتعالى يعطي بلا حساب، وليس معنى بلا حساب بلا تقدير، لماذا لا نقول ذلك؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا؛ لأن الله يقول ﴿كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد ٨]، حتى القطرة اللي تنزل من السماء إلى الأرض هي مقدرة عند الله سبحانه وتعالى، ولكن بغير حساب؛ أي أنه لا يكافئ الإنسان بحساب، بل بكثرة كثيرة (...) كثيرًا لا يحسب، وهذه معروفة يقال: فلان ينفق بلا حساب؛ يعني: ينفق إنفاقًا كثيرًا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، الثابت عن السلف أنها المساجد وهي المحل هذا؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ»[[أخرجه مسلم (٢٦٩٩ / ٣٨) من حديث أبي هريرة. ]] إلى آخره، والمراد بالمساجد بلا شك.
{"ayahs_start":36,"ayahs":["فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ","رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ","لِیَجۡزِیَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُوا۟ وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ"],"ayah":"رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق