الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ والأَبْصارُ ﴾ [النور: ٣٧].
ذكَرَ اللهُ التجارةَ وعَدَّها مِن العوارضِ التي لا تُلهِي أهلَ الإيمانِ، إشارةً إلى أنّها مِن أكثَرِ ما يُلهي غيرَهم، وذلك لِما للمالِ مِن فتنةٍ وجاهٍ ومتعةٍ.
تركُ الأسواقِ والبَيْعِ وقتَ الصلاةِ:
قولُه تعالى: ﴿تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ﴾ ذكَرَ اللهُ البيعَ بعدَ ذِكْرِهِ التجارةَ مع أنّ التجارةَ بيعٌ وشراءٌ فلا يدورُ مالُ التاجرِ إلاَّ بهما، لأنّ المقصودَ أهلُ البيعِ، وهم الباعةُ، وأهلُ المَتاجِرِ، وفي ذِكْرِ (البيعِ) في الآيةِ مَقاصِدُ وحِكَمٌ أظهرُها ـ واللهُ أعلَمُ ـ:
أولًا: أنّ الفتنةَ والشُّغْلَ بالبيعِ أكثَرُ مِن الفتنةِ بالشراءِ، فإنّ ذِهْنَ مَن يبيعُ سِلْعةً ينشغِلُ بها أكثَرَ ممَّن يبحثُ عن سلعةٍ يَشترِيها، والبائعُ يهتمُّ بتدويرِ مالِه، بخلافِ المُشترِي، فغالبًا الناسُ تَشترِي لتستهلِكَ، والبائعُ يبيعُ سلعتَهُ ليشترِيَ مِثلَها ويبيعَهُ ويتكسَّبَ.
ثـانيًـا: أنّ المقصودَ بها أهلُ الحوانيتِ والدكاكينِ والمَتاجِرِ، وهؤلاء يَبِيعونَ فيها أكثَرَ ممّا يَشترونَ، والبائعُ ثابِتٌ والمُشترِي عابرٌ، والتاجِرُ في مَتْجَرِهِ يَشغَلُهُ البيعُ أكثَرَ مِن الشراءِ، لأنّه يَشترِي الشيءَ الكثيرَ مرةً واحدةً ثمَّ يبيعُهُ مُجَزَّأً، فيَعرِضُونَ سِلَعَهُمْ للناسِ طُولَ اليومِ، وهذا خِطابٌ لهم أنّهم إنْ سَمِعُوا النداءَ للصلاةِ أنْ يُجيبوا، ولا تَشغَلَهُمْ مَتاجرُهم وأسواقُهم عن الصلاةِ.
ثالثًـا: أنّ البائعَ يتحكَّمُ في السلعةِ والسوقِ أكثَرَ مِن المُشترِي، والبائعُ أقدَرُ على حِرْمانِ المشترِي مِن الانتفاعِ مِن السلعةِ، وهو يتمكَّنُ مِن الاحتكارِ والتسعيرِ والإضرارِ بالسوقِ والناسِ.
رابعًا: أنّ البائع غالبًا تاجرٌ، وأمّا المشترِي فكثيرًا ما يكونُ محتاجًا وربَّما فقيرًا، فهو يَشترِي لانتفاعِهِ لنفسِه.
أمْرُ الناسِ وأهلِ الأسواقِ بالصلاةِ:
ويَظهَرُ مِن هذا تعظيمُ قَدْرِ صلاةِ الجماعةِ، وتأكيدُ تركِ الأسواقِ لها، وهذه الآيةُ نزَلَتْ في تركِ أهلِ الأسواقِ أسواقَهُمْ لأداءِ الصلاةِ، وقد أمَرَ اللهُ بالجماعةِ عندَ التقاءِ الصَّفَّيْنِ في القتالِ، فكيف لا يُؤمَرُ بها عندَ التقاءِ المتبايِعَيْنِ في الأسواقِ؟!
ولم تكنِ الأسواقُ تُفتَحُ في المدينةِ بعدَ الأذانِ تعظيمًا لهذه الشعيرةِ، فقد روى ابنُ مَرْدَوَيْهِ في «تفسيرِه»، عن عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ رضي الله عنه، قال: «﴿رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾: كانوا رجالًا يَبتغونَ مِن فضلِ اللهِ يَشتَرُونَ ويَبِيعُونَ، فإذا سَمِعُوا النداءَ بالصلاةِ، ألقَوْا ما بأيدِيهِم وقاموا إلى المساجدِ فصَلَّوْا»[[«الدر المنثور» (١١ /٨٤).]].
ورَوى عليُّ بنُ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: «عن الصلاةِ المكتوبةِ»[[«تفسير الطبري» (١٧ /٣٢٢)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٨).]].
وأخرَجَ عبدُ الرزاقِ وابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن سالمٍ، عن ابنِ عمرَ: «أنّه كان في السوقِ فأُقيمَتِ الصلاةُ، فأغلَقوا حوانيتَهم، ثمَّ دخَلُوا المسجدَ، فقال ابنُ عمرَ: فيهم نزَلتْ ﴿رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾»[[«تفسير عبد الرزاق» (٢ /٦١)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٧)، و«الدر المنثور» (١١ /٨٥).]].
وأخرَجَ سعيدُ بنُ منصورٍ وابنُ جريرٍ، عن ابنِ مسعودٍ: «أنّه رأى ناسًا مِن أهلِ السوقِ سَمِعُوا الأذانَ، فترَكُوا أمتعتَهُمْ وقاموا إلى الصلاةِ، فقال: هؤلاء الذين قال اللَّهُ: ﴿لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾»[[تكملة كتاب «التفسير من سنن سعيد بن منصور» (٦ /٤٥٠)، و«تفسير الطبري» (١٧ /٣٢٢).]].
وكان هديُهُ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ تنبيهَ الناسِ في الطريقِ وإقامتَهُمْ إلى الصلاةِ، وألاَّ يَكِلَهُمْ إلى إيمانِهم وصلاحِهم، ولا إلى سماعِهم النداءَ، كما جاء عن مسلمِ بنِ أبي بَكْرةَ، عن أبيه، قال: «خرَجْتُ مع النبيِّ ﷺ لصلاةِ الصبحِ، فكان لا يمُرُّ برجُلٍ إلاَّ ناداهُ بالصلاةِ أو حرَّكَهُ برِجْلِه»، رواهُ أبو داودَ[[أخرجه أبو داود (١٢٦٤).]].
ورُوِيَ هذا في أحاديثَ كثيرةٍ بمعناهُ، فقد روى أحمدُ في «مسندِه»، عن عبدِ اللهِ بنِ طِهْفَةَ، أنّ رسولَ اللهِ ﷺ كان إذا خرَجَ، جعَلَ يُوقِظُ الناسَ: (الصلاةَ، الصلاةَ!)[[أخرجه أحمد (٥ /٤٢٦).]].
وقد كانتِ الأسواقُ في زمنِ النبيِّ ﷺ تُفتَحُ مع صلاةِ الفجرِ، فبيَّنَ بعضُ الصحابةِ خطورةَ التخلُّفِ عن صلاةِ الجماعةِ، والمبادَرَةِ إلى الأسواقِ قبلَها، فقد روى ابنُ أبي عاصمٍ في «الوُحْدانِ»، ومِن طريقِهِ أبو نُعَيْمٍ بسندٍ صحيحٍ، عن مِيثَمٍ رجلٍ مِن أصحابِ النبيِّ ﷺ، قال: «يَغْدُو المَلَكُ برايتِهِ مع أولِ مَن يَغْدُو إلى المسجدِ، فلا يزالُ بها معه حتى يَرجِعَ فيَدْخُلَ بابَ مَنزِلِهِ، وإنّ الشَّيْطانَ لَيَغْدُو برايتِهِ مع أوَّلِ مَن يَغْدُو إلى السُّوقِ»[[أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٢٧١٥)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٣٥٤).]].
وكان عملُ الصحابةِ رضي الله عنهم عدمَ البيعِ وقتَ الصلاةِ، بلِ الانصرافَ مِن السوقِ وتركَهُ إلى المساجدِ، فروى أحمدُ بسندٍ جيِّدٍ، عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ، قال: «كنّا نُصلِّي مع النبيِّ ﷺ المَغْرِبَ، وننصرِفُ إلى السُّوقِ»[[أخرجه أحمد (٤ /١١٤).]].
يعني: أنّهم قطَعوا الضَّرْبَ في الأسواقِ عصرًا بدخولِ وقتِ المغرِبِ، ثمَّ انصرَفوا إلى سُوقِهِمْ مرةً أُخرى.
وكان الأمرُ بذلك والطوافُ على الناسِ وتنبيهُهُمْ في أولِ الأمرِ في المدينةِ وفي آخرِ حياتِهِ ﷺ، وفي أسفارِهِ أيضًا، كما في حَجَّةِ الوداعِ، كما رواهُ أبو نُعَيْمٍ في «معرفةِ الصحابةِ»، عن مسلم بنِ يَسارٍ، عن أبيهِ، قالَ: خرَجْتُ مع مَوْلايَ فَضالَةَ بنِ هِلالٍ في حَجَّةِ الوداعِ، فسَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: (الصَّلاةَ الصَّلاةَ!)[[أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٦٥٤).]].
وقد جاء في أولِ الأمرِ ما رواهُ ابنُ خُزَيْمةَ في «صحيحِه»، والطبرانيُّ، عن خالدٍ الحَذّاءِ، عن أبي قِلابةَ، عن أنسٍ، قال: «كانتِ الصلاةُ إذا حضَرَتْ على عهدِ النبيِّ ﷺ، سعى رجلٌ إلى الطريقِ، فنادى: الصلاةَ الصلاةَ!»[[أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (٣٦٩)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٥٩٨٤).]].
وكان هذا العملُ في زمنِ الخلفاءِ الراشدِين: يُنبِّهونَ على الصلواتِ النائمِين، فضلًا عن القائِمِينَ والقاعِدِينَ في الأسواقِ، ويأمُرُونَهم بذلك، فقد اشتهَرَ هذا في فعلِ الخلفاءِ عمرَ وعليٍّ يقومونَ به بأنفُسِهِمْ لا يُنِيبُونَ عليه أحدًا، قال أبو زَيْدٍ المجاجيُّ في شرحِهِ على «مختصرِ ابنِ أبي جَمْرةَ»: «ذكَرَ غيرُ واحدٍ ممَّن ألَّفَ في السِّيَرِ أنّ عمرَ بنَ الخطّابِ وعليًّا كانا مِن عادتِهما إذا طلَعَ الفجرُ، خرَجا يُوقِظانِ الناسَ لصلاةِ الصبحِ»[[«التراتيب الإدارية» لعبد الحي الكتاني (١ /١٣٤).]].
وروى كثيرٌ مِن أهلِ المسانيدِ والسِّيَرِ، كالطبريِّ وابنِ عساكِرَ والخطيبِ، بأسانيدَ أكثَرَ مِن أن تُساقَ في موضعٍ، ومتونٍ أشهَرَ مِن أن يَتطرَّقَ إليها احتمالُ الشكِّ بضَعْفٍ، منها عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن أبي رافعٍ: «كان عمرُ يَخْرُجُ يُوقِظُ الناسَ للصَّلاةِ صلاةِ الفجرِ».
وروى ابنُ سعدٍ بإسنادٍ صحيحٍ إلى الزُّهْريِّ: «خرَجَ عمرُ يُوقِظُ الناسَ للصَّلاةِ صلاةِ الفجرِ، وكان عُمَرُ يَفعلُ ذلك»[[«الطبقات الكبرى» (٣ /٣٤٥).]].
وإذا كان هذا حالَ النائمِ في زمنِهِ، فكيف باليَقْظانِ يبيعُ ويَشترِي ويَفترِشُ الطرُقاتِ؟! بل قد كان الأعرابيُّ يَقدَمُ المدينةَ ومعه الجَلَبُ ليبيعَهُ في سوقِ المدينةِ وقتَ الصلاةِ ولا يجدُ الناسَ في السوقِ، فيَلزَمُ الصلاةَ معهم، ويخرُجُ بعدَها إلى السوقِ، كما رواهُ ابنُ أبي الدُّنيا في «إصلاحِ المالِ»، عن أصْبَغَ بنِ نُباتَةَ، قال: «خرَجْتُ أنا وأبي من ذِرْوَدٍ ـ وهو جبلٌ مِن أطرافِ الباديةِ ـ حتى ننتهيَ إلى المدينةِ في غَلَسٍ والناسُ في الصلاةِ، فانصرَفَ الناسُ مِن صلاتِهم، فخرَجَ الناسُ على أسواقِهم، ودفَع إلينا رجلٌ معه دِرَّةٌ له، فقال: يا أعرابيُّ، أتبيعُ؟ فلم أزَلْ أساوِمُ به حتى أرضاهُ على ثَمَنٍ، وإذا هو عمرُ بنُ الخطّابِ، فجعَلَ يطوفُ في السُّوقِ يأمُرُهُمْ بتقوى اللهِ عزّ وجل يُقبِلُ فيها ويُدبِرُ»[[أخرجه ابن أبي الدنيا في «إصلاح المال» (ص٧٥).]].
وكما ثبَتَ هذا عن غيرِ واحدٍ مِن التابعينَ، كأيُّوبَ بنِ أبي تَمِيمةَ السَّخْتِيانيِّ، كما رواهُ البيهقيُّ في «الشُّعَبِ»، عن ضَمْرةَ، عن ابنِ شَوْذَبٍ، قال: «كان أيوبُ يَؤُمُّ أهلَ مسجدِهِ ـ يعني: في البصرةِ ـ ويقولُ هو للناسِ: الصلاةَ الصلاةَ!»[[أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٣٠٠٥).]].
يعني: يطوفُ عليهم مذكِّرًا لهم.
ويُستحَبُّ في حقِّ الوالي أن يمنحَ الأعمى والعاجِزَ ما يُوصِلُهُ إلى المسجِدِ جماعةً مِن قائدٍ ومَركَبٍ، ما تيسَّرَ على المُسلِمينَ المالُ ولم يشُقَّ على المصلِّي، فقد روى ابنُ سعدٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، قال: «جاء عمرُ رضي الله عنه سعيدَ بنَ يَرْبُوعٍ إلى منزلِه، فعزّاهُ في ذَهابِ بصرِهِ، وقال: لا تَدَعِ الجُمُعةَ ولا الصلاةَ في مسجِدِ رسولِ اللهِ ﷺ، قال: ليس لي قائدٌ، فقال الفاروقُ: فنحن نَبْعَثُ إليك بقائِدٍ، فبعَثَ إليه بغلامٍ مِن السَّبْيِ»[[«الطبقات الكبرى» ـ متمم الصحابة ـ الطبقة الرابعة (ص٣٦٢).]].
وكانتِ الأسواقُ لا تُقامُ والصلاةُ حاضِرةٌ في الحواضرِ، وإذا قَدِمَ أهلُ البَوادِي، أخَذُوا حُكْمَ الحواضرِ، كما رواهُ أحمدُ في «مسندِه»، والبيهقيُّ في «الشُّعَبِ» ـ واللفظُ له ـ وغيرُهما، عن المغيرةِ بنِ عبدِ اللهِ اليشكُريِّ، عن أبيه، قال: «قَدِمْتُ الكُوفةَ أنا وصاحبٌ لي لأَجلِبَ منها نعالًا، فغدَوْنا إلى السُّوقِ ولمّا تُقَمْ، فقلتُ لصاحبي: لو دخَلْنا المسجدَ»[[أخرجه أحمد في «مسنده» (٣ /٤٧٢)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٦٢٠).]].
ورُوِيَ عن الحسنِ: «واللهِ، لقد كانوا يَتبايَعُونَ في الأسواقِ، فإذا حضَرَ حقٌّ مِن حقوقِ اللهِ، بدؤوا بحقِّ اللهِ حتى يَقْضُوهُ، ثمَّ عادُوا إلى تجارتِهم»[[«أحكام القرآن» للجصاص (٥/١٨٩).]].
وفي «الحِليَةِ» لأبي نُعَيْمٍ، عن سُفْيانَ الثوريِّ: «كانوا يَشْتَرُونَ ويَبِيعُونَ، ولا يَدَعُونَ الصلواتِ المكتوباتِ في الجماعةِ»[[«حلية الأولياء» (٧ /١٥)، و«شعب الإيمان» (٢٦٦١).]].
وكان جماعةٌ مِن المفسِّرينَ مِن التابعينَ على تبايُنِ بُلْدانِهم، يَحمِلونَ قولَ اللَّهِ تعالى: ﴿لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ على تركِ البيعِ والشراءِ والانصرافِ للصلواتِ، وممَّن قال بهذا: عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ، وأبو العاليةِ رُفَيْعُ بنُ مِهْرانَ، وأيوبُ، والحسنُ، وقتادةُ، ومطرٌ الورّاقُ، والربيعُ بنُ أنسٍ، والسُّدِّيُّ، والثوريُّ، ومقاتلُ بنُ حَيّانَ، والضحّاكُ بنُ مَخْلَدٍ[[ينظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (٨ /٢٦٠٧ ـ ٢٦٠٩)، و«تفسير ابن كثير» (٦ /٦٩)، و«صحيح البخاري» (٣ /٥٥).]].
وقد كانتِ الأسواقُ في بُلْدانِ المُسلِمينَ على ذلك، كانوا يَدَعُونَ أسواقَهُمْ، ويتَّجهونَ إلى الصلاةِ، كما قال أبو طالبٍ المَكِّيُّ في «قُوتِ القلوبِ»، ذاكرًا حالَ الأسواقِ عندَ السالِفِينَ: «إذا سَمِعُوا الأذانَ، ابتدَرُوا المساجِدَ، وكانتِ الأسواقُ تخلو مِن التجارِ، وكان في أوقاتِ الصلاةِ معايشُ للصِّبْيانِ وأهلِ الذِّمَّةِ، وكانوا يستأْجِرُونَهم التجارُ بالقراريطِ والدوانيقِ، يَحْفَظُونَ الحوانيتَ إلى أوانِ انصرافِهم مِن المساجدِ»[[«قوت القلوب» (٢ /٤٣٧).]].
وقال أبو حامدٍ الغزاليُّ في «الإحياءِ»: «كان السلفُ يَبتدِرونَ عندَ الأذانِ، ويُخْلُونَ الأسواقَ للصِّبْيانِ وأهلِ الذِّمَّةِ، وكانوا يُستأجَرُونَ بالقراريطِ لحفظِ الحوانيتِ في أوقاتِ الصلواتِ»[[«إحياء علوم الدين» (٢ /٨٥).]].
وقال ابنُ تيميَّةَ في «الفتاوى»: «إذا تعمَّدَ الرجُلُ أنْ يَقعُدَ هناك ويترُكَ الدخولَ إلى المسجِدِ كالذين يقعُدُونَ في الحوانيتِ، فهؤلاءِ مُخطِئونَ مُخالِفونَ للسُّنَّةِ»[[«مجموع الفتاوى» (٢٣ /٤١١).]].
وأكثرُ المؤرِّخينَ لا يَنُصُّونَ عليه، لاشتهارِهِ، وإنّما يذكُرونَهُ على سبيلِ مناقبِ الأفرادِ المخصوصِينَ ببعضِ الوِلاياتِ، وبلَغَ عملُ الحكّامِ به أقاصيَ بلادِ الإسلامِ حتى بلادِ المغرِبِ الأقصى، كالسُّلْطانِ أبي عنانَ المَرِينِيِّ حاكمِ المغرِبِ الأوسطِ كلِّه في القرنِ الثامنِ، كما ذكَرَهُ أبو زيدٍ الفاسيُّ في تاريخِهِ «تاريخِ بيوتاتِ فاسٍ» لدى كلامِه على بيتِ بَنِي زَنْبَقٍ، ذكَر أنّ السُّلْطانَ يُنِيبُ أبا المكارمِ منديلَ بنَ زَنْبَقٍ، ليُحرِّضَ الناسَ في الأسواقِ على الصلاةِ في أوقاتِها، ويَضرِبَ عليها بالسِّياطِ والمَقارِعِ بأمرِ أميرِ المؤمِنينَ أبي عنانَ[[«بيوتات فاس الكبرى» لإسماعيل بن الأحمر (ص٥٠)، و«التراتيب الإدارية» (١ /١٣٤).]].
والأمرُ بذلك إلى اليومِ في الحجازِ ونجدٍ وسائرِ جزيرةِ العربِ، يُؤمَرُ به ويُعمَلُ، وأكثرُ الناسِ يَدَعُونَ متاجِرَهم رَغْبةً لا رَهْبةً.
{"ayah":"رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق