الباحث القرآني

هَذِهِ آدَابٌ شَرْعِيَّةٌ، أَدَّبَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا، أَيْ: يَسْتَأْذِنُوا قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُسَلِّمُوا بَعْدَهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ، وَإِلَّا انْصَرَفَ، كَمَا ثَبَتَ [[في أ: "وثبت".]] فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ أَبَا مُوسَى حِينَ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، انْصَرَفَ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ يَسْتَأْذِنُ؟ ائْذَنُوا لَهُ. فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ قَدْ ذَهَبَ، فَلَمَّا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: مَا رَجَعَك؟ قَالَ: إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَنْصَرِفْ". فَقَالَ: لَتَأتِيَنَّ عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا أَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا. فَذَهَبَ إِلَى مَلَأٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ لَهُمْ مَا قَالَ عُمَرُ، فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ [[في أ: "لا نشهد".]] لَكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا. فَقَامَ مَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْريّ فَأَخْبَرَ عُمَرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْق بِالْأَسْوَاقِ [[صحيح البخاري برقم (٦٢٤٥) وصحيح مسلم برقم (٢١٥٣) .]] . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -أَوْ: غَيْرِهِ [[في أ: "وغيره".]] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَأْذَنَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ:"السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". فَقَالَ سَعْدٌ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَلَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى سَلَّمَ ثَلَاثًا. وَرَدَّ عَلَيْهِ [[في أ: "على".]] سَعْدٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يُسْمعه. فَرَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ، وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا سلمتَ تَسْلِيمَةً إِلَّا وَهِيَ بِأُذُنِي، وَلَقَدْ رَدَدْت عَلَيْكَ وَلَمْ أُسْمِعك، وأردتُ أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ سَلَامِكِ وَمِنَ الْبَرَكَةِ. ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْبَيْتَ، فقرَّب إِلَيْهِ زَبيبًا، فَأَكَلَ نَبِيُّ اللَّهِ. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "أَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وصَلَّت عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ" [[المسند (٣/١٣٨) .]] . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ [[في أ: "أسعد".]] بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ -هُوَ ابْنُ عِبَادَةَ -قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَنْزِلِنَا، فَقَالَ: "السلام عليكم ورحمة الله". فرد سعد ردا خَفِيًّا [[في أ: "خفيفا".]] ، قَالَ قَيْسٌ: فَقُلْتُ: أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: ذَرْه [[في أ: "ودعه".]] يُكْثِرْ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:"السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًا خَفِيًّا [[في أ: "خفيفا".]] ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" ثُمَّ رَجَع رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ، وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا [[في أ: "خفيفا".]] ، لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ. قَالَ: فَانْصَرَفَ مَعَهُ [رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ ملْحَفَة مَصْبُوغَةً] [[زيادة من أ، وأبي داود.]] بِزَعْفَرَانٍ -أَوْ: وَرس -فَاشْتَمَلَ بِهَا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ". قَالَ: ثُمَّ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَرَّبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ حِمَارًا قَدْ وَطَّأ عَلَيْهِ بِقَطِيفَةٍ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ سَعْدٌ: يَا قَيْسُ، اصحب رسول اللَّهِ ﷺ. قَالَ قَيْسٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ارْكَبْ". فَأَبَيْتُ، فَقَالَ: "إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ". قَالَ: فَانْصَرَفْتُ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ [[سنن أبي داود برقم (٥١٨٥) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠١٥٧) ، (٥٠١٥٩) من طريق عبد الله، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سعد بن عبادة زائرا، فذكر الحديث.]] فَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ ليُعْلمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَأْذِنِ عَلَى أَهْلِ الْمَنْزِلِ أَلَّا يَقِفَ تِلْقَاءَ الْبَابِ بِوَجْهِهِ، وَلَكِنْ ليَكن [[في أ: "ليكون".]] البابُ، عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ؛ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّل بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانَيُّ -فِي آخَرِينَ -قَالُوا: حَدَّثَنَا بَقيَّة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْر [[في أ: "بشر".]] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ، لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ". وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمئِذٍ سُتُورٌ. تَفَرد بِهِ أَبُو دَاوُدَ [[سنن أبي داود برقم (٥١٨٦) .]] . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، (ح) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ هُزَيل قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ -قَالَ عُثْمَانُ: سَعْدٌ -فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَسْتَأْذِنُ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ -قَالَ عُثْمَانُ: مُسْتَقْبَلَ الْبَابِ -فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "هَكَذَا عَنْكَ -أَوْ: هَكَذَا -فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ" [[سنن أبي داود برقم (٥١٧٤) .]] . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرّف، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِهِ [[سنن أبي داود برقم (٥١٧٥) .]] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذَنٍ فَخَذَفته بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ" [[صحيح البخاري برقم (٦٩٠٢) وصحيح مسلم برقم (٢١٥٨) .]] . وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أتيتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي دَين كَانَ عَلَى أَبِي، فَدَقَقْتُ الْبَابَ، فَقَالَ: "مَنْ ذَا"؟ قُلْتُ: أَنَا. قَالَ: "أَنَا، أَنَا" كَأَنَّهُ كَرِهَهُ [[صحيح البخاري برقم (٦٢٥٠) وصحيح مسلم برقم (٢١٥٥) وسنن أبي داود برقم (٥١٨٧) وسنن الترمذي برقم (٢٧١١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠١٦٠) وسنن ابن ماجه برقم (٣٧٠٩) .]] . وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا يُعرَف صَاحِبُهَا حَتَّى يُفصح بِاسْمِهِ أَوْ كُنْيَتِهِ الَّتِي هُوَ مَشْهُورٌ بِهَا، وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ يُعبِّر عَنْ نَفْسِهِ بِـ"أَنَا"، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ، الَّذِي هُوَ الِاسْتِئْنَاسُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْآيَةِ. وَقَالَ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الِاسْتِئْنَاسُ: الِاسْتِئْذَانُ. وَكَذَا قَالَ غيرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا﴾ [[في ف، أزيادة: "على أهلها".]] قَالَ: إِنَّمَا هِيَ خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ، "حَتَّى تَسْتَأذنُوا وَتُسَلِّمُوا". وَهَكَذَا رَوَاهُ [[في أ: "روى".]] هُشَيم، عَنْ أَبِي بِشْرٍ -وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ -بِهِ. وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِهِ، وَزَادَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: "حَتَّى تَسْتَأذنُوا وَتُسَلِّمُوا"، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ هُشَيْم [[في أ: "سفيان".]] أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا وَتَسْتَأْذِنُوا". وَهَذَا أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْح، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي صَفْوَانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ كَلَدَةَ بْنَ الْحَنْبَلِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعْثَهُ فِي الْفَتْحِ بِلبَأ وجَدَايَة وضَغَابيس، وَالنَّبِيُّ ﷺ بِأَعْلَى الْوَادِي. قَالَ: فدخلتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "ارْجِعْ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ " وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ صَفْوَانُ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهِ [[المسند (٣/٤١٤) .]] وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأحوَص، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعي قَالَ: حَدَّثَنَا [[في أ: "جاء".]] رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: أَأَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِخَادِمِهِ: "اخْرُجْ إِلَى هَذَا فعلِّمه الِاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ " فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَدَخَلَ [[سنن أبي داود برقم (٥١٧٧) .]] . وَقَالَ هُشَيْم: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِين -وَأَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرو بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ -أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَأَلِجُ -أَوْ: أَنَلِجُ؟ -فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَمَةٍ لَهُ، يُقَالُ لَهَا رَوْضَةُ: "قَوْمِي إِلَى هَذَا فَعَلِّمِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْسِنُ يَسْتَأْذِنُ، فَقُولِي لَهُ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ". فَسَمِعَهَا الرَّجُلُ، فَقَالَهَا، فَقَالَ: "ادْخُلْ" [[رواه الطبري في تفسيره (١٨/٨٧) .]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَاحِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَنْبَسَة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنْكَدِر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ" [[سنن الترمذي برقم (٢٦٩٩) .]] . ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: عَنْبَسَةُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ ذَاهِبٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَاذَانَ مُنكَر الْحَدِيثِ. وَقَالَ هُشَيْم: قَالَ مُغِيرَةُ: قَالَ مُجَاهِدٌ: جَاءَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ حَاجَةٍ، وَقَدْ آذَاهُ الرَّمْضَاءُ، فأتى فُسْطَاط امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ قالت: ادخل بسلام. فأعاد، فأعادت، وَهُوَ يُرَاوح بَيْنَ قَدَمَيْهِ، قَالَ: قُولِي: ادْخُلْ. قَالَتِ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ [[رواه الطبري في تفسيره (١٨/٨٧) .]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِيَاسٍ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ إِيَاسٍ قَالَتْ: كُنْتُ فِي أَرْبَعِ نِسْوَةٍ نَسْتَأْذِنُ [عَلَى عَائِشَةَ] [[زيادة من ف، أ.]] فَقُلْتُ: نَدْخُلُ؟ قَالَتْ: لَا قُلْنَ [[في هـ، أ: "قلت"، والمثبت من ف.]] لِصَاحِبَتِكُنَّ: تَسْتَأْذِنُ. فَقَالَتِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَنَدْخُلُ؟ قَالَتِ: ادْخُلُوا، ثُمَّ قَالَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [الْآيَةَ] [[زيادة من ف، أ.]] . وَقَالَ هُشَيْم: أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّار، عَنْ كُرْدُوس، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْتَأْذِنُوا عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ وَأَخَوَاتِكُمْ. قَالَ أَشْعَثُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَكُونُ فِي مَنْزِلِي عَلَى الْحَالِ الَّتِي لَا أُحِبُّ أَنْ يَرَانِي أَحَدٌ عَلَيْهَا، وَالِدٌ وَلَا وَلَدٌ، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَدْخُلُ عليَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي، وَأَنَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [[رواه الطبري في تفسيره (١٨/٨٧) .]] . وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ثَلَاثُ آيَاتٍ جَحَدها النَّاسُ: قَالَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الْحُجُرَاتُ: ١٣] ، قَالَ: وَيَقُولُونَ: إِنَّ أَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُهُمْ بَيْتًا. قَالَ: وَالْإِذْنُ كُلُّهُ قَدْ جَحَدَهُ النَّاسُ. قَالَ: قُلْتُ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أَخَوَاتِي أَيْتَامٍ فِي حِجْرِي، مَعِي فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَدَدْتُ ليرخِّص [[في أ: "علي لمن خضرني".]] لِي، فَأَبَى. قَالَ: تُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ. قَالَ: فَرَاجَعْتُهُ أَيْضًا، فَقَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ. قَالَ ابْنُ جُرَيْج: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا مِنِ امْرَأَةٍ أَكْرَهُ إِلَيَّ أَنْ أَرَى عُرْيَتَهَا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ. قَالَ: وَكَانَ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ هُزَيل بْنَ شُرَحْبِيل الأوْدِيّ الْأَعْمَى، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: عَلَيْكُمُ الْإِذْنُ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: لَا. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ وَلَا يُفَاجِئَهَا بِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُحِبُّ أَنْ يَرَاهَا عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، [قَالَ] [[زيادة من ف، أ.]] حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ -امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -، عَنْ زَيْنَبَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ، تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ؛ كَرَاهِيَةَ [[في ف: "كراهة".]] أَنْ يهجُم مِنَّا عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ [[تفسير الطبري (١٨/٨٨) .]] . إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَان الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْر، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي هُبَيْرة [[في ف، أ: "عبيدة".]] قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الدَّارَ اسْتَأْنَسَ -تَكَلَّمَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ. [وَ] [[زيادة من ف، أ.]] قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قَالَ: تَنَحْنَحُوا -أَوْ [[في أ: "و".]] تَنَخَّموا. وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَنَحْنَحَ، أَوْ يُحَرِّكَ نَعْلَيْهِ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أهلَه طُروقًا -وَفِي رِوَايَة: لَيْلًا يَتَخوَّنهم [[صحيح البخاري برقم (٥٢٤٣، ٥٢٤٤) وصحيح مسلم برقم (٧١٥) من حديث جابر، رضي الله عنه.]] . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَهَارًا، فَأَنَاخَ بِظَاهِرِهَا، وَقَالَ: "انْتَظِرُوا حَتَّى تَدْخُلَ عَشَاءٌ -يَعْنِي: آخِرَ النَّهَارِ -حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعثَة وَتَسْتَحِدَّ المُغَيبة" [[رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٢٤٧) من حديث جابر، رضي الله عنه.]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حدَّثنا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [[في هـ: "عبد الرحيم".]] بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ، حدَّثني أَبُو سَوْرة ابْنِ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا السَّلَامُ، فَمَا الِاسْتِئْنَاسُ؟ قَالَ: "يَتَكَلَّمُ الرَّجُلُ بِتَسْبِيحَةٍ وَتَكْبِيرَةٍ وَتَحْمِيدَةٍ، وَيَتَنَحْنَحُ فَيؤذنُ أَهْلَ الْبَيْتِ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ [[رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/٦٠٧) ومن طريقه ابن ماجه في السنن برقم (٣٧٠٧) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٤/١٧٨) ، حدثنا عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة، به. قال البوصيري في الزوائد (٣/١٧١) : "هذا إسناد ضعيف".]] . وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ قَالَ: هُوَ الِاسْتِئْذَانُ. [قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: الِاسْتِئْذَانُ] [[زيادة من ف، أ.]] ثَلَاثٌ، فَمَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِنَّ، فَلْيَرْجِعْ. أَمَّا الْأُولَى: فَلْيُسْمِعِ [[في ف، أ: "فليستمع".]] الْحَيَّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنْ شَاءُوا أَذِنُوا وَإِنْ شَاءُوا رَدّوا. وَلَا تَقِفَنَّ عَلَى بَابِ قَوْمٍ رَدُّوكَ عَنْ بَابِهِمْ؛ فَإِنَّ لِلنَّاسِ حَاجَاتٍ وَلَهُمْ أَشْغَالٌ، وَاللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حيَّان فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا لَقِيَ صَاحِبَهُ، لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: حُيِّيتَ صَبَاحًا وَحُيِّيتَ مَسَاءً، وَكَانَ ذَلِكَ تَحِيَّةَ الْقَوْمِ بَيْنَهُمْ. وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَنْطَلِقُ إِلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَسْتَأْذِنُ حَتَّى يَقْتَحِمَ، وَيَقُولَ: "قَدْ دخلتُ". فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ مَعَ أَهْلِهِ، فغَيَّر اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فِي سَتْرٍ وَعِفَّةِ، وَجَعَلَهُ نَقْيًّا نَزِهًا مِنَ الدَّنَسِ وَالْقَذِرِ والدرَن، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُقَاتِلٌ حَسَنٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يَعْنِي: الِاسْتِئْذَانُ خَيْرٌ لَكُمْ، بِمَعْنَى: هُوَ خَيْرٌ لِلطَّرَفَيْنِ [[في ف، أ: "من الطرفين".]] : لِلْمُسْتَأْذِنِ وَلِأَهْلِ الْبَيْتِ، ﴿. لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ . * * * وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَذِنَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْذَنْ ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ أَيْ: إِذَا رَدُّوكم مِنَ الْبَابِ قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَعْدَهُ ﴿فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ أَيْ: رُجُوعُكُمْ [[في أ: "رجعوكم".]] أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ﴿وَاللهُ بِمَا تَعْملُونَ عَلِيم﴾ . وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: لَقَدْ طلبتُ عُمْرِي كلَّه هَذِهِ الْآيَةَ فَمَا أَدْرَكْتُهَا: أَنْ أستأذنَ عَلَى بَعْضِ إِخْوَانِي، فَيَقُولُ لِي: "ارْجِعْ"، فَأَرْجِعُ وَأَنَا مُغْتَبِطٌ [[في أ: "متغيط".]] [لِقَوْلِهِ] [[زيادة من ف، أ.]] ، ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا﴾ أَيْ: لَا تَقِفُوا عَلَى أَبْوَابِ النَّاسِ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أخصُّ مِنَ الَّتِي [[في أ: "الذي".]] قَبْلَهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَقْتَضِي جَوَازَ الدُّخُولِ إِلَى الْبُيُوتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، إِذَا كَانَ لَهُ [[في ف، أ: "لكم".]] فِيهَا مَتَاعٌ، بِغَيْرِ إِذْنٍ، كَالْبَيْتِ الْمُعَدِّ لِلضَّيْفِ، إِذَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، كَفَى. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ﴾ ، ثُمَّ نَسَخَ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ : وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ بُيُوتُ التُّجَّارِ، كَالْخَانَاتِ [[في أ: "في الخانات".]] وَمَنَازِلِ الْأَسْفَارِ، وَبُيُوتِ مَكَّةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَحَكَاهُ، عَنْ جَمَاعَةٍ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هِيَ بُيُوتُ الشَّعر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب