الباحث القرآني

﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أحَدًا﴾ أيْ: مِمَّنْ يَمْلِكُ الإذْنَ، عَلى أنَّ مَن لا يُمَلِّكُهُ مِنَ النِّساءِ والوِلْدانِ وِجْدانُهُ كَفُقْدانِهِ، أوْ أحَدًا أصْلًا عَلى أنَّ مَدْلُولَ النَّصِّ الكَرِيمِ عِبارَةٌ هو النَّهْيُ عَنْ دُخُولِ البُيُوتِ الخالِيَةِ لِما فِيهِ مِنَ الِاطِّلاعِ عَلى ما يَعْتادُ النّاسُ إخْفاءَهُ مَعَ أنَّ التَّصَرُّفَ في مِلْكِ الغَيْرِ مَحْظُورٌ مُطْلَقًا، وأمّا حُرْمَةُ دُخُولِ ما فِيهِ النِّساءُ والوِلْدانُ فَثابِتَةٌ بِدَلالَةِ النَّصِّ؛ لِأنَّ الدُّخُولَ حَيْثُ حَرُمَ مَعَ ما ذُكِرَ مِنَ العِلَّةِ، فَلِأنْ يَحْرُمَ عِنْدَ انْضِمامِ ما هو أقْوى مِنهُ إلَيْهِ - أعْنِي الِاطِّلاعَ عَلى العَوْراتِ أوْلى. ﴿فَلا تَدْخُلُوها﴾ واصْبِرُوا ﴿حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ أيْ: مِن جِهَةِ مَن يَمْلِكُ الإذْنَ عِنْدَ إتْيانِهِ،وَ"مَن" فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: حَتّى يَأْتِيَ مَن يَأْذَنُ لَكم، أوْ حَتّى تَجِدُوا مَن يَأْذَنُ لَكم، فَقَدْ أبْرَزَ القَطْعِيَّ في مَعْرِضِ الِاحْتِمالِ. ولَمّا كانَ جَعْلُ النَّهْيِ بِالإذْنِ مِمّا يُوهِمُ الرُّخْصَةَ في الِانْتِظارِ عَلى الأبْوابِ مُطْلَقًا، بَلْ في تَكْرِيرِ الِاسْتِئْذانِ. ولَوْ بَعْدَ الرَّدِّ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فارْجِعُوا﴾ أيْ: إنَّ (p-169)أُمِرْتُمْ مِن جِهَةِ أهْلِ البَيْتِ بِالرُّجُوعِ سَواءٌ كانَ الأمْرُ مِمَّنْ يَمْلِكُ الإذْنَ أوَّلًا، فارْجِعُوا ولا تَلِحُّوا بِتَكْرِيرِ الِاسْتِئْذانِ كَما في الوَجْهِ الأوَّلِ، ولا تَلِجُوا بِالإصْرارِ عَلى الِانْتِظارِ إلى أنْ يَأْتِيَ الآذِنُ كَما في الثّانِي، فَإنَّ ذَلِكَ مِمّا يَجْلِبُ الكَراهَةَ في قُلُوبِ النّاسِ ويَقْدَحُ في المُرُوءَةِ أيَّ قَدْحٍ. ﴿هُوَ﴾ أيِ: الرُّجُوعُ ﴿أزْكى لَكُمْ﴾ أيْ: أطْهَرُ مِمّا لا يَخْلُوا عَنْهُ اللَّجُّ والعِنادُ والوُقُوفُ عَلى الأبْوابِ مِن دَنَسِ الدَّناءَةِ والرَّذالَةِ. ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ فَيَعْلَمُ ما تَأْتُونَ وما تَذَرُونَ مِمّا كُلِّفْتُمُوهُ فَيُجازِيكم عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب