الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿حَتّى إذا أتَوْا عَلى وادِ النَمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيُّها النَمْلِ ادْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ ﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها وقالَ رَبِّ أوزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصالِحِينَ﴾
ظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَلامُ وجُنُودُهُ كانُوا مُشاةً في الأرْضِ، ولِذَلِكَ يَتَّفِقُ حَطْمُ النَمْلِ [بِنُزُولِهِمْ في وادِي النَمْلِ]، ويُحْتَمَلُ أنَّهم كانُوا في الكُرْسِيِّ المَحْمُولِ بِالرِيحِ، وأحَسَّتِ النَمْلُ بِنُزُولِهِمْ في وادِ النَمْلِ [وَوادِي النَمْلِ قِيلَ: بِالشامِ، وقِيلَ بِأقْصى اليَمَنِ، وهو مَعْرُوفٌ عِنْدَ العَرَبِ مَذْكُورٌ في أشْعارِها].
وأمالَ أبُو عَمْرٍو الواوَ مِن "وادِي"، والجَمِيعُ فَخَّمَ، وبِالإمالَةِ قَرَأ ابْنُ أبِي إسْحاقَ. وقَرَأ المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمانَ عن أبِيهِ: "النَمْلُ" بِضَمِّ المِيمِ كالشَمْسِ، و[قالَتْ نَمْلَةٌ] أيْضًا بِالضَمِّ كَسُمْرَةَ، ورُوِيَ عنهُ أيْضًا ضَمُّ النُونِ والمِيمِ مِنَ "النَمْلِ". وقالَ نَوْفُ البَكالِيُّ: كانَ ذَلِكَ النَمْلُ عَلى قَدْرِ الذُبابِ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ كانَتْ صِغارًا.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:
والَّذِي يُقالُ في هَذا أنَّ النَمْلَ كانَتْ نِسْبَتُها مِن هَذا الخَلْقِ نِسْبَةَ هَذا النَمْلِ مِنّا، فَيُحْتَمَلُ أنْ كانَ الخَلْقُ كُلُّهُ أكْمَلَ. وهَذِهِ النَمْلَةُ قالَتْ هَذا المَعْنى -الَّذِي لا يَصْلُحُ لَهُ إلّا هَذِهِ العِبارَةُ- قَوْلًا فَهِمَهُ عنها النَمْلُ، فَسَمِعَهُ سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَلامُ عَلى بُعْدِهِ، وجاءَتِ المُخاطَبَةُ كَمَن يَعْقِلُ، لِأنَّها أمَرَتْهم بِما يُؤْمَرُ بِهِ مَن يَعْقِلُ، ورُوِيَ أنَّهُ كانَ عَلى ثَلاثَةِ (p-٥٢٧)أمْيالٍ فَتَبَسَّمَ مِن قَوْلِها. والتَبَسُّمُ ضِحْكُ الأنْبِياءِ في غالِبِ أمْرِهِمْ، لا يَلِيقُ بِهِمْ سِواهُ.
وكانَ ضَحِكُهُ سُرُورًا، واخْتَلَفَ بِمَ؟، فَقالَتْ فِرْقَةٌ: بِنِعْمَةِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى في إسْماعِهِ وتَفَهُّمِهِ ونَحْوِ ذَلِكَ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: بِنَبَأِ النَمْلَةِ عَلَيْهِ وعَلى جُنُودِهِ في أنْ نَفَتْ عنهم تَعَمُّدَ القَبِيحِ مِنَ الفِعْلِ، فَجَعَلَتِ الحَطْمَ وهم لا يَشْعُرُونَ.
وقَرَأ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: "مَسْكَنِكُمْ" بِسُكُونِ السِينِ عَلى الإفْرادِ، وفي مُصْحَفِ أُبَيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ "مَساكِنُكُنَّ". وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ: "لا يَحْطِمَنَّكُمْ" بِشَدِّ النُونِ وسُكُونِ الحاءِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وفي رِوايَةِ عُبَيْدَةَ: "لا يَحْطِمَنكُمْ" بِسُكُونِ النُونِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ أبِي إسْحاقَ، وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو رَجاءٍ: "لا يُحَطِّمَنَّكُمْ" بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الحاءِ وكَسْرِ الطاءِ وشَدِّها وشَدِّ النُونِ، وعنهُ أيْضًا "لا يَحِطِّمَنَّكُمْ" بِفَتْحِ الياءِ وكَسْرِ الحاءِ والطاءِ وشَدِّها، وقَرَأ الأعْمَشُ وطَلْحَةُ: "لا يَحْطِمْكُمْ" مُخَفَّفَةً بِغَيْرِ نُونٍ، وفي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ "لا يَحْطِمَنَكُمْ" مُخَفَّفَةَ النُونِ الَّتِي قَبِلَ الكافِ.
و"ضاحِكًا" نَصَبَ عَلى الحالِ، وقَرَأ مُحَمَّدُ بْنُ السَمَيْفَعِ: "ضَحِكًا"، وهو نَصْبٌ عَلى المَصْدَرِ [بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ"تَبَسَّمَ"، كَأنَّهُ قالَ: "ضَحِكَ ضَحِكًا"، وهَذا مَذْهَبُ صاحِبِ الكِتابِ، أو يَكُونُ مَنصُوبًا بِنَفْسِ "تَبَسَّمَ" لِأنَّهُ في مَعْنى (ضَحِكَ)].
ثُمَّ دَعا سُلَيْمانُ -عَلَيْهِ السَلامُ- رَبَّهُ في أنْ يُعِينَهُ اللهُ تَعالى ويُفَرِّغَهُ لِشُكْرِ نِعْمَتِهِ، وهَذا هو مَعْنى إيزاعِ الشُكْرِ. وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ.
(p-٥٢٨)
{"ayahs_start":18,"ayahs":["حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ","فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"],"ayah":"فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق