الباحث القرآني

إن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز وجل، قال الله عز وجل في المنافقين: ﴿ولا يذكرون الله إلا قليلًا﴾ وقال كعب: من أكثر ذكر الله عز وجل برئ من النفاق ولهذا - والله أعلم - ختم الله تعالى سورة المنافقين بقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون﴾. فإن في ذلك تحذيرًا من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر الله عز وجل فوقعوا في النفاق. وسئل بعض الصحابة رضي الله عنهم عن الخوارج: منافقون هم؟ قال: لا، المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلًا. فهذا من علامة النفاق قلة ذكر الله عز وجل، وكثرة ذكره أمان من النفاق، والله عز وجل أكرم من أن يبتلي قلبًا ذاكرًا بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز وجل. * [فَصْلٌ: المُتَزَيِّنُ بِما لَيْسَ فِيهِ وعُقُوبَتُهُ] وَأمّا قَوْلُهُ: " ومَن تَزَيَّنَ بِما لَيْسَ فِيهِ شانَهُ اللَّهُ " لِما كانَ المُتَزَيِّنُ بِما لَيْسَ فِيهِ ضِدَّ المُخْلِصِ - فَإنَّهُ يُظْهِرُ لِلنّاسِ أمْرًا وهو في الباطِنِ بِخِلافِهِ - عامَلَهُ اللَّهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ؛ فَإنَّ المُعاقَبَةَ بِنَقِيضِ القَصْدِ ثابِتَةٌ شَرْعًا وقَدَرًا، ولَمّا كانَ المُخْلِصُ يُعَجَّلُ لَهُ مِن ثَوابِ إخْلاصِهِ الحَلاوَةُ والمَحَبَّةُ والمَهابَةُ في قُلُوبِ النّاسِ عُجِّلَ لِلْمُتَزَيِّنِ بِما لَيْسَ فِيهِ مِن عُقُوبَتِهِ أنْ شانَهُ اللَّهُ بَيْنَ النّاسِ؛ لِأنَّهُ شانَ باطِنَهُ عِنْدَ اللَّهِ، وهَذا مُوجِبٌ أسْماءَ الرَّبِّ الحُسْنى وصِفاتِهِ العُلْيا وحِكْمَتِهِ في قَضائِهِ وشَرْعِهِ. هَذا، ولَمّا كانَ مَن تَزَيَّنَ لِلنّاسِ بِما لَيْسَ فِيهِ مِن الخُشُوعِ والدِّينِ والنُّسُكِ والعِلْمِ وغَيْرِ ذَلِكَ قَدْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلَوازِمِ هَذِهِ الأشْياءِ ومُقْتَضَياتِها فَلا بُدَّ أنْ تُطْلَبَ مِنهُ، فَإذا لَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ افْتَضَحَ، فَيَشِينُهُ ذَلِكَ مِن حَيْثُ ظَنَّ أنَّهُ يَزِينُهُ، وأيْضًا فَإنَّهُ أخْفى عَنْ النّاسِ ما أظْهَرَ لِلَّهِ خِلافَهُ، فَأظْهَرَ اللَّهُ مِن عُيُوبِهِ لِلنّاسِ ما أخْفاهُ عَنْهُمْ، جَزاءً لَهُ مِن جِنْسِ عَمَلِهِ، وكانَ بَعْضُ الصَّحابَةِ يَقُولُ: أعُوذُ بِاللَّهِ مِن خُشُوعِ النِّفاقِ، قالُوا: وما خُشُوعُ النِّفاقِ؟ قالَ: أنْ تَرى الجَسَدَ خاشِعًا والقَلْبَ غَيْرَ خاشِعٍ؛ وأساسُ النِّفاقِ وأصْلُهُ هو التَّزَيُّنُ لِلنّاسِ بِما لَيْسَ في الباطِنِ مِن الإيمانِ؛ فَعُلِمَ أنَّ هاتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ مِن كَلامِ أمِيرِ المُؤْمِنِينَ مُشْتَقَّةٌ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، وهُما مِن أنْفَعِ الكَلامِ، وأشْفاهُ لِلسَّقامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب