الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ صُورَتَهم في ضَرْبِهِمُ الشُّقَّةَ بِالوَجْهَيْنِ صُورَةُ المُخادِعِ؛ وما أضَلَّهم حَيْثُ خادَعُوا مَن لا يَجُوزُ عَلَيْهِ الخِداعُ؛ لِعِلْمِهِ بِالخَفايا؛ فَقالَ - مُعَلِّلًا لِمَنعِهِمُ السَّبِيلَ -: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ﴾؛ لِإظْهارِهِمْ لِكُلِّ مَن غَلَبَ أنَّهم مِنهُ ﴿يُخادِعُونَ اللَّهَ﴾؛ أيْ: يَفْعَلُونَ بِإظْهارِ ما يَسُرُّ؛ وإبْطانِ ما يَضُرُّ؛ فِعْلَ المُخادِعِ مَعَ مَن لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ؛ لِأنَّهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى - يَسْتَدْرِجُهم مِن حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ؛ وهم يَخْدَعُونَ المُؤْمِنِينَ بِإظْهارِ الإيمانِ؛ وإبْطانِ الكُفْرِ؛ ﴿وهُوَ﴾؛ الَّذِي أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِما أمَرَهُمْ؛ فَكَأنَّهم يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَعَهُ؛ وهو ﴿خادِعُهُمْ﴾؛ بِاسْتِدْراجِهِمْ مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ؛ لِأنَّهُ قادِرٌ عَلى أخْذِهِمْ مِن مَأْمَنِهِمْ؛ وهم لَيْسُوا قادِرِينَ عَلى خَدْعِهِ بِوَجْهٍ؛ ﴿وإذا﴾؛ أيْ: يُخادِعُونَهُ والحالُ أنَّهم قَدْ فَضَحُوا أنْفُسَهم بِما أظْهَرَ مَكْرَهم لِلْمُسْتَبْصِرِينَ؛ وهو أنَّهم إذا ﴿قامُوا إلى الصَّلاةِ﴾؛ أيْ: المَكْتُوبَةِ؛ ﴿قامُوا كُسالى﴾ (p-٤٤٢)مُتَقاعِسِينَ؛ مُتَثاقِلِينَ عادَةً؛ لا يَنْفَكُّونَ عَنْها؛ بِحَيْثُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنهم كُلُّ مَن تَأمَّلَهُمْ؛ لِأنَّهم يَرَوْنَ أنَّها تَعَبٌ مِن غَيْرِ أرَبٍ؛ فالدّاعِي إلى تَرْكِها - وهو الرّاحَةُ - أقْوى مِنَ الدّاعِي إلى فِعْلِها؛ وهو خَوْفُ النّاسِ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ في جَوابِ مَن كَأنَّهُ قالَ: ما لَهم يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ فَقالَ: ﴿يُراءُونَ النّاسَ﴾؛ أيْ: يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيَراهُمُ النّاسُ؛ لَيْسَ إلّا؛ لِيَظُنُّوهم مُؤْمِنِينَ؛ ويُرِيَهُمُ النّاسُ لِأجْلِ ذَلِكَ ما يَسُرُّهم مِن عَدِّهِمْ في عِدادِ المُؤْمِنِينَ؛ لِما يُرُونَ هُمُ المُؤْمِنِينَ حِينَ يُصَلُّونَ؛ ﴿ولا يَذْكُرُونَ اللَّهَ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ؛ في الصَّلاةِ وغَيْرِها؛ ﴿إلا قَلِيلا﴾؛ أيْ: حَيْثُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ طَرِيقًا لِمُخادَعَتِهِمْ؛ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حالَ كَوْنِهِمْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب