الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وهو خادِعُهُمْ﴾ قِيلَ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يُخادِعُونَ نَبِيَّ اللَّهِ والمُؤْمِنِينَ بِما يُظْهِرُونَ مِنَ الإيمانِ لِحَقْنِ دِمائِهِمْ ومُشارَكَةِ المُسْلِمِينَ في غَنائِمِهِمْ واَللَّهُ تَعالى يُخادِعُهم بِالعِقابِ عَلى خِداعِهِمْ، فَسَمّى الجَزاءَ (p-٢٨٠)عَلى الفِعْلِ بِاسْمِهِ عَلى مُزاوَجَةِ الكَلامِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكم فاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٩٤] والآخَرُ: أنَّهم يَعْمَلُونَ عَمَلَ المُخادِعِ لِمالِكِهِ بِما يُظْهِرُونَ مِنَ الإيمانِ ويُبْطِنُونَ خِلافَهُ، وهو يَعْمَلُ عَمَلَ المُخادِعِ بِما أُمِرَ بِهِ مِن قَبُولِ إيمانِهِمْ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يُبْطِنُونَ مِن كُفْرِهِمْ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلا﴾ قِيلَ فِيهِ: إنَّما سَمّاهُ قَلِيلًا؛ لِأنَّهُ لِغَيْرِ وجْهِهِ، فَهو قَلِيلٌ في المَعْنى وإنْ كَثُرَ الفِعْلُ مِنهم. وقالَ قَتادَةُ: " إنَّما سَمّاهُ قَلِيلًا لِأنَّهُ عَلى وجْهِ الرِّياءِ، فَهو حَقِيرٌ غَيْرُ مُتَقَبَّلٍ مِنهم بَلْ هو وبالٌ عَلَيْهِمْ " . وقِيلَ: إنَّهُ أرادَ إلّا يَسِيرًا مِنَ الذِّكْرِ، نَحْوَ ما يُظْهِرُونَهُ لِلنّاسِ دُونَ ما أُمِرُوا بِهِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ في كُلِّ حالٍ أمَرَ بِهِ المُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وقُعُودًا وعَلى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] وأخْبَرَ أيْضًا أنَّهم يَقُومُونَ إلى الصَّلاةِ كُسالى مُراءاةً لِلنّاسِ، والكَسَلُ هو التَّثاقُلُ عَنِ الشَّيْءِ لِلْمَشَقَّةِ فِيهِ مَعَ ضَعْفِ الدَّواعِي إلَيْهِ، فَلَمّا لَمْ يَكُونُوا مُعْتَقِدِينَ لِلْإيمانِ لَمْ يَكُنْ لَهم داعٍ إلى الصَّلاةِ إلّا مُراءاةً لِلنّاسِ خَوْفًا مِنهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب