قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنَّ المُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وهو خادِعُهُمْ﴾ مَعْنى ﴿يُخادِعُونَ اللَّهَ﴾ أيْ يُخادِعُونَ نَبِيَّ اللَّهِ بِما يُظْهِرُونَهُ مِنَ الإيمانِ ويُبْطِنُونَهُ مِنَ الكُفْرِ، فَصارَ خِداعُهم لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خِداعًا لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
﴿وَهُوَ خادِعُهُمْ﴾ يَعْنِي اللَّهَ تَعالى، وفِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَعْنِي يُعاقِبُهم عَلى خِداعِهِمْ، فَسَمّى الجَزاءَ عَلى الفِعْلِ بِاسْمِهِ.
والثّانِي: أنَّهُ أمَرَ فِيهِمْ بِأمْرِ المُخْتَدِعِ لَهم بِما أمَرَ بِهِ مِن قَبُولِ إيمانِهِمْ وإنْ عَلِمَ ما يُبْطِنُونَ مِن كُفْرِهِمْ.
والثّالِثُ: ما يُعْطِيهِمْ في الآخِرَةِ مِنَ النُّورِ الَّذِي يَمْشُونَ بِهِ مَعَ المُؤْمِنِينَ، فَإذا جاؤُوا إلى الصِّراطِ طُفِئَ نُورُهم، فَتِلْكَ خَدِيعَةُ اللَّهِ إيّاهم.
﴿وَإذا قامُوا إلى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى﴾ يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: مُتَثاقِلِينَ.
والثّانِي: مُقَصِّرِينَ.
﴿يُراءُونَ النّاسَ﴾ يَعْنِي أنَّهم يَقْصِدُونَ بِما يَفْعَلُونَهُ مِنَ البِرِّ رِياءَ النّاسِ دُونَ طاعَةِ اللَّهِ تَعالى.
﴿وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: الرِّياءُ، لِأنَّهُ لا يَكُونُ إلّا ذِكْرًا حَقِيرًا، وهو قَوْلُ قَتادَةَ. (p-٥٣٩)
والثّانِي: يَسِيرًا لِاقْتِصارِهِ عَلى ما يَظْهَرُ مِنَ التَّكْبِيرِ دُونَ ما يُخْفِي مِنَ القِراءَةِ والتَّسْبِيحِ، وإنَّما قَلَّ مِن أجْلِ اعْتِقادِهِمْ لا مِن قِلَّةِ ذِكْرِهِمْ.
قالَ الحَسَنُ: لِأنَّهُ كانَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعالى.
{"ayahs_start":142,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا","مُّذَبۡذَبِینَ بَیۡنَ ذَ ٰلِكَ لَاۤ إِلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَلَاۤ إِلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِیلࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ وَإِذَا قَامُوۤا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ یُرَاۤءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}