الباحث القرآني

وصف الله سبحانه الشاكرين بأنهم قليل من عباده فقال تعالى ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾. وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رجلا يقول اللهم اجعلني من الأقلين فقال ما هذا؟ فقال يا أمير المؤمنين إن الله قال ﴿وما آمن معه إلا قليل﴾ وقال تعالى ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ وقال ﴿إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وقَلِيلٌ ما هُمْ﴾ فقال عمر صدقت وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أول رسول بعثه إلى أهل الأرض بالشكر فقال ﴿ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا﴾. * (لطيفة) وقال مشعر لما قيل لآل داود ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُودَ شُكْرًا﴾ لم يأت على القوم ساعة إلا وفيهم مصل. وقال عون بن عبد الله قال بعض الفقهاء إني رأيت في أمري لم أر خيرا إلا شر معه إلا المعافاة والشكر، فرب شاكر في بلائه، ورب معافى غير شاكر، فإذا سألتم الله فاسألوهما جميعا. وقال أحمد حدثنا يسار حدثنا حفص حدثنا ثابت قال كان داود عليه السلام قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم يكن ساعة من ليل أو نهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلى فيها قال فعمهم تبارك وتعالى في هذه الآية ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ قال أحمد وحدثنا جابر بن زيد عن المغيرة بن عيينة قال داود يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول ذكرا لك مني فأوحى الله إليه نعم الضفدع وأنزل الله عليه ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ قال يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم على ثم ترزقني على النعمة الشكر ثم تزيدني نعمة بعد نعمة فالنعم منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك قال الآن عرفتني يا داود قال أحمد وحدثنا عبد الرحمن حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن قال نبي الله داود: " إلهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر ما وفيت حق نعمة واحدة". وذكر ابن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني عن أبي الخلد قال قال موسى يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله قال فأتاه الوحي يا موسى الآن شكرتني قال بكر بن عبد الله ما قال عبد قط الحمد لله إلا وجبت عليه نعمة بقوله الحمد لله فجزاء تلك النعمة أن يقول الحمد لله فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعم الله. * (فائدة) مَقامُ الشُّكْرِ جامِعٌ لِجَمِيعِ مَقاماتِ الإيمانِ، ولِذَلِكَ كانَ أرْفَعَها وأعْلاها، وهو فَوْقَ الرِّضا وهو يَتَضَمَّنُ الصَّبْرَ مِن غَيْرِ عَكْسٍ، ويَتَضَمَّنُ التَّوَكُّلَ والإنابَةَ والحُبَّ والإخْباتَ والخُشُوعَ والرَّجاءَ فَجَمِيعُ المَقاماتِ مُنْدَرِجَةٌ فِيهِ، لا يَسْتَحِقُّ صاحِبُهُ اسْمَهُ عَلى الإطْلاقِ إلّا بِاسْتِجْماعِ المَقاماتِ لَهُ، ولِهَذا كانَ الإيمانُ نِصْفَيْنِ: نِصْفُ صَبْرٍ، ونِصْفُ شُكْرٍ، والصَّبْرُ داخِلٌ في الشُّكْرِ، فَرَجِعَ الإيمانُ كُلُّهُ شُكْرًا، والشّاكِرُونَ هم أقَلُّ العِبادِ، كَما قالَ تَعالى ﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]. * (لطيفة) سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر أو العكس؟ فأجاب بما يشفي الصدور فقال: "أفضلهما أتقاهما لله تعالى، فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب