الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ﴾ أيْ وسَخَّرَنا لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ.
﴿غُدُوُّها شَهْرٌ ورَواحُها شَهْرٌ﴾ قالَ قَتادَةُ: تَغْدُو مَسِيرَةَ شَهْرٍ إلى نِصْفِ النَّهارِ فَهي تَسِيرُ في اليَوْمِ الواحِدِ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ.
وَقالَ الحَسَنُ: كانَ يَغْدُو مِن دِمَشْقَ فَيُقْبِلُ بِإصْطَخْرَ وبَيْنَهُما مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْمُسْرِعِ ويَرُوحُ فَيَبِيتُ بِكابُلَ وبَيْنَهُما مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْمُسْرِعِ.
﴿وَأسَلْنا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ﴾ قالَ قَتادَةُ: هي عَيْنٌ بِأرْضِ اليَمَنِ، قالَ السُّدِّيُّ: سَيَّلْتُ لَهُ ثَلاثَةَ أيّامٍ، قالَ عِكْرِمَةُ: سالَ لَهُ القِطْرُ ثَلاثَةَ أيّامٍ مِن صَنْعاءَ اليَمَنِ كَما يَسِيلُ الماءُ.
وَقالَ الضَّحّاكُ: هي عَيْنٌ بِالشّامِ.
وَفي القِطْرِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ النُّحاسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ والسُّدِّيُّ.
(p-٤٣٨)الثّانِي: الصُّفْرُ، قالَهُ مُجاهِدٌ وعَطاءٌ وابْنُ زَيْدٍ.
﴿وَمِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ يَعْنِي أنَّ مِنهم مَن سَخَّرَهُ اللَّهُ تَعالى لِلْعَمَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَلَّ عَلى أنَّ مِنهم غَيْرَ مُسَخَّرٍ.
﴿بِإذْنِ رَبِّهِ﴾ أيْ بِأمْرِ رَبِّهِ.
﴿وَمَن يَزِغْ مِنهم عَنْ أمْرِنا﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: يَعْنِي عَنْ طاعَةِ اللَّهِ تَعالى وعِبادَتِهِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الثّانِي: عَمّا يَأْمُرُهُ سُلَيْمانُ، قالَهُ قَتادَةُ: لِأنَّ أمْرَ سُلَيْمانَ كانَ كَأمْرِ اللَّهِ تَعالى لِكَوْنِهِ نَبِيًّا مِن أنْبِيائِهِ.
﴿نُذِقْهُ مِن عَذابِ السَّعِيرِ﴾ أيِ النّارِ المُسَعَّرَةِ وفِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: نُذِيقُهُ ذَلِكَ في الآخِرَةِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّانِي: في الدُّنْيا، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسَخِّرُ مِنهم إلّا الكَفّارَ فَإذا آمَنُوا أُرْسِلُوا، قالَ وكانَ مَعَ المُسَخَّرِينَ مِنهم مَلَكٌ بِيَدِهِ سَوْطٌ مِن عَذابِ السَّعِيرِ فَإذا خالَفَ سُلَيْمانَ ضَرَبَهُ المَلَكُ بِذَلِكَ السَّوْطِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِن مَحارِيبَ﴾ فِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّها قُصُورٌ، قالَهُ عَطِيَّةُ.
الثّانِي: المَساجِدُ، قالَهُ قَتادَةُ، والحَسَنُ.
الثّالِثُ: المَساكِنُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مِحْرابُ الدّارِ أشْرَفُ مَوْضِعٍ فِيها، ولا يَكُونُ إلّا أنْ يُرْتَقى إلَيْهِ.
﴿وَتَماثِيلَ﴾ هي الصُّوَرُ، قالَ الحَسَنُ ولَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ مُحَرَّمَةً، وفِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها مِن نُحاسٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: مِن رُخامٍ وشَبَهٍ، قالَهُ قَتادَةُ.
ثُمَّ فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها كانَتْ طَواوِيسُ وعُقابًا ونُسُورًا عَلى كُرْسِيِّهِ ودَرَجاتِ سَرِيرِهِ لِكَيْ يَهابَ مِن شاهِدِها أنْ يَتَقَدَّمَ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
(p-٤٣٩)الثّانِي: صُوَرُ الأنْبِياءِ الَّذِينَ قَبْلَهُ، قالَهُ الفَرّاءُ.
﴿وَجِفانٍ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: صِحافٌ.
﴿كالجَوابِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: كالحِياضِ، قالَهُ الحَسَنُ.
الثّانِي: كالجَوْبَةِ مِنَ الأرْضِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّالِثُ: كالحائِطِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
﴿وَقُدُورٍ راسِياتٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: عِظامٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: أنَّ أثافِيَها مِنها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّالِثُ: ثابِتاتٌ لا يَزُلْنَ عَنْ أماكِنِهِنَّ، قالَهُ قَتادَةُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الجِبالِ الرَّواسِي لِثُبُوتِها وثُبُوتِ الأرْضِ بِها.
قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ذُكِرَ لَنا أنَّ تِلْكَ القُدُورَ بِاليَمَنِ أبْقاها اللَّهُ تَعالى آيَةً وعِبْرَةً.
﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا﴾ فِيهِ سِتَّةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: أنَّهُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعالى، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
الثّانِي: تَقْوى اللَّهِ والعَمَلُ بِطاعَتِهِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ.
الثّالِثُ: صَوْمُ النَّهارِ وقِيامُ اللَّيْلِ، قالَهُ ابْنُ أبِي زِيادٍ، فَلَيْسَ ساعَةٌ مِن نَهارٍ إلّا وفِيها مِن آلِ داوُدَ صائِمٌ ولا ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ إلّا وفِيها مِن آلِ داوُدَ قائِمٌ.
الرّابِعُ: اعْمَلُوا مِنَ الأعْمالِ ما تَسْتَوْجِبُونَ عَلَيْهِ الشُّكْرَ، قالَهُ ابْنُ عَطاءٍ.
الخامِسُ: اذْكُرُوا أهْلَ البَلاءِ وسَلُوا رَبَّكُمُ العافِيَةَ.
السّادِسُ: ما حَكاهُ الفُضَيْلُ أنَّهُ لَمّا قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا﴾ فَقالَ داوُدُ إلَهِي كَيْفَ أشْكُرُكَ والشُّكْرُ نِعْمَةٌ مِنكَ؟ قالَهُ: الآنَ شَكَرْتَنِي حِينَ عَلِمْتَ أنَّ النِّعَمَ مِنِّي.
﴿وَقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: المُؤْمِنُ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
(p-٤٤٠)الثّانِي: المُوَحِّدُ، وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ.
الثّالِثُ: المُطِيعُ، وهو مُقْتَضى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ.
الرّابِعُ: ذاكِرُ نِعَمِهِ، ورُوِيَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلا هَذِهِ الآيَةَ ثُمَّ قالَ: (ثَلاثَةٌ مَن أُوتِيَهُنَّ فَقَدْ أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ آلُ داوُدَ: العَدْلُ في الرِّضا والغَضَبِ، والقَصْدُ في الفَقْرِ والغِنى، وخَشَيَةُ اللَّهِ في السِّرِّ والعَلانِيَةِ.
» وفي الفَرْقِ بَيْنَ الشّاكِرِ والشَّكُورِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ الشّاكِرَ مَن لَمْ يَتَكَرَّرْ شُكْرُهُ والشَّكُورَ مَن تَكَرَّرَ شُكْرُهُ.
الثّانِي: أنَّ الشّاكِرَ عَلى النِّعَمِ والشَّكُورَ عَلى البَلْوى.
الثّالِثُ: أنَّ الشّاكِرَ خَوْفُهُ أغْلَبُ والشَّكُورُ رَجاؤُهُ أغْلَبُ.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡرࣱ وَرَوَاحُهَا شَهۡرࣱۖ وَأَسَلۡنَا لَهُۥ عَیۡنَ ٱلۡقِطۡرِۖ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ","یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ"],"ayah":"یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق