الباحث القرآني
(p-٩٧)”﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيءِ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾“ أُعْقِبَتْ أحْكامُ مُعامَلَةِ أزْواجِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - بِالثَّناءِ عَلَيْهِ وتَشْرِيفِ مَقامِهِ إيماءً إلى أنَّ تِلْكَ الأحْكامَ جارِيَةٌ عَلى مُناسَبَةِ عَظَمَةِ مَقامِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - عِنْدَ اللَّهِ تَعالى، وإلى أنَّ لِأزْواجِهِ مِن ذَلِكَ التَّشْرِيفِ حَظًّا عَظِيمًا.
ولِذَلِكَ كانَتْ صِيغَةُ الصَّلاةِ عَلَيْهِ الَّتِي عَلَّمَها لِلْمُسْلِمِينَ مُشْتَمِلَةً عَلى ذِكْرِ أزْواجِهِ كَما سَيَأْتِي قَرِيبًا، ولِيُجْعَلَ ذَلِكَ تَمْهِيدًا لِأمْرِ المُؤْمِنِينَ بِتَكْرِيرِ ذِكْرِ النَّبِيِّ ﷺ بِالثَّناءِ والدُّعاءِ والتَّعْظِيمِ، وذُكِرَ صَلاةُ المَلائِكَةِ مَعَ صَلاةِ اللَّهِ لِيَكُونَ مِثالًا لِصَلاةِ أشْرَفِ المَخْلُوقاتِ عَلى الرَّسُولِ لِتَقْرِيبِ دَرَجَةِ صَلاةِ المُؤْمِنِينَ الَّتِي يُؤْمَرُونَ بِها عَقِبَ ذَلِكَ، والتَّأْكِيدُ لِلِاهْتِمامِ. ومَجِيءُ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِتَقْوِيَةِ الخَبَرِ، وافْتِتاحُها بِاسْمِ الجَلالَةِ لِإدْخالِ المَهابَةِ والتَّعْظِيمِ في هَذا الحُكْمِ، والصَّلاةُ مِنَ اللَّهِ والمَلائِكَةِ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] لِأنَّ عَظَمَةَ مَقامِ النَّبِيِّ يَقْتَضِي عَظَمَةَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ.
وجُمْلَةُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ هي المَقْصُودَةُ وما قَبْلَها تَوْطِئَةٌ لَها وتَمْهِيدٌ لِأنَّ اللَّهَ لَمّا حَذَّرَ المُؤْمِنِينَ مِن كُلِّ ما يُؤْذِي الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أعْقَبَهُ بِأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هو أقْصى حَظِّهِمْ مِن مُعامَلَةِ رَسُولِهِمْ أنْ يَتْرُكُوا أذاهُ، بَلْ حَظُّهم أكْبَرُ مِن ذَلِكَ وهو أنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ ويُسَلِّمُوا، وذَلِكَ هو إكْرامُهم لِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - فِيما بَيْنَهم وبَيْنَ رَبِّهِمْ، فَهو يَدُلُّ عَلى وُجُوبِ إكْرامِهِ في أقْوالِهِمْ وأفْعالِهِمْ بِحَضْرَتِهِ بِدَلالَةِ الفَحْوى، فَجُمْلَةُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِمَنزِلَةِ النَّتِيجَةِ الواقِعَةِ بَعْدَ التَّمْهِيدِ. وجِئَ في صَلاةِ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ بِالمُضارِعِ الدّالِّ عَلى التَّجْدِيدِ والتَّكْرِيرِ لِيَكُونَ أمْرُ المُؤْمِنِينَ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ والتَّسْلِيمِ عَقِبَ ذَلِكَ مُشِيرًا إلى تَكْرِيرِ ذَلِكَ مِنهم أُسْوَةً بِصَلاةِ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ.
والأمْرُ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ مَعْناهُ: إيجادُ الصَّلاةِ، وهي الدُّعاءُ، فالأمْرُ يُئَوَّلُ إلى إيجادِ أقْوالٍ فِيها دُعاءٌ وهو مُجْمَلٌ في الكَيْفِيَّةِ.
والصَّلاةُ: ذِكْرٌ بِخَيْرٍ، وأقْوالٌ تَجْلِبُ الخَيْرَ، فَلا جَرَمَ كانَ الدُّعاءُ هو أشْهَرَ (p-٩٨)مُسَمَّياتِ الصَّلاةِ، فَصَلاةُ اللَّهِ: كَلامُهُ الَّذِي يُقَدِّرُ بِهِ خَيْرًا لِرَسُولِهِ ﷺ لِأنَّ حَقِيقَةَ الدُّعاءِ في جانِبِ اللَّهِ مُعَطَّلٌ لِأنَّ اللَّهَ هو الَّذِي يَدْعُوهُ النّاسُ، وصَلاةُ المَلائِكَةِ والنّاسِ: اسْتِغْفارٌ ودُعاءٌ بِالرَّحَماتِ.
وظاهِرُ الأمْرِ أنَّ الواجِبَ كُلُّ كَلامٍ فِيهِ دُعاءٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ ولَكِنَّ الصَّحابَةَ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ سَألُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنْ كَيْفِيَّةِ هَذِهِ الصَّلاةِ قالُوا: «يا رَسُولَ اللَّهِ هَذا السَّلامُ عَلَيْكَ قَدْ عَلِمْناهُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ» ؟ يَعْنُونَ أنَّهم عَلِمُوا السَّلامَ عَلَيْهِ مِن صِيغَةِ بَثِّ السَّلامِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وفي التَّشَهُّدِ فالسَّلامُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ صِيغَتُهُ: السَّلامُ عَلَيْكم. والسَّلامُ في التَّشَهُّدِ السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النَّبِيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ أوِ السَّلامُ عَلى النَّبِيِّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما صَلَّيْتَ عَلى إبْراهِيمَ وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما بارَكَتَ عَلى إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. هَذِهِ رِوايَةُ مالِكٍ في المُوَطَّأِ عَنْ أبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِيِّ.
ورُوِيَ أيْضًا عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأنْصارِيِّ بِلَفْظِ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ عَنْ أزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ في المَوْضِعَيْنِ وبِزِيادَةٍ في العالَمِينَ، قَبْلَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. والسَّلامُ كَما قَدْ عَلِمْتُمْ. وهُما أصَحُّ ما رُوِيَ كَما قالَ أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ. وهُناكَ رِواياتٌ خَمْسٌ أُخْرى مُتَقارِبَةُ المَعْنى وفي بَعْضِها زِيادَةٌ وقَدِ اسْتَقْصاها ابْنُ العَرَبِيِّ في أحْكامِ القُرْآنِ. ومَرْجِعُ صِيَغِها تَوَجُّهٌ إلى اللَّهِ بِأنْ يُفِيضَ خَيْراتٍ عَلى رَسُولِهِ ﷺ لِأنَّ مَعْنى الصَّلاةِ الدُّعاءُ، ودُعاءُ المُؤْمِنِينَ لا يَتَوَجَّهُ إلّا إلى اللَّهِ.
وظاهِرُ صِيغَةِ الأمْرِ مَعَ قَرِينَةِ السِّياقِ يَقْتَضِي وُجُوبَ أنْ يُصَلِّيَ المُؤْمِنُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، إلّا أنَّهُ كانَ مُجْمَلًا في العَدَدِ فَمَحْمَلُهُ مَحْمَلُ الأمْرِ المُجْمَلِ أنْ يُفِيدَ المَرَّةَ لِأنَّها ضَرُورِيَّةٌ لِإيقاعِ الفِعْلِ ولِمُقْتَضى الأمْرِ. ولِذَلِكَ اتَّفَقَ فُقَهاءُ الأُمَّةِ عَلى أنَّ واجِبًا عَلى كُلِّ مُؤْمِنٍ أنْ يُصَلِّيَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ مَرَّةً في العُمُرِ فَجَعَلُوا وقْتَها العُمُرَ كالحَجِّ. وقَدِ اخْتَلَفُوا فِيما زادَ عَلى ذَلِكَ في حُكْمِهِ ومِقْدارِهِ، ولا خِلافَ في اسْتِحْبابِ الإكْثارِ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ وخاصَّةً عِنْدَ وُجُودِ أسْبابِها. قالَ الشّافِعِيُّ، وإسْحاقُ، ومُحَمَّدُ بْنُ المَوّازِ مِنَ المالِكِيَّةِ واخْتارَهُ أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ مِنَ المالِكِيَّةِ: أنَّ (p-٩٩)الصَّلاةَ عَلَيْهِ فَرْضٌ في الصَّلاةِ فَمَن تَرَكَها بَطَلَتْ صَلاتُهُ. قالَ إسْحاقُ: ولَوْ كانَ ناسِيًا.
وظاهِرُ حِكاياتِهِمْ عَنِ الشّافِعِيِّ أنَّ تَرْكَها إنَّما يُبْطِلُ الصَّلاةَ إذا كانَ عَمْدًا وكَأنَّهم جَعَلُوا ذَلِكَ بَيانًا لِلْإجْمالِ الَّذِي في الأمْرِ مِن جِهَةِ الوَقْتِ والعَدَدِ، فَجَعَلُوا الوَقْتَ هو إيقاعُ الصَّلاةِ لِلْمُقارَنَةِ بَيْنَ الصَّلاةِ والتَّسْلِيمِ، والتَّسْلِيمُ وارِدٌ في التَّشَهُّدِ، فَتَكُونُ الصَّلاةُ مَعَهُ عَلى نَحْوِ ما اسْتَدَلَّ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِن قَوْلِهِ: لَأُقاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ، فَإذا كانَ هَذا مَأْخَذَهم فَهو ضَعِيفٌ لِأنَّ الآيَةَ لَمْ تَرِدْ في مَقامِ أحْكامِ الصَّلاةِ، وإلّا فَلَيْسَ لَهُ أنْ يُبَيِّنَ مُجْمَلًا بِلا دَلِيلٍ.
وقالَ جُمْهُورُ العُلَماءِ: هي في الصَّلاةِ مُسْتَحَبَّةٌ وهي في التَّشَهُّدِ الأخِيرِ وهو الَّذِي جَرى عَلَيْهِ الشّافِعِيَّةُ أيْضًا. قالَ الخَطّابِيُّ: ولا أعْلَمُ لِلشّافِعِيِّ فِيها قُدْوَةً وهو مُخالِفٌ لِعَمَلِ السَّلَفِ قَبْلَهُ، وقَدْ شَنَّعَ عَلَيْهِ في هَذِهِ المَسْألَةِ جِدًّا. وهَذا تَشَهُّدُ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ﷺ والَّذِي اخْتارَهُ الشّافِعِيُّ لَيْسَ فِيهِ الصَّلاةُ عَلى النَّبِيِّ كَذَلِكَ كُلُّ مَن رَوى التَّشَهُّدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ. قالَ ابْنُ عُمَرَ: كانَ أبُو بَكْرٍ يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ عَلى المِنبَرِ كَما تُعَلِّمُونَ الصِّبْيانَ في الكُتّابِ، وعَلَّمَهُ أيْضًا عَلى المِنبَرِ عُمَرُ، ولَيْسَ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ ذِكْرُ الصَّلاةِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ . قُلْتُ: فَمَن قالَ إنَّها سَنَةٌ في الصَّلاةِ فَإنَّما أرادَ المُسْتَحَبَّ.
وأمّا حَدِيثُ «لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» فَقَدْ ضَعَّفَهُ أهْلُ الحَدِيثِ كُلُّهم.
ومِن أسْبابِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ أنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مَن جَرى ذِكْرُهُ عِنْدَهُ، وكَذَلِكَ في افْتِتاحِ الكُتُبِ والرَّسائِلِ، وعِنْدَ الدُّعاءِ، وعِنْدَ سَماعِ الآذانِ، وعِنْدَ انْتِهاءِ المُؤَذِّنِ، وعِنْدَ دُخُولِ المَسْجِدِ، وفي التَّشَهُّدِ الأخِيرِ.
وفِي التَّوْطِئَةِ لِلْأمْرِ بِالصَّلاةِ عَلى النَّبِيءِ بِذِكْرِ الفِعْلِ المُضارِعِ في (يُصَلُّونَ) إشارَةٌ إلى التَّرْغِيبِ في الإكْثارِ مِنَ الصَّلاةِ عَلى النَّبِيءِ ﷺ تَأسِّيًا بِصَلاةِ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ.
واعْلَمْ أنّا لَمْ نَقِفْ عَلى أنَّ أصْحابَ النَّبِيءِ ﷺ كانُوا يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيءِ كُلَّما ذُكِرَ اسْمُهُ ولا أنْ يَكْتُبُوا الصَّلاةَ عَلَيْهِ إذا كَتَبُوا اسْمَهُ ولَمْ نَقِفْ عَلى تَعْيِينِ مَبْدَأِ كِتابَةِ ذَلِكَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.
(p-١٠٠)والَّذِي يَبْدُو أنَّهم كانُوا يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ إذا تَذَكَّرُوا بَعْضَ شُئُونِهِ كَما كانُوا يَتَرَحَّمُونَ عَلى المَيِّتِ إذا ذَكَرُوا بَعْضَ مَحاسِنِهِ. وفي السِّيرَةِ الحَلَبِيَّةِ لَمّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ واعْتَرى عُمَرُ مِنَ الدَّهَشِ ما هو مَعْلُومٌ وتَكَلَّمَ أبُو بَكْرٍ بِما هو مَعْلُومٌ قالَ عُمَرُ: إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلى رَسُولِهِ وعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ رَسُولَهُ، ورَوى البُخارِيُّ في بابِ: مَتى يُحِلُّ المُعْتَمِرُ: عَنْ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ أنَّها كانَتْ تَقُولُ كُلَّما مَرَّتْ بِالحَجُونِ: صَلّى اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ لَقَدْ نَزَلْنا مَعَهُ هاهُنا ونَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفافٌ إلى آخِرِهِ.
وفِي بابِ ما يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ المَسْجِدِ مِن جامِعِ التِّرْمِذِيِّ حَدِيثُ فاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ عَنْ جَدَّتِها فاطِمَةَ الكُبْرى قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ إذا دَخَلَ المَسْجِدَ صَلّى عَلى مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ وقالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وافْتَحْ لِي أبْوابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ صَلّى عَلى مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ وقالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وافْتَحْ لِي أبْوابَ فَضْلِكَ» قالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ ولَيْسَ إسْنادُهُ بِمُتَّصِلٍ.
ومِن هَذا القَبِيلِ ما ذَكَرَهُ ابْنُ الأثِيرِ في التّارِيخِ الكامِلِ في حَوادِثِ سَنَةِ خَمْسٍ وأرْبَعِينَ ومِائَةٍ: أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُصْعَبِ بْنِ ثابِتٍ رَثى مُحَمَّدًا النَّفْسَ الزَّكِيَّةَ بِأبْياتٍ مِنها:
؎واللَّهِ لَوْ شَهِدَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صَلّى الإلَهُ عَلى النَّبِيِّ وسَلَّما
ثُمَّ أُحْدِثَتِ الصَّلاةُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ في أوائِلِ الكُتُبِ في زَمَنِ هارُونَ الرَّشِيدِ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الأثِيرِ في الكامِلِ في سَنَةِ إحْدى وثَمانِينَ ومِائَةٍ، وذَكَرَهُ عِياضٌ في الشِّفاءِ، ولَمْ يَذْكُرا صِيغَةَ التَّصْلِيَةِ. وفي المُخَصَّصِ لِابْنِ سِيدَهْ في ذِكْرِ الخُفِّ والنَّعْلِ: أنَّ أبا مُحَلِّمٍ بَعَثَ إلى حَذّاءٍ بِنَعْلٍ لِيَحْذُوَها وقالَ لَهُ (ثُمَّ سُنَّ شَفْرَتَكَ وسُنَّ رَأْسَ الإزْمِيلِ ثُمَّ سَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ثُمَّ انْحُها) إلى آخِرِهِ.
ولا شَكَّ أنَّ إتْباعَ اسْمَ النَّبِيءِ ﷺ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ في كُتُبِ الحَدِيثِ والتَّفْسِيرِ وغَيْرِها كانَ مَوْجُودًا في القَرْنِ الرّابِعِ وقَدْ وقَفْتُ عَلى قِطْعَةٍ عَتِيقَةٍ مِن تَفْسِيرِ يَحْيى بْنِ سَلّامٍ البَصْرِيِّ مُؤَرَّخٍ نَسْخُها سَنَةَ ثَلاثٍ وثَمانِينَ وثَلاثِمِائَةٍ فَإذا فِيها الصَّلاةُ عَلى النَّبِيءِ عَقِبَ ذِكْرِهِ اسْمَهُ.
(p-١٠١)وأحْسَبُ أنَّ الَّذِينَ سَنُّوا ذَلِكَ هم أهْلُ الحَدِيثِ قالَ النَّوَوِيُّ في مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ عَلى صَحِيحِ مُسْلِمٍ: يُسْتَحَبُّ لِكاتِبِ الحَدِيثِ إذا مَرَّ ذِكْرُ اللَّهِ أنْ يَكْتُبَ عَزَّ وجَلَّ، أوْ تَعالى، أوْ سُبْحانَهُ وتَعالى، أوْ تَبارَكَ وتَعالى، أوْ جَلَّ ذِكْرُهُ، أوْ تَبارَكَ اسْمُهُ، أوْ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ، أوْ ما أشْبَهَ ذَلِكَ، وكَذَلِكَ يَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّبِيءِ ﷺ بِكامِلِها لا رامِزًا إلَيْها ولا مُقْتَصِرًا عَلى بَعْضِها، ويَكْتُبُ ذَلِكَ وإنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا في الأصْلِ الَّذِي يُنْقَلُ مِنهُ فَإنَّ هَذا لَيْسَ رِوايَةً وإنَّما هو دُعاءٌ. ويَنْبَغِي لِلْقارِئِ أنْ يَقْرَأ كُلَّ ما ذَكَرْناهُ وإنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا في الأصْلِ الَّذِي يَقْرَأُ مِنهُ ولا يَسْأمُ مِن تَكَرُّرِ ذَلِكَ، ومَن أغْفَلَ ذَلِكَ حُرِمَ خَيْرًا عَظِيمًا اهـ.
وقَوْلُهُ ﴿وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ القَوْلُ فِيهِ كالقَوْلِ في (صَلُّوا عَلَيْهِ) حُكْمًا ومَكانًا وصِفَةً فَإنَّ صِفَتَهُ حُدِّدَتْ بِقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ «والسَّلامُ كَما قَدْ عَلِمْتُمْ» فَإنَّ المَعْلُومَ هو صِيغَتُهُ الَّتِي في التَّشَهُّدِ السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النَّبِيءُ ورَحِمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ وكانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ فِيهِ بَعْدَ وفاةِ النَّبِيءِ ﷺ السَّلامُ عَلى النَّبِيءِ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ والجُمْهُورُ أبْقَوْا لَفْظَهُ عَلى اللَّفْظِ الَّذِي كانَ في حَياةِ النَّبِيءِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - رَعْيًا لِما ورَدَ عَنِ النَّبِيءِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أنَّهُ حَيٌّ يَبْلُغُهُ تَسْلِيمَ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ.
ومِن أجْلِ هَذا المَعْنى أُبْقِيَتْ لَهُ صِيغَةُ التَّسْلِيمِ عَلى الأحْياءِ وهي الصِّيغَةُ الَّتِي يَتَقَدَّمُ فِيها لَفَظُ التَّسْلِيمِ عَلى المُتَعَلِّقِ بِهِ لِأنَّ التَّسْلِيمَ عَلى الأمْواتِ يَكُونُ بِتَقْدِيمِ المَجْرُورِ عَلى لَفْظِ السَّلامِ. وقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ لِلَّذِي سَلَّمَ فَقالَ: «عَلَيْكَ السَّلامُ يا رَسُولَ اللَّهِ فَقالَ لَهُ إنَّ (عَلَيْكَ السَّلامُ) تَحِيَّةُ المَوْتى، فَقُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ» .
والتَّسْلِيمُ مَشْهُورٌ في أنَّهُ التَّحِيَّةُ بِالسَّلامِ، والسَّلامُ فِيهِ بِمَعْنى الأمانِ والسَّلامَةِ وجُعِلَ تَحِيَّةً في الأوَّلِينَ عِنْدَ اللِّقاءِ مُبادَأةً بِالتَّأْمِينِ مِنَ الِاعْتِداءِ والثَّأْرِ ونَحْوِ ذَلِكَ إذْ كانُوا إذا اتَّقَوْا أحَدًا تَوَجَّسُوا خِيفَةً أنْ يَكُونَ مُضْمِرًا شَرًّا لِمُلاقِيهِ، فَكِلاهُما يَدْفَعُ ذَلِكَ الخَوْفَ بِالإخْبارِ بِأنَّهُ مُلْقٍ عَلى مُلاقِيهِ سَلامَةً وأمْنًا. ثُمَّ شاعَ ذَلِكَ حَتّى صارَ هَذا اللَّفْظُ دالًّا عَلى الكَرامَةِ والتَّلَطُّفِ، قالَ النّابِغَةُ:(p-١٠٢)
؎أتارِكَةٌ تَدَلُّلَها قَطامِ ∗∗∗ وضِنًّا بِالتَّحِيَّةِ والسَّلامِ
ولِذَلِكَ كانَ قَوْلُهُ تَعالى (وسَلِّمُوا) غَيْرَ مُجْمَلٍ ولا مُحْتاجٍ إلى بَيانٍ فَلَمْ يَسْألْ عَنْهُ الصَّحابَةُ النَّبِيءَ ﷺ وقالُوا: هَذا السَّلامُ قَدْ عَرَفْناهُ، وقالَ لَهم: والسَّلامُ كَما قَدْ عَلِمْتُمْ، أيْ كَما قَدْ عَلِمْتُمْ مِن صِيغَةِ السَّلامِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ ومِن ألْفاظِ التَّشَهُّدِ في الصَّلاةِ.
وإذْ قَدْ كانَتْ صِيغَةُ السَّلامِ مَعْرُوفَةً كانَ المَأْمُورُ بِهِ هو ما يُماثِلُ تِلْكَ الصِّيغَةَ أعْنِي أنْ نَقُولَ: السَّلامُ عَلى النَّبِيءِ أوْ عَلَيْهِ السَّلامُ، وأنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِتَوَجُّهٍ إلى اللَّهِ تَعالى بِأنْ يُسَلِّمَ عَلى النَّبِيءِ بِخِلافِ التَّصْلِيَةِ لِما عَلِمْتَ مِمّا اقْتَضى ذَلِكَ فِيها.
والآيَةُ تَضَمَّنَتِ الأمْرَ بِشَيْئَيْنِ: الصَّلاةُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ والتَّسْلِيمُ عَلَيْهِ، ولَمْ تَقْتَضِ جَمْعَهُما في كَلامٍ واحِدٍ وهُما مُفَرَّقانِ في كَلِماتِ التَّشَهُّدِ فالمُسْلِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أنْ يَقْرِنَ بَيْنَ الصَّلاةِ والتَّسْلِيمِ بِأنْ يَقُولَ: صَلّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ والسَّلامُ عَلَيْهِ، أوْ أنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والسَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتِي في جانِبِ التَّصْلِيَةِ بِصِيغَةِ طَلَبِ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ، وفي جانِبِ التَّسْلِيمِ بِصِيغَةِ إنْشاءِ السَّلامِ بِمَنزِلَةِ التَّحِيَّةِ لَهُ، وبَيْنَ أنْ يُفْرِدَ الصَّلاةَ ويُفْرِدَ التَّسْلِيمَ وهو ظاهِرُ الحَدِيثِ الَّذِي رَواهُ عِياضٌ في الشِّفاءِ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ قالَ: «لَقِيتُ جِبْرِيلَ فَقالَ لِي: أُبَشِّرُكَ أنَّ اللَّهَ يَقُولُ: مَن سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ ومَن صَلّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ» . وعَنِ النَّوَوِيِّ: أنَّهُ قالَ بِكَراهَةِ إفْرادِ الصَّلاةِ والتَّسْلِيمِ، وقالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَعَلَّهُ أرادَ خِلافَ الأوْلى. وفي الِاعْتِذارِ والمُعْتَذَرِ عَنْهُ نَظَرٌ إذْ لا دَلِيلَ عَلى ذَلِكَ.
وأمّا أنْ يُقالَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ، فَلَيْسَ بِوارِدٍ فِيهِ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ ولا حَسَنٌ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ ولَمْ يَرِدْ عَنْهُ إلّا بِصِيغَةِ إنْشاءِ السَّلامِ مِثْلَ ما في التَّحِيَّةِ، ولَكِنَّهم تَسامَحُوا في حالَةِ الِاقْتِرانِ بَيْنَ التَّصْلِيَةِ والتَّسْلِيمِ فَقالُوا: ﷺ لِقَصْدِ الِاخْتِصارِ فِيما نَرى. وقَدِ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النّاسِ مِن أهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ وفي حَدِيثِ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ المُتَقَدِّمِ أنَّها قالَتْ صَلّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وسَلَّمَ.
ومَعْنى تَسْلِيمِ اللَّهِ عَلَيْهِ إكْرامُهُ وتَعْظِيمُهُ فَإنَّ السَّلامَ كِنايَةٌ عَنْ ذَلِكَ.
(p-١٠٣)وقَدِ اسْتَحْسَنَ أيِمَّةُ السَّلَفِ أنْ يُجْعَلَ الدُّعاءُ بِالصَّلاةِ مَخْصُوصًا بِالنَّبِيءِ ﷺ .
وعَنْ مالِكٍ: لا يُصَلّى عَلى غَيْرِ نَبِيئِنا مِنَ الأنْبِياءِ. يُرِيدُ أنَّ تِلْكَ هي السُّنَّةُ، ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ورُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ: أنَّ الصَّلاةَ خاصَّةٌ بِالنَّبِيئِينَ كُلِّهِمْ.
وأمّا التَّسْلِيمُ في الغَيْبَةِ فَمَقْصُورٌ عَلَيْهِ وعَلى الأنْبِياءِ والمَلائِكَةِ لا يُشْرِكُهم فِيهِ غَيْرُهم مِن عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿سَلامٌ عَلى نُوحٍ في العالَمِينَ﴾ [الصافات: ٧٩]، وقَوْلِهِ ﴿سَلامٌ عَلى إلْ ياسِينَ﴾ [الصافات: ١٣٠]، ﴿سَلامٌ عَلى مُوسى وهارُونَ﴾ [الصافات: ١٢٠]، ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ [الصافات: ١٠٩] .
وأنَّهُ يَجُوزُ إتْباعُ آلِهِمْ وأصْحابِهِمْ وصالِحِي المُؤْمِنِينِ إيّاهم في ذَلِكَ دُونَ اسْتِقْلالٍ. هَذا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ اصْطِلاحُ أهْلِ السُّنَّةِ ولَمْ يَقْصِدُوا بِذَلِكَ تَحْرِيمًا ولَكِنَّهُ اصْطِلاحٌ وتَمْيِيزٌ لِمَراتِبِ رِجالِ الدِّينِ، كَما قَصَرُوا الرِّضى عَلى الأصْحابِ وأيِمَّةِ الدِّينِ، وقَصَرُوا كَلِماتِ الإجْلالِ نَحْوَ: تَبارَكَ وتَعالى، وجَلَّ جَلالُهُ، عَلى الخالِقِ دُونَ الأنْبِياءِ والرُّسُلِ.
وأمّا الشِّيعَةُ فَإنَّهم يَذْكُرُونَ التَّسْلِيمَ عَلى عَلِيٍّ وفاطِمَةَ وآلِهِما، وهو مُخالِفٌ لِعَمَلِ السَّلَفِ فَلا يَنْبَغِي اتِّباعُهم فِيهِ لِأنَّهم قَصَدُوا بِهِ الغَضَّ مِنَ الخُلَفاءِ والصَّحابَةِ.
وانْتَصَبَ تَسْلِيمًا عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِـ (سَلِّمُوا) وإنَّما لَمْ يُؤَكِّدِ الأمْرَ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ بِمَصْدَرٍ فَيُقالُ: صَلُّوا عَلَيْهِ صَلاةً؛ لِأنَّ الصَّلاةَ غَلَبَ إطْلاقُها عَلى مَعْنى الِاسْمِ دُونَ المَصْدَرِ، وقِياسُ المَصْدَرِ التَّصْلِيَةُ ولَمْ يُسْتَعْمَلْ في الكَلامِ؛ لِأنَّهُ اشْتُهِرَ في الإحْراقِ، قالَ تَعالى (﴿وتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ [الواقعة: ٩٤])، عَلى أنَّ الأمْرَ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ قَدْ حَصَلَ تَأْكِيدُهُ بِالمَعْنى لا بِالتَّأْكِيدِ الِاصْطِلاحِيِّ فَإنَّ التَّمْهِيدَ لَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيءِ ) مُشِيرٌ إلى التَّحْرِيضِ عَلى الِاقْتِداءِ بِشَأْنِ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤىِٕكَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق