الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب ٥٦]، ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ﴾ هذا خبر مؤكد بـ(إن)، وعطف الملائكة على الله عز وجل بالواو؛ لأنهم مشاركون لله سبحانه وتعالى بهذا الفعل؛ ولهذا قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ﴾.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ﴾ الملائكة تَقَدَّم أنهم جمع مَلَك وأن أصل مَلَك مَأْلَك من الأَلُوكة وهي الرسالة، ولكنه حصل فيها إعلال بالتقديم والتأخير فصار بدل مَأْلك صارت ملأك ثم حذفت الهمزة للتخفيف لكثرة الاستعمال فصارت ملك، أما الجمع فإنها رُدَّت الهمزة وقيل فيها: ملائكة.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا تعليل صرفي ما يدخل في درس الفقه، يعني قالوا: من أين اشتق الملك؟ من الأَلوكة، الألوكة في اللغة بمعنى الرسالة، والملائكة رسل، فأصلها إذن مألك، يعني: من الألوكة، ثم أُعِلَّ بالتقديم والتأخير فصارت ملأك، ثم حُذِفَت الهمزة للتخفيف لكثرة الاستعمال، ونُقِلَت حركتها إلى اللام فصارت ملك، أما الجمع فملائكة، فالملائكة هم الذين جعلهم الله تعالى رسلًا وهم عالم غيبيٌّ مخلوقون من نور ممتثلون لأمر الله عز وجل قائمون بعبادته آناء الليل والنهار كما ذكر الله عنهم ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء ٢٠]، وهم مع ذلك ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم ٦]؛ لقوة امتثالهم لأمر الله.
﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ لقوتهم على التنفيذ، فيكون ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ هذا باعتبار الإرادات، ما عندهم إرادة تخالف أمر الله.
﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ باعتبار التنفيذ والعمل، وهم -أي: الملائكة- أصناف في أشكالهم وفي أعمالهم وفي صفاتهم، ما نعلم من هذا إلا ما أعلمنا الله تعالى به ورسوله، والباقي مجهول لنا فنؤمن بما عَلِمْنا من أسمائهم وأشكالهم وأوصافهم وأعمالهم، وما لم نَعْلَمْه نؤمن به على سبيل أيش؟ على سبيل الإجمال؛ نقول: آمنا بالله وملائكته.
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ﴾ الخبر ﴿يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ ﴿النَّبِيِّ﴾ من؟ محمد ﷺ؛ ولهذا قال: (محمد ﷺ)، وما معنى ﴿يُصَلُّونَ﴾؟ اشتهر عند كثير من أهل العلم أن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، وعلى هذا فيفسر ﴿يُصَلُّونَ﴾ باعتباره إلى الله بمعنى الرحمة، وإلى الملائكة الاستغفار، لكن هذا التفسير خطأ؛ فإن الرحمة أعم من الصلاة؛ لأن الرحمة يدعى بها لكل أحد، والصلاة خاصة بالأنبياء فهي شعارهم، ولا تقال لأحد سواهم إلا على سبيل لا يكون شعارًا، وأما الرحمة فهي عامة حتى إن بعض أهل العلم يقول: لا يجوز أن تدعو للرسول بالرحمة؛ ما تقول: محمد رحمه الله، قال رسول الله رحمه الله. لكن هذا القول ضعيف؛ لأن النبي ﷺ نفسه كان يدعو لنفسه بالرحمة يقول: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي»[[أخرجه أبو داود (٨٥٠)، والترمذي (٢٨٤)، وابن ماجه (٨٩٨) من حديث عبد الله بن عباس.]]، وفي قصة الأعرابي قال: «اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا»[[أخرجه البخاري (٦٠١٠) من حديث أبي هريرة.]] ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام، لكنها عند السلف يُدْعَى للرسول ﷺ بماذا؟ بالصلاة، ولغيره بالرحمة والرضا، وما أشبه ذلك.
والصواب أن صلاة الله على رسوله معناها ثناؤه عليه في الملأ الأعلى وليست رحمته إياه بدليل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة ١٥٧]، قال: ﴿صَلَوَاتٌ﴾ ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ فدلَّ هذا على أن الرحمة غير الصلاة، وهو كذلك، أما صلاة الملائكة على الرسول عليه الصلاة والسلام فيحتمل أن تكون بمعنى الدعاء أنهم يدعون له بالصلاة، ويحتمل أن المعنى أنهم يُثْنُون عليه مع الله، وهذا أقرب؛ حتى لا يَتَوَّزَع المعنى في كلمة: ﴿يُصَلُّونَ﴾، ويكون المعنى أن الله يُثْنِي عليه والملائكة كذلك يثنون عليه، وهذا من تعلية شأن الرسول ﷺ؛ ولهذا قدَّم هذه الجملة الخبرية على الجملة الإنشائية الطلبية في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب ٥٦]؛ لأن النفس إذا عَلِمَت شرف هذا النبي وأن الله سبحانه وتعالى نفسه وملائكته المقربين وغير المقربين من الملائكة الآخرين، فإنهم يصلون عليه، وأنا قلت: الملائكة المقربين لأن الملائكة كلهم مقربون بالمعنى العام، لكن هناك ملائكة مقربون عند الله كحملة العرش ونحوهم، وكل هؤلاء يصلون على النبي ﷺ.
وفي إضافة الملائكة إلى الله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ﴾..
النبي ﷺ.
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب ٥٦] ولما تقرر في النفوس عُلو شأن الرسول ﷺ بهذه الجملة وَجَّه الله الخطاب إلى المؤمنين فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
وتصدير الجملة بالنداء يدل على الأهمية والعناية بها؛ لأن النداء يستلزم انتباه المنادى، ولا داعي لتنبيه المخاطَب إلا لأمر هام.
ثم النداء بهذا الوصف ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فيه إغراء للامتثال -لامتثال الخطاب الموجه- ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إذا قال الله: يا أيها الذين آمنوا فأرْعِها سمْعَك -يعني استمع لها- فإما خير تؤمر به، وإما شر تُنهى عنه»[[أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (٥٠).]].
وفي وصف الإيمان مع كونه إغراءً دليل على أن امتثال هذا الأمر من مقتضيات الإيمان، وأن معصيته نقص في الإيمان.
قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب ٥٦] نبغي ندمج الحديث بالتفسير؛ لأني ما جبت القواعد.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ يعني ادعوا له بالصلاة فليس المراد بالصلاة إذا قلت: صلِّ على فلان، ليس معناها الدعاء المطلق بل الدعاء بالصلاة؛ ولهذا لما أمر الله نبيه أن يُصلِّي على من أعطاه الصدقة صار يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤٩٧)، ومسلم (١٠٧٨ / ١٧٦) من حديث عبد الله بن أبي أوفى بمعناه.]].
فالصلاة في اللغة: الدعاء صحيح، لكن إذا أمرتك أن تصلي على شخص فالمعنى أن تدعو له بماذا؟ بصلاة الله عليه، فمعنى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ أمر بالصلاة على رسول الله ﷺ، وهو أمر مطلق غير مقيد، فإذن تكون الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام مطلقة غير مقيدة نصلي عليه بأي صيغة صلَّينا ونصلي عليه في كل وقت وفي كل مكان، لكن هناك أمكنة تتأكد فيها الصلاة، وأمكنة لا تنبغي فيها الصلاة، وأمكنة تُستحب فيها الصلاة مطلقًا يعني ما هو بتأكد.
فمما تتأكد الصلاة على النبي ﷺ فيه إذا ذُكِر اسمه فإن الصلاة واجبة عليه؛ لقوله ﷺ في حديث أبي هريرة قال: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ»[[أخرجه مسلم (٢٥٥١ / ٩)، والترمذي (٣٥٤٥)، واللفظ له.]]. وهذا دعاء له بأن يُرغم الله أنفَه في التراب، وإرغام الأنف في التراب دليل على الذل والإهانة، وهذا يدل على وجوب الصلاة على النبي ﷺ إذا ذُكِر اسمه.
ثانيًا: الصلاة عليه في التشهد الأخير ركن لا تصح الصلاة إلا به على مذهب الحنابلة والشافعية، ولا فرق بين الفريضة والنافلة.
* ومنها: أنه يستحب في الصلاة على النبي ﷺ في الدعاء مُقدَّمة عليه أو مُؤخَّرة عنه.
* ومنها: عند الأذان: «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ»[[أخرجه مسلم (٣٨٤ / ١١) من حديث عبد الله بن عمرو.]]. ومواضع متعددة، لكن منها ما هو على سبيل الوجوب، ومنها ما هو على سبيل الاستحباب.
أما كراهة الصلاة على النبي ﷺ فذكروا أنها تُكره الصلاة عليه عند الذبح، إذا قلت: باسم الله والله أكبر ما تقول: اللهم صَلِّ على محمد، قالوا: لأن المقام مقام إخلاص وتوحيد، فلا ينبغي أن يُذكر مع اسم الله غيره، فتقول: باسم الله والله أكبر، ولا تصلي على النبي ﷺ.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ قلت لكم: إنه مُطلق بأي صفة كانت، فما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام حين سأله الصحابة: كيف نصلي عليك؟ قال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٦٩)، ومسلم (٤٠٧ / ٦٩) من حديث أبي حميد الساعدي.]]. هذا على سبيل الاستحباب، وليس على سبيل الوجوب؛ ولهذا أجمع العلماء على أن الصلاة على آل الرسول ﷺ لا تجب، مع أن الصيغة التي علمها النبي ﷺ أمته فيها الصلاة على آله مع أنها ليست بواجبة مما يدل على أنها على سبيل الاستحباب.
وربما يستدل لذلك أيضًا بأن الصيغ التي أمر بها الرسول عليه الصلاة والسلام في كيفية الصلاة عليه مختلفة، ما هي كلها على صيغة واحدة، وهذا يدل على أن أي صيغة أتيت بها فهي مجزئة.
وقوله: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب ٥٦] أي: قولوا: السلام عليك؛ يعني ادعوا له بالسلام فقولوا: السلام عليك أيها النبي.
والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام مع كونه غائبًا أمر مشروع؛ ولهذا نقول في صلاتنا: السلام عليك أيها النبي، مع أنه غائب، والصحابة يقولون: السلام عليك أيها النبي مع أنه غائب، ولا يسمعهم حتى لو كانوا معه في الصلاة فهو لا يسمعهم، لكن لأن هناك ملائكة سياحين يبلغون النبي ﷺ السلام من أمته؛ ولأنه لما كان الإنسان قوي الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام صار كأنه حاضر عنده يخاطبه.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا﴾ ﴿وَسَلِّمُوا﴾ الآية فيها تقديم الصلاة على السلام مع أنه في التشهُّد يُقدَّم السلام على الصلاة، فهل بين الآية وما ثبت به الحديث في التشهد؟ هل بينهما تناقض؟
الجواب: لا؛ لأن العطف بالواو لا يستلزم وجوب التقديم، وإن كان قد يقتضيه لكنه لا يستلزمه؛ لأن الواو كما قال أهل اللغة تدل على مُطلق الاشتراك بدون ترتيب، ولهذا إذا قلت: ما شاء الله وشِئت. مع أنك قدمت مشيئة الله صار هذا نوعًا من الشِّرْك؛ لأن الواو تقتضي التسوية، وليست تستلزم الترتيب.
إذا قال قائل: لماذا أكد التسليم بالمصدر؟ قال: ﴿سَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ولم يؤكد الصلاة؟
فالجواب: أن الصلاة تَقدَّم ما يؤكدها، وهو إخبار الله تعالى بأنه يُصلِّي عليه وملائكته، وهذا يُعطي الإنسان قوة في الصلاة عليه متى عَلِم بأن الرسول ﷺ يُصلِّي الله وملائكته عليه؛ فلهذا جاء التوكيد في التسليم دون الصلاة؛ لأن الصلاة أُكِّدت تأكيدًا معنويًّا بذِكْر أن الله وملائكته يصلون على النبي، وأما التسليم فأُكِّد تأكيدًا لفظيًّا؛ لأن قوله: ﴿تَسْلِيمًا﴾ مصدر مؤكد لقوله: ﴿سَلِّمُوا﴾.
قال المؤلف: (﴿﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ ﴾ محمد ﷺ)، ولم يفسر ﴿يُصَلُّونَ﴾ رحمه الله، وهذا نقص في التفسير.
ثم قال: (﴿﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ﴾ أي: قولوا: اللهم صَلِّ على محمد وسَلِّم) ولم يفسر التسليم.
فما معنى التسليم؟ قال بعض العلماء: إنك إذا قلت: السلام عليك، فالسلام من أسماء الله؛ يعني الله عليك. وما معنى الله عليك؟ أي: الله حفيظ عليك، يراقبك، ويحفظك.
وقال بعض العلماء: السلام عليك أي: التسليم عليك؛ فهي جملة خبرية بمعنى الدعاء، والسلام اسم مصدر (سَلَّمَ) مثل الكلام اسم مصدر (كَلَّمَ)، فمعنى السلام عليك يعني تسليم الله عليك؛ أي: تسليمك من الآفات.
وهذا المعنى أصح، هذا المعنى هو الصحيح؛ أنك إذا قلت لإنسان: السلام عليك؛ أنك تسأل الله تعالى أن يُسلِّمه من الآفات؛ الآفات الحسية والمعنوية أو أحدهما؟ السلامة الحسية والمعنوية؛ فالسلامة الحسية: سلامة البدن والعِرْض والمال، والسلامة المعنوية: سلامة الدين من الآفات؛ لأن الإنسان محوط بآفتين؛ آفة في الدين، وآفة في الدنيا، والسلامة منهما جميعًا من أكبر نِعَم الله على العبد.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: المعنى لازم يستحضر، لا بد أن يستحضر وإلا كان لغوًا من القول.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أكثر الناس عندما يُسلِّم يستحضر أنها تحية فقط، وهذا ما ينبغي، بل الذي ينبغي أن تستحضر بأنها دعاء له بالسلامة من الآفات؛ لأنك إذا كنت لا تستحضر إلا أنها تحية صار لا فرْق بينها وبين قولك: أهلًا وسهلًا، بل ربما تكون التحية بـ(أهلًا وسهلًا، مرحبًا يا أبا فلان، حياك الله وبيَّاك)، وما أشبه ذلك من الكلمات الترحيبية تكون أبلغ من هذا؛ ولهذا ينبغي لنا ما دام ما نويت المعنى الذي قصده الشارع صار لفظًا مجردًا، فينبغي لنا إذا سلَّمنا على أحد أن نستحضر أننا ندعو له بالسلامة من الآفات؛ ولهذا لو أتيت بكل ترحيب ما قابل هذه الجملة الدعائية أن تدعو الله له بالسلامة.
فالحاصل أن ما ذكره الأخ صحيح أن أكثر الناس يقولون: السلام عليكم من باب التحية فقط.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم، يحركه؛ لأنه دعاء.
* طالب: والرد كذلك؟
* الشيخ: والرد كذلك، يعني ينبغي لنا أن نستحضر المعاني في كل ما نقول حتى الآن التحيات لله -والله يتوب علينا وعليكم- هل نحن نستحضر معنى التحيات، ومعنى الصلوات، ومعنى الطيبات، وإلا تمشي ألفاظ تُقرأ؟ أحيانًا وأحيانًا، هذا أيضًا ما ينبغي، يعني ينبغي أن تستحضر لكل لفظ معناه وإلا صارت ألفاظًا جوفاء، ثيابًا ما فيها أجسام، أو أجسامًا ما فيها أرواح، ويش الفائدة أنك تقرأ التحيات لله والصلوات والطيبات وأنت سارح ما عندك إلا ألفاظ تمر على القلب فقط؟! هذه ينبغي أن كل ما قرأت هذه تستحضر وأنت تصلي، أيش معنى التحيات؟ ويش معنى الصلوات؟ ويش معنى الطيبات ولَّا لا؟ وإن شاء الله تعالى نختبركم فيها في يوم من الأيام ويش معنى التحيات؟ ويش معنى الصلوات إلا إذا كانوا مستعدين الآن عشان نكمل بقية الحصة؟
* طلبة: تشرحها.
* الشيخ: أشرحها؟! إذا شرحتها ما صار اختبارًا.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما يخالف، الآن نشوف التحيات، من اللي يعرف معنى التحيات؟
* طالب: البقاء (...)؟
* الشيخ: يعني كل لفظ دال على البقاء والتعظيم والتكريم؛ لأن التحية معروفة تعظيم للمُحيَّا وتكريم له.
طيب (لله): معروفة أنها مستحقة لله، وأنها خاصة به.
الصلوات أيش معنى الصلوات؟ الصلوات لله؟
* طالب: (...).
* الشيخ: الفريضة والنافلة وهي العبادة المخصوصة، وإلا حتى الدعاء يدخل، فالصلوات بمعنى العبادة المخصوصة، وبمعنى الدعاء أيضًا كله لله عز وجل ما يُدعى إلا لله، ولا يُتعبَّد بصلاته إلا لله. الطيبات لله؟
* طالب: الطيبات من الأقوال والأفعال الخاصة بالله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: نعم، وكذلك الأوصاف، فالطيبات منا، والطيبات منه، فكل صفاته طيبة، وكل أفعاله طيبة، وكل أقواله طيبة، ومنا أيضًا ما يكون لله، ولا يقبل الله إلا ما كان طيبًا؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»[[أخرجه مسلم (١٠١٥ / ٦٥) من حديث أبي هريرة.]]. من يستحضر هذين المعنيين وهو يصلي؟ أن الطيبات باعتبارها صفة لله وباعتبارها وصفًا لفعل المخلوق؟
* طالب: الغالب الثاني.
* الشيخ: الغالب الثاني أن معناها أن الطيبات الواقعة منا تكون لله لا يقبل الله سواها. لا، الحقيقة أن كلا المعنيين حق، «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ»، هذا باعتبار ما يتعلق بالله، «لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا» باعتبار ما يفعله العبد. طيب ويش معنى السلام عليك أيها النبي؟ قلناها.
(ورحمة الله وبركاته)، (الرحمة): الدعاء له بالرحمة وهي حصول المطلوب، وبالسلام زوال المكروه.
(وبركاته) يعني الخير الثابت الكثير، فأنت بعدما دعوت له بالرحمة سألت الله تعالى أن يجعل ذلك بركة عليه مستمرًّا.
وأما (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقد فسرها النبي عليه الصلاة والسلام وقال: «إِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٢٣٠)، ومسلم (٤٠٢ / ٥٥) من حديث عبد الله بن مسعود.]]. من يستحضر إذا سلمنا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فالمعنى سلمنا على الأنبياء أو لا؟ والملائكة والأولياء والصالحين من هذه الأمة ومن غيرها حتى نسلم بهذا الكلام نسلم على الحواريين الذين اختارهم عيسى، والسبعين الذين اختارهم موسى، والقليل الذين آمنوا بنوح، وأصحاب الكهف، من يستحضر؟ وآدم وغيره هل نستحضر هذا؟ الظاهر الغالب أنه ما يستحضر.
* طالب: قول الرسول ﷺ ما يدل على أن الصحابة (...) تحصل هذه لو مذكورة إذا قال: إذا سلمت فقد سلمت على كل عبد صالح.
* الشيخ: لا؛ لأنهم كانوا يقولون: السلام على جبريل، وعلى ميكائيل، وعلى فلان، وعلى فلان. (...) كلام التخصيص أنتم خصصتم ما له حاجة، إذا قلتم: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ دخل في هذا ما خصصتم.
* طالب: يعني معناه كأنهم ما استحضروه؟
* الشيخ: لا، ما كأنهم لم يستحضروه؛ ولهذا يخصصون.
وقوله: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) واضح.
(أشهد) يعني أقر، لكن إقرارًا كالمشاهد بالعين، ما هو إقرار هكذا، إقرار يعني هزيل؛ يعني أشهد أصل الشهود أو الشهادة لما رُؤِى أو سُمِع بالآذن، لكن هنا عبر عن ما في القلب بالشهادة كأن الإنسان يشاهِد ما أقر به.
وأما (أن لا إله إلا الله) فالعامة يخطئون فيها، يقولون: أشهد (أنَّ) لا إله إلا الله، وهذا خطأ من حيث اللغة؛ لأن (أنَّ) المشددة ما يحذف اسمها، ولكنها أن المخفَّفة.
(لا إله إلا الله) يعني لا إلهَ حقٌّ؛ أي لا معبودَ حقٌّ إلا الله عز وجل، والمعبودات التي تُعْبد من دونه باطلة.
(وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) فيها أيضًا الإقرار المتيقن كأنما يشاهد بأن محمدًا عبد الله ورسوله، فهو عبد ليس له حق من الربوبية، ورسول ليس فيه شيء من الخيانة؛ فهو رسول حقًّا.
هذا هو معنى التشهد وليس بعد المعنى الذي هو كل المعنى، بل هذه معانٍ ظاهرة عابرة، ومع ذلك أكثر الناس ما يستحضرون.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا؛ لأن هذه خبر وثناء.
ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [الأحزاب ٥٧].
قال المؤلف: (﴿﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ﴾ وهم الكفار يصفون الله بما هو مُنَزَّه عنه من الولد والشريك ويكذبون رسوله) هذا من الإيذاء.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ﴾ جملة خبرية مؤكدة بـ(إن)، وخبر (إن) قوله: ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾.
قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ﴾ بماذا يؤذون الله؟ يؤذون الله بوصفه بالعيوب التي لا تليق به، مثل قول بعضهم: إن الله فقير، ومثل سب الدهر: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٨٢٦)، ومسلم (٢٢٤٦ / ٢) من حديث أبي هريرة.]]، ومثل أن يقولوا: إن الله اتخذ صاحبة أو ولدًا، أو إن الله تعالى لما خلق السماوات والأرض تعب واستراح يوم السبت وما أشبه ذلك.
فإيذاء الله تعالى يكون بماذا؟ بأن يُوصَف بما لا يليق به.
ومنه إنكار أسمائه وصفاته، فإن هذا لا شك يعني سلْب الكمال عنه يتضمن النقص؛ لأن الكمال والنقص متضادان، ما من شيء إلا موصوف بالكمال أو بالنقص، فإذا سُلِبَت عنه صفات الكمال لزم من ذلك اتصافه بالنقص وهو نوع من الإيذاء.
وأما إيذاء الرسول عليه الصلاة والسلام فيكون بالقول وبالفعل؛ فبالقول: أن يُوصَف الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه ساحر، أو شاعر، أو كاهن، أو مجنون.
والغريب أن الساحر والمجنون وُصِفَ به جميع الأنبياء، كل الأنبياء السابقين المرسلين إلى قومهم وُصِفوا بهذا، قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات ٥٢] فهذه الأوصاف لا شك أنها تؤذي الرسول عليه الصلاة والسلام، وتؤذي كل ولي لله ورسوله؛ أن يوصف النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الأوصاف الكاذبة.
وكذلك إيذاء الرسول بالفعل: «كما صنع قريش به ﷺ حين أتوا بسلى الناقة وهو ساجد في المسجد الحرام أمام بيت الله عز وجل، فوضعوا سلى الناقة على ظهره وهو ساجد» أي أذية أبلغ من هذا؟! رجل لم يتعرض لهم، وإنما يعبد الله تعالى في آمن مكان على وجه الأرض أمام بيت الله سبحانه وتعالى، وأقرب ما يكون من ربه، ثم يأتي هؤلاء الظَّلَمَة المعتدون فيضعون عليه هذه القاذورات، أعتقد أن هذا من أبلغ ما يكون من الأذية «حتى جاءت ابنته الطفلة الصغيرة فأزالته عنه»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٠)، ومسلم (١٧٩٤ / ١٠٧) من حديث ابن مسعود.]]، هذا من الأذية.
كذلك من الأذية ما ذكروا أنهم كانوا يلقون الأنتان والقاذورات على عتبة بابه ﷺ في مكة حتى كان يخرج ويقول: «أَيُّ جِوَارٍ هَذَا؟ أَيُّ جِوَارٍ هَذَا؟!»[[ذكره ابن هشام في السيرة (١ / ٧٦)، وابن كثير في البداية والنهاية (٤ / ٣٠٥).]]. يعني لو كنت جارًا لكم ولست منكم ما تفعلون بي هذا الفعل.
فهؤلاء الذين يؤذون الله ورسوله ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [الأحزاب ٥٧] والعياذ بالله، يعني أبعدهم الله تعالى عن رحمته في الدنيا وفي الآخرة؛ لأن اللعن بمعنى الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
وفي قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ﴾ ولم يقل: آذوا الله؛ يعني لأنهم مستمرون في الأذية، فما داموا مستمرين في الأذية فإن لهم اللعنة في الدنيا والآخرة، أما إذا مَنَّ الله عليهم بالهداية، ورجعوا إلى الله تعالى، وتابوا من شركهم فإن اللعنة سترتفع عنهم؛ لأن الحكم يدور مع عِلَّته.
﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ (أبعدهم) ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾ ﴿أَعَدَّ﴾ بمعنى هيأ، والعذاب بمعنى العقوبة.
و﴿مُهِينًا﴾ قال المؤلف: (ذا إهانة) وهو النار، إي نعم، عذاب النار -والعياذ بالله- إهانة بدنية حسية، وإهانة نفسية؛ ولهذا يقال لأصحاب النار: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان ٤٧] ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾، يعني ادفعوه بشدة وعنف ﴿إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ يعني قعرها وأصلها. ﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ﴾ الرأس اللي ما كان ينحني لأحد ولا لله ﴿صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان ٤٨] ﴿الْحَمِيمِ﴾ الماء الشديد الحرارة، ثم يقال له بعد الإهانة بالفعل، يقال له: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان ٤٩]، هذا تهكم به غاية التهكم؛ يعني أنك كنت في نفسك عزيزًا كريمًا، لكنك الآن ذليل مهين خلاف العز والكرم، فهذا العذاب المهين الذي أُعِدَّ للكافرين -نسأل الله أن يسلمنا وإياكم منه- فصارت عقوبة هؤلاء المؤذِين لله ورسوله أمرين عظيمين:
أحدهما: اللعن؛ وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
والثاني: العذاب المهين الذي يُوقِعه في الهوان والذل.
المؤمنون والمؤمنات؟
قال: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ [الأحزاب ٥٨] (يرمونهم بغير ما عملوا) ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب ٥٨] (تحملوا كذبًا) ﴿وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (بيِّنًا).
تأمل الفرق بين أذية الله ورسوله وأذية المؤمنين تجد بينهما فرقًا كبيرًا في العقوبة.
﴿الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ ﴿بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ هذا لم يُذْكر في الآية الأولى السبب؛ لأنه لا يمكن أن يكون من فعل الله، أو من فعل رسوله ما يستحقون به الأذية ولَّا لا؟ لكن المؤمنون يمكن أن يقع منهم ما يستحقون به الأذية؛ ولهذا قال: ﴿بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾؛ لأن المؤمن قد يكتسب شيئًا يستحق الأذية عليه ولًّا لا؟
وأيضًا قال: ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ ولم يقل لعنهم الله، ولا أعد لهم عذابًا مهينًا بل قال: ﴿احْتَمَلُوا بُهْتَانًا﴾ يعني كذبًا وتحملوه، والبهتان هو أن تذكر أخاك بما ليس فيه؛ ولهذا لما سُئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الغِيبة قال: «هِيَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ». قال: يا رسول الله، أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٩ / ٧٠) من حديث أبي هريرة.]].
أذية المؤمنين بماذا تكون؟ بالقول وبالفعل، وهي كثيرة لا حصر لها، أذية المؤمن كثيرة لا حصر لها؛ منها: أذية الجار حتى إن العلماء يقولون: لا يجوز للإنسان أن يدق وتدًا في الجدار المشترك بينه وبين جاره على وجه يؤذي جاره، ولا يجوز أن يسقي نخله إذا كان الماء يتسرب إلى جاره، ولا يجوز أن يجعل رحًى تطحن حول جاره؛ لأن ذلك يؤذيه.
فالأذية كثيرة، ومن هذا النوع أن يهينه عندما يأتي لطلب حقه، فإن بعض الموظفين -والعياذ بالله- إذا جاءهم الناس لإجراء معاملاتهم تجدهم يمتهنونهم، ويؤذونهم، هذا أيضًا من أذية المؤمنين بغير ما اكتسبوا.
وأفرادها بل وأنواعها لا يمكن حصرها، والشيء العام هو أن يحصل للمؤمن أذية من فعل أو قول؛ فالذين يؤذون المؤمنين بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا، نسأل الله العافية (...) ﴿ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب ٥٦]
* في هذه الآية فوائد:
* منها: إثبات الملائكة لقوله: ﴿وَمَلَائِكَتَهُ﴾.
* ومنها: شرف الملائكة في إضافتهم إلى الله سبحانه وتعالى؛ لقوله: ﴿وَمَلَائِكَتَهُ﴾ فإضافتهم إلى الله إضافة تشريف.
* ومن فوائدها: بيان علو شأن النبي ﷺ؛ لكون الله وملائكته يصلون عليه، فهذا بلا شك من عُلُوِّ شأنه ورِفعة ذكره.
* ومن فوائدها: الأمر بالصلاة والسلام على رسول ﷺ؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
* ومن فوائدها: أن الصلاة والسلام عليه من مقتضيات الإيمان، وأنه زيادة في الإيمان؛ لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
* ومنها: أن الصلاة والسلام عليه واجبان؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب؛ ولأن ذلك من قضاء حق النبي ﷺ الذي له على أمته، فإن حقه على أمته أعظم من حق الوالدين على أولادهما، ولكن الوجوب يحصل بفعل ذلك مرة واحدة، فإذا دل دليل على التكرار وجب أن نأخذ بمقتضى الدليل.
وقد قال كثير من أهل العلم بوجوب الصلاة والسلام عليه ﷺ في الصلاة، وذلك في التشهد؛ فإن الإنسان يقول: السلام عليك أيها النبي، ويقول: اللهم صلِّ على محمد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن المشروع أن يصلي الإنسان عليه باللفظ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
ولا يكفي السلام أو الصلاة بالقلْب، وعلى هذا فينبغي عندما نكتب أحاديث أن نكتب: ﷺ.
وأما ما يفعله بعض الناس من كتابته (ص) أو كتابته (صلعم) فإن أهل العلم كرهوا ذلك، وقالوا: إن الأفضل أن يكتب ﷺ.
وكان الإمام أحمد رحمه الله ربما كتب الحديث ولم يذكر ﷺ.
وأجاب بعض العلماء عن ذلك: بأنه كان يتركها حرصًا على اغتنام الوقت، وأنه كان يصلي عليه بلسانه دون قلمه.
وقد مر علينا في الشرْح أو في التفسير: أن الصلاة على النبي ﷺ تنقسم إلى قسمين: مُطلَقة ومقيَّدة، وأنها في المواضع المقيدة قد تكون واجبة وقد تكون مستحبة، وأنها في بعض الأماكن قد تكون مكروهة.
فيها أيضًا مباحث، ما هي في نفس الآية، لكن لها صلة بها:
هل تجوز الصلاة على غير الأنبياء؟
في هذا للعلماء أقوال ثلاثة: الجواز، والمنع، والجواز إذا لم يكن شعارًا، وهذا هو الصحيح؛ أنه يجوز أن تصلي على شخص بشرط ألا تجعل ذلك شعارًا له كلما ذكرته صليت عليه، أو سلمت عليه.
وقد نص أهل العلم على أن ما يوجد في بعض الكتب عند ذكر علي رضي الله عنه يقولون: علي عليه السلام، أو علي كرم الله وجهه؛ أن ذلك من عمل بعض النساخ، وأن الأفضل أن يقال له كما يقال لغيره من الصحابة علي رضي الله عنه، مع أن علي رضي الله عنه أكمل من علي عليه السلام، وأكمل من علي كرم الله وجهه؛ لأن الرضا مرتبة عظيمة.
وأما إذا صُلِّي على غير الأنبياء بالتبع فهذا جائز بالاتفاق، وقد علم النبي عليه الصلاة والسلام أمته أن يقولوا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٧٠)، ومسلم (٤٠٦ / ٦٦) من حديث كعب بن عجرة.]].
وسبق لنا أيضًا: الدعاء بالرحمة للرسول هل يُدْعى له بالرحمة؟ وأن من أهل العلم من كره ذلك والصحيح أنه ليس بمكروه.
ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾.
* طالب: ما ذكرت صلاتنا على الرسول ﷺ إيش معناها؟
* الشيخ: صلاتنا على الرسول ذكرناها قلنا: إن معناها طلب الثناء، الطلب من الله أن يثني عليه في الملأ الأعلى.
* طالب: كتابة (ص) (...)؟
* الشيخ: إي نعم؛ لأنهم يقولون إما أن تكتبها كاملة وإما أن تدعها.
* طالب: تقرأها كاملة؟
* الشيخ: دعنا من القراءة لكن الكتابة، إذا جاء إنسان مثلًا بيقرأ وهو ما يعرف اصطلاحات الكُتَّاب هؤلاء سوف يقول: قال رسول الله (ص)، قال رسول الله (صلعم)!
* طالب: قولهم لعلي رضي الله عنه: كرم الله وجهه كيف (...)؟
* الشيخ: يقولون: إنه لم يسجد لصنم، وأنه كرم الله وجهه بهذا، ولكن هو أصلهم الذين يكتبون هذا أن يجعلوا ميزة لعلي بن أبي طالب فقط، هذا أهم شيء عندهم سواء كان ذلك أحسن أو ليس بأحسن، يريدون أن يجعلوا له ميزة.
* طالب: (...) في كتاب قرأته (...)؟
* الشيخ: عجيب، أيش يقول عندك مكتوبة؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: يعني يكتبون إذا ذكروا الصحابة كتبوا (ر) أو (ض).
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: وعلي، إذا كتبوا عليًّا، ويش يقولون؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لكن أنت ما تظن أن الـ(ر) والـ(ض) مثل (ص) في ﷺ، ما تظن أن هذه رمز؟
* الطالب: لا أظن أنه رمز.
* الشيخ: إي، هذا هو الظاهر أنها رمز.
* الطالب: ما كتبه في كتاب للشيعة (...)؟
* الشيخ: يمكن، الله أعلم.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ما يطَّلع عليه إلا هو؟ وإذا مات؟
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: كأنه إذا مات جُعِل في كفنه، فلا بأس.
طيب ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى آخره [الأحزاب: ٥٧].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن أذية الله ورسوله من كبائر الذنوب، وجه ذلك أن الله توعد عليها باللعن والعذاب، وكل شيء توعد الله عليه باللعن أو العذاب فإنه من كبائر الذنوب.
وقد اختلف العلماء في الكبائر هل تُعد أو تُحد؟ فمنهم من عدَّها عدًّا، ومنهم من حدَّها حدًّا.
وقال: إن الكبيرة كل ما رُتِّب عليه عقوبة خاصة فهو كبيرة، وهذا حدٌّ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كل شيء أو كل ذنب رُتِّب عليه عقوبة خاصة دنيوية أو أخروية فإنه من كبائر الذنوب، سواء كان ذلك لعنة، أو غضب، أو نفي إيمان، أو تبرؤ منه، أو عذاب، أو ما أشبه ذلك، كل شيء جُعل عليه عقوبة خاصة فإنه من كبائر الذنوب.
* ويستفاد من الآية الكريمة: وصف الله تبارك وتعالى بأنه يتأذى؛ لقوله: ﴿يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.
* ويستفاد منه: بيان كمال الله عز وجل؛ لأنه إذا كان يتأذى من الأشياء المنكَرة التي لا تليق به دل ذلك على كماله؛ ولهذا عند الناس من العيب أن الإنسان لا يتأذى بما يُوصف به من عيب، من العيب ألا يتأذى بما يُوصَف به من عيب؛ ولهذا يُسمون مثل هذا الرجل، يسمونه الحمار لبَلادَته، وعدم أهميته يعني لا يفرق بين من يمدحه ومن يقدح فيه، كله سواء عنده لكن الإنسان اللي يتأذى بالعيب، هذا هو الذي له شعور وله عاطفة، ثم إذا صبر واحتسب، واستعمل الحكمة في ذلك كان خيرًا.
المهم أن الأذية مما ليس بمحمود تعتبر كمالًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أذية الرسول ﷺ كأذية الله؛ لأن الله جَمَعَ بينهما بالواو ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، فكما أن طاعة الرسول كطاعة الله ومعصية الرسول كمعصية الله فأذية الرسول كأذية الله؛ يعني من حيث التحريم، وأنها من الكبائر، وإلا فإن أذية الله أعظم من حيث الجهة التي نُسب إليها الذم والعيب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اللعنة، أي لعنة الله وهي طرده وإبعاده، وهي من الصفات الذاتية أو الفعلية؟ الفعلية؛ لأن كل صفة لله مُعلَّقة بسبب فهي من الصفات الفعلية؛ لأن هذا السبب يتجدد فتكون الصفة بعد وجوده، وهذا هو ما يكون صفة (...).
﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ﴾ والعذاب المهين كلنا يعرف أنه في النار؛ لأن هي اللي عذابها مهين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الجزاء من جنس العمل، فكما تعالى هؤلاء وتعاظموا وأهانوا الرسول عليه الصلاة والسلام بأذيته عاقبهم الله بما يهينهم ويذلهم من العذاب.
ثم قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب ٥٨].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: تحريم أذية المؤمنين بغير حق؛ لقوله: ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾.
* ويستفاد منها: تحريم كل أذية أيًّا كان نوعها سواء كانت قولية أم فعلية؛ لعموم اللفظ في قوله: ﴿والَّذِينَ يُؤْذُونَ﴾ واسم الموصول من صيغ العموم.
* ويستفاد منها: أن أذية المؤمن بما هو من كسبه ليس فيها وعيد، وليست إثمًا ولا بهتانًا؛ لقوله: ﴿بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾.
* ويستفاد منها: أنه لا يجوز أن يُؤذَى بأكثر مما يستحق، فلو أنه سبَّك فلا تسبه أكثر؛ لأنك إذا سببته أكثر فقد آذيته بغير ما اكتسب، وإذا سببته بمثل ما سبك فقد آذيته بقدر ما اكتسب، وقد قال الله تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى٤٠].
* ومن فوائد الآية: الرد على الجبرية؛ لقوله: ﴿بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ فأضاف الفعل عليهم، والجبرية يقولون: إن الإنسان مُجْبَر على عمله، وأنه لا حول له ولا قوة، يفعل الشيء بغير اختياره، ويدعه بغير اختياره.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ذم الكذب؛ لقوله: ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا﴾ ولا سيما إذا كان الكذب يؤدي إلى أذية الغير.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز أذية غير المؤمنين؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ لكن إن كان الإنسان غير المؤمن ذميًّا أو مُعاهَدًا أو مستأمِنًا فإنه لا تجوز أذيته بما يخالف عهده.
إذن غير المؤمن فيه تفصيل: المؤمن أذيته حرام بكل حال، وغير المؤمن فيه تفصيل، ما هو التفصيل؟ إذا آذيناه أكثر مما يقتضيه العهد فهو حرام ولا يجوز، وإن آذيناه في حد ما يقتضيه العهد فإنه لا حرمة له إلا فيما يقتضيه عهده.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الذنب قد يجمع بين وصفين ذميمين؛ لقوله: ﴿احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ فهم بكذبهم احتملوا البهتان، وبعدوانهم احتملوا الإثم المبين (...).
﴿ ﴾
{"ayahs_start":56,"ayahs":["إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤىِٕكَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا","وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ بِغَیۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُوا۟ بُهۡتَـٰنࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤىِٕكَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق