الباحث القرآني
قَرَأ الجُمْهُورُ ومَلائِكَتَهُ بِنَصْبِ المَلائِكَةِ عَطْفًا عَلى لَفْظِ اسْمِ إنّ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ " ومَلائِكَتُهُ " بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ اسْمِ إنَّ، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: يُصَلُّونَ راجِعٌ إلى اللَّهِ وإلى المَلائِكَةِ.
وفِيهِ تَشْرِيفٌ لِلْمَلائِكَةِ عَظِيمٌ حَيْثُ جَعَلَ الضَّمِيرَ لَهم ولِلَّهِ - سُبْحانَهُ - واحِدًا، فَلا يُرَدُّ الِاعْتِراضُ بِما ثَبَتَ عَنْهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَمّا «سَمِعَ قَوْلَ الخَطِيبِ يَقُولُ: مَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، ومَن يَعْصِهِما فَقَدْ غَوى، فَقالَ: بِئْسَ خَطِيبُ القَوْمِ أنْتَ قُلْ ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ»، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّهُ لَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَجْمَعَ ذِكْرَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - مَعَ غَيْرِهِ في ضَمِيرٍ واحِدٍ. وهَذا الحَدِيثُ ثابِتٌ في الصَّحِيحِ.
وثَبَتَ أيْضًا في الصَّحِيحِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أمَرَ مُنادِيًا يُنادِي يَوْمَ خَيْبَرَ: إنَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ يَنْهَيانِكم عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ» .
ولِأهْلِ العِلْمِ أبْحاثٌ في الجَمْعِ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ لَيْسَ هَذا مَوْضِعَ ذِكْرِها، والآيَةُ مُؤَيِّدَةٌ لِلْجَوازِ لِجَعْلِ الضَّمِيرِ فِيها لِلَّهِ ولِمَلائِكَتِهِ واحِدًا، والتَّعْلِيلُ بِالتَّشْرِيفِ لِلْمَلائِكَةِ يُقالُ مِثْلُهُ في رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، ويُحْمَلُ الذَّمُّ لِذَلِكَ الخَطِيبِ الجامِعِ بَيْنَهُما عَلى أنَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَهِمَ مِنهُ إرادَةَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - وبَيْنَ رَسُولِهِ، فَيَخْتَصُّ المَنعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وهَذا أحْسَنُ ما قِيلَ: في الجَمْعِ.
وقالَتْ طائِفَةٌ: في هَذِهِ حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ: إنَّ اللَّهَ يُصَلِّي، ومَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ.
وعَلى هَذا القَوْلِ فَلا تَكُونُ الآيَةُ مِمّا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ وذِكْرِ غَيْرِهِ في ضَمِيرٍ واحِدٍ، ولا يَرُدُّ أيْضًا ما قِيلَ: إنَّ الصَّلاةَ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ ومِن مَلائِكَتِهِ الدُّعاءُ فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ المَعْنَيَيْنِ المُخْتَلِفَيْنِ في لَفْظِ يُصَلُّونَ، ويُقالُ: عَلى القَوْلِ الأوَّلِ أنَّهُ أُرِيدَ بِـ يُصَلُّونَ مَعْنًى مَجازِيٌّ يَعُمُّ المَعْنَيَيْنِ، وذَلِكَ بِأنْ يُرادَ بِقَوْلِهِ يُصَلُّونَ يَهْتَمُّونَ بِإظْهارِ شَرَفِهِ، أوْ يُعَظِّمُونَ شَأْنَهُ، أوْ يَعْتَنُونَ بِأمْرِهِ.
وحَكى البُخارِيُّ عَنْ أبِي العالِيَةِ أنَّ صَلاةَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - ثَناؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلائِكَتِهِ وصَلاةَ المَلائِكَةِ الدُّعاءُ.
ورَوى التِّرْمِذِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ سُفْيانَ الثَّوْرِيِّ وغَيْرِ واحِدٍ مِن أهْلِ العِلْمِ أنَّهم قالُوا: صَلاةُ الرَّبِّ الرَّحْمَةُ، وصَلاةُ المَلائِكَةِ الِاسْتِغْفارُ.
وحَكى الواحِدِيُّ عَنْ مُقاتِلٍ أنَّهُ قالَ: أمّا صَلاةُ الرَّبِّ فالمَغْفِرَةُ، وأمّا صَلاةُ المَلائِكَةِ فالِاسْتِغْفارُ.
وقالَ عَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ: صَلاتُهُ - تَبارَكَ وتَعالى -: سُبُّوحٌ وقُدُّوسٌ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي.
والمَقْصُودُ مِن هَذِهِ الآيَةِ أنَّ اللَّهَ - سُبْحانَهُ - أخْبَرَ عِبادَهُ بِمَنزِلَةِ نَبِيِّهِ عِنْدَهُ في المَلَأِ الأعْلى بِأنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ مَلائِكَتِهِ وأنَّ المَلائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وأمَرَ عِبادَهُ بِأنْ يَقْتَدُوا بِذَلِكَ ويُصَلُّوا عَلَيْهِ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في الصَّلاةِ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - هَلْ هي واجِبَةٌ أمْ مُسْتَحَبَّةٌ ؟ بَعْدَ اتِّفاقِهِمْ عَلى أنَّ الصَّلاةَ عَلَيْهِ فَرْضٌ في العُمُرِ مَرَّةً.
وقَدْ حَكى هَذا الإجْماعَ القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِهِ، فَقالَ قَوْمٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: إنَّها واجِبَةٌ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وقالَ قَوْمٌ: تَجِبُ في كُلِّ مَجْلِسٍ مَرَّةً.
وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ مُصَرِّحَةٌ بِذَمِّ مَن سَمِعَ ذِكْرَ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ.
واخْتَلَفَ العُلَماءُ في الصَّلاةِ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في تَشَهُّدِ الصَّلاةِ المُفْتَرَضَةِ هَلْ هي واجِبَةٌ أمْ لا ؟ فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّها فِيها سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَيْرُ واجِبَةٍ.
قالَ ابْنُ المُنْذِرِ: يُسْتَحَبُّ أنْ لا يُصَلِّيَ أحَدٌ صَلاةً إلّا صَلّى فِيها عَلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَإنْ تَرَكَ ذَلِكَ تارِكٌ فَصَلاتُهُ مُجْزِئَةٌ في مَذْهَبِ مالِكٍ وأهْلِ المَدِينَةِ وسُفْيانَ الثَّوْرِيِّ وأهْلِ الكُوفَةِ مِن أصْحابِ الرَّأْيِ وغَيْرِهِمْ، وهو قَوْلُ جُمْهُورِ أهْلِ العِلْمِ.
قالَ: وشَذَّ الشّافِعِيُّ فَأوْجَبَ عَلى تارِكِها الإعادَةَ مَعَ تَعَمُّدِ تَرْكِها دُونَ النِّسْيانِ، وهَذا القَوْلُ عَنِ الشّافِعِيِّ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إلّا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيى ولا يُوجَدُ عَنِ الشّافِعِيِّ إلّا مِن رِوايَتِهِ.
قالَ الطَّحاوِيُّ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أحَدٌ مِن أهْلِ العِلْمِ غَيْرُ الشّافِعِيِّ.
وقالَ الخَطّابِيُّ، وهو مِنَ (p-١١٨٢)الشّافِعِيَّةِ: إنَّها لَيْسَتْ بِواجِبَةٍ في الصَّلاةِ.
قالَ: وهو قَوْلُ جَماعَةِ الفُقَهاءِ إلّا الشّافِعِيَّ ولا أعْلَمُ لَهُ في ذَلِكَ قُدْوَةً، انْتَهى.
وقَدْ قالَ بِقَوْلِ الشّافِعِيِّ جَماعَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ مِنهُمُ الشَّعْبِيُّ والباقِرُ ومُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ، وإلَيْهِ ذَهَبَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أخِيرًا، كَما حَكاهُ أبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وبِهِ قالَ ابْنُ راهْوَيْهِ وابْنُ المَوّازِ مِنَ المالِكِيَّةِ.
وقَدْ جَمَعْتُ في هَذِهِ المَسْألَةِ رِسالَةً مُسْتَقِلَّةً ذَكَرْتُ فِيها ما احْتَجَّ بِهِ المُوجِبُونَ لَها وما أجابَ بِهِ الجُمْهُورُ، وأشَفُّ ما يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلى الوُجُوبِ الحَدِيثُ الثّابِتُ بِلَفْظِ «إنَّ اللَّهَ أمَرَنا أنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ في صَلاتِنا، فَقالَ: قُولُوا. . . .». الحَدِيثَ.
فَإنَّ هَذا الأمْرَ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلالِ بِهِ عَلى الوُجُوبِ.
وأمّا عَلى بُطْلانِ الصَّلاةِ بِالتَّرْكِ ووُجُوبِ الإعادَةِ لَها فَلا، لِأنَّ الواجِباتِ لا يَسْتَلْزِمُ عَدَمُها العَدَمَ كَما يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ الشُّرُوطُ والأرْكانُ.
واعْلَمْ أنَّهُ قَدْ ورَدَ في فَضْلِ الصَّلاةِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أحادِيثُ كَثِيرَةٌ لَوْ جُمِعَتْ لَجاءَتْ في مُصَنَّفٍ مُسْتَقِلٍّ ولَوْ لَمْ يَكُنْ مِنها إلّا الأحادِيثُ الثّابِتَةُ في الصَّحِيحِ مِن قَوْلِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «مَن صَلّى عَلَيَّ صَلاةً صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِها عَشْرًا» .
فَناهِيكَ بِهَذِهِ الفَضِيلَةِ الجَلِيلَةِ والمَكْرُمَةِ النَّبِيلَةِ. وأمّا صِفَةُ الصَّلاةِ عَلَيْهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقَدْ ورَدَتْ فِيها صِفاتٌ كَثِيرَةٌ بِأحادِيثَ ثابِتَةٍ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما، مِنها ما هو مُقَيَّدٌ بِصِفَةِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ في الصَّلاةِ، ومِنها ما هو مُطْلَقٌ، وهي مَعْرُوفَةٌ في كُتُبِ الحَدِيثِ فَلا نُطِيلُ بِذِكْرِها.
والَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الِامْتِثالُ لِمُطْلَقِ الأمْرِ في هَذِهِ الآيَةِ هو أنْ يَقُولَ القائِلُ: اللَّهُمَّ صِلِّ وسَلِّمْ عَلى رَسُولِكَ، أوْ عَلى مُحَمَّدٍ أوْ عَلى النَّبِيِّ، أوِ اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وسَلِّمْ.
ومَن أرادَ أنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ويُسَلِّمَ عَلَيْهِ بِصِفَةٍ مِنَ الصِّفاتِ الَّتِي ورَدَ التَّعْلِيمُ بِها والإرْشادُ إلَيْها فَذَلِكَ أكْمَلُ، وهي صِفاتٌ كَثِيرَةٌ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَيْها كُتُبُ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وسَيَأْتِي بَعْضُها آخِرَ البَحْثِ، وسَيَأْتِي الكَلامُ في الصَّلاةِ عَلى الآلِ.
وكانَ ظاهِرُ هَذا الأمْرِ بِالصَّلاةِ والتَّسْلِيمِ في الآيَةِ أنْ يَقُولَ القائِلُ: صَلَّيْتُ عَلَيْهِ وسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، أوِ الصَّلاةُ عَلَيْهِ والسَّلامُ عَلَيْهِ، أوْ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والتَّسْلِيمُ، لِأنَّ اللَّهَ - سُبْحانَهُ - أمَرَنا بِإيقاعِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ والتَّسْلِيمِ مِنّا، فالِامْتِثالُ هو أنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلى ما ذَكَرْنا، فَكَيْفَ كانَ الِامْتِثالُ لِأمْرِ اللَّهِ لَنا بِذَلِكَ أنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلَيْهِ وسَلِّمْ بِمُقابَلَةِ أمْرِ اللَّهِ لَنا بِأمْرِنا لَهُ بِأنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ويُسَلِّمَ عَلَيْهِ.
وقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذا بِأنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ والتَّسْلِيمَ لَمّا كانَتا شِعارًا عَظِيمًا لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وتَشْرِيفًا كَرِيمًا وكَّلْنا ذَلِكَ إلى اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - وأرْجَعْناهُ إلَيْهِ، وهَذا الجَوابُ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وأحْسَنُ ما يُجابُ بِهِ أنْ يُقالَ: إنَّ الصَّلاةَ والتَّسْلِيمَ المَأْمُورَ بِهِما في الآيَةِ هُما أنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلَيْهِ وسَلِّمْ، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمّا يُؤَدِّي مَعْناهُ كَما بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَنا، فاقْتَضى ذَلِكَ البَيانُ في الأحادِيثِ الكَثِيرَةِ أنَّ هَذِهِ هي الصَّلاةُ الشَّرْعِيَّةُ.
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ مِنَ اللَّهِ عَلى رَسُولِهِ وإنْ كانَ مَعْناها الرَّحْمَةَ فَقَدْ صارَتْ شِعارًا لَهُ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَلا يَجُوزُ لَنا أنْ نُصَلِّيَ عَلى غَيْرِهِ مِن أُمَّتِهِ كَما يَجُوزُ لَنا أنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ فُلانًا أوْ رَحِمَ اللَّهُ فُلانًا، وبِهَذا قالَ جُمْهُورُ العُلَماءِ مَعَ اخْتِلافِهِمْ هَلْ هو مُحَرَّمٌ، أوْ مَكْرُوهٌ كَراهَةً شَدِيدَةً، أوْ مَكْرُوهٌ كَراهَةَ تَنْزِيهٍ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ.
وقَدْ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ كَما رَواهُ عَنْهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ لا تَصْلُحُ الصَّلاةُ عَلى أحَدٍ إلّا عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولَكِنْ يُدْعى لِلْمُسْلِمِينَ والمُسَلِماتِ بِالِاسْتِغْفارِ.
وقالَ قَوْمٌ: إنَّ ذَلِكَ جائِزٌ لِقَوْلِهِ - تَعالى -: ﴿وصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] ولِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِن رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] ولِقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] ولِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أوْفى الثّابِتِ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - إذا أتاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قالَ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلَيْهِمْ فَأتاهُ أبِي بِصَدَقَتِهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى آلِ أبِي أوْفى» .
ويُجابُ عَنْ هَذا بِأنَّ هَذا الشِّعارَ الثّابِتَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَهُ أنْ يَخُصَّ بِهِ مَن شاءَ، ولَيْسَ لَنا أنْ نُطْلِقَهُ عَلى غَيْرِهِ.
وأمّا قَوْلُهُ - تَعالى -: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] وقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِن رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ١٥٧] فَهَذا لَيْسَ فِيهِ إلّا أنَّ اللَّهَ - سُبْحانَهُ - يُصَلِّي عَلى طَوائِفَ مِن عِبادِهِ كَما يُصَلِّي عَلى مَن صَلّى عَلى رَسُولِهِ مَرَّةً واحِدَةً عَشْرَ صَلَواتٍ، ولَيْسَ في ذَلِكَ أمْرٌ لَنا ولا شَرَعَهُ اللَّهُ في حَقِّنا، بَلْ لَمْ يَشْرَعْ لَنا إلّا الصَّلاةَ والتَّسْلِيمَ عَلى رَسُولِهِ.
وكَما أنَّ لَفْظَ الصَّلاةِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ شَعارٌ لَهُ، فَكَذا لَفْظُ السَّلامِ عَلَيْهِ.
وقَدْ جَرَتْ عادَةُ جُمْهُورِ هَذِهِ الأُمَّةِ والسَّوادِ الأعْظَمِ مِن سَلَفِها وخَلَفِها عَلى التَّرَضِّي عَنِ الصَّحابَةِ والتَّرَحُّمِ عَلى مَن بَعْدَهم والدُّعاءِ لَهم بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وعَفْوِهِ كَما أرْشَدَنا إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - سُبْحانَهُ -: ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولِإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإيمانِ ولا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحشر: ١٠] .
ثُمَّ لَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما يَجِبُ لِرَسُولِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ ذَكَرَ الوَعِيدَ الشَّدِيدَ لِلَّذِينَ يُؤْذُونَهُ، فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ قِيلَ: والمُرادُ بِالأذى هُنا هو فِعْلُ ما يَكْرَهانِهِ مِنَ المَعاصِي لِاسْتِحالَةِ التَّأذِّي مِنهُ - سُبْحانَهُ - .
قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ هُمُ المُشْرِكُونَ واليَهُودُ والنَّصارى وصَفُوا اللَّهَ بِالوَلَدِ فَقالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، والمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، والمَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وكَذَّبُوا رَسُولَ اللَّهِ، وشَجُّوا وجْهَهُ وكَسَرُوا رَباعِيَتَهُ وقالُوا: مَجْنُونٌ شاعِرٌ كَذّابٌ ساحِرٌ.
قالَ القُرْطُبِيُّ: وبِهَذا قالَ جُمْهُورُ العُلَماءِ.
وقالَ عِكْرِمَةُ: الأذِيَّةُ لِلَّهِ - سُبْحانَهُ - بِالتَّصْوِيرِ والتَّعَرُّضِ لِفِعْلِ ما لا يَفْعَلُهُ إلّا اللَّهُ بِنَحْتِ الصُّوَرِ وغَيْرِها.
وقالَ جَماعَةٌ: إنَّ الآيَةَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، والتَّقْدِيرُ: إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أوْلِياءَ اللَّهِ، وأمّا أذِيَّةُ رَسُولِهِ فَهي كُلُّ ما يُؤْذِيهِ مِنَ الأقْوالِ والأفْعالِ، ومَعْنى اللَّعْنَةِ: الطَّرْدُ والإبْعادُ مِن رَحْمَتِهِ، وجَعَلَ ذَلِكَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ لِتَشْمَلَهُمُ اللَّعْنَةُ فِيهِما بِحَيْثُ لا يَبْقى وقْتٌ مِن أوْقاتِ مَحْياهم ومَماتِهِمْ إلّا واللَّعْنَةُ واقِعَةٌ عَلَيْهِمْ ومُصاحِبَةٌ لَهم ﴿وأعَدَّ لَهُمْ﴾ مَعَ ذَلِكَ اللَّعْنِ ﴿عَذابًا مُهِينًا﴾ (p-١١٨٣)يَصِيرُونَ بِهِ في الإهانَةِ في الدّارِ الآخِرَةِ لِما يُفِيدُهُ مَعْنى الإعْدادِ مِن كَوْنِهِ في الدّارِ الآخِرَةِ.
ثُمَّ لَمّا فَرَغَ مِنَ الذَّمِّ لِمَن آذى اللَّهَ ورَسُولَهَ ذَكَرَ الأذِيَّةَ لِصالِحِي عِبادِهِ، فَقالَ: ﴿والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ﴾ بِوَجْهٍ مِن وُجُوهِ الأذى مِن قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ، ومَعْنى ﴿بِغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا﴾ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِسَبَبٍ فَعَلُوهُ يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الأذِيَّةَ ويَسْتَحِقُّونَها بِهِ، فَأمّا الأذِيَّةُ لِلْمُؤْمِنِ والمُؤْمِنَةِ بِما كَسَبَهُ مِمّا يُوجِبُ عَلَيْهِ حَدًّا أوْ تَعْزِيرًا أوْ نَحْوَهُما، فَذَلِكَ حَقٌّ أثْبَتَهُ الشَّرْعُ، وأمْرٌ أمَرَنا اللَّهُ بِهِ ونَدَبَنا إلَيْهِ، وهَكَذا إذا وقَعَ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ الِابْتِداءُ بِشَتْمِ لِمُؤْمِنٍ أوْ مُؤْمِنَةٍ أوْ ضُرٍّ، فَإنَّ القَصاصَ مِنَ الفاعِلِ لَيْسَ مِنَ الأذِيَّةِ المُحَرَّمَةِ عَلى أيِّ وجْهٍ كانَ ما لَمْ يُجاوِزْ ما شَرَعَهُ اللَّهُ.
ثُمَّ أخْبَرَ عَمّا لِهَؤُلاءِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا، فَقالَ: ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانًا وإثْمًا مُبِينًا﴾ أيْ: ظاهِرًا واضِحًا لا شَكَّ في كَوْنِهِ مِنَ البُهْتانِ والإثْمِ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ حَقِيقَةِ البُهْتانِ وحَقِيقَةِ الإثْمِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾ يُبَرِّكُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ بَنِي إسْرائِيلَ قالُوا لِمُوسى: هَلْ يُصَلِّي رَبُّكَ ؟ فَناداهُ رَبُّهُ: يا مُوسى سَألُوكَ: هَلْ يُصَلِّي رَبُّكَ ؟ فَقُلْ: نَعَمْ، أنا أُصَلِّي ومَلائِكَتِي عَلى أنْبِيائِي ورُسُلِي، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلى نَبِيِّهِ ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾» الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ: إنَّ صَلاةَ اللَّهِ عَلى النَّبِيِّ هي المَغْفِرَةُ، إنَّ اللَّهَ لا يُصَلِّي ولَكِنْ يَغْفِرُ، وأمّا صَلاةُ النّاسِ عَلى النَّبِيِّ فَهي الِاسْتِغْفارُ لَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قَرَأ " صَلُّوا عَلَيْهِ كَما صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾ الآيَةَ، قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنا السَّلامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ ؟ قالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلى إبْراهِيمَ وعَلى آلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكْتَ عَلى إبْراهِيمَ وعَلى آلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
وأخْرَجَهُ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: «قالَ رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ: أمّا السَّلامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَلِمْناهُ فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ ؟ قالَ: قُلِ اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلى آلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكْتَ عَلى آلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ مِن حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قالَ: «قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ ؟ قالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلى إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكْتَ عَلى إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
وفِي الأحادِيثِ اخْتِلافٌ، فَفي بَعْضِها عَلى إبْراهِيمَ فَقَطْ، وفي بَعْضِها عَلى آلِ إبْراهِيمَ فَقَطْ، وفي بَعْضِها بِالجَمْعِ بَيْنَهُما كَحَدِيثِ طَلْحَةَ هَذا.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِ أبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِيِّ أنَّهم «قالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصْلِي عَلَيْكَ ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: قُولُوا اللَّهُمَّ صِلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما صَلَّيْتَ عَلى آلِ إبْراهِيمَ، وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما بارَكْتَ عَلى آلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
والأحادِيثُ في هَذا البابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وفي بَعْضِها التَّقْيِيدُ بِالصَّلاةِ كَما في حَدِيثِ أبِي مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، والحاكِمِ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيِّ في سُنَنِهِ: «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ أمّا السَّلامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْناهُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إذا نَحْنُ صَلَّيْنا عَلَيْكَ في صَلاتِنا» ؟ الحَدِيثَ.
وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في مُسْنَدِهِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ. وجَمِيعُ التَّعْلِيماتِ الوارِدَةِ عَنْهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في الصَّلاةِ عَلَيْهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلى الصَّلاةِ عَلى آلِهِ مَعَهُ إلّا النّادِرَ اليَسِيرِ مِنَ الأحادِيثِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ أنْ يَضُمَّ آلَهُ إلَيْهِ في صَلاتِهِ عَلَيْهِ، وقَدْ قالَ بِذَلِكَ جَماعَةٌ، ونَقَلَهُ إمامُ الحَرَمَيْنِ والغَزالِيُّ قَوْلًا عَنِ الشّافِعِيِّ كَما رَواهُ عَنْهُما ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ، ولا حاجَةَ إلى التَّمَسُّكِ بِقَوْلِ قائِلٍ في مِثْلِ هَذا مَعَ تَصْرِيحِ الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ، ولا وجْهَ لِقَوْلِ مَن قالَ إنَّ هَذِهِ التَّعْلِيماتِ الوارِدَةَ عَنْهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في صِفَةِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ مُقَيَّدَةٌ بِالصَّلاةِ في الصَّلاةِ حَمْلًا لِمُطْلَقِ الأحادِيثِ عَلى المُقَيَّدِ مِنها بِذَلِكَ القَيْدِ، لِما في حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وغَيْرِهِ أنَّ ذَلِكَ السُّؤالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كانَ عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ.
وأخْرَجَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «صَلُّوا عَلى أنْبِياءِ اللَّهِ ورُسُلِهِ، فَإنَّ اللَّهَ بَعَثَهم كَما بَعَثَنِي» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ الآيَةَ قالَ: نَزَلَتْ في الَّذِينَ طَعَنُوا عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - حِينَ اتَّخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ ورُوِيَ عَنْهُ أنَّها نَزَلَتْ في الَّذِينَ قَذَفُوا عائِشَةَ.
{"ayahs_start":56,"ayahs":["إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤىِٕكَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابࣰا مُّهِینࣰا","وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ بِغَیۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُوا۟ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُوا۟ بُهۡتَـٰنࣰا وَإِثۡمࣰا مُّبِینࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰۤىِٕكَتَهُۥ یُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِیِّۚ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَیۡهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق