الباحث القرآني

﴿اذْهَبْ أنْتَ وأخُوكَ بِآياتِي ولا تَنِيا في ذَكْرِي﴾ . رُجُوعٌ إلى المَقْصِدِ بَعْدَ المُحاوَرَةِ، فالجُمْلَةُ بَيانٌ لِجُمْلَةِ (﴿اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغى﴾ [طه: ٢٤])، أوْ هي اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ لِأنَّ قَوْلَهُ (﴿واصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: ٤١]) يُؤْذِنُ بِأنَّهُ اخْتارَهُ وأعَدَّهُ لِأمْرٍ عَظِيمٍ، لِأنَّ الحَكِيمَ لا يَتَّخِذُ شَيْئًا لِنَفْسِهِ إلّا مُرِيدًا جَعْلَهُ مُظْهِرًا لِحِكْمَتِهِ، فَيَتَرَقَّبُ المُخاطَبُ تَعْيِينَها، وقَدْ أمَرَهُ هُنا بِالذَّهابِ إلى فِرْعَوْنَ وأنْ يَذْهَبَ أخُوهُ مَعَهُ. ومَعْنى ذَلِكَ أنَّهُ يُبَلِّغُ أخاهُ أنَّ اللَّهَ أمَرَهُ بِمُرافَقَتِهِ، لِأنَّ هارُونَ لَمْ يَكُنْ حاضِرًا حِينَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى في البُقْعَةِ المُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ. ولِأنَّهُ لَمْ يَكُنِ الوَقْتُ وقْتَ الشُّرُوعِ في الذَّهابِ إلى فِرْعَوْنَ، فَتَعِيَّنَ أنَّ الأمْرَ لِطَلَبِ حُصُولِ الذَّهابِ المُسْتَقْبَلِ عِنْدَ الوُصُولِ إلى مِصْرَ بَلَدِ فِرْعَوْنَ وعِنْدَ لِقائِهِ أخاهُ هارُونَ وإبْلاغِهِ أمْرَ اللَّهِ إيّاهُ، فَقَرِينَةُ عَدَمِ إرادَةِ الفَوْرِ هُنا قائِمَةٌ. والباءُ لِلْمُصاحَبَةِ لِقَصْدِ تَطْمِينِ مُوسى بِأنَّهُ سَيَكُونُ مُصاحِبًا لِآياتِ اللَّهِ، أيِ الدَّلائِلِ الَّتِي تَدُلُّ عَلى صَدَقِهِ لَدى فِرْعَوْنَ. ومَعْنى (لا تَنِيا) لا تَضْعُفا. يُقالُ: ونى يَنِي ونًى، أيْ ضَعُفَ في العَمَلِ أيْ لا تَنِ أنْتَ وأبْلِغْ هارُونَ أنْ لا يَنِيَ، فَصِيغَةُ النَّهْيِ مُسْتَعْمَلَةٌ في حَقِيقَتِها ومَجازِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب