الباحث القرآني

﴿وَلا تَنِيا في ذِكْرِي﴾، مَعْناهُ: ”وَلا تَضْعُفا“، يُقالُ: ”وَنى، يَنِي، ونْيًا، ووُنِيًّا“، إذا ضَعُفَ، وقَوْلُكَ: ”قَدْ تَوانى فُلانٌ في هَذا الأمْرِ“، أيْ: قَدْ فَتَرَ فِيهِ، وضَعُفَ. وَقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشى﴾ [طه: ٤٤]، ”لَعَلَّ“، في اللُّغَةِ، تَرَجٍّ، وطَمَعٌ، تَقُولُ: ”لَعَلِّي أصِيرُ إلى خَيْرٍ“، فَمَعْناهُ: ”أرْجُو، وأطْمَعُ أنْ أصِيرَ إلى خَيْرِ“، واللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - خاطَبَ العِبادَ بِما يَعْقِلُونَ، والمَعْنى عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فِيهِ: ”اِذْهَبا عَلى رَجائِكُما، وطَمَعِكُما“، والعِلْمُ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - قَدْ أتى مِن وراءِ ما يَكُونُ، وقَدْ عَلِمَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّهُ لا يَتَذَكَّرُ، ولا يَخْشى، إلّا أنَّ الحُجَّةَ إنَّما تَجِبُ عَلَيْهِ بِالإبانَةِ، وإقامَتِها عَلَيْهِ، والبُرْهانِ، (p-٣٥٨)وَإنَّما تُبْعَثُ الرُّسُلُ وهي لا تَعْلَمُ الغَيْبَ، ولا تَدْرِي أيُقْبَلُ مِنها، أمْ لا، وهم يَرْجُونَ، ويَطْمَعُونَ أنْ يُقْبَلَ مِنهُمْ، ومَعْنى ”لَعَلَّ“، مُتَصَوَّرٌ في أنْفُسِهِمْ، وعَلى تَصَوُّرِ ذَلِكَ تَقُومُ الحُجَّةُ، ولَيْسَ عِلْمُ اللَّهِ بِما سَيَكُونُ تَجِبُ بِهِ الحُجَّةُ عَلى الآدَمِيِّينَ، ولَوْ كانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ في الرُّسُلِ فائِدَةٌ، فَمَعْنى: ”لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشى“، هو الَّذِي عَلَيْهِ بُعِثَ جَمِيعُ الرُّسُلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب