الباحث القرآني

. لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ دَلائِلَ التَّوْحِيدِ عادَ إلى ذِكْرِ قَبائِحِ الكُفّارِ وفَضائِحِ سِيرَتِهِمْ فَقالَ ﴿ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهم﴾ إنْ عَبَدُوهُ ولا يَضُرُّهم إنْ تَرَكُوهُ ﴿وكانَ الكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ الظَّهِيرُ المَظاهِرُ أيِ: المُعاوِنُ عَلى رَبِّهِ بِالشِّرْكِ والعَداوَةِ، والمُظاهَرَةُ عَلى الرَّبِّ هي المُظاهَرَةُ عَلى رَسُولِهِ أوْ عَلى دِينِهِ. قالَ الزَّجّاجُ: لِأنَّهُ يُتابِعُ الشَّيْطانَ ويُعاوِنُهُ عَلى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، لِأنَّ عِبادَتَهم لِلْأصْنامِ مُعاوَنَةٌ لِلشَّيْطانِ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: المَعْنى وكانَ الكافِرُ عَلى رَبِّهِ هَيِّنًا ذَلِيلًا، مِن قَوْلِ العَرَبِ: ظَهَرْتُ بِهِ أيْ: جَعَلْتُهُ خَلْفَ ظَهْرِكَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَيْهِ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿واتَّخَذْتُمُوهُ وراءَكم ظِهْرِيًّا﴾ [هود: ٩٢] أيْ: هَيِّنًا، ومِنهُ أيْضًا قَوْلُ الفَرَزْدَقِ: ؎تَمِيمُ بْنُ بَدْرٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتِي بِظَهْرٍ فَلا يَعْيا عَلَيَّ جَوابُها وقِيلَ: إنَّ المَعْنى: وكانَ الكافِرُ عَلى رَبِّهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ وهو الصَّنَمُ قَوِيًّا غالِبًا يَعْمَلُ بِهِ ما يَشاءُ، لِأنَّ الجَمادَ لا قُدْرَةَ لَهُ عَلى دَفْعٍ ونَفْعٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الظَّهِيرُ جَمْعًا كَقَوْلِهِ: ﴿والمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم: ٤] والمَعْنى: أنَّ بَعْضَ الكَفَرَةِ مَظاهِرٌ لِبَعْضٍ عَلى رَسُولِ اللَّهِ أوْ عَلى دِينٍ، والمُرادُ بِالكافِرِ هُنا الجِنْسُ، ولا يُنافِيهِ كَوْنُ سَبَبِ النُّزُولِ هو كافِرٌ مُعَيَّنٌ كَما قِيلَ إنَّهُ أبُو جَهْلٍ. ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا مُبَشِّرًا ونَذِيرًا﴾ أيْ: مُبَشِّرًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ ومُنْذِرًا لِلْكافِرِينَ بِالنّارِ. ﴿قُلْ ما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ أيْ قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: ما أسْألُكم عَلى القُرْآنِ مِن أجْرٍ، أوْ عَلى تَبْلِيغِ الرِّسالَةِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالإرْسالِ، والِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا مَن شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ مُنْقَطِعٌ، أيْ: لَكِنَّ مَن شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا فَلْيَفْعَلْ، وقِيلَ: هو مُتَّصِلٌ. والمَعْنى: إلّا مَن شاءَ أنْ يَتَقَرَّبَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ بِالطّاعَةِ وصَّوَرَ ذَلِكَ بِصُورَةِ الأجْرِ مِن حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودُ الحُصُولِ. ولَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهَ أنَّ الكُفّارَ مُتَظاهِرُونَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، وأمَرَهُ أنْ لا يَطْلُبَ مِنهم أجْرًا ألْبَتَّةَ، أمَرَهُ أنْ يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ في دَفْعِ المَضارِّ وجَلْبِ المَنافِعِ. فَقالَ: ﴿وتَوَكَّلْ عَلى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ﴾ وخَصَّ صِفَةَ الحَياةِ إشارَةً إلى أنَّ الحَيَّ هو الَّذِي يُوثَقُ بِهِ في المَصالِحِ، ولا حَياةَ عَلى الدَّوامِ إلّا لِلَّهِ سُبْحانَهُ دُونَ الأحْياءِ المُنْقَطِعَةِ حَياتُهم فَإنَّهم إذا ماتُوا ضاعَ مَن يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ، والتَّوَكُّلُ اعْتِمادُ العَبْدِ عَلى اللَّهِ في كُلِّ الأُمُورِ ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِهِ﴾ أيْ نَزِّهْهُ عَنْ صِفاتِ النُّقْصانِ، وقِيلَ: مَعْنى سَبِّحْ صَلِّ، والصَّلاةُ تُسَمّى تَسْبِيحًا ﴿وكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيرًا﴾ أيْ: حَسْبُكَ، وهَذِهِ كَلِمَةٌ يُرادُ بِها المُبالَغَةُ كَقَوْلِكَ: كَفى بِاللَّهِ رَبًّا، والخَبِيرُ المُطَّلِعُ عَلى الأُمُورِ بِحَيْثُ لا يَخْفى عَلَيْهِ مِنها شَيْءٌ، ثُمَّ زادَ في المُبالَغَةِ فَقالَ: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا في الأعْرافِ، والمَوْصُولُ في مَحَلِّ جَرٍّ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِلْحَيِّ، وقالَ ( بَيْنَهُما ) ولَمْ يَقُلْ ( بَيْنَهُنَّ ) لِأنَّهُ أرادَ النَّوْعَيْنِ، كَما قالَ القُطامِيُّ: ؎ألَمْ يَحْزُنُكَ أنَّ جِبالَ قَيْسٍ ∗∗∗ وتَغْلِبَ قَدْ ثَباتَّتا انْقِطاعًا (p-١٠٤٧)فَإنْ قِيلَ يَلْزَمُ أنْ يَكُونَ خَلْقُ العَرْشِ بَعْدَ خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ كَما تُفِيدُهُ ثُمَّ، فَيُقالُ: إنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لَمْ تَدْخُلْ عَلى خَلْقِ العَرْشِ بَلْ عَلى رَفْعِهِ عَلى السَّماواتِ والأرْضِ، والرَّحْمَنُ مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وهو صِفَةٌ أُخْرى لِلْحَيِّ، وقَدْ قَرَأ الجُمْهُورُ بِالرَّفْعِ، وقِيلَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ في اسْتَوى، أوْ يَكُونُ مُبْتَدَأً وخَبَرُهُ الجُمْلَةُ أيْ: فاسْألْ، عَلى رَأْيِ الأخْفَشِ، كَما في قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎وقائِلَةٍ خَوْلانُ فانْكَحْ فَتاتَهُمْ وقَرَأ زَيْدُ بْنِ عَلِيٍّ ( الرَّحْمَنِ ) بِالجَرِّ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِلْحَيِّ أوْ لِلْمَوْصُولِ ﴿فاسْألْ بِهِ خَبِيرًا﴾ الضَّمِيرُ في بِهِ يَعُودُ إلى ما ذُكِرَ مِن خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ والِاسْتِواءِ عَلى العَرْشِ. والمَعْنى: فاسْألْ بِتَفاصِيلِ ما ذُكِرَ إجْمالًا مِن هَذِهِ الأُمُورِ. وقالَ الزَّجّاجُ والأخْفَشُ: الباءُ بِمَعْنى عَنْ أيْ: فاسْألْ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ: ﴿سَألَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ [المعارج: ١]، وقَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ: ؎هَلّا سَألْتِ الخَيْلَ يا ابْنَةَ مالِكٍ ∗∗∗ إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِما لَمْ تَعْلَمِ وقالَ امْرُؤُ القَيْسِ: ؎فَإنْ تَسْألُونِي بِالنِّساءِ فَإنَّنِي ∗∗∗ خَبِيرٌ بِأدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ والمُرادُ ( بِالخَبِيرِ ) اللَّهُ سُبْحانَهُ لِأنَّهُ لا يَعْلَمُ تَفاصِيلَ تِلْكَ المَخْلُوقاتِ إلّا هو، ومِن هَذا قَوْلُ العَرَبِ: لَوْ لَقِيتَ فُلانًا لَلَقِيَكَ بِهِ الأسَدُ، أيْ: لَلَقِيَكَ بِلِقائِكَ إيّاهُ الأسَدُ، فَ ( خَبِيرًا ) مُنْتَصِبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ، أوْ عَلى الحالِ المُؤَكَّدَةِ، واسْتَضْعَفَ الحالِيَّةَ أبُو البَقاءِ فَقالَ: يَضْعُفُ أنْ يَكُونَ خَبِيرًا حالًا مِن فاعِلِ اسْألْ، لِأنَّ الخَبِيرَ لا يُسْألُ إلّا عَلى جِهَةِ التَّوْكِيدِ كَقَوْلِهِ: ﴿وهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقًا﴾ [ البَقَرَةِ: ٩١، فاطِرٍ: ٣١ ] قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الرَّحْمَنِ إذا رَفَعْتَهُ بِاسْتَوى. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَجُوزُ أنْ تَكُونَ الباءُ في بِهِ زائِدَةً. والمَعْنى: فاسْألْهُ حالَ كَوْنِهِ خَبِيرًا. وقِيلَ: قَوْلُهُ: بِهِ يَجْرِي مَجْرى القَسَمِ كَقَوْلِهِ: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء: ١] والوَجْهُ الأوَّلُ أقْرَبُ هَذِهِ الوُجُوهِ. ثُمَّ أخْبَرَ سُبْحانَهُ عَنْهم بِأنَّهم جَهِلُوا مَعْنى الرَّحْمَنِ. فَقالَ: ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالُوا وما الرَّحْمَنُ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّهم قالُوا ما نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إلّا رَحْمَنَ اليَمامَةِ، يَعْنُونَ مَسْلَمَةَ. قالَ الزَّجّاجُ: الرَّحْمَنُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ، فَلَمّا سَمِعُوهُ أنْكَرُوا فَقالُوا وما الرَّحْمَنُ ﴿أنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا﴾ والِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ أيْ: لا نَسْجُدُ لِلرَّحْمَنِ الَّذِي تَأْمُرُنا بِالسُّجُودِ لَهُ، ومَن قَرَأ بِالتَّحْتِيَّةِ فالمَعْنى: أنَسْجَدُ لِما يَأْمُرُنا مُحَمَّدٌ بِالسُّجُودِ لَهُ. وقَدْ قَرَأ المَدَنِيُّونَ والبَصْرِيُّونَ ﴿لِما تَأْمُرُنا﴾ بِالفَوْقِيَّةِ، واخْتارَ هَذِهِ القِراءَةَ أبُو عُبَيْدٍ وأبُو حاتِمٍ وقَرَأ الأعْمَشُ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ. قالَ أبُو عُبَيْدُ: يَعْنُونَ الرَّحْمَنَ. قالَ النَّحّاسُ: ولَيْسَ يَجِبُ أنْ يُتَأوَّلَ عَلى الكُوفِيِّينَ في قِراءَتِهِمْ هَذا التَّأْوِيلُ البَعِيدُ، ولَكِنَّ الأوْلى أنْ يَكُونَ التَّأْوِيلُ لَهُمُ ( اسْجُدُوا ) لِما يَأْمُرُنا النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَتُصْبِحُ القِراءَةُ عَلى هَذا، وإنْ كانَتِ الأُولى أبْيَنَ ﴿وزادَهم نُفُورًا﴾ أيْ: زادَهَمُ الأمْرُ بِالسُّجُودِ نُفُورًا عَلى الدِّينِ وبُعْدًا عَنْهُ، وقِيلَ: زادَهم ذِكْرُ الرَّحْمَنِ تَباعُدًا مِنَ الإيمانِ، كَذا قالَ مُقاتِلٌ، والأوَّلُ أوْلى. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ ما لَوْ تَفَكَّرُوا فِيهِ لَعَرَفُوا وُجُوبَ السُّجُودِ لِلرَّحْمَنِ. فَقالَ: ﴿تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ المُرادُ بِالبُرُوجِ بُرُوجُ النُّجُومِ أيْ: مَنازِلُها الِاثْنا عَشَرَ، وقِيلَ: هي النُّجُومُ الكِبارُ، والأوَّلُ أوْلى. وسُمِّيَتْ بُرُوجًا، وهي القُصُورُ العالِيَةُ لِأنَّها لِلْكَواكِبِ كالمَنازِلِ الرَّفِيعَةِ لِمَن يَسْكُنُها، واشْتِقاقُ البُرْجِ مِنَ التَّبَرُّجِ، وهو الظُّهُورُ ﴿وجَعَلَ فِيها سِراجًا﴾ أيْ شَمْسًا، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجًا﴾ [نوح: ١٦] قَرَأ الجُمْهُورُ سِراجًا بِالإفْرادِ. وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ سُرُجًا بِالجَمْعِ أيِ: النُّجُومُ العِظامُ الوَّقّادَةُ، ورَجَّحَ القِراءَةَ الأُولى أبُو عُبَيْدٍ. قالَ الزَّجّاجُ: في تَأْوِيلِ قِراءَةِ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ أرادَ الشَّمْسَ والكَواكِبَ ﴿وقَمَرًا مُنِيرًا﴾ أيْ يُنِيرُ الأرْضَ إذا طَلَعَ، وقَرَأ الأعْمَشُ ( قُمْرًا ) بِضَمِّ القافِ وإسْكانِ المِيمِ، وهي قِراءَةٌ ضَعِيفَةٌ شاذَّةٌ. ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الخِلْفَةُ كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ: اللَّيْلُ خِلْفَةٌ لِلنَّهارِ، والنَّهارُ خِلْفَةٌ لِلَّيْلِ، لِأنَّ أحَدَهُما يَخْلُفُ الآخَرَ ويَأْتِي بَعْدَهُ، ومِنهُ خِلْفَةُ النَّباتِ، وهو ورَقٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الوَرَقِ الأوَّلِ في الصَّيْفِ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أبِي سُلْمى: ؎بِها العَيْنُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ∗∗∗ وأطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِن كُلِّ مَجْثَمِ قالَ الفَرّاءُ في تَفْسِيرِ الآيَةِ: يَقُولُ يَذْهَبُ هَذا ويَجِيءُ هَذا، وقالَ مُجاهِدٌ: خِلْفَةٌ مِنَ الخِلافِ، هَذا أبْيَضُ وهَذا أسْوَدُ. وقِيلَ: يَتَعاقَبانِ في الضِّياءِ والظَّلامِ والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ. وقِيلَ: هو مِن بابِ حَذْفِ المُضافِ أيْ: جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ ذَوِي خِلْفَةٍ أيِ: اخْتِلافٍ ﴿لِمَن أرادَ أنْ يَذَّكَّرَ﴾ قالَ حَمْزَةُ: مُخَفَّفًا، وقَرَأ الجُمْهُورُ بِالتَّشْدِيدِ، فالقِراءَةُ الأُولى مِنَ الذِّكْرِ لِلَّهِ، والقِراءَةُ الثّانِيَةُ مِنَ التَّذَكُّرِ لَهُ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ( يَتَذَكَّرُ ) ومَعْنى الآيَةِ: أنَّ المُتَذَكِّرَ المُعْتَبِرَ إذا نَظَرَ في اخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ عَلِمَ أنَّهُ لا بُدَّ في انْتِقالِهِما مِن حالٍ إلى حالٍ مِن ناقِلٍ ﴿أوْ أرادَ شُكُورًا﴾ أيْ أرادَ أنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلى ما أوْدَعَهُ في اللَّيْلِ والنَّهارِ مِنَ النِّعَمِ العَظِيمَةِ والألْطافِ الكَثِيرَةِ. قالَ الفَرّاءُ: ويُذَكِّرُ ويَتَذَكَّرُ يَأْتِيانِ بِمَعْنًى واحِدٍ. قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿واذْكُرُوا ما فِيهِ﴾ [البقرة: ٦٣] وفي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ ( ويَذْكُرُوا ما فِيهِ ) . ﴿وعِبادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأرْضِ هَوْنًا﴾ هَذا كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَسُوقٌ لِبَيانِ صالِحِي عِبادِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، ( ﴿وعِبادُ الرَّحْمَنِ﴾ ) مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ المَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ، والهَوْنُ مَصْدَرٌ، وهو السَّكِينَةُ والوَقارُ. وقَدْ ذَهَبَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ الهَوْنَ مُتَعَلِّقٌ بِيَمْشُونَ أيْ: يَمْشُونَ عَلى الأرْضِ مَشْيًا هَوْنًا. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُشْبِهُ أنْ يَتَأوَّلَ هَذا عَلى أنْ تَكُونَ أخْلاقُ ذَلِكَ الماشِي ( هَوْنًا ) مُناسِبَةً لِمَشْيِهِ، وأمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ صِفَةُ المَشْيِ وحْدُهُ فَباطِلٌ، لِأنَّهُ رُبَّ ماشٍ هَوْنًا رُوَيْدًا وهو ذِئْبٌ أطْلَسُ، وقَدْ كانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَتَكَفَّأُ في مَشْيِهِ كَأنَّما يَمْشِي في صَبَبٍ ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ ذَكَرَ سُبْحانَهُ أنَّهم يَتَحَمَّلُونَ ما يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِن أذى أهْلِ الجَهْلِ والسَّفَهِ فَلا يَجْهَلُونَ مَعَ مَن يَجْهَلُ ولا (p-١٠٤٨)يُسافِهُونَ أهْلَ السَّفَهِ. قالَ النَّحّاسُ: لَيْسَ هَذا السَّلامُ مِنَ التَّسْلِيمِ إنَّما هو مِنَ التَّسَلُّمِ تَقُولُ العَرَبُ سَلامًا أيْ: تَسَلُّمًا مِنكَ أيْ: بَراءَةً مِنكَ، مَنصُوبٌ عَلى أحَدِ أمْرَيْنِ: إمّا عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أيْ: قالُوا سَلَّمْنا سَلامًا، وهَذا عَلى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، أوْ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أيْ: قالُوا هَذا اللَّفْظَ، ورَجَّحَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وقالَ مُجاهِدٌ: مَعْنى سَلامًا سَدادًا، أيْ: يَقُولُ لِلْجاهِلِ كَلامًا يَدْفَعُهُ بِرِفْقٍ ولِينٍ. قالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُؤْمَرِ المُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أنْ يُسَلِّمُوا عَلى المُشْرِكِينَ لَكِنَّهُ عَلى قَوْلِهِ تَسْلِيمًا مِنكم ولا خَيْرَ ولا شَرَّ بَيْنِنا وبَيْنَكم. قالَ المُبَرِّدُ: كانَ يَنْبَغِي أنْ يُقالَ لَمْ يُؤْمَرِ المُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِحَرْبِهِمْ، ثُمَّ أُمِرُوا بِحَرْبِهِمْ. وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: أخْطَأ سِيبَوَيْهِ في هَذا وأساءَ العِبارَةَ. قالَ النَّحّاسُ: ولا نَعْلَمُ لِسِيبَوَيْهِ كَلامًا في مَعْنى النّاسِخِ والمَنسُوخِ إلّا في هَذِهِ الآيَةِ، لِأنَّهُ قالَ في آخِرِ كَلامِهِ فَنَسَخَتْها آيَةُ السَّيْفِ. وأقُولُ: هَكَذا يَكُونُ كَلامُ الرَّجُلِ إذا تَكَلَّمَ في غَيْرِ عِلْمِهِ ومَشى في غَيْرِ طَرِيقَتِهِ، ولَمْ يُؤْمَرِ المُسْلِمُونَ بِالسَّلامِ عَلى المُشْرِكِينَ ولا نُهُوا عَنْهُ، بَلْ أُمِرُوا بِالصَّفْحِ والهَجْرِ الجَمِيلِ، فَلا حاجَةَ إلى دَعْوى النَّسْخِ. قالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: حَدَّثَنِي الخَلِيلُ قالَ: أتَيْتُ أبا رَبِيعَةَ الأعْرابِيَّ، وكانَ مِن أعْلَمِ مَن رَأيْتُ، فَإذا هو عَلى سَطْحٍ، فَسَلَّمْنا فَرَدَّ عَلَيْنا السَّلامَ وقالَ لَنا: اسْتَوُوا، فَبَقِينا مُتَحَيِّرِينَ ولَمْ نَدْرِ ما قالَ، فَقالَ لَنا أعْرابِيٌّ إلى جَنْبِهِ: أمَرَكم أنْ تَرْتَفِعُوا. قالَ الخَلِيلُ: هو مِن قَوْلِ اللَّهِ ﴿ثُمَّ اسْتَوى إلى السَّماءِ﴾ [البقرة: ٢٩] قالَ: فَصَعِدْنا إلَيْهِ فَقالَ: هَلْ لَكَمَ في خُبْزِ فَطِيْرٍ ولَبَنِ هَجِيرٍ ؟ فَقُلْنا: السّاعَةَ فارَقْناهُ، فَقالَ: سَلامًا، فَلَمْ نَدْرِ ما قالَ، فَقالَ الأعْرابِيُّ: إنَّهُ سالَمَكم مُتارَكَةً لا خَيْرَ فِيها ولا شَرَّ. قالَ الخَلِيلُ: هو مِن قَوْلِ اللَّهِ ﴿وإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ . ﴿والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وقِيامًا﴾ البَيْتُوتَةُ: هي أنْ يُدْرِكَكَ اللَّيْلُ نِمْتَ أوْ لَمْ تَنَمْ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن أدْرَكَهُ اللَّيْلُ فَقَدْ باتَ، نامَ أوْ لَمْ يَنَمْ، كَما يُقالُ: باتَ فُلانٌ قَلِقًا، والمَعْنى: يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا عَلى وُجُوهِهِمْ، وقِيامًا عَلى أقْدامِهِمْ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ: ؎فَبِتْنا قِيامًا عِنْدَ رَأْسِ جَوادِنا ∗∗∗ يُزاوِلُنا عَنْ نَفْسِهِ ونُزاوِلُهُ ﴿والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾ أيْ: هم مَعَ طاعَتِهِمْ مُشْفِقُونَ وجِلُوْنَ خائِفُونَ مِن عَذابِهِ، والغَرامُ اللّازِمُ الدّائِمُ، ومِنهُ سُمِّيَ الغَرِيمُ لِمُلازَمَتِهِ، ويُقالُ: فُلانٌ مُغْرَمٌ بِكَذا أيْ: مُلازِمٌ لَهُ مُولَعٌ بِهِ، هَذا مَعْناهُ في كَلامِ العَرَبِ، كَما ذَكَرَهُ ابْنُ الأعْرابِيِّ وابْنُ عَرَفَةَ وغَيْرُهُما، ومِنهُ قَوْلُ الأعْشى: ؎إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَرامًا ∗∗∗ وإنْ يُعْطِ جَزِيْلًا فَإنَّهُ لا يُبالِي وقالَ الزَّجّاجُ: الغَرامُ أشَدُّ العَذابِ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هو الهَلاكُ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: الشَّرُّ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقامًا﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها، والمَخْصُوصُ مَحْذُوفٌ أيْ: هي، وانْتِصابُ مُسْتَقَرًا عَلى الحالِ أوِ التَّمْيِيزِ، وكَذا ( مُقامًا )، قِيلَ هُما مُتَرادِفانِ، وإنَّما عُطِفَ أحَدُهُما عَلى الآخَرِ لِاخْتِلافِ لَفْظَيْهِما، وقِيلَ: بَلْ هُما مُخْتَلِفانِ مَعْنًى: فالمُسْتَقَرُّ لِلْعُصاةِ فَإنَّهم يُخْرَجُونَ، والمُقامُ لِلْكُفّارِ فَإنَّهم يَخْلُدُونَ، وساءَتْ مِن أفْعالِ الذَّمِّ كَبِئْسَتْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ هَذا مِن كَلامِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حِكايَةً لِكَلامِهِمْ. ثُمَّ وصَفَهم سُبْحانَهُ بِالتَّوَسُّطِ في الإنْفاقِ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ إذا أنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا﴾ قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ والأعْمَشُ وعاصِمٌ ويَحْيىَ بْنُ وثّابٍ يَقْتُرُوا بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وضَمِّ الفَوْقِيَّةِ، مِن قَتَرَ يَقْتُرُ كَقَعَدَ يَقْعُدُ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وابْنُ كَثِيرٍ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وكَسْرِ التّاءِ الفَوْقِيَّةِ، وهي لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ حَسَنَةٌ، وقَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ وابْنُ عامِرٍ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وكَسْرِ الفَوْقِيَّةِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: يُقالُ قَتَرَ الرَّجُلُ عَلى عِيالِهِ يَقْتُرُ، ويَقْتُرُ قَتْرًا، وأقْتُرُ يُقْتِرُ إقْتارًا، مَعْنى الجَمِيعِ: التَّضْيِيقُ في الإنْفاقِ. قالَ النَّحّاسُ: ومِن أحْسَنِ ما قِيلَ في مَعْنى الآيَةِ: إنَّ مَن أنْفَقَ في غَيْرِ طاعَةِ اللَّهِ فَهو الإسْرافُ، ومَن أمْسَكَ عَنْ طاعَةِ اللَّهِ فَهو الإقْتارُ، ومَن أنْفَقَ في طاعَةِ اللَّهِ فَهو القَوامُ. وقالَ إبْراهِيمُ النَّخَعِيُّ: هو الَّذِي لا يَجُوعُ ولا يَعْرى، ولا يُنْفِقُ نَفَقَةً، يَقُولُ النّاسُ قَدْ أسْرَفَ. وقالَ يَزِيدُ بْنُ أبِي حَبِيبٍ: أُولَئِكَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ كانُوا لا يَأْكُلُونَ طَعامًا لِلتَّنَعُّمِ واللَّذَّةِ ولا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا لِلْجَمالِ، ولَكِنْ كانُوا يُرِيدُونَ مِنَ الطَّعامِ ما يَسُدُّ عَنْهُمُ الجُوعَ ويُقَوِّيهِمْ عَلى عِبادَةِ اللَّهِ، ومِنَ اللِّباسِ ما يَسْتُرُ عَوْراتِهِمْ ويَقِيهِمُ الحَرَّ والبَرْدَ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: لَمْ يَزِيدُوا عَلى المَعْرُوفِ، ولَمْ يَبْخَلُوا كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩] قَرَأ حَسّانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( وكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قِوامًا ) بِكَسْرِ القافِ، وقَرَأ الباقُونَ بِفَتْحِها، فَقِيلَ هَما بِمَعْنًى، وقِيلَ: القِوامُ بِالكَسْرِ: ما يَدُومُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ ويَسْتَقِرُّ، وبِالفَتْحِ: العَدْلُ والِاسْتِقامَةُ، قالَهُ ثَعْلَبٌ. وقِيلَ: بِالفَتْحِ: العَدْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وبِالكَسْرِ: ما يُقامُ بِهِ الشَّيْءُ لا يُفْضَلُ عَنْهُ ولا يُنْقَصُ. وقِيلَ: بِالكَسْرِ: السَّدادُ والمَبْلَغُ، واسْمُ كانَ مُقَدَّرٌ فِيها أيْ: كانَ إنْفاقُهم بَيْنَ ذَلِكَ وتُبْنى ( بَيْنَ ) عَلى الفَتْحِ لِأنَّها مِنَ الظُّرُوفِ المَفْتُوحَةِ. وقالَ النَّحّاسُ: ما أدْرِي ما وجْهُ هَذا، لِأنَّ ( بَيْنَ ) إذا كانَتْ في مَوْضِعِ رَفْعٍ رُفِعَتْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وكانَ الكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ يَعْنِي أبا الحَكَمِ الَّذِي سَمّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أبا جَهْلِ بْنِ هِشامٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ ما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ قالَ: قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ: لا أسْألُكم عَلى ما أدْعُوكم إلَيْهِ مِن أجْرٍ، يَقُولُ: عَرَضٌ مِن عَرَضِ الدُّنْيا. وأخْرَجَ الخَطِيبُ في كِتابِ النُّجُومِ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ في السَّماءِ بُرُوجًا﴾ قالَ: هي هَذِهِ الِاثْنا عَشَرَ بُرْجًا: أوَّلُها: الحَمَلُ، ثُمَّ الثَّوْرُ، ثُمَّ الجَوْزاءُ، ثُمَّ السَّرَطانُ، ثُمَّ الأسَدُ، ثُمَّ السُّنْبُلَةُ، ثُمَّ المِيزانُ، ثُمَّ العَقْرَبُ، ثُمَّ القَوْسُ، ثُمَّ الجَدْيُ، ثُمَّ الدَّلْوُ، ثُمَّ الحُوتُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً﴾ قالَ: أبْيَضُ وأسْوَدُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ (p-١٠٤٩)وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا يَقُولُ: ما فاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ أنْ يَعْمَلَهُ أدْرَكَهُ بِالنَّهارِ: ومِنَ النَّهارِ أدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ. وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ أنَّ عُمَرَ أطالَ صَلاةَ الضُّحى، فَقِيلَ لَهُ صَنَعْتَ اليَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، فَقالَ: إنَّهُ بَقِيَ عَلَيَّ مِن وِرْدِي شَيْءٌ فَأحْبَبْتُ أنْ أُتِمَّهُ، أوْ قالَ أقْضِيَهُ، وتَلا هَذِهِ الآيَةَ ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وعِبادُ الرَّحْمَنِ﴾ قالَ: هُمُ المُؤْمِنُونَ ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأرْضِ هَوْنًا﴾ قالَ: بِالطّاعَةِ والعَفافِ والتَّواضُعِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ هَوْنًا عِلْمًا وحِلْمًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾ قالَ: الدّائِمُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ إذا أنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا﴾ قالَ: هُمُ المُؤْمِنُونَ لا يُسْرِفُونَ فَيُنْفِقُوا في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، ولا يُقْتِرُونَ فَيَمْنَعُوا حُقُوقَ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب