الباحث القرآني

(p-١٠١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعِبادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ﴾ وقَرَأ عَلِيٌّ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ: " يُمَشَّوْنَ " بِرَفْعِ الياءِ وفَتْحِ المِيمِ والشِّينِ وبِالتَّشْدِيدِ. وَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إنَّما نَسَبُهم إلَيْهِ لِاصْطِفائِهِ إيّاهم كَقَوْلِهِ: ﴿ناقَةُ اللَّهِ﴾ [الأعْرافِ: ٧٣]، ومَعْنى " هَوْنًا " مَشْيًا رُوَيْدًا، ومِنهُ يُقالُ: أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا ما. وقالَ مُجاهِدٌ: يَمْشُونَ بِالوَقارِ والسَّكِينَةِ. ﴿وَإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ أيْ: سَدادًا. وقالَ الحَسَنُ: لا يَجْهَلُونَ عَلى أحَدٍ، وإنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلِمُوا. وقالَ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: ﴿قالُوا سَلامًا﴾ أيْ: قَوْلًا يَسْلَمُونَ فِيهِ مِنَ الإثْمِ. وهَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ عِنْدَ الأكْثَرِينَ. وزَعَمَ قَوْمٌ أنَّ المُرادَ بِها أنَّهم يَقُولُونَ لِلْكُفّارِ: لَيْسَ بَيْنَنا وبَيْنَكم غَيْرُ السَّلامِ، ثُمَّ نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ. (p-١٠٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: كُلُّ مَن أدْرَكَهُ اللَّيْلُ فَقَدْ باتَ، نامَ أوْ لَمْ يَنَمْ؛ يُقالُ: باتَ فُلانٌ قَلِقًا، إنَّما المَبِيتُ إدْراكُ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كانَ غَرامًا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقْوالٍ مُتَقارِبٌ مَعانِيها. أحَدُها: دائِمًا، رَواهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . والثّانِي: مُوجِعًا، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: مُلِحًّا، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ؛ وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لا يُفارِقُ. والرّابِعُ: هَلاكًا، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. والخامِسُ: أنَّ الغَرامَ في اللُّغَةِ: أشَدُّ العَذابِ، قالَ الشّاعِرُ: وَيَوْمَ النِّسارِ ويَوْمَ الجِفا رِ كانا عَذابًا وكانا غَرامًا قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ساءَتْ مُسْتَقَرًّا﴾ أيْ: بِئْسَ مَوْضِعُ الِاسْتِقْرارِ ومَوْضِعُ الإقامَةِ هي. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ إذا أنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا﴾ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو: " يَقْتِرُوا " مَفْتُوحَةَ الياءِ مَكْسُورَةَ التّاءِ وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: " يَقْتُرُوا " بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ التّاءِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ: " يُقْتِرُوا " بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ التّاءِ. وَفِي مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ الإسْرافَ: مُجاوَزَةُ الحَدِّ في النَّفَقَةِ، والإقْتارَ: التَّقْصِيرُ عَمّا لا بُدَّ (p-١٠٣)مِنهُ، ويَدُلُّ عَلى هَذا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ: كَفى بِالمَرْءِ سَرَفًا أنْ يَأْكُلَ كُلَّ ما اشْتَهى. والثّانِي: [أنَّ] الإسْرافَ: الإنْفاقُ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ وإنْ قَلَّ، والإقْتارَ: مَنعُ حَقِّ اللَّهِ تَعالى، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وابْنُ جُرَيْجٍ في آخَرِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكانَ﴾ يَعْنِي الإنْفاقَ ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أيْ: بَيْنَ الإسْرافِ والإقْتارِ ﴿قَوامًا﴾ أيْ: عَدْلًا؛ قالَ ثَعْلَبٌ: القَوامُ، بِفَتْحِ القافِ: الِاسْتِقامَةُ والعَدْلُ، وبِكَسْرِها: ما يَدُومُ عَلَيْهِ الأمْرُ ويَسْتَقِرُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب