قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعِبادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأرْضِ هَوْنًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: عُلَماءُ وكُلَماءُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أعِفّاءُ أتْقِياءُ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: بِالسَّكِينَةِ والوَقارِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الرّابِعُ: مُتَواضِعِينَ لا يَتَكَبَّرُونَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
﴿وَإذا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلامًا﴾ الجاهِلُونَ فِيهِمْ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُمُ الكُفّارُ.
الثّانِي: السُّفَهاءُ.
﴿قالُوا سَلامًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
(p-١٥٥)أحَدُها: قالُوا سَدادًا، قالَهُ مُجاهِدٌ لِأنَّهُ قَوْلٌ سَلِيمٌ.
الثّانِي: قالُوا وعَلَيْكَ السَّلامُ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ طَلَبُ المُسالَمَةِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لازِمًا، قالَهُ ابْنُ عِيسى، ومِنهُ الغَرِيمُ لِمُلازَمَتِهِ وأنْشَدَ الأعْشى:
؎ إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَرامًا وإنْ يُعْ طِرْ جَزِيلًا فَإنَّهُ لا يُبالِي
الثّانِي: شَدِيدًا، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ، ومِنهُ سُمِّيَتْ شِدَّةُ المِحْنَةِ غَرامًا قالَ بِشْرُ بْنُ أبِي خازِمٍ:
؎ ويَوْمُ الجِفارِ ويَوْمُ النِّسا ∗∗∗ رِ كانا عَذابًا، وكانَ غَرامًا
الثّالِثُ: ثَقِيلًا، قالَهُ قُطْرُبٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهم مِن مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ [القَلَمِ: ٤٦] .
الرّابِعُ: أنَّهم أُغْرِمُوا بِالنَّعِيمِ في الدُّنْيا عَذابَ النّارِ، قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: إنَّ اللَّهَ سَألَ الكُفّارَ عَنْ فَأغْرَمَهم فَأدْخَلَهم جَهَنَّمَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ إذا أنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لَمْ يُنْفِقُوا في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، والإسْرافُ النَّفَقَةُ في المَعاصِي، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: لَمْ يُنْفِقُوا كَثِيرًا فَيَقُولُ النّاسُ قَدْ أسْرَفُوا، قالَهُ إبْراهِيمُ.
الثّالِثُ: لا يَأْكُلُونَ طَعامًا يُرِيدُونَ بِهِ نَعِيمًا ولا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُرِيدُونَ بِهِ جَمالًا، قالَهُ يَزِيدُ بْنُ أبِي حَبِيبٍ، قالَ: هَؤُلاءِ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ كانَتْ قُلُوبُهم عَلى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ.
(p-١٥٦)الرّابِعُ: لَمْ يُنْفِقُوا نَفَقَةً في غَيْرِ حَقِّها فَإنَّ النَّفَقَةَ في غَيْرِ حَقِّها إسْرافٌ، قالَهُ ابْنُ سِيرِينَ.
﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لَمْ يَمْنَعُوا حُقُوقَ اللَّهِ فَإنَّ مَنعَ حُقُوقِ اللَّهِ إقْتارٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: لا يُعَرِّيهِمْ ولا يُجِيعُهم، قالَهُ إبْراهِيمُ.
الثّالِثُ: لَمْ يُمْسِكُوا عَنْ طاعَةِ اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الرّابِعُ: لَمْ يُقَصِّرُوا في الحَقِّ، قالَهُ الأعْمَشُ.
رَوى مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ النَّفَقَةِ في الإسْرافِ والإقْتارِ ما هو، فَقالَ: مَن مَنَعَ مِن حَقٍّ فَقَدْ قَتَّرَ، ومَن أعْطى في غَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ أسْرَفَ» .
﴿وَكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوامًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: يَعْنِي عَدْلًا، قالَهُ الأعْمَشُ.
الثّانِي: أنَّ القِوامَ: أنْ يُخْرِجُوا في اللَّهِ شَطْرَ أمْوالِهِمْ، قالَهُ وهْبٌ.
الثّالِثُ: أنَّ القِوامَ: أنْ يُنْفِقَ في طاعَةِ اللَّهِ ويَكُفَّ عَنْ مَحارِمِ اللَّهِ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: أنَّ القِوامَ ما لَمْ يُمْسَكْ فِيهِ عَزِيزٌ ولَمْ يُقْدَمْ فِيهِ عَلى خَطَرٍ، والفَرْقُ بَيْنَ القَوامِ بِالفَتْحِ والقِوامِ بِالكَسْرِ، ما قالَهُ ثَعْلَبٌ: أنَّهُ بِالفَتْحِ الِاسْتِقامَةُ والعَدْلُ، وبِالكَسْرِ ما يَدُومُ عَلَيْهِ الأمْرُ ويَسْتَقِرُّ.
{"ayahs_start":63,"ayahs":["وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلَّذِینَ یَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنࣰا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَـٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰا","وَٱلَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدࣰا وَقِیَـٰمࣰا","وَٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا","إِنَّهَا سَاۤءَتۡ مُسۡتَقَرࣰّا وَمُقَامࣰا","وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰلِكَ قَوَامࣰا"],"ayah":"وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلَّذِینَ یَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنࣰا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَـٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰا"}