الباحث القرآني

(أفمن شرح الله صدره للإسلام) أي وسعه لقبول الحق وفتحه للاهتداء إلى سبيل الخير، قال السدي: وسع صدره للإسلام للفرح به، والطمأنينة إليه. وشرح الصدر للإِسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له، فإنه محل للقلب الذي هو منبع الروح التي تتعلق بها النفس القابلة للإسلام، فانشراحه مستدع لانشراح القلب، والكلام في الهمزة والفاء كما تقدم في (أفمن حق) ومن الخ مبتدأ وخبرها محذوف تقديره كمن قسا قلبه، وطبع الله عليه، وحرج صدره فلم يهتد. ودل على هذا الخبر المحذوف قوله: (فويل للقاسية قلوبهم) والمعنى أفمن وسع الله صدره للإسلام فقبله واهتدى بهديه (فهو) بسبب ذلك الشرح (على نور) أي على بيان وبصيرة ويقين وهداية (من ربه) يفيض عليه كمن قسى قلبه لسوء اختياره؟ فصار في ظلمات الضلالة وبليات الجهالة. قال قتادة: النور كتاب الله به يؤخذ وإليه ينتهي. قال الزجاج تقدير الآية أفمن شرح الله صدره كمن طبع على قلبه فلم يهتد لقسوته؟ قال ابن عباس من شرح الله صدره للإسلام أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: " تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية قلنا: يا نبي الله كيف انشراح صدره؟ قال: إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح، قلنا: فما علاقة ذلك يا رسول الله؟ قال الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت ". وأخرج ابن مردويه عن محمد بن كعب القرظي مرفوعاً مرسلاً. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر أن رجلاً قال: " يا نبي الله أي المؤمنين أكيس؟ قال أكثرهم ذكراً للموت وأحسنهم له استعداداً، وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع، فقالوا ما آية ذلك يا نبي الله؟ قال الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت "، وأخرجه عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه، وزاد فيه ثم قرأ (أفمن شرح الله صدره للإسلام). (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) قال الفراء والزجاج أي عن ذكر الله كما تقول اتخمت عن طعام أكلته ومن طعام أكلته والمعنى أنه غلظ قلبه وجفا عن قبول ذكر الله والقسوة جمود وصلابة تحصل في القلب، يقال قسى القلب إذا صلب، وقلب قاسٍ أي صلب لا يرق ولا يلين، وقيل المعنى من أجل ذكره الذي من حقه أن تنشرح له الصدور، وتطمئن به القلوب، والمعنى أنه إذا ذكر الله اشمأزوا، والأول أولى، ويؤيده قراءة من قرأ عن ذكر الله، أي إذا ذكر الله عندهم أو آياته ازدادت قلوبهم قساوة، كقوله: (فزادتهم رجساً إلى رجسهم). وقيل إن النفس إذا كانت خبيثة الجوهر كدرة العنصر بعيدة عن قبول الحق فإن سماعها لذكر الله لا يزيدها إلا قسوة وكدورة كحر الشمس يلين الشمع ويعقد الملح، فكذلك القرآن يلين قلوب المؤمنين عند سماعه، ولا يزيد الكافرين إلا قسوة. قال مالك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غضب الله تعالى على قوم إلا نزع منهم الرحمة، وأخرج الترمذي، وابن مردويه وابن شاهين في الترغيب في الذكر، والبيهقي في الشعب، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي " [[روى ابن ماجه (4193) لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب. وروى البوصيري في الزوائد (ق 258/ 1) والترمذي (2/ 50).]]. والإشارة بقوله (أولئك) إلى القاسية قلوبهم (في ضلال مبين) أي غواية ظاهرة واضحة ثم ذكر سبحانه بعض أوصاف كتابه العزيز فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب