الباحث القرآني

(p-١٧٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: جَوابُهُ مَتْرُوكٌ، لِأنَّ الكَلامَ دالٌّ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ فاهْتَدى كَمَن طُبِعَ عَلى قَلْبِهِ فَلَمْ يَهْتَدِ، ويَدُلُّ عَلى هَذا قَوْلُهُ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾؛ وقَدْ رَوى ابْنُ مَسْعُودٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَلا هَذِهِ الآَيَةَ، فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ وما هَذا الشَّرْحُ؟» فَذَكَرَ حَدِيثًا قَدْ ذَكَرْناهُ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾ [الأنْعامِ: ١٢٥] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهُوَ عَلى نُورٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقَوْالٍ. أحَدُها: اليَقِينُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: كِتابُ اللَّهِ يَأْخُذُ بِهِ ويَنْتَهِي إلَيْهِ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: البَيانُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والرّابِعُ: الهُدى، قالَهُ مُقاتِلٌ. (p-١٧٤)وَفِيمَن نَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ؟ فِيهِ ثَلاثَةُ أقَوْالٍ. أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: في عَلِيٍّ وحَمْزَةَ وأبِي لَهَبٍ ووَلَدِهِ، قالَهُ عَطاءٌ. والثّالِثُ: في رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وفي أبِي جَهْلٍ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهم مِن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ قَدْ بَيَّنّا مَعْنى القَساوَةِ في [البَقَرَةِ: ٧٤] . فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ يَقْسُو القَلْبُ مِن ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ؟ فالجَوابُ: أنَّهُ كُلَّما تُلِيَ عَلَيْهِمْ ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِي يُكَذِّبُونَ بِهِ، قَسَتْ قُلُوبُهم عَنِ الإيمانِ بِهِ. وذَهَبَ مُقاتِلٌ في آَخَرِينَ إلى أنَّ "مِن" هاهُنا بِمَعْنى "عَنْ"، قالَ الفَرّاءُ: كَما تَقُولُ: أتْخَمْتُ عَنِ طَعامٍ أكَلْتُهُ، ومِن طَعامٍ أكَلْتَهُ؛ وإنَّما قَسَتْ قُلُوبُهم مِن ذِكْرِ اللَّهِ، لِأنَّهم جَعَلُوهُ كَذِبًا فَأقْسى قُلُوبَهُمْ؛ ومَن قالَ: قَسَتْ قُلُوبُهم عَنْهُ، أرادَ: أعْرَضَتْ عَنْهُ. و [قَدْ] قَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ، وأبُو عِمْرانَ: "قُلُوبُهم عَنِ ذِكْرِ اللَّهِ" مَكانَ قَوْلِهِ: "مِن" .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب