الباحث القرآني
ولَمّا كانَ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ أمْرًا فِيما يَظُنُّهُ السّامِعُ ظاهِرًا؛ كَما كانَ جَدِيرًا بِأنْ يُنْكِرَ بَعْضُ الواقِفِينَ مَعَ الظَّواهِرِ تَخْصِيصَ الألِبّاءِ بِهِ؛ سَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ الإنْكارَ؛ في قَوْلِهِ: ﴿أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ القُدْرَةُ الكامِلَةُ والعِلْمُ الشّامِلُ؛ ﴿صَدْرَهُ لِلإسْلامِ﴾؛ أيْ: لِلِانْقِيادِ لِلدَّلِيلِ؛ فَكانَ قَلْبُهُ لَيِّنًا؛ فانْقادَ لِلْإيمانِ؛ فاهْتَدى لِباطِنِ هَذا الدَّلِيلِ؛ ﴿فَهُوَ﴾؛ أيْ: فَيَتَسَبَّبُ عَنْ إسْلامِ ظاهِرِهِ وباطِنِهِ لِلدّاعِي؛ أنْ كانَ ﴿عَلى نُورٍ﴾؛ أيْ: بَيانٍ عَظِيمٍ بِكِتابٍ؛ بِهِ يَأْخُذُ؛ وبِهِ يُعْطِي؛ وإلَيْهِ في كُلِّ أمْرٍ يَنْتَهِي؛ قَدِ اسْتَعْلى عَلَيْهِ؛ فَهو كَأنَّهُ راكِبُهُ؛ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَشاءُ؛ وزادَ في بَيانِ عَظِيمِ هِدايَتِهِ بِلَفْتِ (p-٤٨٦)القَوْلِ إلى مَظْهَرِ الإحْسانِ؛ فَقالَ: ﴿مِن رَبِّهِ﴾؛ أيْ: المُحْسِنِ إلَيْهِ إحْسانَهُ في انْقِيادِهِ؛ فَبُشْرى لَهُ؛ فَهو عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ؛ كَمَن جُعِلَ صَدْرُهُ ضَيِّقًا حَرَجًا؛ فَكانَ قَلْبُهُ قاسِيًا؛ فَكانَ في الظَّلامِ خابِطًا؛ فَوَيْلٌ لَهُ - هَكَذا كانَ الأصْلُ - ولَكِنْ قِيلَ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾؛ أيْ: لِضِيقِ صُدُورِهِمْ؛ وزادَ في بَيانِ ما بَلاهم بِهِ مِن عَظِيمِ القَسْوَةِ؛ بِلَفْتِ القَوْلِ إلى الِاسْمِ الدّالِّ عَلى جَمِيعِ الأسْماءِ الحُسْنى؛ والصِّفاتِ العُلا؛ فَقالَ: ﴿مِن ذِكْرِ اللَّهِ﴾؛ فَإنَّ مَن تَبْتَدِئُ قَسْوَتُهُ مِمّا تَطْمَئِنُّ بِهِ القُلُوبُ؛ وتَلِينُ لَهُ الجُلُودُ؛ مِن مَدْحِ الجامِعِ لِصِفاتِ الكَمالِ؛ فَهو أقْسى مِنَ الجُلْمُودِ.
ولَمّا كانَ مَن وُسِمَ بِهَذا الخِزْيِ أخْسَرَ النّاسِ صَفْقَةً؛ أنْتَجَ وصْفُهُ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿أُولَئِكَ﴾؛ أيْ: الأباعِدُ الأباغِضُ؛ ﴿فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾؛ أيْ: واضِحٍ في نَفْسِهِ؛ مُوَضَّحٌ أمْرُهُ لِكُلِّ أحَدٍ؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ أوَّلًا الشَّرْحَ والنُّورَ؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ضِدِّهِ ثانِيًا؛ وثانِيًا الوَيْلَ لِلْقاسِي؛ والضَّلالَ؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ضِدِّهِ أوَّلًا؛ رَوى البَيْهَقِيُّ؛ في الشُّعَبِ؛ والبَغَوِيُّ؛ مِن طَرِيقِ الثَّعْلَبِيِّ؛ والحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ؛ مِن وجْهٍ آخَرَ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ؛ قالَ: فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ كَيْفَ انْشِراحُ صُدُورِهِمْ؟ قالَ: ”إذا دَخَلَ النُّورُ القَلْبَ (p-٤٨٧)انْشَرَحَ؛ وانْفَسَحَ“؛ قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَما عَلامَةُ ذَلِكَ؟ قالَ: ”الإنابَةُ إلى دارِ الخُلُودِ؛ والتَّجافِي عَنْ دارِ الغُرُورِ؛ والتَّأهُّبِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ المَوْتِ“؛» وقالَ الأُسْتاذُ أبُو القاسِمِ القُشَيْرِيُّ: والنُّورُ الَّذِي مِن قِبَلِهِ - سُبْحانَهُ - نُورُ اللَّوائِحِ؛ بِنُجُومِ العِلْمِ؛ ثُمَّ نُورُ اللَّوامِعِ؛ بِبَيانِ الفَهْمِ؛ ثُمَّ نُورُ المُحاضَرَةِ؛ بِزَوائِدِ اليَقِينِ؛ ثُمَّ نُورُ المُكاشَفَةِ؛ بِتَجَلِّي الصِّفاتِ؛ ثُمَّ نُورُ المُشاهَدَةِ بِظُهُورِ الذّاتِ؛ ثُمَّ أنْوارُ الصَّمَدِيَّةِ؛ بِحَقائِقِ التَّوْحِيدِ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ لا وجْدَ؛ ولا قَصْدَ؛ ولا قُرْبَ؛ ولا بُعْدَ؛ كَلّا؛ بَلْ هو اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ؛ وذَلِكَ كَما قِيلَ: المُؤْمِنُ بِقُوَّةِ عَقْلِهِ يُوجِبُ اسْتِقْلالَهُ بِعِلْمِهِ؛ إلى أنْ يَبْدُوَ؛ ومِنهُ كَمالُ تَمَكُّنِهِ مِن وقادَةِ بَصِيرَتِهِ؛ ثُمَّ إذا بَدا لَهُ لائِحَةٌ مِن سُلْطانِ المَعارِفِ تَصِيرُ تِلْكَ الأنْوارُ مُقْمِرَةً؛ فَإذا بَدَتْ أنْوارُ التَّوْحِيدِ اسْتَهْلَكَتْ تِلْكَ الجُمْلَةَ؛ فَلَمّا اسْتَبانَ الصُّبْحُ أدْرَجَ ضَوْؤُهُ بِأنْوارِهِ أنْوارَ تِلْكَ الكَواكِبِ.
{"ayah":"أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورࣲ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَیۡلࣱ لِّلۡقَـٰسِیَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق