الباحث القرآني
﴿أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ فَهْوَ عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ﴾ .
تَفْرِيعٌ عَلى ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهم لَهم غُرَفٌ﴾ [الزمر: ٢٠] وما أُلْحِقَ بِهِ مِن تَمْثِيلِ حالِهِمْ في الِانْتِفاعِ بِالقُرْآنِ فُرِّعَ عَلَيْهِ هَذا الِاسْتِفْهامُ التَّقْرِيرِيُّ.
و”مَن“ مُوصِلَةٌ، مُبْتَدَأٌ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: ٢٠] مِمّا اقْتَضاهُ حَرْفُ الِاسْتِدْراكِ مِن مُخالَفَةِ حالِهِ لِحالِ مَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ.
والتَّقْدِيرُ: أفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ فَهو عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ مِثْلُ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ فَهو في ظُلْمَةِ الكُفْرِ، أوْ تَقْدِيرُهُ: مِثْلُ مَن قَسا قَلْبُهُ بِدَلالَةِ قَوْلِهِ ﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ وهَذا مِن دَلالَةِ اللّاحِقِ.
وشَرْحُ الصَّدْرِ لِلْإسْلامِ: اسْتِعارَةٌ لِقَبُولِ العَقْلِ هُدى الإسْلامِ ومَحَبَّتِهِ. وحَقِيقَةُ الشَّرْحِ أنَّهُ: شَقُّ اللَّحْمِ، ومِنهُ سُمِّيَ عِلْمُ مُشاهِدَةِ باطِنِ الأسْبابِ وتَرْكِيبِهِ: عِلْمُ التَّشْرِيحِ لِتَوَقُّفِهِ عَلى شَقِّ الجِلْدِ واللَّحْمِ والِاطِّلاعِ عَلى ما تَحْتَ ذَلِكَ.
ولَمّا كانَ الإنْسانُ إذا تَحَيَّرَ وتَرَدَّدَ في أمْرٍ يَجِدُ في نَفْسِهِ عَمّا يَتَأثَّرُ مِنهُ جِهازُهُ العَصَبِيُّ فَيَظْهَرُ تَأثُّرُهُ في انْضِغاطِ نَفْسِهِ حَتّى يَصِيرَ تُنَفُّسُهُ عَسِيرًا ويَكْثُرُ تَنَهُّدُهُ وكانَ (p-٣٨٠)عُضْوُ التَّنَفُّسِ في الصَّدْرِ، شُبِّهَ ذَلِكَ الِانْضِغاطُ بِالضِّيقِ والِانْطِباقِ فَقالُوا: ضاقَ صَدْرُهُ؛ قالَ تَعالى عَنْ مُوسى ﴿ويَضِيقُ صَدْرِي﴾ [الشعراء: ١٣] وقالُوا: انْطَبَقَ صَدْرُهُ وانْطَبَقَتْ أضْلاعُهُ وقالُوا في ضِدِّ ذَلِكَ: شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ، وجَمَعَ بَيْنَهُما قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ ومَن يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] في سُورَةِ الأنْعامِ، ومِنهُ قَوْلُهم: فُلانٌ في انْشِراحٍ، أيْ: يُحِسُّ كَأنَّ صَدْرَهُ شُرِحَ ووُسِّعَ.
ومِن رَشاقَةِ ألْفاظِ القُرْآنِ إيثارُ كَلِمَةِ ”شَرَحَ“ لِلدَّلالَةِ عَلى قَبُولِ الإسْلامِ لِأنَّ تَعالِيمَ الإسْلامِ وأخْلاقَهُ وآدابَهُ تُكْسِبُ المُسْلِمَ فَرَحًا بِحالِهِ ومَسَرَّةً بِرِضى رَبِّهِ واسْتِخْفافًا لِلْمَصائِبِ والكَوارِثِ لِجَزْمِهِ بِأنَّهُ عَلى حَقٍّ في أمْرِهِ وأنَّهُ مُثابٌ عَلى ضُرِّهِ وأنَّهُ راجٍ رَحْمَةَ رَبِّهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ ولِعَدَمِ مُخالَطَةِ الشَّكِّ والحَيْرَةِ ضَمِيرَهُ.
فَإنَّ المُؤْمِنَ أوَّلُ ما يُؤْمِنُ بِأنَّ اللَّهَ واحِدٌ وأنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَسُولُهُ يَنْشَرِحُ صَدْرُهُ بِأنَّهُ ارْتَفَعَ دَرَجاتٍ عَنِ الحالَةِ الَّتِي كانَ عَلَيْها حالَةَ الشِّرْكِ أنِ اجْتَنَبَ عِبادَةَ أحْجارٍ هو أشْرَفُ مِنها ومُعْظَمُ مُمْتَلَكاتِهِ أشْرَفُ مِنها كَفَرَسِهِ وجَمَلِهِ وعَبْدِهِ وأمَتِهِ وماشِيَتِهِ ونَخْلِهِ، فَشَعَرَ بِعِزَّةِ نَفْسِهِ مُرْتَفِعًا عَمّا انْكَشَفَ لَهُ مِن مَهانَتِها السّابِقَةِ الَّتِي غَسَلَها عَنْهُ الإسْلامُ، ثُمَّ أصْبَحَ يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَنْطِقُ عَنِ الحِكْمَةِ ويَتَّسِمُ بِمَكارِمِ الأخْلاقِ وأصالَةِ الرَّأْيِ ومَحَبَّةِ فِعْلِ الخَيْرِ لِوَجْهِ اللَّهِ لا لِلرِّياءِ والسُّمْعَةِ، ولا يَنْطَوِي باطِنُهُ عَلى غِلٍّ ولا حَسَدٍ ولا كَراهِيَةٍ في ذاتِ اللَّهِ وأصْبَحَ يَعُدُّ المُسْلِمِينَ لِنَفْسِهِ إخْوانًا، وقَدْ تَرَكَ الِاكْتِسابَ بِالغارَةِ والمَيْسِرِ، واسْتَغْنى بِالقَناعَةِ عَنِ الضَّراعَةِ إلّا إلى اللَّهِ تَعالى، وإذا مَسَّهُ ضَرٌّ رَجا زَوالَهُ ولَمْ يَيْأسْ مِن تَغَيُّرِ حالِهِ، وأيْقَنَ أنَّهُ مُثابٌ عَلى تَحَمُّلِهِ وصَبْرِهِ، وإذا مَسَّتْهُ نِعْمَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وتَرَقَّبَ المَزِيدَ، فَكانَ صَدْرُهُ مُنْشَرِحًا بِالإسْلامِ مُتَلَقِّيًا الحَوادِثَ بِاسْتِبْصارٍ غَيْرَ هَيّابٍ شُجاعَ القَلْبِ عَزِيزَ النَّفْسِ.
واللّامُ في ”لِلْإسْلامِ“ لامُ العِلَّةِ، أيْ: شَرَحَهُ لِأجْلِ الإسْلامِ، أيْ: لِأجْلِ قَبُولِهِ.
وفُرِّعَ عَلى أنْ ”شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ“ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَهُوَ عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ﴾ فالضَّمِيرُ عائِدٌ إلى مَن.
(p-٣٨١)والنُّورُ: مُسْتَعارٌ لِلْهُدى ووُضُوحِ الحَقِّ لِأنَّ النُّورَ بِهِ تَنْجَلِي الأشْياءُ ويَخْرُجُ المُبْصِرُ مِن غَياهِبِ الضَّلالَةِ وتَرَدُّدِ اللَّبْسِ بَيْنَ الحَقائِقِ والأشْباحِ.
واسْتُعِيرَتْ عَلى اسْتِعارَةٍ تَبَعِيَّةٍ أوْ تَمْثِيلِيَّةٍ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ النُّورِ كَما اسْتُعِيرَتْ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [لقمان: ٥] عَلى الوَجْهَيْنِ المُقَرَّرَيْنِ هُنالِكَ. و”مِن رَبِّهِ“ نَعْتٌ لِنُورٍ و”مِن“ ابْتِدائِيَّةٌ، أيْ: نُورٌ مَوْصُوفٌ بِأنَّهُ جاءَ بِهِ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَهو نُورٌ كامِلٌ لا تُخالِطُهُ ظَلَمَةٌ، وهو النُّورُ الَّذِي أُضِيفَ إلى اسْمِ اللَّهِ في قَوْلِهِ ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ﴾ [النور: ٣٥] في سُورَةِ النُّورِ.
* * *
﴿فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهم مِن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ .
فُرِّعَ عَلى وصْفِ حالِ مَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإسْلامِ فَهو عَلى نُورٍ مِن رَبِّهِ، ما يَدُلُّ عَلى حالِ ضِدِّهِ وهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَشْرَحِ اللَّهُ صُدُورَهم لِلْإسْلامِ فَكانَتْ لِقُلُوبِهِمْ قَساوَةٌ فُطِرُوا عَلَيْها فَلا تَسْلُكُ دَعْوَةُ الخَيْرِ إلى قُلُوبِهِمْ.
وأُجْمِلَ سُوءُ حالِهِمْ بِما تَدُلُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ”ويْلٌ“ مِن بُلُوغِهِمْ أقْصى غاياتِ الشَّقاوَةِ والتَّعاسَةِ، وهَذا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ مَعانِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بِأيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٧٩] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والقاسِي: المُتَّصِفُ بِالقَساوَةِ في الحالِ، وحَقِيقَةُ القَساوَةِ: الغِلَظُ والصَّلابَةُ في الأجْسامِ، وقَدْ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَهِيَ كالحِجارَةِ أوْ أشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: ٧٤] وقَسْوَةُ القَلْبِ: مُسْتَعارَةٌ لِقِلَّةِ تَأثُّرِ العَقْلِ بِما يُسْدى إلى صاحِبِهِ مِنَ المَواعِظِ ونَحْوِها، ويُقابِلُ هَذِهِ الِاسْتِعارَةَ اسْتِعارَةُ اللِّينِ لِسُرْعَةِ التَّأثُّرِ بِالنَّصائِحِ ونَحْوِها، كَما سَيَأْتِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ﴾ [الزمر: ٢٣] .
و”مِن“ في قَوْلِهِ ”مِن ذِكْرِ اللَّهِ“ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ بِمَعْنى (عَنْ) بِتَضْمِينِ ”القاسِيَةِ“ مَعْنى: المُعْرِضَةِ والنّافِرَةِ، وقَدْ عُدَّ مُرادِفُ مَعْنى (عَنْ) مِن مَعانِي (مِن)، واسْتُشْهِدَ لَهُ في مُغْنِي اللَّبِيبُ بِهَذِهِ الآيَةِ وبِقَوْلِهِ تَعالى ﴿لَقَدْ كُنْتَ في غَفْلَةٍ مِن هَذا﴾ [ق: ٢٢] وفِيهِ نَظَرٌ، لِإمْكانِ حَمْلِها عَلى مَعْنَيَيْنِ شائِعَيْنِ مِن مَعانِي (مِن) وهُما: مَعْنى التَّعْلِيلِ في الآيَةِ الأُولى؛ كَقَوْلِهِمْ: سَقاهم مِنَ الغَيْمَةِ، أيْ: لِأجْلِ (p-٣٨٢)العَطَشِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وجَعَلَ المَعْنى: أنَّ قَسْوَةَ قُلُوبِهِمْ حَصَلَتْ فِيهِمْ مِن أجْلِ ذِكْرِ اللَّهِ، ومَعْنى الِابْتِداءِ في الآيَةِ الثّانِيَةِ، أيْ: قَسَتْ قُلُوبُهُمُ ابْتِداءً مِن سَماعِ ذِكْرِ اللَّهِ.
والمُرادُ ”بِذِكْرِ اللَّهِ“ القُرْآنُ؛ وإضافَتُهُ إلى ”اللَّهِ“ زِيادَةُ تَشْرِيفٍ لَهُ. والمَعْنى: أنَّهم إذا تُلِيَتْ آيَةٌ اشْمَأزُّوا فَتَمَكَّنَ الِاشْمِئْزازُ مِنهم فَقَسَتْ قُلُوبُهم.
وحاصِلُ المَعْنى: أنَّ كُفْرَهم يَحْمِلُهم عَلى كَراهِيَةِ ما يَسْمَعُونَهُ مِنَ الدَّعْوَةِ إلى الإسْلامِ بِالقُرْآنِ فَكُلَّما سَمِعُوهُ أعْرَضُوا وعانَدُوا وتَجَدَّدَتْ كَراهِيَةُ الإسْلامِ في قُلُوبِهِمْ حَتّى تُرَسَّخَ تِلْكَ الكَراهِيَةُ في قُلُوبِهِمْ فَتَصِيرَ قُلُوبُهم قاسِيَةً.
فَكانَ القُرْآنُ أنْ سَبَّبَ اطْمِئْنانَ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ قالَ تَعالى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨] وكانَ سَبَبًا في قَساوَةِ قُلُوبِ الكافِرِينَ.
وسَبَبُ ذَلِكَ اخْتِلافُ القابِلِيَّةِ فَإنَّ السَّبَبَ الواحِدَ تَخْتَلِفُ آثارُهُ وأفْعالُهُ بِاخْتِلافِ القابِلِيَّةِ، وإنَّما تُعْرَفُ خَصائِصُ الأشْياءِ بِاعْتِبارِ غالِبِ آثارِها في غالِبِ المُتَأثِّراتِ، فَذِكْرُ اللَّهِ سَبَبٌ في لِينِ القُلُوبِ وإشْراقِها إذا كانَتِ القُلُوبُ سَلِيمَةً مِن مَرِضِ العِنادِ والمُكابَرَةِ والكِبْرِ، فَإذا حَلَّ فِيها هَذا المَرَضُ صارَتْ إذا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَها أشَدَّ مَرَضًا مِمّا كانَتْ عَلَيْهِ.
وجُمْلَةُ ﴿أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِأنَّ ما قَبْلَهُ مِنَ الحُكْمِ بِأنَّ قَساوَةَ قُلُوبِهِمْ مِن أجْلِ أنْ يُذْكَرَ اللَّهُ عِنْدَهم يُثِيرُ في نَفْسِ السّامِعِ أنْ يَتَساءَلَ: كَيْفَ كانَ ذِكْرُ اللَّهِ سَبَبَ قَساوَةِ قُلُوبِهِمْ ؟ فَأُفِيدَ بِأنَّ سَبَبَ ذَلِكَ هو أنَّهم مُتَمَكِّنُونَ مِنَ الضَّلالَةِ مُنْغَمِسُونَ في حَمْأتِها فَكانَ ضَلالُهم أشَدَّ مِن أنْ يَتَقَشَّعَ حِينَ يَسْمَعُونَ ذِكْرَ اللَّهِ.
وافْتِتاحُ هَذِهِ الجُمْلَةِ بِاسْمِ الإشارَةِ عَقِبَ ما وُصِفُوا بِهِ مِن قَساوَةِ القُلُوبِ لِإفادَةِ أنَّ ما سَيُذْكَرُ مِن حالِهِمْ بَعْدَ الإشارَةِ إلَيْهِمْ صارُوا بِهِ أحْرِياءَ لِأجْلِ ما ذُكِرَ قَبْلَ اسْمِ الإشارَةِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [لقمان: ٥] في سُورَةِ البَقَرَةِ، فَكانَ مَضْمُونُ قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ وهو الضَّلالُ الشَّدِيدُ عِلَّةً لِقَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ (p-٣٨٣)حَسْبَما اقْتَضاهُ وُقُوعُ جُمْلَتِهِ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا. وكانَ مَضْمُونُها مَفْعُولًا لِقَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ حَسْبَما اقْتَضاهُ تَصْدِيرُ جُمْلَتِها بِاسْمِ الإشارَةِ وعَقِبَ وصْفِ المُشارِ إلَيْهِمْ بِأوْصافٍ.
وكَذَلِكَ شَأْنُ الأعْراضِ النَّفْسِيَّةِ أنْ تَكُونَ فاعِلَةً ومُنْفَعِلَةً بِاخْتِلافِ المُثارِ وما تَتْرُكُهُ مِنَ الآثارِ لِأنَّها عِلَلٌ ومَعْلُولاتٌ بِالِاعْتِبارِ لا يَتَوَقَّفُ وُجُودُ أحَدِ الشَّيْئَيْنِ مِنهُما عَلى وُجُودِ الآخَرِ التَّوَقُّفَ المُسَمّى بِالدَّوْرِ المَعِيِّ.
والمُبِينُ: الشَّدِيدُ الَّذِي لا يَخْفى لِشِدَّتِهِ، فالمُبِينُ كِنايَةٌ عَنِ القُوَّةِ والرُّسُوخِ فَهو يَبِينُ لِلْمُتَأمِّلِ أنَّهُ ضَلالٌ.
{"ayah":"أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورࣲ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَیۡلࣱ لِّلۡقَـٰسِیَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق