الباحث القرآني

﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ يَعْنِي: السَّوَارِيَ، وَاحِدُهَا عَمُودٌ، مِثْلُ: أَدِيمٍ وَأُدُمٍ، وَعُمُدٌ أَيْضًا جَمْعُهُ، مِثْلُ: رَسُولٍ وَرُسُلٍ. وَمَعْنَاهُ نَفْيُ الْعَمَدِ أَصْلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، يَعْنِي: لَيْسَ مِنْ دُونِهَا دِعَامَةٌ تُدَعِّمُهَا وَلَا فَوْقَهَا عَلَاقَةٌ تُمْسِكُهَا. قَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: السَّمَاءُ مُقَبَّبَةٌ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ [[وهذا مروي أيضا عن قتادة، ويدل عليه تصريحه تعالى في سورة الحج أنه هو الذي يمسكها أن تقع على الأرض في قوله: (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) . فعلى هذا يكون قوله (ترونها) تأكيدا لنفي ذلك. أي: هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها. وهذا هو الأكمل في القدرة. وعلى هذا يكون الضمير في قوله "ترونها" عائدا على "السموات"، وجملة "ترونها" في موضع الحال. انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ٣٢٥، تفسير ابن كثير: ٢ / ٥٠٠، أضواء البيان: ٣ / ٧٧-٧٨، المحرر الوجيز: ٨ / ١١٠.]] وَقِيلَ: "تَرَوْنَهَا" رَاجِعَةٌ إِلَى الْعُمُدِ، [مَعْنَاهُ] [[ساقط من "ب".]] لَهَا عُمُدٌ وَلَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا [[وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه وعن مجاهد، والحسن، وقتادة، وغير واحد. وقال الطبري تعقيبا على هذين الرأيين: (١٦ / ٣٢٥) : "وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال كما قال الله تعالى: "الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها" فهي مرفوعة بغير عمد نراها، كما قال ربنا -جل ثناؤه- ولا خبر بغير ذلك، ولا حجة يجب التسليم لها بقول سواه".]] وَزُعِمَ: أَنَّ عُمُدَهَا جَبَلٌ قَافٍ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا، وَالسَّمَاءُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ [[التعبير بكلمة "زعم" تشير إلى تضعيف هذا الرأي، لأن زعم مطية الكذب، كما تقول العرب، ولذلك، نثبت هنا كلمة قيمة للحافظ ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره لسورة (ق) : (٤ / ٢٢٢) قال: "روي عن بعض السلف أنهم قالوا: ق جبل محيط بجميع الأرض، يقال له: جبل قاف، وكأن هذا -والله أعلم- من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس لما رأى من جواز الرواية عنهم مما لا يصدق ولا يكذب. وعندي: أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم، يلبسون به على الناس أمر دينهم، كما افتري في هذه الأمة -مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها- أحاديث عن النبي ﷺ، وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل، مع طول المدى، وقلة الحفاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه وتبديل كتب الله وآياته! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فيما قد يجوزه العقل. فأما ما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه: فليس من هذا القبيل. والله أعلم". ثم قال: "وقد أكثر من السلف من المفسرين، وكذا طائفة كثيرة من الخلف، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنة" ثم أورد أثرا غريبا لا يصح سنده عن ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم الرازي عن جبل قاف المحيط بالأرض وقال: "وإسناد الأثر فيه انقطاع". هذا، وقد جمع الشيخ أحمد شاكر كلمات ابن كثير في الإسرائيليات في عمدة التفسير: ١ / ١٤-١٩.]] . ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ عَلَا [عَلَيْهِ] [[في "ب": علمه.]] ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ ذَلَّلَهُمَا لِمَنَافِعِ خَلْقِهِ فَهُمَا مَقْهُورَانِ، ﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾ أَيْ: يَجْرِيَانِ عَلَى مَا يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أَيْ: إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ فَنَاءُ الدُّنْيَا. [وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ] [[في "ب": وقيل.]] : أَرَادَ بِالْأَجَلِ الْمُسَمَّى دَرَجَاتَهُمَا وَمَنَازِلَهُمَا يَنْتَهِيَانِ إِلَيْهَا لَا يُجَاوِزَانِهَا، ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ يَقْضِيهِ وَحْدَهُ، ﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ يُبَيِّنُ الدَّلَالَاتِ، ﴿لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ لِكَيْ تُوقِنُوا بِوَعْدِهِ وَتُصَدِّقُوهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب