الباحث القرآني
(p-٢٩٩)سُورَةُ الرَّعْدِ
* فَصْلٌ في نُزُولِها
اخْتَلَفُوا في نُزُولِها عَلى قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّها مَكِّيَّةٌ، رَواهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعَطاءٌ، وقَتادَةُ. ورَوى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها مَكِّيَّةٌ، إلّا آيَتَيْنِ مِنها، قَوْلُهُ: ﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهم بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ. .﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ [الرَّعْدُ:٣١]، وقَوْلُهُ: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا﴾ [الرَّعْدِ:٤٣] .
والثّانِي: أنَّها مَدَنِيَّةٌ، رَواهُ عَطاءٌ الخُراسانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ جابِرُ ابْنُ زَيْدٍ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها مَدَنِيَّةٌ، إلّا آيَتَيْنِ نَزَلَتا بِمَكَّةَ، وهُما قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ أنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ. .﴾ إلى آخِرِها [الرَّعْدِ:٣١] . وقالَ بَعْضُهم: المَدَنِيُّ مِنها قَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ [الرَّعْدِ:١٤] .
قَوْلُهُ تَعالى: " آلمر " قَدْ ذَكَرْنا في سُورَةِ (البَقَرَةِ) جُمْلَةً مِنَ الكَلامِ في مَعانِي هَذِهِ الحُرُوفِ. وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الكَلِمَةِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّ مَعْناها: أنا اللَّهُ أعْلَمُ وأرى، رَواهُ أبُو الضُّحى عَنْهُ. والثّانِي: أنا اللَّهُ أرى، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْهُ. والثّالِثُ: أنا اللَّهُ المَلِكُ الرَّحْمَنُ، رَواهُ عَطاءٌ عَنْهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ﴾ في " تِلْكَ " قَوْلانِ، وفي " الكِتابِ " قَوْلانِ قَدْ تَقَدَّمَتْ في أوَّلِ (يُونُسَ) .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ﴾ يَعْنِي: القُرْآنَ وغَيْرَهُ مِنَ الوَحْيِ ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي: أهْلَ مَكَّةَ. قالَ الزَّجّاجُ: لَمّا ذَكَرَ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ، عَرَّفَ الدَّلِيلَ الَّذِي يُوجِبُ التَّصْدِيقَ بِالخالِقِ فَقالَ: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: العَمَدُ: مُتَحَرِّكُ الحُرُوفِ بِالفَتْحَةِ، وبَعْضُهم يُحَرِّكُها بِالضَّمَّةِ، لِأنَّها جَمْعُ عَمُودٍ، وهو القِياسُ، لِأنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ هِجاؤُها أرْبَعَةُ أحْرُفٍ الثّالِثُ مِنها ألِفٌ أوْ ياءٌ أوْ واوٌ، فَجَمِيعُهُ مَضْمُومُ الحُرُوفِ، نَحْوُ رَسُولٍ، والجَمْعُ: رُسُلٌ، وحِمارٌ، والجَمْعُ: حُمُرٌ، غَيْرَ أنَّهُ قَدْ جاءَتْ أسامٍ اسْتَعْمَلُوا جَمِيعَها بِالحَرَكَةِ والفَتْحَةِ، نَحْوُ عَمُودٍ، وأدِيمٍ، وإهابٍ، قالُوا: أدَمٌ، (p-٣٠١)وَأهَبٌ. ومَعْنى " عَمَدٍ ": سَوارٍ، ودَعائِمُ، وما يَعْمِدُ البِناءَ. وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ: " بِغَيْرِ عُمُدٍ " بِضَمِّ العَيْنِ والمِيمِ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿تَرَوْنَها﴾ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّ هاءَ الكِنايَةِ تَرْجِعُ إلى السَّمَواتِ، فالمَعْنى: تَرَوْنَها بِغَيْرِ عَمَدٍ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، والجُمْهُورُ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: " تَرَوْنَها " خَبَرٌ مُسْتَأْنَفٌ، والمَعْنى: رَفَعَ السَّمَواتِ بِلا دِعامَةٍ تُمْسِكُها، ثُمَّ قالَ: " تَرَوْنَها " أيْ: ما تُشاهِدُونَ مِن هَذا الأمْرِ العَظِيمِ، يُغْنِيكم عَنْ إقامَةِ الدَّلائِلِ عَلَيْهِ.
والثّانِي: أنَّها تَرْجِعُ إلى العَمَدِ، فالمَعْنى: إنَّها بِعَمْدٍ لا تَرَوْنَها، رَواهُ عَطاءٌ، والضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقالَ: لَها عَمَدٌ عَلى قافٍ، ولَكِنَّكم لا تَرَوْنَ العَمَدَ، وإلى هَذا القَوْلِ ذَهَبَ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والأوَّلُ أصَحُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ﴾ أيْ: ذَلَّلَهُما لِما يُرادُ مِنهُما ﴿كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى﴾ أيْ: إلى وقْتٍ مَعْلُومٍ، وهو فَناءُ الدُّنْيا. ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ﴾ أيْ: يُصَرِّفُهُ بِحِكْمَتِهِ. ﴿يُفَصِّلُ الآياتِ﴾ أيْ: يُبَيِّنُ الآياتِ الَّتِي تَدُلُّ أنَّهُ قادِرٌ عَلى البَعْثِ لِكَيْ تُوقِنُوا بِذَلِكَ. وقَرَأ أبُو رَزِينٍ، وقَتادَةُ، والنَّخَعِيُّ: " نُدَبِّرُ الأمْرَ نُفَصِّلُ الآياتِ " بِالنُّونِ فِيهِما.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِۗ وَٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یُؤۡمِنُونَ","ٱللَّهُ ٱلَّذِی رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَدࣲ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِی لِأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ یُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاۤءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ"],"ayah":"ٱللَّهُ ٱلَّذِی رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَدࣲ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِی لِأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ یُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاۤءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق