الباحث القرآني
قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ
. [[بياض في المخطوط.]] .. على نفسه، نعيما منه على خلقه. ولفظه خبر ومعناه أمر، تقريره: قولوا: الحمد لله. قال ابن عباس: يعني: الشكر منه، وهو من الحمد.. [[بياض في المخطوط.]] .. والحمد لله نقيض الذم. وقال ابن الأنباري: هو مقلوب عن المدح كقوله: جبل وجلب، و: بض وضبّ.
واختلف العلماء في الفرق بين الحمد والشكر، فقال بعضهم: الحمد: الثناء على الرجل بما فيه من الخصال الحميدة، تقول: حمدت الرجل، إذا أثنيت عليه بكرم أو [حلم] أو شجاعة أو سخاوة، ونحو ذلك. والشكر له: الثناء عليه أو لآله.
فالحمد: الثناء عليه بما هو به، والشكر: الثناء عليه بما هو منه.
وقد يوضع الحمد موضع الشكر، فيقال: حمدته على معروفه عندي، كما يقال: شكرته، ولا يوضع الشكر موضع الحمد، [ف] لا يقال: شكرته على علمه وحلمه.
والحمد أعمّ من الشكر لذلك ذكره الله فأمر به، فمعنى الآية: الحمد لله على صفاته العليا وأسمائه الحسنى، وعلى جميع صنعه وإحسانه إلى خلقه.
وقيل: الحمد باللسان قولا، قال الله: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً [[سورة الإسراء: 111.]] ، وقال:
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [[سورة النمل: 59.]] والشكر بالأركان فعلا، قال الله تعالى:
اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً [[سورة سبأ: 13.]] .
وقيل: الحمد لله على ما حبا وهو النعماء، والشكر على ما زوى وهو اللأواء.
وقيل: الحمد لله على النعماء الظاهرة، والشكر على النعماء الباطنة، قال الله تعالى:
وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً [[سورة لقمان: 20.]] .
وقيل: الحمد ابتداء والشكر [[بياض في المخطوط.]] ....
حدّثنا الحسن بن محمد بن جعفر النيسابوري لفظا، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يزيد النسفي، حدّثنا محمد بن علي الترمذي، حدّثنا عبد الله بن العباس الهاشمي، حدّثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن عبد الله بن عمرو [بن العاص] قال: قال رسول الله ﷺ: «الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لا يحمده» [[المصنّف لعبد الرزّاق: 10/ 424، ح 19574.]] [24] .
وحدّثنا الحسن بن محمد، أخبرنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه، حدّثنا عبد الله بن محمود السعدي، حدّثنا علي بن حجر، حدّثنا شعيب بن صفوان عن مفضّل بن فضالة عن علي بن يزيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه سئل عن الْحَمْدُ لِلَّهِ قال: كلمة شكر أهل الجنة
. في إعراب الْحَمْدُ لِلَّهِ
وقد اختلف القرّاء في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فقرأت العامّة بضمّ الدال على الابتداء، وخبره فيما بعده. وقيل: على التقديم والتأخير، أي لله الحمد.
وقيل: على الحكاية. وقرأ هارون بن موسى الأعور ورؤبة بن العجاج بنصب الدال على الإضمار، أي أحمد الحمد لأن الحمد مصدر لا يثنّى ولا يجمع. وقرأ الحسن البصري بكسر الدال، أتبع الكسرة الكسرة. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة الشامي بضم الدال واللام، أتبع الضمة الضمّة.
رَبِّ الْعالَمِينَ قرأ زيد بن علي: رَبَّ الْعالَمِينَ بالنصب على المدح، وقال أبو سعيد ابن أوس الأنصاري: على معنى أحمد ربّ العالمين. وقرأ الباقون رَبِّ الْعالَمِينَ بكسر الباء، أي خالق الخلق أجمعين ومبدئهم ومالكهم والقائم بأمورهم، والرب بمعنى السيّد، قال الله تعالى: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ [[سورة يوسف: 42.]] أي سيّدك، قال الأعشى [[في المصدر نسبه إلى لبيد بن ربيعة.]] :
واهلكن يوما ربّ كندة وابنه ... وربّ معبين خبت وعرعر [[جامع البيان للطبري: 1/ 93.]]
وربّ عمر والرومي من رأس حضية ... وأنزلن بالأسباب رب المشقرة
يعني: رئيسها وسيّدها.
ويكون بمعنى المالك،
قال النبي ﷺ: «أربّ إبل أنت أم رب غنم؟» [[مسند الحميدي: 2/ 390، غريب الحديث: 1/ 166.]] [25] . فقال: من كل قد آتاني الله فأكثر وأطنب
وقال طرفة:
كقنطرة الرومي أقسم ربها ... لتكتنفنّ حتى تشاد بقرمد [[لسان العرب: 5/ 118، والقرمد: الحجارة.]]
وقال النابغة:
وإن يك ربّ أذواد فحسبي ... أصابوا من لقائك ما أصابوا [[التبيان: 6/ 144.]]
ويكون بمعنى الصاحب، قال أبو ذؤيب:
فدنا له رب الكلاب بكفّه ... بيض رهاب ريشهن مقزع [[لسان العرب: 1/ 438.]]
ويكون بمعنى المرعى، يقول: ربّ يربّ ربابة وربوبا، فهو ربّ، مثل برّ وطب، قال الشاعر:
يربّ الذي يأتي من العرف إنه ... إذا سئل المعروف زاد وتمّما [[تاج العروس: 1/ 261.]]
ويكون بمعنى المصلح للشيء، قال الشاعر:
كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنت ... سلاءها في أديم غير مربوب [[الصحاح: 1/ 55.]]
أي غير مصلح.
وقال الحسين بن الفضل: الرب: اللبث من غير إثبات أحد، يقال: ربّ بالمكان وأربّ، ولبث وألبث إذا أقام وفي الحديث أنه كان يتعوّذ بالله من فقر ضرب أو قلب قال الشاعر:
ربّ بأرض تخطّاها الغنم ... لب بأرض ما تخطاها الغنم [[لسان العرب: 1/ 731.]]
وهو الاختيار لأن المتكلمين أجمعوا على أنّ الله لم يزل ربّا
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو بكر محمد بن موسى الواسطي عن الرب، فقال: هو الخالق ابتداء، والمربي غذاء، والغافر انتهاء.
ولا يقال للمخلوق: هو الرب، معرّفا بالألف واللام، وإنما يقال على الإضافة: هو رب كذا لأنه لا يملك الكل غير الله، والألف واللام تدلّان على العموم. وأمّا العالمون فهم جمع عالم، ولا واحد له من لفظه [[أي من لفظ العالم.]] ، كالأنام والرهط والجيش ونحوها.
واختلفوا في معناه،
حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن، أخبرنا أبو إسحاق بن أسعد بن الحسن بن سفيان عن جدّه عن أبي نصر ليث بن مقاتل عن أبي معاذ الفضل بن خالد عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن الربيع بن أنس عن شهر بن حوشب عن أبي بن كعب قال:
العالمون هم الملائكة، وهم ثمانية عشر ألف ملكا منهم أربعة آلاف وخمسمائة ملك بالمشرق، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك بالمغرب، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك بالكهف الثالث من الدنيا، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك في الكهف الرابع من الدنيا، مع كل ملك من الأعوان ما لا يعلم عددهم إلّا الله عزّ وجلّ ومن ورائهم أرض بيضاء كالرخام..» .. مسير الشمس أربعين يوما، طولها لا يعلمه إلّا الله عزّ وجلّ مملوءة ملائكة يقال لهم الروحانيون، لهم زجل بالتسبيح والتهليل، لو كشف عن صوت أحدهم لهلك أهل الأرض من هول صوته فهم العالمون، منتهاهم إلى حملة العرش.
وقال أبو معاذ [النحوي] : هم بنو آدم.
وقال أبو هيثم خالد بن يزيد: هم الجن والإنس لقوله تعالى: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [[سورة الفرقان: 1.]] ، وهي رواية عطية العوفي وسعيد بن جبير عن ابن عباس.
وقال الحسين بن الفضل: العالمون: الناس، واحتجّ بقوله تعالى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ [[سورة الشعراء: 165.]] .
وقال العجاج: بخلاف هذا العالم.
وقال الفراء وأبو عبيدة: هو عبارة عمن يعقل، وهم أربع أمم: الملائكة، والجن، والإنس، والشياطين، لا يقال للبهائم: عالم. وهو مشتق من العلم، قال الشاعر:
ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا
وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني: هم أهل التنزيه من الخلق. وقال عبد الرّحمن بن زيد ابن أسلم: هم المرتزقون. وقال الخضر بن إسماعيل: هو اسم الجمع الكثير، قال ابن الزبعري:
إني وجدتك يا محمد عصمة ... للعالمين من العذاب الكارث [[لم نجده في المصادر نعم هو في مناقب ابن شهر آشوب (1/ 144) وفيه: العذاب الواصب.]]
وقال أبو عمرو بن العلاء: هم الروحانيون. وهو معنى قول ابن عباس: كل ذي روح دبّ على وجه الأرض. وقال سفيان بن عيينة: هو جمع للأشياء المختلفة.
وقال جعفر بن محمد الصادق: «العالمون: أهل الجنة وأهل النار» .
وقال الحسن وقتادة ومجاهد: هو عبارة عن جميع المخلوقات، واحتجوا بقوله: قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا [[سورة الشعراء: 23- 24.]] .
واشتقاقه على هذا القول من (العلم) و (العلامة) لظهورهم ولظهور أثر الصنعة فيهم ثم اختلفوا في مبلغ العالمين وكيفيتهم، فقال سعيد بن المسيب: لله ألف عالم منها ستمائة في البحر وأربعمائة في البر. وقال الضحاك: فمنهم ثلاثمائة وستون عالما حفاة عراة لا يعرفون من خالقهم، وستون عالما يلبسون الثياب. وقال وهب: لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها، وما العمارة في الخراب إلا كفسطاط في الصحراء. وقال أبو سعيد الخدري: إن لله أربعين ألف عالم، الدنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد. وقال أبو القاسم مقاتل بن حيان:
العالمون ثمانون ألف عالم أربعون ألفا في البرّ وأربعون ألفا في البحر. وقال مقاتل بن سليمان: لو فسّرت الْعالَمِينَ، لاحتجت إلى ألف جلد كل جلد ألف ورقة. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين إلّا الله، قال الله: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [[سورة المدّثّر: 31.]] .
{"ayahs_start":2,"ayahs":["ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ"],"ayah":"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق