الباحث القرآني
(p-١٠)سُورَةُ الفاتِحَةِ.
رَوى أبُو هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ «وَقَرَأ عَلَيْهِ أبِيُّ بْنُ كَعْبٍ أُمَّ القُرْآنِ فَقالَ: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ما أُنْزِلُ في التَّوْراةِ، ولا في الإنْجِيلِ، ولا في الزَّبُورِ، ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها، هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآَنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيَتَهُ" .»
فَمِن أسْمائِها: الفاتِحَةُ، لِأنَّهُ يُسْتَفْتَحُ الكِتابُ بِها تِلاوَةً وكِتابَةً.
وَمِن أسْمائِها: أُمُّ القُرْآَنِ، وأُمُّ الكِتابِ، لِأنَّها أمَّتِ الكِتابَ بِالتَّقَدُّمِ.
وَمِن أسْمائِها: السَّبْعُ المَثانِي، وإنَّما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِما سَنَشْرَحُهُ في (الحِجْرِ) إنْ شاءَ اللَّهُ.
واخْتَلَفَ العُلَماءُ في نُزُولِها عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: أنَّها مَكِّيَّةٌ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ، والحَسَنِ، وأبِي العالِيَةِ، وقَتادَةَ، وأبِي مَيْسَرَةَ.
والثّانِي: أنَّها مَدَنِيَّةٌ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، ومُجاهِدٍ، وعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ كالقَوْلَيْنِ.
* فَصْلٌ
فَأُمًّا تَفْسِيرُها:
فَـ ﴿الحَمْدُ﴾ رُفِعَ بِالِابْتِداءِ، و (لِلَّهِ) الخَبَرُ.
والمَعْنى: الحَمْدُ ثابِتٌ لِلَّهِ، ومُسْتَقِرٌّ لَهُ، والجُمْهُورُ عَلى كَسْرِ لامِ (لِلَّهِ) وضَمَّها ابْنُ عَبْلَةَ، قالَ الفَرّاءُ: هي لُغَةُ بَعْضِ (p-١١)بَنِي رَبِيعَةَ، وقَرَأ ابْنُ السَّمَيْفَعِ: (الحَمْدُ) بِنَصْبِ الدّالِ "لِلَّهِ" بِكَسْرِ اللّامِ. وقَرَأ أبُو نَهِيكٍ بِكَسْرِ الدّالِ واللّامِ جَمِيعًا.
واعْلَمْ أنَّ الحَمْدَ: ثَناءٌ عَلى المَحْمُودِ، ويُشارِكُهُ الشُّكْرُ، إلّا أنَّ بَيْنَهُما فَرْقًا، وهُوَ: أنَّ الحَمْدَ قَدْ يَقَعُ ابْتِداءً لِلثَّناءِ، والشُّكْرُ لا يَكُونُ إلّا في مُقابَلَةِ النِّعْمَةِ، وقِيلَ: لَفْظُهُ لَفْظُ الخَبَرِ، ومَعْناهُ الأمْرُ، فَتَقْدِيرُهُ: قُولُوا: الحَمْدُ لِلَّهِ.
وَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَمْدُ: الثَّناءُ عَلى الرَّجُلِ بِما فِيهِ مِن كَرَمٍ أوْ حَسَبٍ أوْ شَجاعَةٍ، وأشْباهُ ذَلِكَ.
والشُّكْرُ: الثَّناءُ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ أوْلاكَهُ، وقَدْ يُوضَعُ الحَمْدُ مَوْضِعَ الشُّكْرِ. فَيُقالُ: حَمِدَتْهُ عَلى مَعْرُوفِهِ عِنْدِي، كَما يُقالُ: شَكَرْتُ لَهُ عَلى شَجاعَتِهِ.
فَأمّا (الرَّبُّ) فَهو المالِكُ، ولا يُذْكَرُ هَذا الِاسْمُ في حَقِّ المَخْلُوقِ إلّا بِالإضافَةِ، فَيُقالُ: هَذا رَبُّ الدّارِ، ورَبُّ العَبْدِ.
وَقِيلَ: هو مَأْخُوذٌ مِنَ التَّرْبِيَةِ.
قالَ شَيْخُنا أبُو مَنصُورٍ اللُّغَوِيُّ: يُقالُ: رَبُّ فُلانٍ صَنِيعَتُهُ يَرُبُّها رَبًّا: إذا أتَمَّها وأصْلَحَها، فَهو رَبٌّ ورابٌ.
قالَ الشّاعِرُ:
؎ يُرَبِّ الَّذِي يَأْتِي مِنَ الخَيْرِ إنَّهُ إذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما
قالَ: والرَّبُّ يُقالُ: عَلى ثَلاثَةِ أوْجُهٍ.
أحَدُها: المالِكُ. يُقالُ: رَبُّ الدّارِ.
والثّانِي: المُصْلِحُ، يُقالُ: رَبُّ الشَّيْءِ.
والثّالِثُ: السَّيِّدُ المُطاعُ، قالَ تَعالى: ﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [ يُوسُفَ: ٤١ ] .
والجُمْهُورُ عَلى خَفْضِ باءِ "رَبٍّ" وقَرَأ أبُو العالِيَةِ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وعِيسى بْنُ عُمَرَ بِنَصْبِها.
وَقَرَأ أبُو رَزِينٍ العُقَيْلِيُّ، والرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ بِرَفْعِها.
(p-١٢)فَأمّا (العالَمِينَ) فَجَمْعُ عالَمٍ، وهو عِنْدَ أهْلِ العَرَبِيَّةِ: اسْمٌ لِلْخَلْقِ مِن مَبْدَئِهِمْ إلى مُنْتَهاهم وقَدْ سَمَّوْا أهْلَ الزَّمانِ الحاضِرِ عالِمًا.
فَقالَ الحَطِيئَةُ:
؎ تَنَحِّي فاجْلِسِي مِنِّي بَعِيدًا ∗∗∗ أراحَ اللَّهُ مِنكَ العالَمِينا
فَأمّا أهْلُ النَّظَرِ، فالعالَمُ عِنْدَهُمُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلى الكَوْنِ الكُلِّيِّ المُحْدَثِ مِن فَلَكٍ، وسَماءٍ، وأرْضٍ، وما بَيْنَ ذَلِكَ.
وَفِي اشْتِقاقِ العالَمِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ مِنَ العِلْمِ، وهو يُقَوِّي قَوْلَ أهْلِ اللُّغَةِ.
والثّانِي: أنَّهُ مِنَ العَلامَةِ، وهو يُقَوِّي قَوْلَ أهْلِ النَّظَرِ، فَكَأنَّهُ إنَّما سُمِّيَ عِنْدَهم بِذَلِكَ لِأنَّهُ دالٌّ عَلى خالِقِهِ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِ "العالَمِينَ" هاهُنا خَمْسَةُ أقْوالٍ:
أحَدُهُما: الخَلْقُ كُلُّهُ، السَّماواتُ والأرْضُونَ وما فِيهِنَّ وما بَيْنَهُنَّ. رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
الثّانِي: كُلُّ ذِي رُوحٍ دَبَّ عَلى وجْهِ الأرْضِ. رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: أنَّهُمُ الجِنُّ والإنْسُ. رُوِيَ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، ومُقاتِلٌ.
والرّابِعُ: أنَّهُمُ الجِنُّ والإنْسُ والمَلائِكَةُ، نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، واخْتارَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ.
والخامِسُ: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ، وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا.
{"ayah":"ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق