الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿حَتّى إذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ بِالفَتْحِ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ في رِوايَةِ حَفْصٍ.
وَقَرَأ الباقُونَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ بِالضَّمِّ، واخْتُلِفَ فِيهِما عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: أنَّهُما لُغَتانِ مَعْناهُما واحِدٌ.
الثّانِي: أنَّ مَعْناهُما مُخْتَلِفٌ.
وَفي الفَرْقِ بَيْنَهُما ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ السُّدَّ بِالضَّمِّ مِن فِعْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وبِالفَتْحِ مِن فِعْلِ الآدَمِيِّينَ.
الثّانِي: أنَّهُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ، وبِالفَتْحِ المَصْدَرُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ.
والسَّدّانِ جَبَلانِ، قِيلَ إنَّهُ جَعَلَ الرُّومَ بَيْنَهُما، وفي مَوْضِعِهِما قَوْلانِ: أحَدُهُما: فِيما بَيْنَ أرْمِينِيَّةَ وأذْرَبِيجانَ.
الثّانِي: في مُنْقَطَعِ التُّرْكِ مِمّا يَلِي المَشْرِقَ.
﴿وَجَدَ مِن دُونِهِما قَوْمًا لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا﴾ أيْ مِن دُونِ السَّدَّيْنِ، وفي ﴿يَفْقَهُونَ﴾ قِراءَتانِ: إحْداهُما: بِفَتْحِ الياءِ والقافِ يَعْنِي أنَّهم لا يَفْهَمُونَ كَلامَ غَيْرِهِمْ.
والقِراءَةُ الثّانِيَةُ: بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ القافِ، أيْ لا يَفْهَمُ كَلامَهم غَيْرُهم.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قالُوا يا ذا القَرْنَيْنِ إنَّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ في الأرْضِ﴾ وهُما مِن ولَدِ يافِثَ بْنِ نُوحٍ، واسْمُهُما مَأْخُوذٌ مِن أجَّتِ النّارُ إذا تَأجَّجَتْ، ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:(p-٣٤٢)
؎ وأيّامٍ أتَيْنَ عَلى المَطايا كَأنَّ سُمُومَهُنَّ أجِيجُ نارِ
واسْمُها في الصُّحُفِ الأُولى ياطِغُ وماطِغُ.
وَكانَ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ يَقُولُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: « (لا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنهم حَتّى يُولَدَ لِصُلْبِهِ ألْفُ رَجُلٍ)» . واخْتُلِفَ في تَكْلِيفِهِمْ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهم مُكَلَّفُونَ لِتَمْيِيزِهِمْ.
الثّانِي: أنَّهم غَيْرُ مُكَلَّفِينَ لِأنَّهم لَوْ كَلِّفُوا لَما جازَ ألّا تَبْلُغَهم دَعْوَةُ الإسْلامِ.
﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلى أنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وبَيْنَهم سَدًّا﴾ قَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: خَراجًا وقَرَأ الباقُونَ ﴿خَرْجًا﴾ وفي اخْتِلافِ القِراءَتَيْنِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ الخَراجَ الغَلَّةُ، والخَرْجُ الأُجْرَةُ.
الثّانِي: أنَّ الخَراجَ اسْمٌ لِما يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ، والخَرْجُ ما يُؤْخَذُ عَنِ الرِّقابِ، قالَهُ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ.
الثّالِثُ: أنَّ الخَرْجَ ما يُؤْخَذُ دَفْعَةً، والخَراجُ ثابِتٌ مَأْخُوذٌ في كُلِّ سَنَةٍ، قالَهُ ثَعْلَبٌ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ يَعْنِي خَيْرٌ مِنَ الأجْرِ الَّذِي تَبْذُلُونَهُ لِي.
﴿فَأعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: بِآلَةٍ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
الثّانِي: بِرِجالٍ، قالَهُ مُقاتِلٌ.
﴿أجْعَلْ بَيْنَكم وبَيْنَهم رَدْمًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الحِجابُ الشَّدِيدُ.
الثّانِي: أنَّهُ السَّدُّ المُتَراكِبُ بَعْضُهُ عَلى بَعْضٍ فَهو أكْبَرُ مِنَ السَّدِّ.
﴿آتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها قِطَعُ الحَدِيدِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ.
(p-٣٤٣)الثّانِي: أنَّهُ فِلْقُ الحَدِيدِ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ الحَدِيدُ المُجْتَمِعُ، ومِنهُ الزَّبُورُ لِاجْتِماعِ حُرُوفِهِ في الكِتابَةِ، قالَ تُبَّعٌ اليَمانِيُّ:
؎ ولَقَدْ صَبَرْتُ لِيَعْلَمُوهُ وحَوْلَهم ∗∗∗ زُبَرَ الحَدِيدِ عَشِيَّةً ونَهارا
﴿حَتّى إذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ والضَّحّاكُ: الصَّدَفانِ: جَبَلانِ، قالَ عَمْرُو بْنُ شاشٍ:
؎ كِلا الصَّدَفَيْنِ يَنْفُذُهُ سَناها ∗∗∗ تَوَقَّدَ مِثْلَ مِصْباحِ الظَّلامِ
وَفِيهِما وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مُحاذٍ لِصاحِبِهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ المُصادَفَةِ في اللِّقاءِ، قالَهُ الأزْهَرِيُّ.
الثّانِي: قالَهُ ابْنُ عِيسى، هُما جَبَلانِ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما مُنْعَزِلٌ عَنِ الآخَرِ كَأنَّهُ قَدْ صَدَفَ عَنْهُ.
ثُمَّ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ الصَّدَفَيْنِ اسْمٌ لِرَأْسَيِ الجَبَلَيْنِ الثّانِي: اسْمٌ لِما بَيْنَ الجَبَلَيْنِ.
وَمَعْنى قَوْلِهِ: ﴿ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ أيْ بِما جَعَلَ بَيْنَهُما حَتّى وارى رُءُوسَهُما وسَوّى بَيْنَهُما.
﴿قالَ انْفُخُوا﴾ يَعْنِي أيْ في نارِ الحَدِيدِ.
﴿حَتّى إذا جَعَلَهُ نارًا﴾ يَعْنِي لَيِّنًا كالنّارِ في الحَرِّ واللَّهَبِ.
﴿قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ القِطْرَ النُّحاسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: أنَّهُ الرَّصاصُ حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.
الثّالِثُ: أنَّهُ الصُّفْرُ المُذابُ، قالَهُ مُقاتِلٌ، ومِنهُ قَوْلُ الحُطَيْئَةِ:
؎ وألْقى في مَراجِلَ مِن حَدِيدٍ ∗∗∗ قُدُورَ الصُّفْرِ لَيْسَ مِنَ البُرامِ
(p-٣٤٤)الرّابِعُ: أنَّهُ الحَدِيدُ المُذابُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ وأنْشَدَ:
؎ حُسامًا كَلَوْنِ المِلْحِ صارَ حَدِيدُهُ ∗∗∗ حِرارًا مِنَ اقْطارِ الحَدِيدِ المُثَقَّبِ
وَكانَ حِجارَتُهُ الحَدِيدَ وطِينُهُ النُّحاسَ.
{"ayahs_start":92,"ayahs":["ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا","حَتَّىٰۤ إِذَا بَلَغَ بَیۡنَ ٱلسَّدَّیۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمࣰا لَّا یَكَادُونَ یَفۡقَهُونَ قَوۡلࣰا","قَالُوا۟ یَـٰذَا ٱلۡقَرۡنَیۡنِ إِنَّ یَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰۤ أَن تَجۡعَلَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَهُمۡ سَدࣰّا","قَالَ مَا مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیۡرࣱ فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُمۡ رَدۡمًا","ءَاتُونِی زُبَرَ ٱلۡحَدِیدِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا سَاوَىٰ بَیۡنَ ٱلصَّدَفَیۡنِ قَالَ ٱنفُخُوا۟ۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارࣰا قَالَ ءَاتُونِیۤ أُفۡرِغۡ عَلَیۡهِ قِطۡرࣰا"],"ayah":"ءَاتُونِی زُبَرَ ٱلۡحَدِیدِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا سَاوَىٰ بَیۡنَ ٱلصَّدَفَیۡنِ قَالَ ٱنفُخُوا۟ۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارࣰا قَالَ ءَاتُونِیۤ أُفۡرِغۡ عَلَیۡهِ قِطۡرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق