الباحث القرآني

(p-347)سُورَةُ الإخْلاصِ مُخْتَلَفٌ فِيها، وآيُها أرْبَعُ آياتٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ﴾ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ كَقَوْلِكَ: هو زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ وارْتِفاعُهُ بِالِابْتِداءِ وخَبَرُهُ الجُمْلَةُ ولا حاجَةَ إلى العائِدِ لِأنَّها هي هُوَ، أوْ لِما سُئِلَ عَنْهُ أيِ الَّذِي سَألْتُمُونِي عَنْهُ هو اللَّهُ، إذْ رُوِيَ «أنَّ قُرَيْشًا قالُوا: يا مُحَمَّدُ صِفْ لَنا رَبَّكَ الَّذِي تَدْعُونا إلَيْهِ فَنَزَلَتْ.» واحِدٌ بَدَلٌ أوْ خَبَرٌ ثانٍ يَدُلُّ عَلى مَجامِعِ صِفاتِ الجَلالِ كَما دَلَّ اللَّهُ عَلى جَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ إذِ الواحِدُ الحَقِيقِيُّ ما يَكُونُ مُنَزَّهَ الذّاتِ عَنْ أنْحاءِ التَّرْكِيبِ والتَّعَدُّدِ، وما يَسْتَلْزِمُ أحَدَهُما كالجِسْمِيَّةِ والتَّحَيُّزِ والمُشارَكَةِ في الحَقِيقَةِ وخَواصِّها كَوُجُوبِ الوُجُودِ والقُدْرَةِ الذّاتِيَّةِ والحِكْمَةِ التّامَّةِ المُقْتَضِيَةِ لِلْأُلُوهِيَّةِ وقُرِئَ «هُوَ اللَّهُ» بِلا قُلْ مَعَ الِاتِّفاقِ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِنهُ في ﴿قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ﴾ ولا يَجُوزُ في «تَبَّتْ»، ولَعَلَّ ذاكَ لِأنَّ سُورَةَ «الكافِرُونَ» مُشاقَّةُ الرَّسُولِ أوْ مُوادَعَتُهُ لَهم و «تَبَّتْ» مُعاتَبَةُ عَمِّهِ فَلا يُناسِبُ أنْ تَكُونَ مِنهُ، وأمّا هَذا فَتَوْحِيدٌ يَقُولُ بِهِ تارَةً ويُؤْمَرُ بِأنْ يَدْعُوَ إلَيْهِ أُخْرى. ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ السَّيِّدُ المَصْمُودُ إلَيْهِ في الحَوائِجِ مِن صُمِدَ إلَيْهِ إذا قُصِدَ، وهو المَوْصُوفُ بِهِ عَلى الإطْلاقِ فَإنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، وكُلُّ ما عَداهُ مُحْتاجٌ إلَيْهِ في جَمِيعِ جِهاتِهِ، وتَعْرِيفُهُ لِعِلْمِهِمْ بِصَمَدِيَّتِهِ بِخِلافِ أحَدِيَّتِهِ وتَكْرِيرُ لَفْظَةِ اللَّهُ لِلْإشْعارِ بِأنَّ مَن لَمْ يَتَّصِفْ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الأُلُوهِيَّةَ، وإخْلاءُ الجُمْلَةِ عَنِ العاطِفِ لِأنَّها كالنَّتِيجَةِ لِلْأُولى أوِ الدَّلِيلِ عَلَيْها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب