الباحث القرآني
سورة الإخلاص
ولها أسماء كثيرة ذكرها الخطيب، وزيادة أسماء تدل على شرف المسمى، وهذه السورة مصرحة بالتوحيد رادة على عباد الأصنام والأوثان والقائلين بالثنوية والتثليث، هي أربع أو خمس آيات وهي مكية في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي.
عن أبيّ بن كعب " أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يا محمد انسب لنا ربك فأنزل الله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلخ أليس شيء يولد إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيورث وإن الله لا يموت ولا يورث ولم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء " رواه أحمد والبخاري في تاريخه وابن خزيمة والحاكم وصححه وغيرهم، ورواه الترمذي من طريق أخرى عن أبي العالية مرسلاً ولم يذكر أبياً ثم قال وهذا أصح.
وعن جابر قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال انسب لنا ربك فأنزل الله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلى آخر السورة أخرجه الطبراني والبيهقي وأبو نعيم وغيرهم وحسن السيوطي إسناده [[رواه أحمد في " المسند " 5/ 133، والترمذي 2/ 172، والطبري 30/ 342، والواحدي في " أسباب النزول " 346 من حديث أبي سعد الصغاني عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب وفي سنده ضعف، ورواه الحاكم في " المستدرك " 3/ 540 أيضاً من حديث أبي سعد الصغاني به، وصححه، ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر " 6/ 409 وزاد نسبته للبخاري في " تاريخه "، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم في " السنة " والبغوي في " معجمه "، وابن المنذر في " العظمة "، والبيهقي في " الأسماء والصفات " عن أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -. ورواه الترمذي 2/ 172 عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية فذكره مرسلاً، ولم يذكر فيه عن أبيّ بن كعب، وقال: وهذا أصح من حديث أبي سعد الصغاني.
ورواه الطبري عن محمد بن عوف عن شريح بن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن الشعبي عن جابر، وذكره ابن كثير من رواية أبي يعلى الموصلي من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر، وأورده الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " 7/ 146 من رواية الطبراني في " الأوسط ".]].
وعن ابن مسعود قال: قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - انسب لنا ربك فنزلت هذه السورة " أخرجه أبو الشيخ في العظمة والطبراني.
وعن ابن عباس " أن اليهود جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب فقالوا يا محمد صف لنا ربك الذي بعثك فأنزل الله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ) فيخرج من الولد (وَلَمْ يُولَدْ) فيخرج من شيء " رواه البيهقي وغيره.
وعن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " من قرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فكأنما قرأ ثلث القرآن " أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما).
وعن أنس قال " جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إني أحب هذه السورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " حبك إياها أدخلك الجنة " رواه أحمد والترمذي وابن الضريس والبيهقي في سننه.
وقد وردت أحاديث كثيرة في أن من قرأ هذه السورة كذا غفر له ذنوب كذا وكذا، وهي في السنن وغيرها ولكنها ضعيفة غريبة، وفيها من هو متهم بالوضع، وقد روي من غير وجه أنها تعدل ثلث القرآن [[رواه مسلم في " صحيحه " 1/ 557 ولفظه بتمامه: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احشدوا (اجتمعوا) فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبرٌ جاء من السماء، فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ألا إنها تعدل ثلث القرآن ".]] وفيها ما هو صحيح وفيها ما هو حسن.
فمن ذلك ما أخرجه أحمد والبخاري وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن يعني (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) " [[رواه البخاري في " صحيحه " 6/ 105 باب فضل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ولفظه بتمامه: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع رجلاً يقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يردِّدها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالُها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن ".]]، قيل ولاشتمال هذه السورة مع قصرها على جميع المعارف الإلهية، والرد على من ألحد فيها جاء في الحديث أنها تعدل ثلث القرآن، فإن مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص، وما في الكشاف من أنها تعدل القرآن كله قال الدواني لم أره في شيء من كتب التفسير والحديث انتهى.
ولو لم يرد في فضل هذه السورة إلا حديث عائشة عند البخاري ومسلم وغيرهما، أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعث رجلاً في سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال " سلوه لأي شيء يصنع ذلك " فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال " أخبروه أن الله تعالى يحبه ".
هذا لفظ البخاري في كتاب التوحيد، وأخرج البخاري أيضاً في كتاب الصلاة من حديث أنس قال كان رجلاً من الأنصار في مسجد قباء فكان كلما افتتح سورة فقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزيك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى قال ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، فكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبروه الخبر فقال " يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة "، فقال إني أحبها قال " حبك إياها أدخلك الجنة " وقد روي بهذا اللفظ من غير وجه عند غير البخاري.
وهذه السورة قد تجردت للتوحيد والصفات، وفيه دليل على شرف علم التوحيد وكيف لا والعلم يشرف بشرف المعلوم، ويتضع بضعته، ومعلوم هذا العلم هو الله سبحانه وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله.
وفي التوحيد وصفاته سبحانه كتب ورسائل مستقلة مفرزة تصدّي لجمعها وتأليفها عصابة من أهل العلم بالكتاب العزيز والسنة المطهرة منهم شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني وتلميذه الحافظ محمد بن أبي بكر بن القيم وغيرهما من سلف الأئمة وخلفها كالمقريزي والشوكاني ومحمد بن إسماعيل الأمير اليماني ومحمد بن إسماعيل واحشرنا في زمرة العالمين بك العاملين لك، الراجين لثوابك الخائفين من عقابك المكرمين بلقائك، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى ما يفهم من السياق لما قدمنا من بيان سبب النزول وإن المشركين قالوا يا محمد انسب لنا ربك فيكون مبتدأ، والله مبتدأ ثان واحداً خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز أن يكون الله بدلاً من هو والخبر أحد، ويجوز أن يكون الله خبراً أول وأحد خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون أحد خبراً لمبتدأ محذوف أي هو أحد، ويجوز أن يكون هو ضمير شأن لأنه موضع تعظيم، والجملة بعده مفسرة له وخبر عنه والأول أولى.
قال الزجاج هو كناية عن ذكر الله والمعنى أن ما سألتم تبيين نسبته هو الله أحد، قيل وهمزة أحد بدل من الواو وأصله واحد، ومن جملة القائلين بالقلب الخليل، وقال أبو البقاء همزة أحد أصل بنفسها غير مقلوبة، وذكر أن أحد يفيد العموم دون واحد.
ومما يفيد الفرق بينهما ما قاله الأزهري أنه لا يوصف بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال رجل أحد ولا درهم أحد كما يقال رجل واحد ودرهم واحد، قيل والواحد يدخل في الأحد والأحد لا يدخل فيه، فإذا قلت لا يقاومه واحد جاز أن يقال لكنه يقاومه إثنان بخلاف قولك لا يقاومه أحد.
وفرق ثعلب بين واحد وبين أحد بأن الواحد يدخل في العدد، وأحد لا يدخل فيه ورد عليه أبو حيان بأنه يقال أحد وعشرون ونحوه فقد دخله العدد، وهذا كما ترى انتهى.
وذكر أحد في الإثبات مع أن المشهور أنه يستعمل بعد النفي كما أن الواحد لا يستعمل إلا بعد الإثبات يقال في الدار واحد وما في الدار أحد.
فالجواب عنه ما قال ابن عباس أنه لا فرق بينهما في المعنى، واختاره أبو عبيدة ويؤيده قوله تعالى (فابعثوا أحدكم بورقكم) وعليه فلا يختص أحدهما بمحل دون آخر، وإن اشتهر استعمال أحدهما في النفي والآخر في الإثبات.
ويجوز أن يكون العدول عن المشهور هنا رعاية الفاصلة بعد فدل بقوله (الله) على جميع صفات الكمال وهي الثبوتية كالعلم والقدرة والإرادة وبالأحد على صفات الجلال وهي الصفات السلبية كالقدم والبقاء كذا قال الكرخي.
قرأ الجمهور قل هو الله بإثبات قل، وقرأ ابن مسعود وأبيّ (الله أحد) بدون قل، وقرىء (قل هو الله الواحد) وقرأ الجمهور بتنوين أحد وهو الأصل وقرىء بحذفه للخفة، وقيل إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين، ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأول منهما بالكسر.
{"ayah":"قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق