الباحث القرآني
(p-١٤٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الإخْلاص
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ﴾ . الأحَدُ: قالَ القُرْطُبِيُّ: أيِ: الواحِدُ الوِتْرُ، الَّذِي لا شَبِيهَ لَهُ ولا نَظِيرَ، ولا صاحِبَةَ، ولا ولَدَ، ولا شَرِيكَ. ا هـ.
وَمَعْلُومٌ أنَّ كُلَّ هَذِهِ المَعانِي صَحِيحَةٌ في حَقِّهِ تَعالى.
وَأصْلُ أحَدٍ: وحَدٍ، قُلِبَتِ الواوُ هَمْزَةً.
وَمِنهُ قَوْلُ النّابِعَةِ:
؎كَأنَّ رَحْلِي وقَدْ زالَ النَّهارُ بِنا بِذِي الجَلِيلِ عَلى مُسْتَأْنِسٍ وحَد
وَقالَ الفَخْرُ الرّازِيُّ في أحَدٍ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى واحِدٍ.
قالَ الخَلِيلُ: يَجُوزُ أنْ يُقالَ: أحَدُ اثْنانِ ثَلاثَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ أصْلَها وحَدٌ، وقُلِبَتِ الواوُ هَمْزَةً لِلتَّخْفِيفِ.
والثّانِي: أنَّ الواحِدَ والأحَدَ لَيْسا اسْمَيْنِ مُتَرادِفَيْنِ.
قالَ الأزْهَرِيُّ: لا يُوصَفُ شَيْءٌ بِالأحَدِيَّةِ غَيْرُ اللَّهِ تَعالى، لا يُقالُ: رَجُلٌ أحَدٌ ولا دِرْهَمٌ أحَدٌ، كَما يُقالُ: رَجُلٌ واحِدٌ أيْ فَرْدٌ بِهِ، بَلْ أحَدٌ صِفَةٌ مِن صِفاتِ اللَّهِ تَعالى اسْتَأْثَرَ بِها فَلا يُشْرِكُهُ فِيها شَيْءٌ.
ثُمَّ قالَ: ذَكَرُوا في الفَرْقِ بَيْنَ الواحِدِ والأحَدِ وُجُوهًا:
أحَدُها: أنَّ الواحِدَ يَدْخُلُ في الأحَدِ، والأحَدُ لا يَدْخُلُ فِيهِ.
وَثانِيها: أنَّكَ لَوْ قُلْتَ: فُلانٌ لا يُقاوِمُهُ واحِدٌ، جازَ أنْ يُقالَ: لَكِنَّهُ يُقاوِمُهُ اثْنانِ بِخِلافِ الأحَدِ.
(p-١٤٨)فَإنَّكَ لَوْ قُلْتَ: فُلانٌ لا يُقاوِمُهُ أحَدٌ، لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ: لَكِنَّهُ يُقاوِمُهُ اثْنانِ.
وَثالِثُها: أنَّ الواحِدَ يُسْتَعْمَلُ في الإثْباتِ، والأحَدَ يُسْتَعْمَلُ في النَّفْيِ.
تَقُولُ في الإثْباتِ رَأيْتُ رَجُلًا واحِدًا.
وَتَقُولُ في النَّفْيِ: ما رَأيْتُ أحَدًا، فَيُفِيدُ العُمُومَ.
أمّا ما نَقَلَهُ عَنِ الخَلِيلِ، وقَدْ حَكاهُ صاحِبُ القامُوسِ فَقالَ: ورَجُلٌ واحِدٌ وأحَدٌ، أيْ: خِلافًا لِما قالَهُ الأزْهَرِيُّ.
وَأمّا قَوْلُهُ: إنَّ أحَدًا تُسْتَعْمَلُ في النَّفْيِ فَقَدْ جاءَ اسْتِعْمالُها في الإثْباتِ أيْضًا.
كَقَوْلِهِ: ﴿أوْ جاءَ أحَدٌ مِنكم مِنَ الغائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] .
فَتَكُونُ أغْلَبِيَّةً في اسْتِعْمالِها ودَلالَتِها في العُمُومِ واضِحَةً.
وَقالَ في مُعْجَمِ مَقايِيسِ اللُّغَةِ في بابِ الهَمْزَةِ والحاءِ وما بَعْدَها: أحَدٌ، إنَّها فَرْعٌ والأصْلُ الواوُ وحَدٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ في الواوِ وفي مادَّةِ وحَدَ. قالَ: الواوُ والحاءُ والدّالُ أصْلٌ واحِدٌ يَدُلُّ عَلى الِانْفِرادِ مِن ذَلِكَ الوَحْدَةِ بِفَتْحِ الواوِ وهو واحِدُ قَبِيلَتِهِ، إذا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِثْلُهُ قالَ:
؎يا واحِدَ العُرْبِ الَّذِي ∗∗∗ ما في الأنامِ لَهُ نَظِيرُ
وَقِيلَ: إنَّ هَذا البَيْتَ لَبَشّارٍ يَمْدَحُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، أوْ لِابْنِ المَوْلى يَزِيدَ بْنِ حاتِمٍ، نَقْلًا عَنِ الأغانِي.
فَيَكُونُ بِهَذا ثَبَتَ أنَّ الأصْلَ بِالواوِ والهَمْزَةَ فَرْعٌ عَنْهُ.
وَتَقَدَّمَ أنَّ دَلالَتَها عَلى العُمُومِ أوْضَحُ أيْ أحَدٌ.
وَقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ، عَلى أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى أحَدٌ، أيْ في ذاتِهِ وصِفاتِهِ لا شَبِيهَ ولا شَرِيكَ، ولا نَظِيرَ ولا نِدَّ لَهُ، سُبْحانَهُ وتَعالى.
وَقَدْ فَسَّرَهُ ضِمْنًا قَوْلُهُ: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤] .
(p-١٤٩)وَقَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، أمّا المَعْنى العامُّ فَإنَّ القُرْآنَ كُلَّهُ، والرِّسالَةَ المُحَمَّدِيَّةَ كُلَّها، بَلْ وجَمِيعَ الرِّسالاتِ: إنَّما جاءَتْ لِتَقْرِيرِ هَذا المَعْنى، بِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ واحِدٌ أحَدٌ. بَلْ كُلُّ ما في الوُجُودِ شاهِدٌ عَلى ذَلِكَ.
كَما قِيلَ:
؎وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ∗∗∗ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ الواحِدُ
أمّا نُصُوصُ القُرْآنِ عَلى ذَلِكَ فَهي أكْثَرُ مِن أنْ تُحْصى؛ لِأنَّها بِمَعْنى لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ، إشارَةٌ إلى ذَلِكَ في أوَّلِ الصّافّاتِ وفي غَيْرِها، وفي البَقَرَةِ ﴿وَإلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ لا إلَهَ إلّا هو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] .
وَفِي التَّوْبَةِ: ﴿وَما أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا واحِدًا لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ [التوبة: ٣١]، فَجاءَ مَقْرُونًا بِلا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وَفِي ص قَوْلُهُ: ﴿قُلْ إنَّما أنا مُنْذِرٌ وما مِن إلَهٍ إلّا اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ [ص: ٦٥] .
وَكَما قَدَّمْنا أنَّ الرِّسالَةَ كُلَّها جاءَتْ لِتَقْرِيرِ هَذا المَعْنى، كَما في قَوْلِهِ: ﴿هَذا بَلاغٌ لِلنّاسِ ولِيُنْذَرُوا بِهِ ولِيَعْلَمُوا أنَّما هو إلَهٌ واحِدٌ﴾ [إبراهيم: ٥٢]، سُبْحانَهُ جَلَّ جَلالُهُ وتَقَدَّسَتْ أسْماؤُهُ، وتَنَزَّهَتْ صِفاتُهُ، فَهو واحِدٌ أحَدٌ في ذاتِهِ وفي أسْمائِهِ وفي صِفاتِهِ وفي أفْعالِهِ.
وَقَدْ جاءَ القُرْآنُ بِتَقْرِيرِ هَذا المَعْنى عَقْلًا كَما قَرَّرَهُ نَقْلًا، وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إذًا لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلًا﴾ ﴿سُبْحانَهُ وتَعالى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: ٤٢ - ٤٣] .
وَقَوْلِهِ: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلّا اللَّهُ لَفَسَدَتا﴾ [الأنبياء: ٢٢] .
فَدَلَّ عَلى عَدَمِ فَسادِهِما بِعَدَمِ تَعَدُّدِهِما، وجَمَعَ العَقْلَ والنَّقْلَ في قَوْلِهِ: ﴿ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن ولَدٍ وما كانَ مَعَهُ مِن إلَهٍ إذًا لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بِما خَلَقَ ولَعَلا بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩١] .
{"ayah":"قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق