الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾، اختلفوا في هذه الكناية، فالأكثرون على أن المراد بها: الشياطين، وهو قول الحسن [[ذكره هود الهواري في "تفسيره" 2/ 68، وذكره القرطبي 7/ 315 عن الحسن وقتادة والضحاك.]] وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 245 - 246، والطبري 9/ 160، بسند جيد.]] والسدي [[أخرجه الطبري 9/ 159، وابن أبي حاتم 5/ 1641 بسند جيد.]] والضحاك [[ذكره النحاس في "إعراب القرآن" 1/ 661.]] والكناني [[الكناني: هو الإِمام عبد العزيز بن يحيى المكي، ولم أقف على قوله.]] واختيار الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 397.]]، قال: (يعني به: الشياطين؛ [لآن الكفار إخوان الشياطين] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] لاجتماعهم على الضلالة)، وعلى هذا المراد بالإخوان: الكفار، وعادت الكناية إلى الشياطين لأنهم قد ذكروا في قوله ﴿طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ [الأعراف: 201]، و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] هو اسم جنس.
وقال آخرون: المراد بالإخوان: الشياطين، فقوله: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾، أي: إخوان المشركين من الشياطين، وهذا قول ابن عباس [[أخرجه الطبري 9/ 159، وابن أبي حاتم 5/ 1642 بسند ضعيف، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1641 بسند جيد عنه قال: (إخوان الشياطين يمدونهم في الغي).]] في رواية عطاء، ومجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 254، وأخرجه الطبري 9/ 160 بسند جيد.]] والكلبي، وابن مسلم [["تفسير غريب القرآن" ص 187، ونحوه قال مكي في "تفسير المشكل" ص 89.]] وابن جريج [[أخرجه الطبري 9/ 159 بسند جيد.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 82]]، قال الكلبي: (لكلّ كافرٍ أخ من الشياطين) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 291، والبغوي 3/ 318، والخازن 2/ 329.]]. وهذا القول اختيار الفراء [["معاني الفراء" 1/ 402.]] وأبي بكر؛ قال: (والكناية على هذا تعود إلى الجاهلين في قوله: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، وهم المشركون، ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾ وهم الشياطين) [[ذكره ابن الجوزي 3/ 311، وقال النحاس في "إعرابه" 1/ 661: (أحسن ما قيل في هذا قول الضحاك ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾ أي: إخوان الشياطين وهم الفجار، وعلى هذا يكون الضمير متصلاً، فهذا أولى في العربية، وقيل للفجار: إخوان الشياطين لأنهم يقبلون منهم) اهـ. ونحو قال القرطبي 7/ 351، وقال السمين في "الدر" 5/ 548: (الضمير في (﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾ يعود على الشياطين لدلالة لفظ الشيطان عليهم، والضمير المنصوب في (يمدوهم) يعود على الكفار والتقدير: وإخوان الشياطين يمدهم الشياطين، وهذا قول الجمهور وعليه عامة المفسرين) اهـ.
وانظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 590، وابن عطية 6/ 192 - 193، وابن الجوزي 3/ 310، والرازي 15/ 100.]].
و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] قوله تعالى: ﴿يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ﴾. هذا من فعل الشياطين على القولين جميعًا، قال مقاتل: (يدعونهم إلى المعصية) [["تفسير مقاتل" 2/ 82.]]، وقال أبو بكر: (أي: يزينونه لهم ويريدون منهم لزومه والإقامة عليه) [[ذكره ابن الجوزي 3/ 310 - 311 بلا نسبة.]].
وقال أهل المعاني: (يطولون لهم الإغواء حتى يستمروا عليه) [[هذا قول ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص 187، الثعلبي 6/ 33 ب، ومكي في "تفسير المشكل" ص 89، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 237، و"غريب القرآن" ص 156، و"معاني النحاس" 3/ 121.]]، وذكرنا معنى المدّ في قوله: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: 15] واختلف القراء [[قرأ نافع ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾ بضم الياء وكسر الميم من أمدَّ، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الميم من مدَّ، انظر: "السبعة" ص 301، و"المبسوط" ص 188، و"التذكرة" 2/ 340، و"التيسير" ص 115، و"النشر" 2/ 275.]] في قوله: ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾ فقرءوا من المدّ والإمداد جميعًا، وعامة ما جاء في التنزيل مما يحمد ويستحب أمددت على أفعلت كقوله: ﴿وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ﴾ [الطور: 22]. وقوله: ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ﴾ [النمل: 36] وما كان خلافه يجيء على مددت قال: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: 15]، فالوجه هاهنا قراءة العامة وهو فتح الياء ومن ضم الياء استعمل ما هو للخير في ضده كقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: 21]، وقوله: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: 10] [[ما تقدم هو قول أبي علي في "الحجة" 4/ 122 - 123، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 661، و"معاني القراءات" 1/ 434، و"الحجة" لابن زنجلة ص 306، و"الكشف" 1/ 487.]].
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾، قال الليث: (الإقصار الكف عن الشيء) [["تهذيب اللغة" 3/ 2972: وانظر: "العين" 5/ 57 (قصر).]]. وقال أبو زيد: (أقصر فلان عن الشيء يقصر إقصارًا إذا كف عنه وانتهى) [["تهذيب اللغة" 3/ 2972: وانظر: "الجمهرة" 2/ 742، و"الصحاح" 2/ 792، و"المجمل" 3/ 756، و"مقاييس اللغة" 5/ 96، و"المفردات" ص 672، و"اللسان" 6/ 3645 (قصر).]].
قال ابن عباس: (يريد: لا يألون في ضلالتهم) [[لم أقف عليه، وأخرج الطبري 9/ 159، وابن أبي حاتم 5/ 1643 بسند ضعيف عنه قال: (لا يسأمون) اهـ.]].
وقال ابن زيد: (لا يسأمون ولا يفترون) [[ذكره الثعلبي 6/ 33 أ.]]، وقال الضحاك [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 292، والبغوي 3/ 318 عن الضحاك ومقاتل، وذكر النحاس في "إعرابه" 1/ 661، عن الضحاك قال: (أي: إخوان الشياطين وهم الفجار: ﴿يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ أي: لا يتوبون ولا يرجعون) اهـ.]] (الشياطين يمدون المشركين [[في (ب): (يمدون المشركين والضلالة)، وهو تحريف.]] في الضلالة ﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾. يعني: المشركين، بخلاف ما قال في المؤمنين ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201]) ونحو هذا قال مقاتل بن سليمان: (﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ عن الضلالة، ولا يبصرونها كما أقصر المتقي عنها حين أبصرها) [["تفسير مقاتل" 2/ 82.]].
وهو قول ابن جريج: (لا يقصر الإنسان من أهل الشرك كما يقصر الذين اتقوا) [[أخرجه الطبري 9/ 159، وابن أبي حاتم 5/ 1643 بسند جيد عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير المكي.]].
فعلى قول ابن عباس قوله: ﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ من [[لفظ: (من) ساقط من (ب).]] فعل الشياطين وعلى قول الباقين من فعل المشركين، وقال قوم: إنه من فعلهم جميعًا.
قال مقاتل [[في: (أ) تكرار لفظ: (مقاتل).]] بن حيان: (﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ عن المعصية هؤلاء وهؤلاء) [[لم أقف عليه.]].
وقال الفراء: (﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ يعني: المشركين وشياطينهم) [["معاني الفراء" 1/ 402.]].
وروي مثل هذا عن ابن عباس قال: (لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات، ولا الشياطين يمسكون عنهم) [[أخرجه الطبري 9/ 159، وابن أبي حاتم 5/ 1642 بسند جيد، وذكره ابن الجوزي 3/ 311 وقال: (وعليه يكون قوله: ﴿يُقْصِرُونَ﴾ من فعل الفريقين، وهذا على القول المشهور) اهـ.]].
{"ayah":"وَإِخۡوَ ٰنُهُمۡ یَمُدُّونَهُمۡ فِی ٱلۡغَیِّ ثُمَّ لَا یُقۡصِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق